جزر الحلانيات .. درر متلألئة في بحر العرب توثق تكيف الإنسان مع التضاريس الصلدة
تاريخ النشر: 7th, December 2025 GMT
نيابة جزر الحلانيات بجزرها الخمس درر متلألئة في بحر العرب، تحكي جمالًا طبيعيًا أخّاذًا يتراوح بين الشواطئ الرملية البيضاء والمياه الفيروزية الغنية بالتنوع البيولوجي والجبال الوعرة التي تقاوم زحف الأمواج. وعلى الرغم من هذا الجمال الساحر، تتسم جزر الحلانيات بتضاريسها القاسية، فالجزر في معظمها جبلية صخرية، إلا أن سكان جزر الحلانيات نسجوا عبر الأجيال تاريخًا من الصمود والتكيف الفريد مع هذه البيئة، فالعلاقة تتجاوز مجرد الإقامة، لتصل إلى درجة التعايش، حيث يرى الإنسان في تحديات البحر والجبل جزءًا أصيلًا من هويته، إذ استطاع القاطنون هناك تطويع الطبيعة وبناء مجتمع متماسك يعتمد على البحر مصدرًا للحياة ورمزًا للقوة.
وتمثل جزر الحلانيات شهادة حية على أن الانتماء للمكان لا يقاس بسهولة الوصول إليه، بل بعمق الجذور التي تمتد فيه، حتى بين صلابة الصخور وعنف الأمواج. ورغم أن كثافتها السكانية التي لا تتعدى 300 نسمة، إلا أن المشروعات التنموية في نيابة جزر الحلانيات سجلها ناصع ومرصّع بإنجازات لتحقيق العيش الكريم للإنسان، وتسهيل تنقل المواطنين والمقيمين منها وإليها، وتأمين وصول السلع والخدمات الأساسية من المنافذ البحرية والجوية، لتؤكد الحكومة التزامها بربط هذه الدرر الغالية بمسيرة التنمية الشاملة.
الاستقرار والحياة الكريمة
وقال سعادة الشيخ عبدالحكيم بن محمد بن سيف الراشدي والي شليم وجزر الحلانيات لـ "عُمان": إن نيابة جزر الحلانيات جزء لا يتجزأ من هذا الوطن العزيز، حيث تتميز بموقع جغرافي طبيعي واستراتيجي فريد ضمن محافظة ظفار. وقد أولت الحكومة اهتمامًا كبيرًا بها، وحظيت بالكثير من منجزات النهضة المباركة المتجددة، إذ تتوفر بها أغلب الخدمات الضرورية (الصحة، والتعليم، والكهرباء، والمياه، والاتصالات، والطرق، والإسكان) حالها حال باقي الولايات والنيابات في سلطنة عمان. كما أن المواطن بهذه النيابة يحظى برعاية واهتمام كبيرين، ويتجلى ذلك في حرص المسؤولين بالدولة على زيارة النيابة بين الحين والآخر لتلمّس احتياجات المواطن عن قرب، وتوفير كافة سبل الراحة والاستقرار والحياة الكريمة والرفاهية له، وتمكينه بأن يكون عضوًا فاعلًا ومؤثرًا في مجتمعه، تجسيدًا لـ"رؤية عُمان 2040" والتي من ضمن محاورها (الإنسان والمجتمع) وتعتمد على ثلاث ركائز رئيسية (التعليم والبحث العلمي والقدرات الوطنية، والصحة والمواطنة والهوية والتراث والثقافة الوطنية، والرفاه والحماية الاجتماعية).
