عربي21:
2025-07-03@23:23:51 GMT

احنا بتوع المعتقلين

تاريخ النشر: 25th, September 2023 GMT

تموج البلاد بالأحداث والصراعات والأزمات التي طحنت الشعوب العربية وحصرت اهتماماتها في كيفية الحصول على لقمة العيش، خاصة في مصر التي تحظى بحجم هائل من المشكلات المتفاقمة بعد انقلاب 2013.. انشغل النظام في حجم الديون غير المسبوق في البلاد والمشكلات التراكمة نتيجة السياسات الفاشلة في إدارة البلاد، وكأن النظام قد تعاقد مع أكثر الفاشلين عالميا ومحليا ليدير المرحلة، وتقف مصر على أبواب الانتخابات الرئاسية للمدة الثالثة لقائد الانقلاب العسكري وسط فراغ كبير من أي من المرشحين الجادين، ووسط ظروف يستحيل على أحد المعارضين الفوز بها أو مجرد التقديم لها إلا أن يكون كومبارس لتمثيلية سخيفة أقيمت من قبل؛ حين ترشح أحدهم من قبل وقد أعلن أن صوته للرئيس، وفي ظل الشروط الصعبة التي يجب على المرشحين اجتيازها لمجرد التقديم مثل الحصول على موافقة عدد من أعضاء مجلس النواب المختارين بعناية على غير إرادة الشعب، وعدد من التوكيلات الرسمية من الجمهور في كل المحافظات بما أن إدارة البلاد هي إدارة أمنية في المقام الأول وليست إدارة سياسية ككل البلدان المحترمة.



وفي جهة أخرى يقع الشعب فريسة الارتفاع الجنوني للأسعار وشح السلع الأساسية مثل السكر والبصل والخضروات والأرز الذي يعتمد عليه المصريون في غذائهم اليومي، وفي فترة حرجة وهي بداية العام الدراسي مما يعني عجز أولياء الأمور عن إطعام أبنائهم وقضاء حوائجهم اليومية فضلا عن تعليمهم.

الحركة الإسلامية وما تبقي منها

وفي ظل الغليان الغاضب المكبوت في الشارع المصري تعود حركة الإخوان المسلمين بخطاب هادئ عبر إحدى قنوات المعارضة في الخارج؛ تمد فيه يدها لصنع شراكة مع من يمد يده لإنقاذ ما يمكن إنقاذه حتى لو كانت تلك اليد الممتدة هي يد النظام الحالي، في رسالة وجهها الدكتور حلمي الجزار المحسوب على إحدى جبهاتها بعد انقسام حاد عانت منه الجماعة منذ عام 2015؛ حتى استطاعت أن تثبت تلك الجبهة مشروعية وجودها بناء على قوانين الجماعة وبناء على عدة انتخابات داخلية أسفرت عن محاولة عودتها ولملمة شملها مرة أخري، فيعود الرجل بخطاب يراه البعض مناسبا تماما للمرحلة الحالية بكل ما يعتريها من ضعف وفرض للأمر الواقع، ومرونة للتعامل مع الحدث حسب المعطيات الدولية والمحلية، مع الأخذ في الاعتبار أن ملف المعتقلين هو الملف الذي يحمل الأولوية الأولى بعد معاناة استمرت بأكثر من مائة ألف معتقل، ومائة ألف أسرة لمدة عشر سنوات سوداء وليس في الأفق ما يبشر بإنهاء تلك المعاناة قريبا، وأنه قد آن الأوان للتكاتف لحل تلك الإشكالية، وأنه يجب كذلك وضع الاعتبار لمصلحة الوطن فوق أي كيان.

ويرى البعض الآخر أن الخطاب لم يكن على مستوى التضحيات الجمّة التي دفعتها الجماعة من شهداء واعتقالات وحياة كاملة لآلاف الشهداء وآلاف المعتقلين ومثلهم من المطاردين، وأن اللغة الموجهة للآخرين في هذا الوقت كان يجب أن تكون لغة قوية تضع الأمور في نصابها، وعدم الاعتراف بالانتخابات الحالية سواء خاضها قائد الانقلاب منفردا أو شاركه فيها أحد ممن يسمون بالمعارضين، فما هم إلا ممثلون لتجميل المشهد أمام العالم وإعطاء نوع من المشروعية للنظام، فالنتائج معروفة مسبقا.

ويمثل الرأيان صورة ضبابية عبثية لجانب المعارضة المفتت، والذي لم يستطع رغم قسوة الأحداث أن يتوحد، بل هو يزداد فرقة كل يوم، وعلى ضفة من ضفاف النهر يتحدث الناس عن الأسعار والجزر المباعة والشركات المتنازل عنها والمستقبل المجهول، والديون وانقطاع الكهرباء وعجز الموازنة وعجز المواطنين، والتعليم المفقود والصحة المنعدمة والإعلام الكاذب، والآمال والطموحات واليأس والإحباطات.

