أبوظبي – الوطن:

أكد خبراء ومتخصصون أن هيكل سوق العمل وأنظمته ومتطلباته وأسسه الاجتماعية تتطور إلى بيئة أكثر ملاءمة للعمل في ظل الاقتصاد الرقمي الجديد، مما سيخلق ملايين الوظائف التي تتطلب تدريباً ومهارات نوعية، إلى جانب نمو اقتصاد الوظائف المؤقتة والعمل الحر، مضيفين أن العملات المشفرة أصبحت لاعباً رئيسياً في تشكيل واقع ومستقبل الاقتصاد الرقمي، كما أن الاعتماد على أنظمة الذكاء الاصطناعي والخدمات المصرفية المفتوحة أدى إلى إعادة تشكيل مشهد القطاع المالي العالمي.

وأشاروا إلى أن ثورة البلوكتشين ستفعل في مجال المعاملات ما فعلته الإنترنت في مجال المعلومات، وينبغي على الشركات استجلاء الدور المحتمل للبلوكتشين في مؤسساتها، وأن تكون مستعدة لتبني التكنولوجيا عندما تنضج، موضحين أن حجم سوق تكنولوجيا البلوكتشين العالمية المتوقع سيفوق 29 مليار دولار بحلول عام 2025.

جاء ذلك في ندوة عن بُعد حملت عنوان: «ما مستقبل الاقتصاد الرقمي؟ الفرص والتحديات في عصر الاتصال اللاسلكي»، ونظمها مركز تريندز للبحوث والاستشارات – قطاع «تريندز – دبي»، في إطار سلسلة الندوات العلمية والمعرفية الدورية الهادفة إلى تحليل القضايا والأزمات العالمية واستشراف مستقبلها.

 

دمج التكنولوجيا بالصناعة

وأدار النقاش في الندوة، سلطان الربيعي، نائب رئيس قطاع البحوث والاستشارات في مركز تريندز للبحوث والاستشارات، قائلاً إن الثورة الصناعية الرابعة اليوم مدفوعة بالتقدم التكنولوجي الكبير الذي يأخذ في الاعتبار التفاعلات الوثيقة المتزايدة بين البشر والآلة، وعلى عكس الثورات الصناعية السابقة، فإن الثورة الصناعية الرابعة تتمحور حول الإنسان.

وبين أن المجتمعات أصبحت محاطة بالتكنولوجيا والهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر والعديد من المنتجات التكنولوجية الأخرى المرتبطة جميعها بإنترنت الأشياء، موضحاً أن الاتصالات والتكنولوجيا هي المحركات الرئيسية وراء هذه الثورة.

 

اقتصاد العمل الحر

بدوره، قال الدكتور خالد الوزني، الأستاذ المشارك في السياسات العامة بكلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية، إن صعود اقتصاد الأعمال الحرة والعمل الحر في العصر الرقمي يحتاج إلى المزيد من المهارات والتدريب للقوى العاملة في المستقبل، مضيفاً أنه قيل في جميع أنحاء العالم أن «العالم بعد كوفيد-19 لم يعد كما كنا نعرفه»، وهذا الأمر أصبح واقعاً في العديد من المجالات، والاقتصاد العالمي ليس استثناءً من ذلك.

وبين أنه بالنظر إلى الركائز الأربع لعوامل الإنتاج المعروفة «الأرض، والعمل، ورأس المال، والتنظيم»، فمن الواضح أن العامل الأكثر تأثراً هو سوق العمل، ويمكن القول إن هيكل سوق العمل وأنظمته ومتطلباته وأسسه الاجتماعية تتطور إلى بيئة أكثر ملاءمة للعمل في ظل الاقتصاد الرقمي الجديد، خاصة بالنسبة للشباب.

اقتصاد الوظائف المؤقتة

وذكر الوزني أن الاقتصاد الحر، الذي يعد مظهراً جديداً في سوق العمل، أصبح أحد الأسباب الرئيسية التي تجعل الشباب، خاصة النساء، يساهمون بشكل أكبر في سد الفجوات في سوق العمل والإنتاج الوطني والدولي في جميع أنحاء العالم، ومع ذلك، فقد حددت تقارير الوظائف المستقبلية الدولية بوضوح المجالات التي ستختفي فيها الوظائف، وبعض أسواق العمل، ولكن في الوقت نفسه ستظهر الملايين من الوظائف الجديدة التي تتطلب تدريباً ومهارات نوعية، مؤكداً أن المستقبل سيشهد المزيد من اقتصاد الوظائف المؤقتة والعمل الحر في العصر الرقمي.

