تفاصيل أسبوع مشتعل في سوق النفط
تاريخ النشر: 22nd, September 2023 GMT
عادت مخاوف التباطؤ الاقتصادي لتلقي بظلال قوية على سوق النفط الخام وتدعم الاتجاهات الهبوطية مع بقاء توقعات استمرار التقلبات السعرية، إذ أدى الانخفاض الأقل من المتوقع في مخزونات الخام الأمريكية إلى تعزيز المقاومة لمزيد من المكاسب.
وانخفضت العقود الآجلة الأكثر نشاطا لخام غرب تكساس الوسيط إلى أقل من 90 دولارا للبرميل بعد أن ترك بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة القياسي دون تغيير، في حين أشار إلى أن تكاليف الاقتراض من المرجح أن تظل مرتفعة فترة أطول بعد رفع آخر هذا العام.
وكشف محللون نفطيون، إن الانخفاض الطفيف في المخزونات والأخطار المتمثلة في أن سياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي ستكون مقيدة فترة أطول بكثير، مما كان متوقعا في البداية، تسمح لمتداولي الطاقة بجني بعض الأرباح.
وأشاروا إلى أن ارتفاع سعر النفط الخام خلال الأسابيع الثلاثة الماضية بفضل قيود العرض التي فرضها تحالف "أوبك+"، إضافة إلى التوقعات الأكثر إيجابية في الولايات المتحدة والصين.
وأوضح المحللون أن بيانات العرض والطلب تشير إلى أن السوق تضيق، حيث تراجعت المخزونات الأمريكية 2.14 مليون برميل الأسبوع الماضي واقتربت من الحد الأدنى لمستويات التشغيل، مشيرين إلى تقديرات صادرة عن "آي إن جي" تشير إلى أن العجز الحالي بأكثر من مليوني برميل يوميا مستمر خلال الربع الرابع من العام الحالي.
وفي هذا الإطار، قال هيرويوكي كينوشيتا المحلل الياباني ومختص شؤون المصارف والطاقة، إن أسعار النفط الخام من المرجح أن تواصل وتيرة المكاسب وقد تتجاوز 100 دولار للبرميل، لكن على نحو غير مستدام.
وذكر أن ارتفاع أسعار النفط لا يزال أمامه مجال للاستمرار وقد يتجاوز خام برنت 100 دولار للبرميل على المدى القريب على افتراض أن "أوبك+" لن تتراجع عن تخفيض إمداداتها، لافتا إلى أن العجز الحالي في المعروض النفطي الذي يزيد على مليوني برميل في اليوم سيتسع خلال الربع الرابع من العام الحالي.
بدوره يرى أندرو موريس مدير شركة "بويري" الدولية للاستشارات، أن استراتيجية تحالف "أوبك+" تتمثل في تحقيق الاستقرار في الأسواق وعدم استهداف مستويات أسعار معينة، مشيرا إلى أن التنبؤ بمستقبل أسعار النفط ليس مهمة سهلة ولا تتعلق بالأساسيات فقط، بل بعوامل أخرى ومستجدات غير متوقعة تطرأ على السوق.
ورجح أن تشديد العرض والطلب الزائد سيستمر في المستقبل، حيث إن الطلب الصيني على النفط لا يزال غير مؤكد، وكذلك الحال بالنسبة للاقتصاد الأوروبي وارتفاع أسعار الفائدة العالمية، مشيرا إلى أن ارتفاع التضخم، وهو الأمر الذي يؤدي بدوره إلى اتخاذ البنوك المركزية إجراءات رفع أسعار الفائدة.
من جانبه، أوضح أندريه جروسي مدير شركة "إم إم أيه سي" الألمانية، أن أسعار النفط الخام ارتفعت إلى أعلى مستوى لها منذ عشرة أشهر عند 95 دولارا للبرميل مع وجود مؤشرات في السوق إلى تشديد محتمل.
وأكد أن الهدف من خفض الإنتاج الإضافي المستمر من قبل السعودية هو تحقيق الاستقرار في سوق النفط ومنع التقلبات الشديدة في أوقات عدم اليقين وليس رفع الأسعار، وذلك في ضوء تمديد خفض الإمدادات حتى نهاية العام الجاري.
أما ويني إكيللو المحللة الأمريكية في شركة "أفريكان إنجنيرينج" الدولية، فتؤكد أن العلاقات الدولية في مجال الطاقة متشابكة ومعقدة، حيث نجد أن تدشين تعاون أمريكي - هندي على هامش اجتماع قمة مجموعة العشرين أخيرا في مجال الطاقة المتجددة.
وأضافت أنه في حين تعمل الهند على تعميق علاقات الطاقة مع الولايات المتحدة، فإنها تواصل وارداتها النفطية الرخيصة والمتنامية من روسيا حتى مع تصاعد التوترات والصراعات العالمية، لافتة إلى استمرار تخفيضات إنتاج "أوبك+" في التأثير على كل من النفط الخام والمنتجات المكررة، حيث وصل خام برنت إلى أعلى مستوى له منذ عشرة أشهر، كما ترتفع الأسعار في سوق الديزل وسط قيود العرض.