يقف على الضفة الأخرى هناك في زاوية البلاد بمعاناتها وسخونة أحداثها تقبع مائة ألف أسرة تحمل كل تلك الهموم فوق رأسها، غير أنها تحمل هموما أخرى ربما لا يعلمها الآخرون أو يشغلون أنفسهم بها، وهي أسر المعتقلين.

احنا بتوع المعتقلين

في عام 1979 قدم الفنان عبد المنعم مدبولي مع عادل إمام الفيلم الشهير "احنا بتوع الأتوبيس"، تتلخص قصة الفيلم حول أحداث تمت قبيل الهزيمة النكراء لجمال عبد الناصر، حيث تحدث مشاجرة عادية بين اثنين من الركاب في أتوبيس نقل عام من جهة، والجهة الأخرى مع محصل التذاكر، لتنتهي بهما المشاجرة في أحد أقسام الشرطة ليتم الإفراج عن الكمسري، ويلقى بهما في الحجز لحين الفصل في أمرهما، في الوقت الذي تحدث فيه جلبة كبيرة حيث يتم القبض على بعض الإسلاميين ويختلط الحابل بالنابل ليدخل الاثنان بالخطأ مع المعتقلين السياسيين ويُنسى أمر الأتوبيس تماما، وتبدأ رحلة عذاب لا نهاية لها لاثنين لا علاقة لهما بالأمر ولا ذنب لهما إلا ظلم الأنظمة وأذنابها واستهانتها بالشعوب ومصيرها.

وما أشبه ما يدور اليوم في هذه الأحداث الغريبة وتلك التي رواها الفيلم في قالب درامي حزين ليس بعيدا عن الواقع، ليحكي تاريخ حقبة سوداء في تاريخ البلد أعقبتها نكسة لم تُنسَ حتى اليوم، وها هي الأحداث ذاتها تتكرر بلون مختلف.

وبالرغم من أن الاعتقال والتغييب والإخفاء القسري والتعذيب صار ظاهرة في بلادنا، إلا أن مصر ما زالت تمتلك الريادة في هذا الخضم وتسبق بالعدد الأكبر وغير المسبوق.

ولك أن تتخيل ما يزيد عن مائة ألف معتقل، ينتمون لمائة ألف أسرة فيهم الآباء والأبناء والزوجات والإخوان والجيران والأصدقاء وزملاء العمل، مما يعني أن ما يقرب من نصف الشعب يلامس تلك الإشكالية الكبيرة، يحملون فوق الهموم اليومية التي ورّطهم فيها النظام الشمولي الديكتاتوري هموما أخرى تتكرر بشكل دوري شهريا أو أسبوعيا أو نصف شهري، أو يوميا أحيانا حسب موقع المعتقل في قسم شرطة، فتضطر الأسرة لتحضير الطعام له بشكل يومي في ظروف قاسية لا يتحملها إنسان عادي، مما يعني أن الأسرة قد تضطر لأن تمتنع عن الطعام أو تختصر الوجبات لوجبة واحدة يوميا حتى تستطيع توفير الزيارة، والتي تكون عبارة عن وجبة مميزة بالطبع مراعاة لظروف المعتقل. وأما إن كانت الزيارة شهرية أو غيرها فقد توجّب على الأسرة أن توقف معظم ميزانيتها الشهرية لتحضير تلك الزيارة، والتي تشمل كافة احتياجات المعتقل ومن معه في الزنزانة على مدى الشهر بالتبادل والتكافل فيما بينهم، بمعنى أنه إذا كان في الزنزانة أربعة مثلا، فيكون على كل أسرة أن تحمل ما يكفي من الطعام أسبوعا يكفي احتياجات أربعة من المعتقلين، من طعام وأدوية وفواكه وخضروات حسب القدرة في وقت يعاني فيه الإنسان العادي في توفير تلك الطلبات لأسرته الآمنة.