 

3 مهارات وظيفية

وأشار الدكتور خالد الوزني إلى أن استشراف مستقبل الوظائف يؤكد أن المهارات ستصبح أهم عامل في القوة العاملة، وهناك ثلاث مهارات سيبحث عنها أصحاب العمل في الوظائف المحتملة، وهي مهارات التواصل وإدارة الوقت والكفاءة المهنية، والإلمام الرقمي، وإتقان لغة عالمية، كما سيعتمد المصدر الرئيسي للوظائف الجديدة من عام 2023 إلى عام 2027 على أربعة من قطاعات اقتصاد العمل الحر، وهي «هندسة البيانات الضخمة، والتكنولوجيا الزراعية والاستدامة، والذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية، والمنصات والتكنولوجيات الرقمية».

 

العملات المشفرة

من جانبها، أشارت البروفيسورة أسماء سلمان، عميدة كلية إدارة الأعمال في الجامعة الأمريكية بالإمارات، إلى أن العملات المشفرة تلعب دوراً كبيراً في تشكيل واقع ومستقبل الاقتصاد الرقمي، حيث تسهل العملات المشفرة المعاملات المالية غير المحدودة والتجارة العالمية بين الدول، وتعتبر مخزناً بديلاً للقيمة، ووسيلة مبتكرة لنمو التبادل التجاري.

وذكرت أن ثورة البلوكتشين تعد الثورة الثانية بعد الإنترنت، وستفعل في مجال المعاملات ما فعلته الإنترنت في مجال المعلومات، مبينة أنه ينبغي على الشركات استجلاء الدور المحتمل للبلوكتشين في مؤسساتها، وأن تكون مستعدة لتبني التكنولوجيا عندما تنضج، وسيتحول الأمر إلى التبني الجماعي في وقت قريب.

 

تكنولوجيا البلوكتشين

وأضافت البروفيسورة أسماء سلمان أن التكنولوجيا المالية تقع في لب الأعمال وتُستخدم الآن لمساعدة الشركات وأصحاب الأعمال على حد سواء، وقد أحدثت التكنولوجيا المالية ثورة في طريقة عمل العالم اليوم، موضحة أن التوقعات تشير إلى أن إيرادات تكنولوجيا البلوكتشين العالمية ستشهد نمواً هائلاً في السنوات القادمة، حيث يُتوقع أن يفوق حجم السوق 29 مليار دولار بحلول عام 2025.

 

مستقبل التمويل

أما البروفيسور لويس مالدونادو، الأستاذ في جامعة (آي إي) الإسبانية، والخبير الدولي في مجال التكنولوجيا المالية، فتحدث عن «مستقبل التمويل»، حيث يرى أن الصناعة المالية تشهد لحظة فارقة من الاضطراب، بعد أن أصبحت الحدود بين الصناعات غير واضحة بفضل استخدام التكنولوجيا والاعتماد أكثر على الرقمنة، وقد سمح هذا للوافدين الجدد، سواء كانوا من الشركات الناشئة أو كبار اللاعبين في مجال التكنولوجيا، بالدخول في أنشطة كانت مخصصة للبنوك فقط.

وأضاف أن الاعتماد على أنظمة الذكاء الاصطناعي والخدمات المصرفية المفتوحة أدى إلى إعادة تشكيل مشهد القطاع المالي العالمي، مبيناً أن هناك عوامل ساهمت في التطور السريع لتكنولوجيا التمويل، منها الأزمة المالية لعام 2008 التي أججت الابتكار خارج الصناعة المصرفية، ومساهمة منصات، مثل جوجل وآبل وفيسبوك وأمازون، في رفع مستوى تجربة المستخدم، والنضج المتزامن للتكنولوجيا.

 

 

تكنولوجيا التمويل

وأوضح أن تكنولوجيا التمويل حققت إنجازات في السنوات الـ 15 الأخيرة، ومنها تعيين وتيرة الابتكار واتجاهه في القطاع المالي، كما تمكنت الصناعة من حشد رأس المال، وتحدت الصناعة الوضع القائم الذي يدعمه اللاعبون التقليديون، بينما ولَّدت صناعة التمويل قيمة بالفعل من خلال الشركات الناشئة التي تتعدى قيمتها المليار دولار، فضلاً عن أن تكنولوجيا التمويل أدت إلى نمو الشمول المالي.

