المريخي: الأزمات العالمية تحتم على الدول العربية العمل الجماعي
تاريخ النشر: 7th, September 2023 GMT
شاركت دولة قطر في أعمال الدورة 160 لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري، التي انعقدت أمس بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بالقاهرة.
ترأس وفد دولة قطر في أعمال الدورة سعادة السيد سلطان بن سعد المريخي وزير الدولة للشؤون الخارجية.
وأكد سعادته، في كلمة دولة قطر، أن الدول العربية تواجه تحديات جساما في ظل تطورات دولية وإقليمية متسارعة، مشيرا إلى أن ما يشهده العالم من أزمات اقتصادية تحتم على الدول العربية التضامن والتكامل والعمل الجماعي نحو تحقيق السلم والأمن الجماعي في المنطقة، كما تستوجب عليها إعادة ترتيب أولوياتها في الخطط الاقتصادية والتنموية بما يعود على شعوب المنطقة بالأمن والرفاه الاقتصادي والاجتماعي.
وعلى صعيد تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة العربية، أكد سعادته أن على الدول العربية تسريع الخطى نحو تحقيق السلام الدائم والعادل والشامل في المنطقة، ولا سيما بشأن قضيتها المركزية الأولى، القضية الفلسطينية، لافتا في هذا الصدد إلى أن سلطات الاحتلال الإسرائيلية لا زالت تواصل السياسة التصعيدية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وممارساتها المتكررة للمساس بالوضع الديني والتاريخي للمقدسات وهي ممارسات مرفوضة ومدانة.
وحمل وزير الدولة للشؤون الخارجية، سلطات الاحتلال الإسرائيلي وحدها مسؤولية دائرة العنف الناجمة عن هذه الانتهاكات والسياسة التصعيدية الممنهجة، وحث المجتمع الدولي على التحرك العاجل لوقف هذه الاعتداءات، وجدد موقف دولة قطر الثابت من عدالة القضية الفلسطينية، والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق بما في ذلك الحق الكامل في ممارسة شعائره الدينية دون قيود، وإقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وأوضح سعادته أن دولة قطر، ومن منطلق حرصها على تحقيق الأمن والاستقرار في ربوع الوطن العربي، فإنها تساند كافة المساعي الحميدة التي يقوم بها الأشقاء العرب ودول الجوار السوداني نحو وقف دائم للنزاع العسكري في السودان، كما تدعو إلى مفاوضات واسعة تشارك فيها كل القوى السياسية السودانية وصولا إلى اتفاق شامل وسلام مستدام يحقق تطلعات الشعب السوداني الشقيق في الاستقرار والتنمية والازدهار.
وجدد المريخي دعوة دولة قطر إلى تضافر الجهود نحو إيجاد حل سياسي للأزمة السورية ومعالجة تبعاتها السياسية والأمنية والاقتصادية والإنسانية وفقا لقرار مجلس الأمن رقم (2254) بما يضمن وحدة سوريا وسيادتها ويحقق طموحات شعبها بخلق الظروف الملائمة لعودة اللاجئين السوريين. وقال إن دولة قطر تدعو إلى الاستمرار في التوصل إلى حل سياسي للأزمة اليمنية بما يضمن أمن اليمن واستقراره وسيادته وسلامة شعبه. وأشاد في هذا الصدد بعملية تفريغ النفط الخام من خزان صافر المتهالك في البحر الأحمر بواسطة الأمم المتحدة.
وجدد سعادته التأكيد على دعم دولة قطر لجهود الحكومة العراقية في العمل على تحقيق أمن واستقرار ووحدة العراق أرضا وشعبا، فضلا عن دعمها لكافة الجهود الهادفة إلى تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي والتنموي في ليبيا ولبنان والصومال بما يحقق تطلعات الأشقاء في هذه الدول نحو الأمن والتنمية والاستقرار.
ولفت المريخي إلى دعم دولة قطر لتقوية العلاقات العربية مع مختلف دول العالم من خلال التواصل مع الشعوب المحبة للسلام. وذكر سعادته بإدانة دولة قطر بأشد العبارات الإساءة للمصحف الشريف في بعض من الدول الأوروبية مؤخرا، وتشديدها على أن هذه الأفعال الشنيعة تعد عملا تحريضيا واستفزازا خطيرا لمشاعر أكثر من ملياري مسلم في العالم، وتحذيرها من أن السماح بتكرار التعدي على المصحف الشريف بذريعة حرية التعبير يؤجج الكراهية والعنف، ويهدد قيم التعايش السلمي.
