“مفاوضات ديلي “… تقسيم اليمن واحتلال الساحل!
تاريخ النشر: 13th, September 2023 GMT
يمانيون – متابعات
كشفت تلك المفاوضات نوايا المحتل الفعلية تجاه اليمن فأنهم يريدون من وراء تلك المفاوضات أن يغيروا بصورة مفتعلة مفهوم اليمن التاريخي والجغرافي ويكرسون نهائيا تقسيم اليمن إلى كيانات متعددة وعزل الداخل عن البحر بقيام كيان ساحلي مستقل.
طيلة عامين ونصف من المفاوضات طويلة الأمد حاول المحتل استخدام الدبلوماسية وأساليبها الملتوية لتحقيق سياسته وأهدافه الاستعمارية والتي عجز عن تحقيقها عسكري.
ورقة ضغط
في عشرينيات القرن الماضي كانت السياسية الاستعمارية البريطانية تهدف بكل السبل إلى تجزئة اليمن إلى إمارات صغيرة لمنع قيام دولة يمنية مركزية عزل المناطق الداخلية عن السواحل.
ومع نهاية الحرب العالمية الأولى (1914-1918م) قام المحتل البريطاني في ديسمبر 1918م باحتلال مدينة الحديدة تماشيا مع سياستها الاستعمارية.
فكان رد حكومة صنعاء في نوفمبر 1919م بتحرك عسكري نحو عدن واستطاعت تلك القوات السيطرة على الضالع ذات الموقع الاستراتيجي الهام وتقدمت قوات صنعاء نحو منطقة الشعيب التي تعود لاتحاد قبائل يافع حتى وصلت قوات صنعاء إلى مشارف الصبيحة وكان ذلك استمرارا لكفاح اليمنيين من أجل توحيد واستعاده كل الأراضي اليمنية.
ونتيجة للمتغيرات الدولية ولحسابات المصالح الاستعمارية البريطانية في المنطقة ووجود قوى استعمارية أخرى طامعة باليمن أقدمت بريطانيا على تسليم ميناء الحديدة للإدريسي في سنة 1921م.
وجعل الحديدة ورقة ضغط في إي مفاوضات مع حكومة صنعاء.- العرشي- ديلي وخلال المواجهات العسكرية والضغط العسكري لصنعاء على محميات عدن تقدمت بريطانيا بمبادرة للمفاوضات بينها وبين صنعاء.
وجرت تلك المفاوضات في عدن بين الميجر برنارد ليلى نائب المقيم البريطاني وعبد الله العرشي مبعوث حكومة صنعاء الذي وصل إلى عدن في يونيو 1921م وجاءت المبادرة إلى إجراء هذه المفاوضات من الجانب البريطاني، وقد أوقفت صنعاء مؤقتا زحف قواتها نحو عدن وما يسمى بالمحميات آنذاك في جنوب اليمن.
وقد استمرت المفاوضات في عدن عامين ونصف (من يونيو 1921 حتى بداية عام 1924م) ناقش فيها مبعوث صنعاء العرشي مع ليلى عدة مشاريع للاتفاقية وكان العرشي يعود إلى صنعاء للتشاور مع حكومته ويعود مجدد لعرض التعديلات الجديدة التي تطرحها حكومة صنعاء.
وانتهت تلك المفاوضات دون تحقيق ما كانت تأمله صنعاء وهو استعاده ميناء الحديدة.
إن الأرشيفات الدبلوماسية البريطانية التي أزيح عنها النهاب تساعد على متابعة سير مفاوضات العرشي – ديلي وتحليل تكتيك الدبلوماسية البريطانية في تلك المرحلة والكشف عن نوايا بريطانيا الفعلية تجاه اليمن والتي ما زالت تلك السياسة الاستعمارية تعود مع عدوان مارس 2015م على اليمن.
سير المفاوضات
منذ بداية المفاوضات أعلن العرشي أن صنعاء تطالب بأراضي الإدريسي وباليمن كله في حدوده التاريخية بما في ذلك محمية عدن.
وردا على ذلك طرح الإنجليز شروطهم الواردة في مسودة الاتفاقية بين بريطانيا وصنعاء وسلموا المسودة إلى العرشي مبعوث صنعاء في 30 أكتوبر 1922م وتتلخص أهم ما جاء في مسودة الاتفاقية: (تعترف بريطانيا باستقلال الإمام وسلطته في جميع الأراضي المتاخمة لأراضي بريطانيا (أي محمية عدن) من جهة وأراضي الإدريسي من جهة أخرى – مع اعتبار أن ميناء الحديدة صار يتبع ارضى الإدريسي – وهذه الأراضي أي أراضي الإمام يحيى ستسمى في المستقبل باليمن) وبذلك فإن المحتل البريطاني مثلما كانوا في التقسيم الأنجلو – عثمانيا لليمن سنة 1914م يريدون أن يغيروا بصورة مفتعلة مفهوم اليمن التاريخي والجغرافي ويكرسون نهائيا عزل اليمن الداخل عن البحر وتحويل اليمن إلى كيانات متعددة مع سيطرة المستعمر على المواني والسواحل والجزر اليمنية.
