ما قيمة أي مشروع مستقبلي للتغيير عندما نفقد الوطن «7- 7»

صديق الزيلعي

هذا المقال يشكل خاتمة حواري مع صديقي وزميلي الدكتور أحمد عثمان عمر.

جاء المقال الأول بعنوان: (الدكتور أحمد عثمان عمر وحيثيات رفض التحالف مع قحت). قلت فيه:

(لاحظ شعبنا، منذ الحكومة الانتقالية، أن دعاة هذا الخط السياسي، وفي معظم الإصدارات والبيانات والتصريحات والندوات، يوجهون معظم نقدهم، نحو قحت.

وتحولت قحت للجهة التي تصوب تجاهها السهام. أصبح الصراع الأساسي هو مع كل ما يتعلق بقحت، بطريقة أقرب للانشغال الدائم. بدأ ذلك الانشغال بالحديث عن الهبوط الناعم، ثم تحول الخطاب نحو ما سميت بقوى التسوية، حتى موقفها من إيقاف الحرب ثم تصنيفه، بأنه: لا للحرب نعم للإصلاح. هنا، اود، أن أوضح بجلاء تام، وشفافية حقيقية، انني لا انتمى لقحت، ولا أدافع عن خطها السياسي، أو ممارساتها. وكتبت، عدة مقالات، في نقدها، عندما كانت في السلطة، وتملك رصيدا جماهيريا معروفا. لكن، بصريح العبارة وبلغة واضحة، أعترف ان قحت ومكوناتها، قوى وطنية تسعي من اجل الانتقال الديمقراطي، وأنها حليف لكل قوى الثورة. دورنا ان نتحاور معها، بجدية وندية، حول مواقفها، استهدافا للوصول الي ما يجمعنا.)

كان المقال الثاني بعنوان: (الجذريون والوقوف عند محطة الشراكة) جاء فيه ما يلي:

(ساهمت، كما فعل كثيرون، بنقد الوثيقة الدستورية المعيبة، التي انتجت الشراكة. وقد كتبت عن موقف من صاغوها، وقلت انه ناتج عن قلة التجربة، والجهل بتاريخ السودان السياسي، ووصفته بعدم الثقة في الجماهير، والتهيب من العسكر. كما ذكرت ان موقف العسكر هو تكرار ونقل حرفي من محاولة المجلس العسكري الانتقالي، بعد الانتفاضة، بالانفراد بالسلطة كلها، فقاومته الجماهير والتجمع الوطني والنقابي. كما ان ممارسات العسكر خلال الحكومات الانتقالية، أوضحت لكل ذي عينين، ما ينوي عليه ويخطط له العسكر. كما كتبت، قبل انقلاب 25 أكتوبر، بان المكون المدني (في السيادي والحكومة) يتحمل كامل المسؤولية عن تعطيل أهداف الثورة، والسماح للعسكر بتسيير الوطن حسب مخططهم المعادي للثورة. هذا يعني ان قطاع واسع كان ينقد ويحذر قوى قحت من مالات ما يتم آنذاك. لكن في نفس الوقت لا نعتقد انها متآمرة مع العسكر ضد الثورة. يمكننا وصفها بالضعف، أو التكويش وابعاد قوى ثورية مؤثرة وتكبير الكوم، أو أن أحزاب لا وزن جماهيري لها صارت مسيطرة على مفاصل السلطة، أو التعجل للانفراد بالسلطة. ولا نزال ننقد في ممارسات قوى الحرية والتغيير حتى الآن، وندعو للتعلم من كل تلك الأخطاء الكارثية، والعمل على تخطيها، لان ما يهمنا، أولا، وأخيرا، وطننا، وثورتنا.)

