صحيفة: تعنت الهجري يعطل تحركات عمّان لحل أزمة السويداء
تاريخ النشر: 9th, December 2025 GMT
تستمر الجهود السياسية والديبلوماسية، داخليًا وخارجيًا، في البحث عن مخرج لأزمة السويداء في سوريا، إلا أن هذه المحاولات لم تُحقق أي اختراق حتى الآن، بعدما اصطدمت بموقف متصلب من رئيس الهيئة الروحية لطائفة الموحّدين الدروز في المحافظة الشيخ حكمت الهجري، ونجله الشيخ سلمان الذي يتصدر المشهد ويؤثر مباشرة في مسار هذه الاتصالات.
وبحسب ما أوردت جريدة "النهار"، أجرت السلطات الأردنية اتصالات مع عدد من الفاعليات السياسية والاجتماعية في السويداء، بهدف عقد اجتماعات والاستماع إلى مخاوفهم في محاولة للوصول إلى حلول تستند إلى خريطة الطريق الثلاثية السورية الأردنية الأميركية، التي جرى التوافق عليها قبل أشهر في دمشق. وتشير المصادر إلى أنّ هذه الخريطة "تضمن العدالة بعد أحداث تموز، واندماج السويداء بسوريا، والحصول على الحقوق".
وواجهت هذه المساعي رفضا قاطعا من الهجري، وتحديدا من ابنه سلمان، الذي يرفض الدخول في أي حوارات متصلة بحلول تخصّ السويداء، ووفق المصادر، فإن سلمان الهجري لعب دورا حاسما في عرقلة جهود أخرى كانت متحمّسة للتوجّه نحو الأردن، إذ حال دون مشاركتها وهدّدها، ما أدى إلى إحباط محاولات الوصول إلى تسوية تُنهي الأزمة المتفاقمة في المحافظة.
وتتزايد علامات الاستفهام داخل المحافظة حيال أسباب رفض الهجري لهذه الخريطة، في وقت تتعمق الأزمة الإنسانية مع اقتراب فصل الشتاء، وتقول مصادر محلية إن "الهجري يعتمد على إسرائيل"، رغم أن الأخيرة لم تعلن دعما صريحا أو علنيا لأي مشاريع انفصالية يطالب بها، ولا تقدم سوى مساعدات محدودة يحتكرها.
رسالة الهجري إلى طريف
لم تعلن دولة الاحتلال أي موقف مؤيد لانفصال السويداء عن سوريا، كما أن الشيخ موفق طريف، رئيس الهيئة الروحية لطائفة الموحدين الدروز في إسرائيل، لم يدعم فكرة إقامة دولة درزية، مؤكداً أن السويداء جزء من سوريا وأن حقوقها تُبحث في دمشق، غير أن المعلومات تشير إلى أن مجموعة من الضباط الإسرائيليين تتواصل مع الهجري وتحرضه على متابعة مساراته السياسية من دون أفق واضح.
وتعمقت الفجوة بين الهجري وطريف بعد انتقاد الأخير للحملة الأمنية التي نفذها مليشيا "الحرس الوطني" التابع للهجري قبل أيام، والتي قتل خلالها شيخان درزيان بعد تعذيبهما، وتوضح المصادر ذاتاه أن الخلاف بات واسعا، وأن سلمان الهجري وجه رسالة إلى طريف جاء فيها: "نحن أكبر منك في إسرائيل، ولسنا بحاجتك".
ولم تقتصر الانتقادات الموجهة للهجري على طريف، بل وصلت إلى داخل السويداء نفسها. فقد ارتفعت أصوات في صفوف المجتمع الدرزي تعترض على ممارسات الهجري ومسلحيه، خصوصًا بعد حملة الاعتقالات الأخيرة، حيث شبه عدد من الأهالي مسلحيه ببعض البدو الذين حلقوا الشوارب ونتفوا اللحى.