وبموجب مسودة الاتفاقية البريطانية اعترضت صنعاء على أغلب بنودها ونتيجة المباحثات الطويلة وضع العرشي وليلى في بداية يوليو 1922م مشروعا مشتركا للاتفاقية، ومع ذلك ظلت معلقة المسألة الأساسية الخاصة بمكانة جنوب اليمن والجدود بين اليمن الشمالي ومحمية عدن آنذاك.
فيما سعي العرشي في بادئ الأمر إلى جعل بريطانيا تعترف بحقوق صنعاء التاريخية في جنوب اليمن كله، لكنه أعلن فيما بعد أن الإمام يحيى مستعد لعدم الإصرار على ذلك إذا عمل الإنجليز على تسليمه ميناء الحديدة.
ورأى ليلى الذي لا يتمتع بصلاحيات البت في مثل هذه المسألة الخطيرة.
وفي نفس العام 1922م وصلت إلى صنعاء بعثة فرنسية حاولت توقيع عدة اتفاقيات تجارية مع حكومة صنعاء بما في ذلك الحصول على احتكار شراء البن اليمني مقابل إرساليات السلاح والعتاد الحربي من فرنسا.
خروقات المحتل
وخلال فترة المفاوضات وتحديدا في فبراير 1922م استخدم المحتل البريطاني الطائرات ضد قوات صنعاء المتمركزة في منطقتي الحواسب والصبيحة للحيلولة دون استمرار توغل قواتها نحو في أراضي ما يسمى بالمحميات.
وفي الاجتماع الذي عقد في وزارة المستعمرات في 28 يوليو 1922م اطلع المقيم البريطاني الوزراء على سير المفاوضات بين ليلى والعرشي واقترح لأول مرة تسليم الحديدة إلى حكومة صنعاء مقابل اعتراف الأخيرة بحقوق بريطانيا بجنوب اليمن.
رفض صنعاء
وكان آخر مراحل تلك المفاوضات ففي 10 نوفمبر 1923م أعلن نائب المقيم البريطاني في عدن الميجر باريت ليلى الذي أجرى المرحلة الختامية من المفاوضات مع العرشي عن موافقة الحكومة البريطانية على المساعدة في حل مسألة الحديدة ولكن من الضروري قبل ذلك توفر اعتراف خطى من حكومة صنعاء باتفاقيات الحدود الذي وقعت بين الإنجليز والعثمانيين سابقا.
ووافقت بريطانيا على عدم الإصرار على انسحاب قوات صنعاء من أراضي المحميات سيطرت عليها إلى أن تتسلم صنعاء ميناء الحديدة وان لا تقوم في المستقبل بأي تدخل عسكري في أراضي المحمية.
وطلب العرشي فرصة لتنسيق مع حكومته بصنعاء وفي 21 نوفمبر 1923م أعلن للميجر باريت أن صنعاء لن تعترف بالحماية البريطانية على إمارات جنوب اليمن، وذلك لأن شيوخ جميع القبائل بما فيها قبائل الجنوب لا يحق لهم توقيع أية اتفاقية دون سماح حكومة صنعاء.
وأعلن العرشي كذلك أن حكومة صنعاء لا تستطيع أن تعترف باتفاقيات وقعها العثمانيون بخصوص اليمن.
متغيرات مختلفة
وخلال تلك الفترة استفادت صنعاء من متغيرات داخلية وإقليمية وخارجية منها توحيد الجبهة الداخلية وإقامتها علاقات مع إيطاليا فصار السلاح الإيطالي يصل إلى ميناء المخا ومنها إلى صنعاء، كذلك موت محمد الإدريسي وصراع أسرته على السلطة مما أضعفهم مما دفع قيام قوات صنعاء بعمليات عسكرية هدفها تحرير الحديدة وإنهاء عزلة اليمن الداخلي عن البحر الأحمر.
ومع سيطرة حكومة صنعاء على البيضاء في سبتمبر 1923م وتشدد موقف مبعوث صنعاء العرشي في مفاوضات عدن قد قوضا أخيرا الخطط البريطانية لإخضاع حكومة صنعاء لمخططها الاستعماري بتقسيم اليمن وتجزئته ولم توافق صنعاء على أي تنازلات وسرعان ما استدعت صنعاء مبعوثها من عدن دون أن يوقع أية اتفاقية. واستطاعت قوات صنعاء عسكريا في 1925م من تحرير الحديدة والساحل الغربي.
26 سبتمبر / علي الشراعي
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: میناء الحدیدة حکومة صنعاء قوات صنعاء جنوب الیمن صنعاء على
إقرأ أيضاً:
مفاوضات وقف إطلاق النار بغزة تواجه تعثّرا بسبب الموقف الإسرائيلي
نقلت وكالة الأنباء الفرنسية، عن مصدر فلسطيني، اليوم السبت، 12 يوليو 2025، إن مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة تواجه تعثراً نتيجة إصرار إسرائيل على تقديم خريطة للانسحاب.