تلك الأسر أصبحت مجالا لتجارة المتاجرين بمعاناتهم، فمن ناحية يتاجر النظام بهم، فيكفي أنه قد خلص الشعب منهم وعلى الشعب أن يتحمل كل معاناة في سبيل الخلاص من هؤلاء الإرهابيين، ومن ناحية أخرى يطلب هذا وذاك دعما وبيعة ومكانة لأنهم يعيشون لقضية المعتقلين، ولست أدري هل يعيشون لها، أم يعيشون بها؟ الجميع يتاجر، والجميع يعد، ولا أحد يشعر، ولا أحد يدري بالمرارة في حلق كل أم وكل أب وكل ذي معتقل يحمل هم زياراته التي بدأت في التباعد بسبب ضيق اليد، لا أحد يفكر في أم، أو زوجة شابة تحمل طفلا أو تجر أطفالا وتقف على بوابات خلف أخرى؛ تفتيش ومضايقات وشفقة وشماتة لترى غائبها بضع دقائق لا تكاد تشفي فيها قلبا، أو تطفئ شوقا، أو تحمل فيها وصية.

لا أحد تروّعه زيارات زوار الليل والنهار التي لا تنقطع، طرقات على الأبواب بأياد لا تعرف الرحمة تبحث عن آخرين في نفس البيوت المكلومة بحجة أنهم اعتادوا تلك الزيارات فلا ضير إن تكررت، فالمرة الواحدة كالمرات المتعددة ما عادت تؤلم أو تخيف، هكذا يحسبون.

لا أحد يشعر بكمّ الإحباطات التي تمر بها تلك الأُسر حين لا تجد مخرجا في أفق مغلق حين تنتهي مدد المحكومين دون أن يخرج منهم أحد، ويتم تدويرهم في قضايا جديدة كل مدة دون أن يروا النور.

لقد فقد المعتقلون وذووهم الاهتمام الإنساني الحقيقي من كافة الجهات، ومن كل الجوانب، ونسيهم الجميع في خضم الأحداث ليدفعوا ثمنا مضاعفا.

احنا بتوع المعتقلين في بلادكم المكلومة، نعلم أنكم تعانون من الفقر والحاجة ونشفق عليكم ونتمنى لكم حياة أفضل، دفعنا ثمن أمنياتنا تلك أحب من لدينا، ونعلم لأننا مثلكم نعاني من نفس الضيق لكنه مضاعف، نعلم أنكم تتمنون خطابات مكتملة، وأفعالا مثالية، وتبحثون عن آخرين يقومون بتضحيات أخرى من أجلكم لكنكم لا تجدون، فما رأيكم أن تذكروا أولئك القابعين في ظلمات الزنازين بدعوة، أو بكلمة، أو بمطالبة، أو بتحرك، فربما يخرجون ليحرروكم ويحققوا لكم ما تتمنون؟ ما رأيكم لو نحّيتم خلافاتكم جانبا حسبة لله كي يخرج هؤلاء المنسيون، وتستريح تلك الأسر البائسة وتهدأ قليلا؟ ما رأيكم لو اجتمعتم مرة على قضية هؤلاء عسى الله أن يخفف عنكم مصائبكم بسعيكم لتفريج كرب هؤلاء الذين أمضوا زهرة شبابهم في غُرفات غير آدمية لتحيوا حياة إنسانية؟ ما رأيكم لو اتحدت مساعيكم مرة، ليس للصراع على الكراسي، ولكن دفاعا عنهم بصدق ولو لمرة واحدة؟

احنا بتوع المعتقلين ليس لذنب اقترفناه، وإنما لعقيدة نحملها، وكلمة خير قلناها، ورأي حملناه رجونا به وجه الله، فهل يا كل هؤلاء تسمعون؟ هل تسمعون؟

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه مصر المعتقلين معاناة مصر معاناة المعتقلين مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة رياضة اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة لا أحد

إقرأ أيضاً:

زيادة المرتبات الجديدة.. هؤلاء يحصلون على 9800 جنيه يوم 22 في الشهر

يتساءل المواطنون عن تفاصيل زيادة المرتبات 2025 التي أقرتها الحكومة، ومتى سيتم صرفها، وحجم تأثيرها على رواتب العاملين بالجهاز الإداري للدولة، وذلك بعد إعلان وزير المالية أحمد كجوك عن بدء تطبيق الحد الأدنى الجديد للأجور اعتبارًا من موازنة يوليو 2025. وتشغل هذه التساؤلات اهتمام الملايين من الموظفين، إذ تتضمن الزيادة مكونات عدة من علاوات وحوافز إضافية، تهدف إلى تحسين المستوى المعيشي ومواجهة تأثيرات التضخم على الدخل، وضبط توازن الرواتب وفقًا لقانون الخدمة المدنية وضوابط موازنة العام المالي 2025/2026.