في الخلاصة، يستمر الهجري في تعطيل أي مقترحات أو تسويات من شأنها إعادة السويداء إلى مسارها الطبيعي سياسيا واجتماعيا، بينما تتفاقم الأزمة الإنسانية في المحافظة مع اقتراب الشتاء، وتشير مصادر للجريدة ذاتها إلى أن رهانات الهجري تقوم على دولة الاحتلال، رغم افتقار هذا المسار لأي أفق عملي، بالتوازي مع اتساع حالة التململ داخل المجتمع الدرزي نتيجة السياسات المرتبكة وغياب أي نتائج ملموسة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية السويداء سوريا الدروز الهجري إسرائيل سوريا إسرائيل الدروز السويداء الهجري المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
ترامب في أفريقيا: تحركاتٌ دبلوماسية أم مطامعٌ على الموارد؟
خلال الأشهر الماضية تصاعد حضور إدارة ترامب في ملفات أفريقية حسّاسة — من قمة روسية مصغّرة مع زعماء غرب أفريقيا إلى وساطات سلام تتصدرها الولايات المتحدة في دول غنية بالمعادن. الإعلان عن اتفاقاتٍ سلام في واشنطن مع زعماء الكونغو ورواندا (أو ما سُمِّي لاحقًا «اتفاقيات واشنطن») ووَعدٌ أميركي بالمساهمة في «شراكات للمعادن والبنى التحتية» دفع كثيرين للتساؤل: هل الدافع أميركي/إنساني لحل نزاعات؟ أم أن الهدف الأساسي هو تأمين وصول الولايات المتحدة إلى المعادن الحيوية وإقناع المستثمرين الغربيين بالعودة إلى المناطق الغنية بالموارد؟
وهناك أمثلة حديثة عن ما جرى عمليًّا؟
1. صفقة الكونغو — رواندا التي تم توقيعها الأسبوع الماضي في واشنطن حيث استضاف البيت الأبيض توقيع اتفاقية بين رئيسي جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا تهدف لوقف القتال في شرق الكونغو وتضمّنت بندًا واضحًا للتعاون الاقتصادي حول المعادن النادرة. رغم الإعلان الاحتفالي، استمر العنف داخل الحدود بعد ايام من التوقيع مما أثار شكوكًا حول قدرة الاتفاق على تطبيقه ميدانيًا.
2. قمة عمل مع قادة غرب أفريقيا (يوليو 2025) حيث دعا البيت الأبيض مجموعة من قادة دول غربية شاطئية في أفريقيا لمأدبة عمل ركّزت على «الفرص التجارية» وفتح أبواب للاستثمارات الأميركية. مراقبون اعتبروها إشارة إلى تحول منهجي نحو الربط بين الدبلوماسية والصفقات الاقتصادية.
3. التركيز على «المعادن الحرجة» وسياسة الأمن القومي. الوثائق والسياسات الجديدة للإدارة الأميركية (بما في ذلك النسخة الأخيرة من الاستراتيجية الوطنية للأمن) تؤكّد أن تأمين سلاسل الإمداد والوصُول إلى المواد الخام يُعدّ أولوية استراتيجية، ما ينسجم مع تحركات دبلوماسية مرتبطة بدولٍ غنية بالموارد.
و هناك عده دوافع لهذا التحرك يأتي أولها
• أولوية أمن الإمدادات والتكنولوجيا. الغرب، وخصوصًا الولايات المتحدة، يريد تقليل اعتماد سلاسل إمداد التكنولوجيا على منافسين مثل الصين، لذا تسعى واشنطن لتأمين وصولٍ إلى معادن حاسمة (كالتي توجد في شرق الكونغو). هذا مبرّر رسميٌّ تُقدّمه الإدارة.
• الدبلوماسية الاقتصادية بدل المساعدات التقليدية. تقارير وتحليلات تشير إلى ميل الإدارة لتبديل نهج المساعدات والإعانات نحو «صفقات تجارية» و«شراكات استثمارية» تؤمّن فوائد اقتصادية مباشرة لشركات أميركية، مع تقليص بعض أشكال المساعدات الإنسانية التقليدية. هذا ما أثار انتقادات من منظمات ومراكز بحثية.
• الوجود النفوذ /الجيوستراتيجي لمواجهة الصين وروسيا. تحركات دبلوماسية سريعة لإبرام صفقات أو وساطات في دولٍ استراتيجية تعكس رغبةً في استعادة موطئ قدم أميركي أمام الصين وروسيا اللتين تعززان نفوذهما في أجزاء من أفريقيا.و قد ظهر اسم السودان اكتر من مره خالص مع زياره ملك للسعوديه الاخيره الي امريكا فالسؤال الان
هل ستُحلُّ أزمة السودان فعلاً «برعاية سعودية» كما يُعلن؟
الإعلان عن تدخل أميركي بقيادة ترامب بناءً على طلب سعودي لوساطة في السودان أثار أملًا بإمكانية إيقاف الحرب. لكن تحليل الوقائع يُظهر سببين رئيسيين للتشكيك:
1. البيئة الميدانية المعقّدة: النزاع في السودان متشابك داخليًا (قوى مسلحة متعدّدة، مشاكل سياسية داخل البلاد)، وبحضور أطراف إقليمية ودولية ذات مصالح متعارضة. الوساطة الخارجية -حتى مع دعم سعودي- تواجه صعوبة تطبيق البنود على الأرض دون توافق إقليمي واسع وإجراءات تنفيذية ملزمة. تقارير صحفية وتحليلية أكدت أن الجهود قد تساهم في فتح قنوات تفاوض، لكنها لا تضمن وقفًا دائمًا للنار.