اما المقال الثالث (استراتيجية الهبوط الناعم: الفكرة والمقترح وكيف تحولت لسبة؟) كتبت فيه:

(هذا تصور واضعي استراتيجية الهبوط الناعم، وهي كانت نتاج لاعتقاد المجتمع الدولي بعدم قدرة المعارضة على هزيمة النظام. كما كانت الأزمة الاقتصادية الخانقة، ومخاطر اندلاع حرب أهلية شاملة، ومن ثم انهيار الدولة السودانية مخاوف حقيقية للمجتمع الدولي. ومثل نجاح اتفاقية السلام الشامل في السودان، وتجربة جنوب افريقيا وبعض اقطار أمريكا الجنوبية دافعا للتفكير في المشروع. وبخبث الاسلامويين المعروف، فقد استغلوا الاستراتيجية لتحسين صورة النظام امام المجتمع الدولي، ونيل بعض المكاسب. فنظموا ما سمي بحوار الوثبة، وسمحوا للمشاركين بطرح آرائهم، واعداد توصيات جيدة، وضعها البشير في ادراجه، عندما سلمت له.)

(هل سنواصل هتافنا لن يحكمنا البنك الدولي أم هناك بدائل أخرى؟) كان عنوان المقال الرابع، وفيه قدمت جزء من خطاب نقد في الجمعية التأسيسية عند مناقشة الميزانية، باعتباره الخطاب العقلاني البديل للشعارات، قال نقد:

(يدور الصراع والخلاف حول تنفيذ برنامج إنقاذ الاقتصاد. لكن، برغم هذا الخلاف، نضع في اعتبارنا اننا نمر بحالة محددة وملموسة. فالسودان يعاني فيها من مشاكل كبيرة: مشكلة المجاعة وذيولها، ومشكلة الحرب الاهلية، وأعتقد أن أي دولة – بصرف النظر عن نظامها الاجتماعي ونوع السلطة السياسية – إذا ابتلاها الله بهاتين المشكلتين (حرب أهلية ومجاعة) لا بد أن تنوء تحت ثقل هذه المشكلة في شقها الاقتصادي (المجاعة) وفي شقها العسكري (الحرب الاهلية). هذه المشاكل إذا وضعت في الاعتبار، فطرق العلاج والحل وطرح المطالب والمطامع والطموحات يمكن أن تتقيد في إطار واقعي ومعقول. والى جانب المجاعة والحرب الاهلية، تواجه مشكلة الديون. صحيح ان هذه مشكلة لا ينفرد بها السودان، لكن السودان لم تكن عليه ديون بهذا الحجم. وكان يمكن الا يستدين كل تلك المبالغ بلا عائد وبلا تنمية وبلا أساس للمستقبل على الأقل لتسديد الديون. والى جانب المجاعة والحرب الأهلية والديون، هناك جهاز الدولة المايوي. ومهما نطرح من سياسات للإصلاح أو الإنقاذ، يمثل هذا الجهاز عقبة. هذه المشاكل الأربع أو هذه العقبات الأربعة نضعها في الاعتبار ونحن نقيم السياسة المالية والميزانية.)

ركزت في المقال على ايراد مواقف الحزب الشيوعي من قضية الحل السياسي وكيف تعامل معها بمسؤولية وقدم مقترحات عملية لإنجاحها. وهو أمر يناقض، تمتما، ما يدعو له الجذريون الآن، جاء في موقف الحزب واضحا وصريحا في اعتماد الحل السياسي:

(من جانبنا نعتمد الحل السياسي كخيار له، مثل خياري الانتفاضة والعمل المسلح، كل مقومات وأساليب العمل النضالي، ويمكن ان تشارك فيه أوسع القوى السياسية والشعبية وتخوض به معارك، وفق شروط معينة، الى تحقيق اهداف مؤقتة او بعيدة المدي، تكتيكية او استراتيجية. هذا يتطلب الوضوح الكامل والحاسم في تحديد الأهداف).