وأكد أن دولة قطر من منطلق حرصها على تعزيز الدور العربي الفاعل وتحقيق الريادة العربية عالميا، ستبذل قصارى جهدها للمساهمة في كافة البرامج الهادفة لتحقيق الأمن القومي العربي الشامل، لا سيما في مجالي الأمن الغذائي والمائي.
وأضاف أن دولة قطر تساند كافة الخطط في مجالات الطاقة والصناعة والزراعة والاستثمار، وتدعو لتكثيف البرامج العربية المشتركة تجاه القضايا التي تهم المجتمع الدولي مثل التغيرات المناخية والبيئية ومكافحة الفقر، وتحقيق التنمية المستدامة، وأن نسعى في إطار العمل العربي المشترك لصياغة البرامج الرامية إلى تعزيز مصادر قوتنا وبناء قدراتنا في مجالات الإعلام المهني والتعليم العالي وإنتاج المعرفة وتأهيل الشباب وتزكية المجتمع العربي وتحصينه ضد الاستلاب الثقافي ومنع خطاب الكراهية.
وشدد سعادته، في ختام كلمته، على أن دولة قطر لن تدخر وسعا في مواصلة جهودها بالعمل مع الأشقاء العرب بجد وعزيمة لصيانة الأمن القومي العربي والحل السلمي للنزاعات وتعزيز التواصل مع العالم الخارجي لتحقيق ما تنشده المنطقة العربية والمجتمع الدولي من سلم وأمن وتعزيز لحقوق الإنسان ودفع لعجلة التنمية نحو آفاق أرحب ومجالات أوسع. وأضاف «في سبيل ذلك فإن كل ما تعتمده مؤسسات العمل العربي المشترك من خطط وبرامج ووسائل وآليات وتوصيات يجد منا السند والدعم بما يعود على أمتنا العربية بالخير والنماء».
المصدر: العرب القطرية
كلمات دلالية: قطر مجلس الجامعة العربية القاهرة الدول العربیة
إقرأ أيضاً:
لماذا تغيب المظاهرات المناصرة لغزة عن بعض الدول العربية؟
شهدت عدة عواصم حول العالم منذ أشهر موجة من المظاهرات الداعمة لغزة، حيث خرجت حشود ضخمة إلى الشوارع رافعة الأعلام الفلسطينية ولافتات تطالب بوقف الحرب ورفع الحصار عن القطاع.
ووفق المركز الأوروبي الفلسطيني للإعلام (إيبال)، تم توثيق أكثر من 35 ألف مظاهرة وفعالية بمئات المدن في 20 دولة أوروبية فقط منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وهذا الأسبوع وحده شهد زخما لافتا في مساحة المظاهرات الممتدة من سيدني الأسترالية إلى العديد من المدن الغربية التي لم تتظاهر من قبل، مع مشاركة آلاف المناصرين للحق الفلسطيني، ورفع المعاناة التي يتعرض لها المجوّعون في قطاع غزة.
لكن هذا الزخم لم يجد الصدى نفسه في المنطقة العربية، حيث غابت المشاهد المماثلة في العديد من العواصم العربية في مشهد يثير تساؤلات بشأن أسباب ذلك، خاصة مع استمرار الحرب 23 شهرا، وهو ما يفسره خبراء للجزيرة نت بعوامل سياسية وأمنية وإقليمية، ومن بينها القيود على حرية التجمع، أو ما يعده البعض ترتيبات لإسكات أي شكل من أشكال التضامن الشعبي.
وقد لا تكون الأسباب عائدة إلى ضعف التفاعل العربي، بقدر ما تكون انعكاسا لحالة من غياب الرؤية الواضحة في المنظور العربي تجاه القضايا القومية والوطنية.
وهذا ما عبر عنه الأمين العام للقوى الشعبية لمقاومة التطبيع بالسودان عثمان البشير الكباشي قائلا إن غياب المظاهرات الكبرى في العالم العربي "لا يعني تقاعسا عن التضامن العربي"، بل يعكس "انسداد الأفق في ظل أنظمة تتواطأ مع هذه الحرب".