مشروعات تنموية
وأشار سعادته إلى أن من أهم المشاريع التي تم تنفيذها والانتهاء منها بنيابة جزر الحلانيات المركز الصحي، وتم افتتاحه في فبراير 2025م، ويمثل هذا المشروع نقلة نوعية في القطاع الصحي بالنيابة، حيث يقدم خدمات الرعاية الأولية للمرضى القاطنين في النيابة، ومزوّد بأحدث الأجهزة الطبية، إذ يقلل العبء على المواطنين والمقيمين في النيابة من عناء السفر إلى ولاية صلالة لتلقي العلاج. وكذلك إنشاء وتأهيل مدرج الطائرات في نيابة جزر الحلانيات، إذ تم تنفيذ هذا المشروع ليتواكب مع نوع الطائرات الموجودة لدى سلاح الجو السلطاني العماني والتي تنطلق من قاعدة صلالة الجوية إلى جزر الحلانيات والنزول عبر هذا المدرج، حيث يقوم سلاح الجو السلطاني العماني مشكورًا بتقديم هذه الخدمة الجليلة لنقل المواطنين من صلالة إلى جزر الحلانيات والعكس عبر رحلات مجدولة أسبوعيًا. بالإضافة إلى إنشاء مبنى للمسافرين بالمدرج، ويتكون من قاعة للانتظار وبعض المرافق الضرورية التي تُعنى بتنظيم حركة الطيران.
كما تم إنشاء ملعب رياضي، وذلك في إطار الاهتمام بالشباب وتوفير المرافق المهمة والضرورية لهم لممارسة هواياتهم وإبراز طاقاتهم وملء أوقات فراغهم بما هو مفيد لهم فكريًا وجسديًا. كما تم إنشاء متنزه ترفيهي، ويسهم هذا المرفق في تحسين الصحة العامة واللياقة البدنية، فضلًا عن توفير مساحة خضراء للترفيه والاستجمام للمواطن والمقيم على حد سواء بالنيابة.
مشيرًا إلى أن المشاريع الجاري تنفيذها حاليًا في النيابة تتمثل في تنفيذ مشروع هدم وإعادة بناء (23) منزلًا، وكذلك صيانة (29) منزلًا، وهذا المشروع ينفذ بإشراف من قبل وزارة الإسكان والتخطيط العمراني. ويأتي تنفيذ هذا المشروع في إطار اهتمام الحكومة بالمواطن وتوفير الحياة الكريمة له والسكن الملائم صحيًا. كما يتم تنفيذ مشروع إنشاء مبانٍ إدارية وخدمية بميناء الصيد البحري في النيابة بإشراف من قبل وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه، ويأتي إقامة هذا المشروع لتعزيز الخدمات الإدارية واللوجستية بالنيابة.
إنشاء فندق سياحي
وأكد سعادته أن هناك بعض المشاريع الضرورية والمهمة المؤمل تنفيذها في النيابة في المستقبل لتكون رافدًا للحركة الاجتماعية والسياحية، بينها إقامة محطة للوقود، وكذلك رفد القطاع السياحي بإنشاء فندق سياحي مع الخدمات في جزيرة السودة. وهناك جهود تُبذل من كافة الجهات المعنية لاستغلال المقومات الطبيعية والسياحية في النيابة، مع وجود خطط ودراسات لجعل النيابة وجهة سياحية جاذبة مستقبلًا.
وأوضح سعادته أن التنسيق والتعاون قائم ومستمر بين مكتب محافظ ظفار ممثلًا بمكتب والي شليم وجزر الحلانيات والجهات ذات العلاقة لإجراء الدراسات وإعداد الخطط المستقبلية لتطوير البنية الأساسية في نيابة جزر الحلانيات، وتحديد متطلباتها من الخدمات اللازمة مستقبلًا وفق الحاجة الفعلية.
رفع كفاءة المرسى
وأضاف سعادته: أما فيما يتعلق بالمرسى فإن وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه لا تألو جهدًا في إجراء أعمال الصيانة اللازمة ورفع كفاءة عمل المرسى. ويوجد بالنيابة مركز للتنمية السمكية، وهو قائم بالدور المناط به في هذا الجانب. كما إننا نتطلع إلى استقطاب مشاريع الصناعات ذات القيمة المضافة في القطاع السمكي في المستقبل بهذه النيابة.