وكانت القناة 12 الإسرائيلية، قد قالت مساء أمس، إنه وفي محاولة لمنع انهيار المفاوضات في العاصمة القطرية الدوحة بشأن غزة، اقترح الأمريكيون على حركة حماس تأجيل النقاش حول مسألة انسحاب الجيش الإسرائيلي إلى نهاية المفاوضات الحالية.
وأضافت: "اقترح الجانب الأمريكي التركيز حاليا على قضايا أخرى مثل، قائمة الأسرى الفلسطينيين الذين سيُفرج عنهم في إطار الصفقة، وقضية توزيع المساعدات، بهدف التوصل إلى اتفاق نهائي بشأنهما.
ومن جانبها، قالت صحيفة الأخبار اللبنانية، إن المفاوضات غير المباشرة في شأن التهدئة في قطاع غزة وصلت إلى مرحلة حاسمة، في ظل ما يُحكى عن تفاهم على البنود الأساسية للاتفاق، الذي بات ينتظر الضوء الأخضر السياسي من جانب الحكومة الإسرائيلية، لتتم ترجمته إلى إعلان رسمي.
ووفق مصادر مصرية مشاركة في الاجتماعات، فإنه على الرغم من ذلك التفاهم المفترض، تبقى بعض التفاصيل الزمنية والإجرائية الحسّاسة قيد البحث، ولا سيما تلك المرتبطة بانسحاب قوات الاحتلال وضمانات تنفيذ الصفقة، بما ي فتح الباب أمام مفاوضات إنهاء الحرب.
اقرأ أيضا/ واشنطن تقدم مقترحا لحماس في مفاوضات الدوحة
وفي هذا السياق، أكّدت المصادر أن المسألة باتت معلّقة حتى وصول المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، إلى العاصمة القطرية الدوحة، لمحاولة دفع المفاوضات قدماً. ولفتت إلى أن بعض النقاط لا تزال قيد التفاوض، من بينها «ضمانات وقف إطلاق النار» و«مفاتيح» صفقة تبادل الأسرى، أي المعادلة الرقمية للإفراج عن الأسرى الفلسطينيين مقابل الجنود الإسرائيليين، إضافة إلى الآليات الخاصة بإدخال الإمدادات والمساعدات إلى القطاع.
وعلى المقلب الإسرائيلي، أوردت «القناة 12» العبرية نقلاً عن مصادر مطّلعة على محادثات الدوحة، أن الساعات الأربع والعشرين الأخيرة «لم تشهد أي تقدّم يُذكر»، مرجعةً ذلك إلى استمرار الخلاف في شأن خريطة انسحاب الجيش الإسرائيلي. وكشفت القناة أن واشنطن طلبت من حركة «حماس» تأجيل طرح هذا البند حتى استكمال المفاوضات، في وقت تطالب فيه الحركة بانسحاب الاحتلال إلى الخطوط التي كانت قائمة في شهر آذار/ مارس الماضي، أي قبل خرق إسرائيل اتفاق وقف إطلاق النار السابق.
وتُظهر خريطة الانسحاب التي عرضها الوفد الإسرائيلي، إبقاء مدينة رفح بالكامل تحت سيطرة جيش الاحتلال، ما يفتح المجال أمام تثبيت خطّة التهجير القسري، من خلال تحويل رفح إلى نقطة تجميع للنازحين، تمهيداً لدفعهم خارج القطاع، إمّا إلى مصر أو عبر البحر.
وتشير المعطيات المتقاطعة إلى أن هذه الخريطة تقضم نحو 40% من مساحة قطاع غزة، من بينها أجزاء واسعة من بيت لاهيا، وقرية أم النصر، ومدينة بيت حانون، ومنطقة خزاعة، فضلاً عن اقترابها من شارع السكة في أحياء التفاح والشجاعية والزيتون، ومن شارع صلاح الدين في دير البلح والقرارة.
المصدر : وكالة سوا - الأخبار اللبنانية اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من الأخبار الإسرائيلية واشنطن تقدم مقترحا لحماس في مفاوضات الدوحة صورة: مفاوضات غزة - إسرائيل تقدم خارطة لانتشار الجيش خلال وقف إطلاق النار الجيش الإسرائيلي يصدر أوامر إخلاء جديدة وسط مدينة غزة الأكثر قراءة إجابات امتحان الرياضيات الورقة الثانية توجيهي 2025 في فلسطين - العلمي بالصور: إجابات امتحان الثقافة العلمية توجيهي 2025 في فلسطين الفرع الأدبي - محدث مدى نجاح الاتفاق بين إسرائيل وحماس المبادرة الوطنية تعقب على رد حماس على مقترح وقف إطلاق النار عاجلجميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025