طرح المقال السادس القضية المركزية الآن وهي (أولوية وضرورة تكوين أوسع جبهة لإيقاف الحرب):

(أؤمن جازما، بان الأسباب التي قدمت لرفض التحالف مع قحت لإنهاء الحرب، هي أسباب غير مقنعة، والرفض هو امتداد طبيعي للخط اليساري الذي صار الخطاب السياسي المهيمن للجذريين. في ظل حرب مجرمة دمرت كل شيء، نعم كل شيء، في كل مجالات الحياة الخاصة والعامة، والتي تصر الفلول المهيمنة على الجيش ان تستمر، ليزداد الدمار ونفقد الوطن. في مثل هذه الظروف نرفض التحالف مع قوى جادة في انهاء الحرب، بحجج غير مقنعة، بل ومصطنعة. أما الحديث عن جبهة قاعدية، فلا يوجد توضيح له وكيفية تكوين تلك الجبهة، وامامنا القوى السياسية والمدنية التي تمثل قطاعات واسعة من شعبنا. والاهم لم تتم أي اتصالات جادة وجلوس معا لتحديد نقاط الاختلاف ونقاط الالتقاء، ثم النظر في إمكانية التحالف أو عدمها، واخطار شعبنا بتفاصيل ما تم، وأسباب ونقاط الاتفاق أو جوانب الاختلاف، في شفافية واحترام).

الآن، وفي هذا المنعطف الحاسم من تطور بلادنا، الذي يهدد بتحول الحرب الي حرب أهلية شاملة، على أساس الهوية والانتماء الاثني والجهوي، والدمار الشامل الذي حاق بالعاصمة القومية ودارفور وأجزاء من كردفان، يصر الاسلامويين على استمرار الحرب. ورغم ان الضرورة التاريخية تستدعي ان توحد قوى شعبنا المدنية قواها، لتفرض حلا سلميا في المفاوضات، ولتبعد قادة المعسكرين المتقاتلين عن الساحة السياسية، نجد ان رفاقنا الجذريين يصرون على رفض قيام الجبهة الواسعة، بالشكل المتعارف عليه مع القوى السياسية والنقابية والمدنية، ويقترحون جبهة قاعدية، مجهولة الهوية، في إصرار عنيد على ابعاد مكونات الحرية والتغيير. نقول ان أي مروع مستقبلي للتغيير لن يتحقق عندما نفقد الوطن.

siddigelzailaee@gmail.com

أولوية وضرورة تكوين أوسع جبهة لإيقاف الحرب «6- 7»

الوسومأحمد عثمان عمر البنك الدولي التغيير الجذري الحرب الأهلية السودان الهبوط الناعم صديق الزيلعي قحت

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: أحمد عثمان عمر البنك الدولي التغيير الجذري الحرب الأهلية السودان الهبوط الناعم قحت

إقرأ أيضاً:

الحرب في السودان ترفع ألواح الطاقة الشمسية بصورة غير مسبوقة

 

يتزايد الطلب على الطاقة الشمسية في السودان بشكل ملحوظ في ظل التعطل المستمر والمتكرر لأكثر من 80 بالمئة من شبكات الكهرباء في البلاد، نتيجة الحرب المستمرة منذ منتصف أبريل 2023.

التغيير ــ وكالات

لكن ارتفاع أسعار مدخلات أنظمة الطاقة الشمسية، وعدم مطابقة الكثير منها للمواصفات، إضافة إلى نقص الخبرات الفنية، جميعها عوامل تسببت في خسائر كبيرة للمستهلكين.

ووفقا لشريف عبد الله، وهو مزارع في منطقة دنقلا شمال السودان، فإن الانقطاع الطويل للكهرباء دفعه للتفكير في حل عاجل لإنقاذ محاصيله من العطش، بعد أن كان يعتمد – مثل 90 بالمئة من مزارعي المنطقة – على الكهرباء في الري.

وترتفع تكاليف تركيب أنظمة الطاقة الشمسية في السودان بنحو 300 بالمئة مقارنة بالعديد من الدول المجاورة، ويعزى ذلك إلى ارتفاع تكاليف الاستيراد، وانخفاض قيمة الجنيه السوداني، والتصاعد المستمر في تكاليف النقل والمواد المحلية.