وأكد سعادته وجود خدمة النقل البحري للنيابة بواسطة الشركة الوطنية للعبارات (مواصلات) عبر سفينة (حلانيات) من ميناء الصيد البحري بولاية طاقة إلى ميناء الصيد البحري بالحلانيات وبأسعار رمزية للمواطنين. إلا أن رحلاتها غير مجدولة، وإنما وفق الحاجة الفعلية المطلوبة للسكان والمقيمين، وكذلك الحال عند الحاجة لنقل المعدات ومواد البناء للشركات المسند إليها تنفيذ مشاريع حكومية بالنيابة.
وفيما يتعلق بالحالات المرضية الطارئة في النيابة، فإنه يتم تقييمها من قبل الطبيب المختص بالتنسيق مع المعنيين، ويقوم طيران سلاح الجو السلطاني العماني بالإخلاء الطبي الفوري عند تلقي الطلب من قبل جهة الاختصاص، مثمنين ومقدرين عاليًا الجهود التي يقوم بها سلاح الجو السلطاني العماني في خدمة المجتمع بنيابة جزر الحلانيات.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: سلاح الجو السلطانی العمانی هذا المشروع فی النیابة من قبل
إقرأ أيضاً:
الأمم المتحدة توثق انتهاكات جنسية مروعة ضد النازحات السودانيات
توثق الأمم المتحدة انتهاكات حقوق الإنسان المروعة -بما في ذلك العنف الجنسي والاغتصاب- التي تتعرض لها النازحات السودانيات في سياق أكبر أزمة نزوح على مستوى العالم.
وكشفت المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين يوجين بيون عن بلوغ عدد النازحين جراء النزاع في السودان قرابة 12 مليون شخص، سواء داخل البلاد أو خارجها.
ويُظهر هذا الرقم الهائل تحول السودان إلى أكبر دولة من حيث أزمة النزوح عالميا منذ بداية الصراع في أبريل/نيسان 2023.
وشددت بيون -خلال مقابلة للجزيرة- على الأولوية المطلقة المتمثلة في حماية المدنيين، ولا سيما النساء والفتيات والأطفال والمسنين وذوي الاحتياجات الخاصة.
وأكدت أن هؤلاء السكان هم من يتحملون وطأة الأزمة، ويعانون من فقدان منازلهم، ويطمحون في الأساس إلى العودة الآمنة إلى ديارهم وكسب لقمة العيش.
انتهاكات جسيمة
كما تحدثت بيون عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي وثقتها المفوضية منذ بداية الأزمة.
وأوضحت أن تلك الانتهاكات طالت كلا من النازحين داخليا واللاجئين في البلدان المجاورة، مع تركيز خاص على العنف القائم على النوع الاجتماعي والعنف الجنسي.
وأكدت المسؤولة الأممية أن المفوضية ترصد تقارير بشكل متسق بشأن هذه الحالات، وتتابع عمليات التوثيق من خلال المتابعة الميدانية والدعم الطبي والنفسي للناجين، سواء كانوا لاجئين أو نازحين داخليا أو عائدين من حالة لجوء.
وعلى صعيد أشكال الانتهاكات، كشفت بيون عن معاناة النساء الهاربات، وأوضحت أن السودانيات يتعرضن للعنف الجنسي أثناء ترحالهن سيرا على الأقدام لمسافات طويلة، بما في ذلك الاغتصاب والاحتجاز القسري.
ومن جهة أخرى، تقدمت المتحدثة الأممية بنداء عاجل إلى جميع الأطراف والمجتمع الدولي.
وناشدت المتحدثة الأممية المجتمع الدولي وجميع الأطراف ضرورة توفير ضمانات أمنية وسلامة لمسارات النزوح، وتمكين النازحين من التنقل بين المناطق بسلام، وشددت على أهمية تأمين وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى المحتاجين، وحماية المدنيين الأبرياء باعتبار ذلك من الأولويات القصوى.
إعلانويشهد السودان منذ أبريل/نيسان 2023 نزاعا داميا بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، وفي أواخر أكتوبر/تشرين الأول سيطرت قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر آخر معقل للجيش في إقليم دارفور.