كيف تحول إضراب عمال السيارات إلى منافسة بين بايدن وترامب؟
تاريخ النشر: 27th, September 2023 GMT
واشنطن- يُعد انضمام الرئيس جو بايدن إلى عمال السيارات المُضربين عن العمل في مدينة ديترويت أمس الثلاثاء عملا استثنائيا؛ إذ إنها المرة الأولى التي يشارك فيها رئيس أميركي عمالا مضربين عن العمل في فترة حكمه.
وجاءت الزيارة تلبية لدعوة من رئيس نقابة عمال السيارات شون فين، رغم عدم إعلان النقابة تأييدها بايدن في سباق الانتخابات الرئاسية 2024 حتى الآن.
وبدأ الإضراب -الذي يغطي الآن 38 مصنعا ومركز توزيع في 20 ولاية- في 15 سبتمبر/أيلول الحالي، بسبب الخلافات حول نسبة زيادة الأجور خلال السنوات الأربع المقبلة.
وتطالب النقابة بزيادة بنسبة 40%، في حين لم يعرض عمالقة صناعة السيارات الأميركية (جنرال موتورز وفورد وستيلانتس) أكثر من 20% زيادة في الأجور.
وجاءت زيارة بايدن قبل يوم واحد من زيارة الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي يغيب عن المناظرة الثانية بين المرشحين الجمهوريين الليلة، ويتحدث عوضا عنها أمام عمال السيارات في إحدى ضواحي مدينة ديترويت.
وأثبت ترامب أن الحزب الجمهوري يمكن أن يكون منافسا على أصوات العمال خاصة البيض منهم، ورغم فوز بايدن على ترامب في الولايات الصناعية في انتخابات 2020، فإنه لم يظفر بأغلبية كبيرة من أصوات العمال البيض؛ لذا فإن الزيارات مهمة لكلا المرشحين.
يقول البروفيسور بكلية السياسة والحكومة في جامعة جورج ميسون بولاية فيرجينيا جيريمي ماير إن زيارات بايدن تُعد "مشكلة كبيرة؛ فلم يزر أي رئيس عمالا مضربين عن العمل منذ عقود".
ورأى أن الخطوة "دليل على أن الحزب الديمقراطي يتحرك إلى اليسار في الاقتصاد، رغم أنه كان دائما حزبا له علاقات قوية جدا مع كل من العمال وأصحاب رؤوس الأموال والشركات في الوقت نفسه".
وبيّن ماير أنها "خطوة مهمة كذلك بالنسبة لترامب"؛ "فمعظم الجمهوريين كانوا مؤيدين للشركات وأصحاب رؤوس الأموال، لدرجة أنه كان ينظر إليهم على أنهم مناهضون للنقابات العمالية".
ووفق ماير، فإن "الحزب الجمهوري اليوم يتحول إلى حزب شعبوي يحظى ببعض الدعم من أعضاء النقابات، أو على الأقل هذا ما يحاولون القيام به".
تُصعّب زيارة الرئيس الديمقراطي وأكبر مرشّح جمهوري منافس له من موقف شركات السيارات الأميركية في مفاوضاتها مع نقابة عمال السيارات.
وأكد البروفيسور ماير للجزيرة نت أن "شركات صناعة السيارات ليست لديها أي لعبة أخرى تقوم بها في هذه الحالة، عندما يحتضن المرشحان الرئيسيان لانتخابات 2024 من كلا الحزبين نقابة العمال، فهذا يُضعف موقف الشركات التفاوضي".
ولم يتفق مع الطرح السابق مايكل ماكواري خبير السياسات العمالية ومدير مركز العمل والديمقراطية والأستاذ المشارك في جامعة ولاية أريزونا؛ إذ توقع -في حديث للجزيرة نت- أن ترفض الشركات المصنعة التدخل السياسي ما لم يكن يستهدف تسوية لإنهاء الإضراب.
وقال إنه من غير المرجح أن يكون لأي من الزيارتين تأثير كبير على مفاوضات رفع نسبة الأجور، مستبعدا تراجع رئيس نقابة عمال السيارات شون فين عن مطالب النقابة، "على الأقل حتى يجف صندوق تمويل الإضراب"، حسب تعبيره.