يصل لـ16 ألف جنيه .. زيادة مرتبات الموظفين قريباًهل من حق المرأة معرفة مرتب الزوج؟.. الإفتاء تجيببداية من أول يوليو.. احسب قيمة الزيادة في مرتبكزيادة المرتبات رسميًا.. الحكومة ترفع الرواتب لـ10200 جنيه لهذه الدرجة بدءًا من يوليو

تطبيق الحد الأدنى للأجور ضمن زيادة المرتبات 2025

أكد وزير المالية أحمد كجوك أن الحد الأدنى للأجور للعاملين بالجهاز الإداري سيرتفع إلى 7,000 جنيه شهريًا، ببدء التطبيق بداية يوليو 2025. وتأتي هذه الخطوة كمكون رئيسي في إصلاح منظومة الأجور ضمن حزمة زيادة المرتبات 2025، ويُتوقع أن يستفيد منها الملايين من الموظفين الحكوميين.

تفاصيل زيادة المرتبات 2025 كاملة

تشمل حزمة زيادة المرتبات 2025 ما يلي:

• زيادة آلية ثابتة تبلغ 1,100 جنيه لأدنى الدرجات الوظيفية.

• علاوة دورية: نسبة 10% للعاملين الخاضعين لقانون الخدمة المدنية، و15% لغير المخاطبين، بحد أدنى 150 جنيهًا.

• حافز إضافي شهري يتراوح بين 600 و700 جنيه لجميع موظفي القطاع الحكومي.

وتشكل هذه المكونات جزءًا من الجهد الحكومي لتعزيز قدرة الموظفين على مواجهة الضغوط المعيشية بفعالية.

جدول المرتبات الجديد بعد زيادة المرتبات 2025الدرجة الوظيفيةقبل الزيادة (جنيه)بعد الزيادة (جنيه)
الدرجة الممتازة12,20013,800
الدرجة العالية أو ما يعادلها10,20011,800
درجة مدير عام أو ما يعادلها8,70010,300
الدرجة الأولى أو ما يعادلها8,2009,800
الدرجة الثانية7,2008,500
الدرجة الثالثة (التخصصية)6,7008,000
الدرجة الرابعة6,2007,300
الدرجة الخامسة (الخدمات المعاونة)6,0007,100
الدرجة السادسة (الخدمات المعاونة)6,0007,100

ويعكس الجدول أثر زيادة المرتبات 2025 على جميع المستويات الوظيفية، مع ارتفاع ملموس في الأجور.

مواعيد صرف زيادة المرتبات 2025 وخطوة الصرف

أكدت وزارة المالية أن مرتبات شهر يوليو 2025 سيتم صرفها وفق الجدول الزمني المعتاد، دون تقديم مواعيد الصرف، حيث تبدأ عمليات صرف رواتب العاملين بالجهاز الإداري للدولة من يوم الأحد 22 يوليو وتستمر حتى يوم الجمعة 26 يوليو 2025، وذلك وفقًا للجداول الرسمية المعتمدة لكل جهة حكومية. 

وشددت الوزارة على عدم صحة ما يتم تداوله بشأن تقديم مواعيد صرف المرتبات أو دمجها مع مواعيد صرف المعاشات، موضحة أن الزيادة الجديدة المترتبة على رفع الحد الأدنى للأجور سيتم إضافتها تلقائيًا على رواتب يوليو، دون الحاجة إلى قيام الموظف بأي إجراءات إضافية.

طباعة شارك زيادة المرتبات تفاصيل زيادة المرتبات الحكومة الحد الأدنى الجديد للأجور تطبيق الحد الأدنى للأجور تفاصيل زيادة المرتبات 2025 جدول المرتبات الجديد بعد زيادة المرتبات 2025 مواعيد صرف زيادة المرتبات 2025

مقالات مشابهة

  • فرنسا تشترط إطلاق سراح مواطنيها المعتقلين في إيران مقابل رفع العقوبات
  • «احنا خدمة العملاء يا فندم».. «مستريح المنيا» يقع في قبضة الشرطة بعد ارتكاب 3 وقائع
  • احنا من غيرك دنيتنا تبوظ.. ملك زاهر تحتفل بعيد ميلاد والدتها
  • عالم بالأوقاف يعلق على واقعة التنمر على الفنان المتوفي | فيديو
  • زيادة المرتبات الجديدة.. هؤلاء يحصلون على 9800 جنيه يوم 22 في الشهر
  • قرار عاجل بإعفاء هؤلاء الطلاب من مصروفات المدارس 2026
  • ٣٠/ يونيو، ليلة القبض علی جَمْرَة!!
  • من أين يستمد هؤلاء جرأتهم على الإساءة إلى الإسلام في تركيا؟
  • هل يكره مجتمعنا النظر في المرأة.. سكرة الفقراء انموذجا…
  • فايننشال تايمز: هكذا أعادت إسرائيل إحياء القومية الإيرانية