ويقول عبد الله بحسب  “سكاي نيوز عربية”: “لجأت إلى حلول الطاقة الشمسية، لكن تكاليف البطاريات والمحولات والمواد الأخرى كانت مرتفعة جدا، ولا توجد شركات يمكن الاعتماد عليها في ظل انتشار التجارة العشوائية لمعدات أنظمة الطاقة، واعتمادها على تجار غير معتمدين، مما يؤدي إلى دخول معدات وأجهزة غير مطابقة للمواصفات، وتشكل بالتالي عبئًا على المزارع”.

غياب المعايير

يشير محمد خير فضل، وهو مهندس مختص في تركيب أنظمة الطاقة الشمسية، إلى أن المشكلة الحقيقية تكمن في عدم وجود معامل اختبار تحدد كفاءة الأجهزة التي يُجلب معظمها من الخارج عبر تجار أفراد ليست لديهم المعرفة الكافية.

ويوضح فضل  “سكاي نيوز عربية”: “نتسلم في أحيان كثيرة طلبات تركيب من مزارعين أو سكان يقدمون لنا أجهزة نجد أن الكثير منها ذو كفاءة متدنية، ونكتشف أنهم قاموا بشرائها من تجار عاديين لا يملكون معرفة كافية بمواصفات وأنواع الأجهزة والمعدات”.

وفي ظل غياب معامل اختبار كافية في معظم مناطق السودان، يقع كثير من الناس في فخ شراء أجهزة ومعدات منخفضة الكفاءة لا تدوم طويلا، مما يؤدي إلى خسائر كبيرة.

مخاوف بيئية

أدى الانفلات التجاري الناتج عن إفرازات الحرب إلى دخول مواد مخالفة للمواصفات البيئية، من بينها مدخلات طاقة شمسية تحتوي على مواد ضارة بصحة الإنسان والبيئة.

ويحذر عيسى عبد اللطيف، الخبير والمستشار الأممي في مجال البيئة واستدامة التنمية، من التأثيرات المضاعفة لدخول هذه المواد. ويوضح لموقع “سكاي نيوز عربية”: “الانفلات الناجم عن الحرب شمل كل شيء، بما في ذلك مدخلات الطاقة الشمسية غير المطابقة للمواصفات”.

وينبه عبد اللطيف إلى أن الحرب فاقمت من مشكلة غياب المؤسسية والحوكمة، مما زاد من حدة الانفلات التجاري، وأدى إلى إدخال مواد تالفة أرادت دول أخرى التخلص منها.

ويضيف: “تتكدس مئات الأطنان من النفايات السامة، التي تتسبب في كوارث صحية وبيئية لا تُحصى، بسبب فتح باب استيراد أي نوع وأي كمية من المدخلات، بما في ذلك مدخلات الطاقة الشمسية، دون مواصفات أو رقابة”.

الوسومألواح الطاقة الشمسية الحرب المواصفات و المقاييس

مقالات مشابهة

  • العقوبات الأمريكية على السودان- لحظة محورية أم تعميق للمأزق؟
  • التدهور البيئي في السودان
  • الحرب في السودان ترفع ألواح الطاقة الشمسية بصورة غير مسبوقة
  • الحكومة السودانية: نستنكر ما صدر عن الإدارة الأمريكية من اتهامات وقرارات تتسم بالابتزاز السياسي
  • عاصفة في السودان عقب قرار البرهان
  • هل تُمهّد استعادة الخرطوم الطريق لنهاية الحرب في السودان؟
  • الذي يحكم الخرطوم يحكم السودان، فهي قلب السودان ومركز ثقله السياسي
  • ارتفاع تاريخي في قيمة البيتكوين بعد تقدم مشروع قانون العملات المستقرة في مجلس الشيوخ
  • الرئيس السيسي: أراضينا فيها قيمة كبيرة.. ومشروع الحرير لازم يخلص
  • لميس الحديدي تعلق على تغيير مخطط مشروع بيت الوطن للمغتربين