من ناحية أخرى فيما يخص الأسعار، تراجعت أسعار النفط ما يقرب من 1 في المائة خلال تعاملات أمس، لتواصل نزيف الخسائر للجلسة الثالثة على التوالي وسط مخاوف من ركود اقتصادي قد يحد من الطلب.
وعوضت توقعات رفع أسعار الفائدة الأمريكية تأثير تراجع مخزونات النفط الأمريكية، ومخاوف نقص الإمدادات على خلفية تخفيضات الإنتاج من قبل السعودية وروسيا.
وبحلول الساعة 06:33 صباحا بتوقيت جرينتش (09:33 صباحا بتوقيت مكة المكرمة)، انخفضت العقود الآجلة لخام برنت القياسي -تسليم نوفمبر 2023- بنسبة 0.8 في المائة لتصل إلى 92.78 دولار للبرميل.
وفي الوقت نفسه، تراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي -تسليم نوفمبر بنسبة 0.85 في المائة لتصل إلى 88.90 دولار للبرميل، وأعلن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الأربعاء، تثبيت أسعار الفائدة دون تغيير عند مستوى يراوح بين 5.25 و5.50 في المائة، لتظل عند أعلى مستوياتها منذ 22 عاما، ما جاء متوافقا مع أغلب التوقعات في السوق.
من جانب آخر، تراجعت سلة خام أوبك وسجل سعرها 95.82 دولار للبرميل الأربعاء مقابل 97 دولارا للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أمس، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء بالمنظمة حقق أول انخفاض عقب ارتفاعات سابقة عدة على التوالي، وإن السلة ارتفعت بأقل من دولار واحد، مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 95.01 دولار للبرميل.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: أسعار الفائدة دولار للبرمیل أسعار النفط النفط الخام فی المائة إلى أن
إقرأ أيضاً:
التنقيب عن الذهب الأسود عام 1933م ينقل المملكة لطفرة تنموية شاملة
انتقلت المملكة لطفرة تنموية شاملة، ومستقبل لامع، عقب إبرامها اتفاقية امتياز مع شركة ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا “سوكال” للتنقيب عن الذهب الأسود في باطن رمال المملكة، التي تم خلالها إنشاء شركة كاليفورنيا أرابيان ستاندارد أويل كومباني “كاسوك”.
وبدأت أعمال حفر الآبار في عام 1935م بعد مسح صحاري المملكة لتحديد مواقع النفط، وبعد سنوات من الجهد دون أي نجاح يذكر قرر المسؤولون التنفيذيون في سوكال في عام 1937م الاستعانة بمشورة كبير الجيولوجيين ماكس ستاينكي، الذي أشار باستمرار أعمال الحفر.
وشهد عام 1938م تحقق النجاح بإرساء أولى لبنات الازدهار لمستقبل المملكة ونجاح جهود أرامكو مع باكورة إنتاج النفط بكميات تجارية من بئر الدمام رقم “7”، الذي أطلق عليه اسم “بئر الخير”.
وفي أواخر أربعينيات القرن العشرين حققت الشركة رقمًا قياسيًا في إنتاج النفط إذ بلغ الإنتاج الخام 500 ألف برميل في عام 1949م، رافعةً مسيرة ومكانة المملكة في قطاع الطاقة، وبعد ذلك تم تسمية الشركة بـ”شركة الزيت العربية الأمريكية”.
وعملت الشركة على توسيع نطاق أعمالها في قطاع التوزيع، ففي عام 1950م، أنجزت الشركة خط الأنابيب عبر البلاد العربية “التابلاين” الذي يبلغ طوله 1,212 كلم، ويربط المنطقة الشرقية بالبحر الأبيض المتوسط، مما أسهم في اختزال زمن وتكلفة تصدير النفط إلى أوروبا بشكل كبير.
وبعد عامين من التنقيب في مياه الخليج العربي الضحلة اكتشفت الشركة حقل السفانية في عام 1951م, الذي يعد أكبر حقل نفط بحري على مستوى العالم. وفي عام 1958م، تجاوز إنتاج شركة أرامكو من النفط الخام مليون برميل في سنة تقويمية واحدة.
كما حققت الشركة في عام 1962م إنجازًا مهمًا بوصول الإنتاج التراكمي للنفط الخام إلى 5 بلايين برميل، وبحلول عام 1981م وللمرة الأولى تجاوز شحن النفط الخام والمنتجات البترولية من الفرضة البحرية في رأس تنورة بليون برميل سنويًا.
وفي عام 1973م اشترت الحكومة السعودية حصة قدرها 25% في أرامكو، وزادت هذه الحصة لتصل إلى 60% في عام 1974م، وفي عام 1980م امتلكت الحكومة السعودية شركة أرامكو بأكملها لتنشئ بعد ثمانية أعوام شركة الزيت العربية السعودية “أرامكو” رسميًا، لتكون شركة جديدة تتولى جميع مسؤوليات الشركة أرامكو بقيادة معالي المهندس علي بن إبراهيم النعيمي، الذي أصبح أول رئيس سعودي للشركة عام 1984م، ثم أول رئيس لأرامكو وكبير إدارييها التنفيذيين في عام 1988م.