2. الاعتماد على وسائل الضغط غير الكافية: نجاح الوساطات الكبرى عادة يتطلب حوافز وتهديدات متوازنة (حوافز اقتصادية، ضغوط دبلوماسية/عقوبات، ومساهمة محلية قوية). حتى الآن، يبدو أن إدارة ترامب تُقدّم جهد وساطة بدعم سعودي، لكن مع غياب أدوات ضغط متسقة وموثوقة على جميع الفصائل، فإن التوصل إلى سلام دائم يبقى غير مؤكد. محللون وصفوا المبادرة بأنها «ذات فرص لكنها محفوفة بالمخاطر» وربما تهدف أيضًا إلى كسب نفوذ سياسي ودبلوماسي.
و علي الرغم من كل هذا التحرك يري باحثون ربطوا بين توسّع نشاطات وساطة البيت الأبيض وعقود/اهتمامات شركات مرتبطة بأفراد أو دوائر مقربة من الإدارة، بالإضافة إلى توجه سياسة خارجية تضع «الوصول إلى المواد الخام» كهدف مركزي. هذه الاتهامات تتطلب تحقيقًا وتعقّبًا للعقود والصلات المالية، لكنها تفسّر جزئيًا شعور دولٍ ومجتمعاتٍ محلية بعدم الثقة بمبررات واشنطن
و اخيرا اري ما جرى في الأشهر الأخيرة يظهر مزجًا متعمَّدًا بين الدبلوماسية والاقتصاد: جهود لوساطات وسلام تُقدّم في إطار حوافز استثمارية حول المعادن. هذا الأسلوب قد ينجح في فتح أبواب للاستثمارات الغربية وإضعاف النفوذ الصيني في سلاسل توريدٍ محدّدة.
• لكن النجاح طويل الأمد في إنهاء النزاعات (خصوصًا في حالات معقّدة مثل شرق الكونغو أو السودان) يتطلّب أكثر من صفقات فوق الطاولة: يتطلّب إجراءات تطبيقية على الأرض، إشراكًا إقليمياً، وضمانات حقوق محلية. الملاحظ أن الاتفاقات الاحتفالية سرعان ما تُواجه وقائع عنف ودوافع محلية تجعل تنفيذها صعبًا.
• من حيث النية: هناك سبب وجيه للاعتقاد بأن جزءًا من الدافع استراتيجي-اقتصادي (تأمين معادن حاسمة)، وفي الوقت ذاته تستغّل الإدارة فرصة الوساطة لتعزيز صورتها كوسيط قوة إقليمية — لكن هذا لا يكفي لضمان اي حل دائم
فالتحركات الأميركية بقيادة ترامب في أفريقيا اليوم تشبه مبادرة اقتصادية مموّهة بدبلوماسية السلام: ملفات توقف نار تُنهي أزمات على الورق لكنها تفتح صفقات لموارد استراتيجية. إذا أرادت واشنطن فعلاً تغييرًا مستدامًا، فعليها أن توفّر خارطة طريق تنفيذية واضحة مع ضمانات محلية وإقليمية — وإلا فستبقى الاتفاقات شعاراتٍ فوق الورق دون تنفيذ او مستقبل سلام
في النهاية، تبدو القارة بالنسبة لترامب فرصة سياسية واقتصادية في آن واحد. فهو يتحرك بمرونة بين الدبلوماسية والاقتصاد، بين وساطات السلم وعقود المعادن، وبين استعادة النفوذ الأميركي وتقليص مساحة المنافسين. ومع ذلك يبقى السؤال: هل ستسفر هذه التحركات عن حلول حقيقية للأزمات الأفريقية، أم أنها ستُسجَّل كتدخلات برقمٍ جديد في سجل المطامع الدولية في القارة؟