نوافذ :«العزة بالإثم» .. مجموعة من الإسقاطات
تاريخ النشر: 15th, September 2023 GMT
[email protected]
لأننا لا نملك الحقيقة المطلقة حول كثير من الذي نعتقد أنه صحيح، لذلك نجازف بالحكم عليه على أنه صحيح، ويأتي هذا الحكم؛ ليس شرطا لنثبت للآخر من حولنا صدق مواقفنا وآرائنا، ولكن لنقنع أنفسنا بأننا على حق، وأن الآخر على باطل، حيث تأخذنا العزة بالإثم في كثير من هذه المواقف؛ حتى وإن كنا على خطأ؛ وندرك أنها على خطأ، وهي إشكالية أخرى في العلاقة مع الآخر، وهذه الإشكالية «مزدوجة» حيث تأخذ منحى في اتجاهين متضادين، الاتجاه الأول نحو هذا الآخر الذي نقف له بالمرصاد، ولا نترك له فسحة من أمل يمكن أن يتنفس من خلاله ليعيش كما يريد، والاتجاه الثاني هو بيان أو توضيح صورتنا للآخر الثاني؛ الذي يرقب المشهد من البعيد، حيث نريد أن نقول له؛ ولو بصورة غير مباشرة؛ إننا على حق، وأن الآخر الذي يناصبنا الاختلاف إنه على باطل، وكما جاء في قول السموأل:
«وننكر إن شئنا على الناس قولهم
ولا ينكرون القول حين نقول»
هذه الصورة أيضا مزدوجة النشأة حيث تدخل فيها الفطرة -الحالة البنيوية الفطرية - حيث النشأة الأولى؛ والتي في كثير منها لا نملك تغييرها بوسائل ميكانيكية «تدريبية» كما تدخل فيها مجموعة من تجارب الأفعال، والمواقف، والسلوكيات اليومية التي نعيشها مع الآخر من حولنا، فمجموعة المواقف الصادمة التي نتلقاها منه، تُصَدِّرُ لنا الكثير من العنف، والكثير من المواقف المتشددة، وبدلا من أن نستوعبها بصورة أكبر وأفضل، ونستخلص منها دروسا من شأنها أن تخفف من وطأة الحمية التي نحتملها بين جوانبنا، فإذا بها تزيدنا إصرارًا على مواقفنا، حيث ننتصر أكثر لأنفسنا، وتترسخ قاعدة «العزة بالإثم» أكثر وأكثر، فلا نغادر أمكنتنا إلا وقد كسبنا رهان الفوز على الآخر، وإن قَيَّمَهُ الآخر على أنه فوز وهمي، وأن الأمر للخسارة أقرب منه إلى الفوز، فهذا التقييم لن نلتفت إليه كثيرا، ونمضي وتعلونا القهقهات التي يتردد صداها إلى مسافة بعيدة.
يقال إن: «التعصب؛ هو قتل الحرية، والقضاء على التنوع والاختلاف الذي حبانا الله به سبحانه وتعالى» - انتهى النص - . ذلك أن التعصب هو نظرة أحادية تسير في اتجاه أفقي، ولا يمكن ثنيها ليعاد تشكيلها، وفق المواقف التي تحدث، أو تتشكل لأي ظرف كان، ولذا لن يكون هناك تجاوز في الفهم عندما تجتمع العزة الموسومة بالإثم مع التعصب؛ حيث ينتهيان إلى نتيجة واحدة وهي: «إن لم تكن معي؛ فأنت عدوي» وزحزحة هذه القناعة من بعض نفوس أصحابها قد يكون شبه مستحيل، خاصة إذا كان لها امتداد بنيوي في نشأة الفطرة، ولم تكن عبارة عن حصيلة مواقف صادمة كثيرة، استطاعت أن تغرب النفس عن فطرتها السوية، كما يقال: «غسيل دماغ».
قد يخفف البعض من وطأة «العزة بالإثم» ويرى فيها على أنها نوع من الثقة، وأتصور أن الأمر متجاوز في تقييمه وفق هذه الصورة، فهذه عزة آثمة، لأن في جميع مراحلها ليس عند صاحبها الاستعداد لسماع صوت العقل، فما يراه هو فقط، أحادي التوجه والقبول، ولذلك نص عدد من الآيات في القرآن الكريم على التشديد المؤدي إلى الهلاك لمصائر هؤلاء الناس الذين ينتهجون هذا السلوك في حياتهم اليومية.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
فرنسا تعيد تربية العالم الآخر بتجميد ممتلكات 20 من كبار الجنرالات ومسؤولي النظام الجزائري
زنقة 20. الرباط
يشتد الخناق بشكل جدي وقوي على جنرالات النظام العسكري الحاكم في الجزائر، عقب إختلاقه أزمة سياسية ودبلوماسية مع فرنسا.
وهكذا فقد كشفت مجلة “ليكسبرس” الفرنسية في تقرير خاص لها أن الحكومة الفرنسية تدرس بشكل جدي تجميد أصول مالية وممتلكات تابعة لعشرين شخصية بارزة في النظام الجزائري، معظمهم من المسؤولين رفيعي المستوى في قطاعات السياسة والأمن والإدارة.
وبحسب ما أفادت به المجلة الشهيرة، فإن هذه الشخصيات تمتلك ممتلكات واستثمارات في فرنسا بينهم جنرالات نافذة ومسؤولين في أجهزة الاستخبارات والجيش ومالكي شركات إستيراد مقربون من شنقريحة، وقد وُضعت أسماؤهم على قائمة أعدّتها وزارتا الاقتصاد والداخلية في باريس، لاستخدامها كورقة ضغط في حال تصاعدت الأزمة مع الجزائر.
يعود أصل الفكرة ، بحسب تقرير المجلة ، إلى يناير الماضي، عندما ألمح وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو إلى إمكانية اتخاذ “إجراءات فردية ضد شخصيات جزائرية”، في ظل رفض الجزائر استعادة بعض رعاياها الخاضعين لأوامر الترحيل من الأراضي الفرنسية. وقال حينها: “من الممكن اتخاذ تدابير ذات طابع مالي ضد شخصيات تهدد علاقاتنا الثنائية”.
وأكدت الصحيفة أن هذه العقوبات تُعد خياراً جدياً يُبحث حالياً على أعلى المستويات، في ظل تقديرات فرنسية تشير إلى أن 801 من أعضاء النخبة الجزائرية يملكون مصالح مالية في فرنسا ويترددون عليها بانتظام.