وفي عام 1989 بدأت أرامكو تحولها من شركة منتجة للنفط ومصدرة له إلى شركة بترول متكاملة بالتزامن مع تأسيس شركة ستار إنتربرايزز في عام 1989م، وهو مشروع مشترك مع شركة تكساكو في الولايات المتحدة الأمريكية التي تحولت لاحقًا لتصبح شركة موتيفا, وبدأت بصفتها شراكة بين شركتي تكساكو وشل، ومن ثمّ استحوذت عليها أرامكو بالكامل في عام 2017 لتصبح المالك الوحيد لأكبر مصفاة لتكرير النفط الخام في موقع واحد في أمريكا الشمالية في بورت آرثر، بولاية تكساس.
عملت الشركة طوال تسعينيات القرن العشرين على توطيد علاقاتها وشراكاتها في جميع أنحاء العالم تدريجيًا، وتضمن ذلك تنفيذ عدة استثمارات دولية بدءًا بالاستحواذ على حصة قدرها 35% في شركة سانغ يونغ أويل ريفايننغ “التي تغير اسمها إلى إس-أويل في عام 2000م” في جمهورية كوريا في عام 1991م.
وواصلت الشركة توسعها في عام 1994م مع استحواذها على حصة قدرها 40% في بترون كوربريشن، التي تعد أكبر شركة لتكرير النفط وتسويقه في الفلبين.
وكذلك في عام 1996م عندما نفذت مزيدًا من الاستثمارات في أوروبا عن طريق الاستحواذ على حصة قدرها 50% في شركة التكرير اليونانية الخاصة موتور أويل “هيلاس” كورينث ريفاينريز إس.إيه، وشركة التسويق التابعة لها أفينويل إنداستريال كوميرشل آند ماريتايم أويل كومباني إس.إيه.
ومع اقتراب الألفية أصبح استخدام التقنيات المتطورة أمرًا أساسيًا لمساعدة الشركة على اكتشاف النفط الخام واستخلاصه لتصبح التقنية جزءًا لا يتجزأ من أعمالها.
اقرأ أيضاًتقاريرجهود تنظيمية وإرشادية ترافق مرحلة وصول الحجاج إلى المدينة المنورة
ففي عام 1997م طورت الشركة تقنية باورز “نظام المحاكاة المتوازية لمكمن النفط والماء والغاز” وهو نظام محاكاة عالية الدّقَّة للمكامن يستخدم في عمل نماذج المكامن العملاقة والتنبؤ بأدائها.
وقد حققت تقنية باورز نجاحًا مذهلًا ما جعلها مصدر إلهام لأرامكو في تطوير مجموعة أخرى من برامج المحاكاة التي تتميز بمستويات أعلى من القوة والدقة.
وبعد جنيها ثمار التطورات التقنية أنشأت الشركة في عام 2000م مركز البحوث والتطوير في الظهران على أحدث طراز لعلمائها، وكان هذا المركز بمثابة قاعدة لشبكة من مراكز الأبحاث المنتشرة في جميع أنحاء العام التي تعمل إلى يومنا هذا على تحقيق إنجازات كبرى، تسهم في زيادة معدلات الاكتشاف والاستخلاص وخفض التكلفة وتعزيز السلامة والحفاظ على البيئة.
وسُلّطت الأضواء على نجاح الشركة في مجال الابتكارات العالمية في عام 2010م عندما أزاحت الستار عن تقنيتها الخاصة بمحاكاة المكامن باستخدام خلايا معلومات تبلغ بليون “أو غيغا” خلية، المعروف اختصارًا باسم “غيغاباورز”، وهي الجيل الثاني من تقنية “باورز”، وبعد ذلك بستة أعوام طورت الشركة تقنية “تيراباورز” التي تعد أول نظام محاكاة للمكامن باستخدام تريليون خلية في هذا المجال.
ومع بداية الألفية، واصلت الشركة جهودها في تعزيز تنويع أعمالها لتحقيق رؤيتها بأن تصبح الشركة الرائدة والمتكاملة عالميًا في مجال الطاقة والكيميائيات.
ومن خلال تطوير عدة طرق لإيجاد أعلى قيمة من كل برميل من النفط، مثل تطبيقات المواد غير المعدنية وتحويل النفط الخام إلى كيميائيات، تتوسع الشركة في أسواق غير تقليدية واستخدامات جديدة للنفط والغاز.
كما واصلت الاستثمار في تطوير حلول جديدة، ترفع من كفاءة إنتاج الطاقة واستخدامها، مثل تطوير جيل جديد من المحركات عالية الأداء وتقنيات الوقود التي تسهم في تعزيز جودة الأداء وخفض الانبعاثات من قطاع النقل.
وبالنظر إلى المستقبل، تتطلع أرامكو للاستفادة من الموارد الهيدروكربونية لفتح قنوات جديدة، تحقق أعلى قيمة للشركة، والمملكة، والمجتمعات، بينما تواصل دورها مورّدًا موثوقًا للطاقة منخفضة الكربون إلى العالم.