 

 

 


المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

من العمل الفدرالي إلى طوابير الإعانة.. وجه آخر للجوع في أميركا

واشنطن- في صباح دافئ من أحد أيام السبت، يصطف العشرات بصمت في طابور طويل أمام أحد أكبر المتاجر في ضواحي العاصمة الأميركية واشنطن، ليس بسبب عروض خاصة أو فعالية ترويجية، بل للحصول على "كرتونة" من المساعدات الغذائية المجانية التي تضم مواد أساسية مثل الأرز والمعكرونة والمعلبات.

بين الواقفين موظفون ومتعاقدون سابقون مع مؤسسات حكومية، وجدوا أنفسهم -بعد سنوات أو حتى عقود من العمل الرسمي- عاجزين عن تأمين الغذاء لأسرهم، مستفيدين من مبادرة أسبوعية أطلقها "بنك طعام منطقة العاصمة" (Capital Area Food Bank)، وتستهدف المتضررين من قرارات تقليص الوظائف الفدرالية.

ومنذ بداية الولاية الثانية للرئيس دونالد ترامب في يناير/كانون الثاني الماضي، شرعت إدارته في تنفيذ حملة تقشف شاملة تضمنت تقليص آلاف الوظائف الفدرالية، لا سيما في وكالات مثل وزارة الزراعة، ووزارة العدل، والوكالة الأميركية للتنمية الدولية.

وشملت الإجراءات الموظفين الرسميين والمتعاقدين على حد سواء، مما أدى إلى فقدان مفاجئ للدخل لدى كثيرين، من دون إنذارات سابقة أو تعويضات كافية، لينعكس ذلك سريعا على حياتهم اليومية، فشريحة كانت حتى وقت قريب تنعم بالأمان والاستقرار باتت الآن على أبواب بنوك الطعام.

لافتة توضح أن المساعدات موجهة للموظفين أو المتعاقدين الفدراليين السابقين (الجزيرة) "لم أتخيل يوما"

في موقع التوزيع الأسبوعي، علّق المتطوعون لافتة كتب عليها أن المساعدات "مخصصة للمتضررين من التقليصات الفدرالية"، وكانوا يبتسمون للوافدين وهم يسلمونهم صناديق المساعدات.

إعلان

ورغم الترحيب، بدا الارتباك والإحباط واضحين على كثير من المستفيدين، إذ تجنب معظمهم الحديث مع الجزيرة نت أو الكشف عن خلفياتهم، في مشهد يعكس الصدمة النفسية الناتجة عن التحول المفاجئ في حياتهم.

إحدى السيدات اكتفت بالقول، وهي تعود مسرعة إلى سيارتها بعد تسلم المساعدة، "لم أتخيل يوما أن أقف هنا، هذا كل ما أستطيع أن أقوله لك".

أما ستايسي فكانت تنتظر دورها وهي تحمل رسالة تضامن من نوع خاص. قالت للجزيرة نت "أنا هنا لأجل صديقتي. كانت تعمل بعقد مع وزارة الزراعة الأميركية، لكنهم أنهوا تعاقدها فجأة بعد بضعة أشهر فقط. منذ ذلك الحين لم تخرج من البيت".

تصف ستايسي حالة صديقتها النفسية قائلة "دخلت في نوبة اكتئاب حادة وانعزلت تماما. لم تطلب مني الحضور، لكنني أعلم أنها بحاجة ماسة إلى أي نوع من المساعدة، خاصة بعد فقدان مصدر دخلها الوحيد".

المتطوعون يشرفون على توزيع صناديق الطعام على المحتاجين (الجزيرة) مفارقة مؤلمة

المفارقة الأبرز تكشفها حالة موظفي الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، وهي الجهة التي تمثل الذراع الأساسية للحكومة في تمويل برامج المساعدات الإنسانية في أنحاء العالم. ومع ذلك، كانت هذه الوكالة من أكثر الجهات تضررا من خطة التقليصات، إذ تم تعليق أو إنهاء برامج بملايين الدولارات كانت تهدف لتوفير الغذاء في دول فقيرة.