ويضيف الكباشي -في تصريحات للجزيرة نت- أن المواطن العربي ترسّخ لديه الشعور بأن الشعارات لم تعد تؤثر في "عدو لا يعرف إلا منطق القوة"، وأن كثيرين يبحثون عن أشكال دعم أكثر جدوى، بينما يمتد التعبير الشعبي إلى المساجد والكنائس والملاعب والمراكز الثقافية.
إعلانويشير الأمين العام للقوى الشعبية لمقاومة التطبيع بالسودان إلى أن المظاهرات رغم رمزيتها تحمل قيمة سياسية وأخلاقية، وقد تتحول إلى وسائل ضغط مثل المقاطعة، فضلا عن كونها جزءا من تحالف شعبي عالمي يتشكل ضد الجرائم الإسرائيلية.
صمت الأنظمة
لكن القيادي في الحركة الإسلامية الأردنية بادي رفايعة يحمّل الأنظمة العربية مسؤولية غياب المظاهرات الواسعة في بعض البلدان العربية، ويرى أن هذا الغياب "جزء من ترتيب يجري في المنطقة لإنهاء الوضع هناك واستكمال المشروع الصهيوني دون ضجيج".
ويضيف -في حديثه للجزيرة نت- أن معظم الأنظمة إما مشاركة، أو متغاضية، أو غير مهتمة، وتنتظر أن ينهي رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو وجود المقاومة الفلسطينية في غزة، لا سيما حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
ويشير رفايعة إلى أن بعض الحكومات لم تكتفِ بالصمت، بل "سعت لإنهاء أنشطة تضامنية، كما حدث في الأردن عندما أوقفت جمع التبرعات والمساعدات بدعوى الإضرار بالاقتصاد الوطني".
التطبيع
وقد تكون لظاهرة غياب المظاهرات الشعبية المتضامنة مع قطاع غزة أسباب مختلفة، حسب ما قاله مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني، إذ يقول إن المقتلة الجارية في غزة "تستحق التظاهر وأكثر"، لكنه بدأ يتشكل "نوع من التطبيع مع هذا الوضع".
ويضيف -في تصريحات للجزيرة نت- أن الاحتلال الإسرائيلي "استنسخ هذه السياسة" بحيث تتراجع ردود الفعل تدريجيا، لكنها في الغرب ما زالت مستمرة مستفيدة من بيئة سياسية وحزبية تسمح بالحشد وتمنح مساحات أوسع للتعبير، في حين تعاني المنطقة العربية من "التصحر السياسي وغياب القوى المنظمة والنقابات الفاعلة".
ويشدد عبد الغني على أن استمرار المظاهرات والتغطية الإعلامية لجرائم الاحتلال في غزة ضرورة لعدم إهمالها أو التنازل عنها، والحفاظ عليها على طاولة النقاش الدولي، مبينا أن "فضح الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة واجب، فالتوقف أخطر من المضي في الاحتجاجات".
ويحذر الخبراء من أن استمرار غياب الحراك العربي يتزامن مع تصعيد ميداني خطير في غزة، حيث يمضي نتنياهو في تنفيذ مخطط يهدف إلى التوسع "تدريجيا" في السيطرة على أغلب مساحة القطاع، وهو ما ينذر بمزيد من الضحايا والمآسي.
ووفق إحصاءات وزارة الصحة في غزة أمس الأحد، فقد أسفرت الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 عن استشهاد أكثر من 61 ألف فلسطيني، وإصابة أكثر من 153 ألفا، فضلا عن آلاف من المفقودين تحت ركام منازلهم أو في الشوارع والطرق ولم تستطع فرق الدفاع المدني التوصل إليهم.
وفي ظل هذه التطورات أيضا، دعت حركة حماس أمس الأحد إلى تصعيد الحراك الشعبي في كل العواصم للضغط على الاحتلال ووقف حرب التجويع وكسر الحصار بكل الوسائل.
كما طالبت حماس بتحرك عربي وإسلامي رسمي يوظف كل مقدرات الأمة للضغط على الإدارة الأميركية والاحتلال لوقف جرائم الحرب، وفتح جميع المعابر فورا ومن دون قيود، وإدخال المساعدات بكميات آمنة وكافية لكل سكان قطاع غزة.