وانعكس هذا الواقع داخليا على موظفي الوكالة أنفسهم، فقد روت رادا موثايا، المديرة التنفيذية لبنك الطعام، شهادة مؤثرة لإحدى المستفيدات قائلة "لقد عملت هذه السيدة في الوكالة 16 عامًا، وكانت متأثرة للغاية حين وجدت نفسها مضطرة إلى طلب المساعدة الغذائية، بعد أن قضت سنوات في الإشراف على برامج للأمن الغذائي في العالم".

لطالما مثّلت الوظائف الفدرالية في الولايات المتحدة نموذجا للاستقرار الوظيفي، بفضل المزايا المتنوعة مثل الرواتب الثابتة والتأمين الصحي والمعاشات التقاعدية، خاصة في العاصمة واشنطن حيث تتمركز الوكالات الحكومية وتعيش آلاف الأسر المعتمدة على عقود العمل.

إعلان

لكن هذه الصورة بدأت بالتصدع منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض، ويقدّر مراقبون أن أكثر من 12 ألف موظف ومتعاقد فدرالي فقدوا وظائفهم خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري، مع توقعات بارتفاع العدد في ظل استمرار مراجعات الإنفاق الحكومي.

إحدى المستفيدات بعد حصولها على المساعدة الأسبوعية من بنك الطعام (الجزيرة) أمن غذائي على المحك

وقد أدت هذه التطورات إلى سلسلة من التداعيات الاجتماعية، أبرزها ارتفاع طلبات الإعانة الطارئة، وتزايد الضغط على بنوك الطعام، وتراجع القدرة الشرائية لفئة لم تكن تُصنّف سابقًا ضمن الفئات الهشة اقتصاديا.

وفي بلد يُنتج ما يكفي من الغذاء لإطعام مئات الملايين، ويقود الاقتصاد العالمي بإجمالي ناتج يفوق 29 تريليون دولار، ما زالت أزمة الأمن الغذائي واحدة من المفارقات الصارخة في الحياة الأميركية.

فوفقًا لبيانات وزارة الزراعة الأميركية، عانى أكثر من 44 مليون أميركي، من بينهم 13 مليون طفل، من انعدام الأمن الغذائي خلال عام 2023، أي نحو 1 من كل 7 مواطنين. وتُعرّف الوزارة انعدام الأمن الغذائي بأنه "عدم القدرة المنتظمة على الحصول على غذاء بكميات وأسعار مناسبة".

وبحسب تقرير "كابيتال إيريا فود بنك" لعام 2024، ارتفعت نسبة الأسر التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي في منطقة واشنطن الكبرى إلى 37%، بزيادة 5 نقاط مئوية مقارنة بالعام السابق.

ورغم عدم توفر بيانات رسمية توضح أثر قرارات تقليص الوظائف على هذا المؤشر تحديدا، فإن إيقاف وزارة الزراعة تمويلا بقيمة 500 مليون دولار لبرامج الغذاء في مارس/آذار الماضي، إلى جانب انخفاض حجم التبرعات الفردية والمؤسسية، يشير إلى ضغوط متزايدة على بنوك الطعام التي لطالما اعتبرت شبكة الأمان الأخيرة في وجه الأزمات الاقتصادية.

مقالات مشابهة

  • ابتكار بطاقة ذكية لتسهيل الحضور الرقمي بمحافظة ظفار
  • بدء اختبارات المتقدمين لشغل فرص عمل بالأردن في مجال صناعة الزجاج
  • الاردن .. (الاقتصاد الرقمي) تحذر من رسائل احتيالية
  • وزير الصحة يستقبل رئيس جهاز مستقبل مصر لبحث الفرص الاستثمارية وتطويرها
  • «بريسايت» تدعم مسيرة ماليزيا نحو تمكين اقتصاد رقمي مدعوم بالذكاء الاصطناعي
  • وزير الصحة يستقبل الرئيس التنفيذي لجهاز مستقبل مصر للتنمية المستدامة لبحث الفرص الاستثمارية وتطويرها
  • من العمل الفدرالي إلى طوابير الإعانة.. وجه آخر للجوع في أميركا
  • وزير الدفاع الهولندي يتهم الصين: هجمات سيبرانية تستهدف مستقبل التكنولوجيا
  • «معلومات الوزراء» يستعرض مستقبل النحاس في ظل التحول الرقمي والثورة الخضراء
  • «تريندز» يشارك في ندوة التنمية الخضراء