الموقف من ترامبوتساءل ماير: "كيف سيكون رد فعل النقابة على دعم ترامب، خاصة أنها دعمت منافسه بايدن في انتخابات 2020؟"
وقال "هم يهاجمونه بسبب تعيينه قضاة معروفين بمواقفهم ضد حقوق العمال، كما أن سياساته كرئيس كانت مناهضة للنقابات. فهل يرحبون به ويتطلعون إلى العمل معه، أم العكس؟"
واستبعد ماكواري أن يحظى ترامب بتأييد نقابة عمال السيارات، لأنه "عارض العمال في معظم القضايا الرئيسية"، وقال خبير السياسات العمالية إن "النقابات الوحيدة التي يهتم بها ترامب كثيرا هي تلك التي تؤيده".
وللمرة الأولى في موسم الحملة الانتخابية الذي بدأ مبكرا، يتنافس بايدن وترامب مباشرة على أصوات الناخبين أنفسهم في ولاية ميشيغان، ويحاول كل منهما جذب عمال السيارات في الولاية إلى جانبه.
وفاز ترامب بولاية ميشيغان -التي تملك 16 صوتا من أصوات المجمع الانتخابي- في انتخابات عام 2016، بفارق ضئيل أمام هيلاري كلينتون، ثم عاد وخسرها لصالح بايدن بفارق ضئيل أيضا عام 2020.
وتعتمد أجندة بايدن بشكل كبير على دعم إنتاج السيارات الكهربائية في معركة الحد من تغير المناخ. ومنح قانون بايدن لخفض التضخم حوافز مالية كبيرة لشركات السيارات لصنع المزيد منها، من دون تخصيص ضمانات لتحسين أجور العمال وظروفهم، لذلك لم تعلن النقابة حتى الآن تأييدها لأي من المرشحين.
وتضم نقابة عمال السيارات ما لا يقل عن 145 ألف عضو، وهو ما يضاعف أهمية كتلة العمال التصويتية.
ولا يقتصر تركز عمال مصانع السيارات على ولاية ميشيغان، إذ توجد نسبة كبيرة منهم في ولايتي ويسكونسن وبنسلفانيا كذلك.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: نقابة عمال السیارات عن العمل
إقرأ أيضاً:
لماذا تراجع اهتمام واشنطن بالملف اليمني؟.. هذه أسباب ترامب بخلاف بايدن
أثار تراجع اهتمام إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بالملف اليمني سياسيا، أسئلة عدة، إذ لم يعد يحتل أولوية في أجندات واشنطن، بعد اتفاق وقف إطلاق النار مع جماعة "أنصار الله" الحوثيين، في وقت سابق من الشهر الحالي، في وقت استدارة بوصلة ترامب نحو ملفات أخرى بخلاف سلفه السابق الذي كان لملف اليمن حيزا في سياسته الخارجية.
وبخلاف بايدن الذي عين مبعوثا خاصا لواشنطن إلى اليمن، لم يقم ترامب بمثل هذه الخطوة، في مقابل ذلك برز الملف السوري إلى صدارة الاهتمام الأمريكي، حيث يعكس تعيين إدارة ترامب مبعوثا لها في سوريا الجديدة ذلك في ظل رغبتها في لعب دور مباشر في مرحلة ما بعد الحرب.
ويشير غياب تعيين إدارة ترامب بديلا للمبعوث الأمريكي السابق، تيم ليندركينغ، إلى اليمن، وفق متابعين للشأن اليمني إلى تراجع اهتمام الولايات المتحدة بهذا البلد، الذي تنظر إليه "كصراع مجمد"، أو في سياق الوساطة الإقليمية التي تنشط بها سلطنة عمان والسعودية.
شأن سعودي خالص
وفي هذا السياق، قال الكاتب والصحفي اليمني، مارب الورد إنه من الواضح أن هناك تغيرا ملحوظا في أولوية سياسة ترامب حيث نجد أن اهتمامها يأخذ سوريا في الاعتبار أكثر من اليمن لأسباب تتعلق بالدرجة الأولى بمصالح حلفائها في المنطقة لا مصالحها، ونتحدث هنا عن إسرائيل وتركيا ورغبة الرياض في دعم النظام الجديد هناك.
وأضاف الورد في حديث خاص لـ"عربي21"أنه إذا عدنا قليلا لعهد بايدن سنجد أنه لم يكن هناك مبعوث متفرغ بقدر ما كانت مهمة سوريا ضمن شؤون مساعد وزير الخارجية وبالتالي فإن "تعيين مبعوث جديد يعكس أولوية الملف السوري".
وأشار إلى أنه لم تكن هناك رؤية أمريكية واضحة تجاه اليمن في عهد الإدارات الأمريكية المختلفة ويعود هذا لأسباب مختلفة ولكن المهم أن التغيير الذي حصل في عهد بايدن بتعيين مبعوث خاص أعطى انطباعا بتغيير هذا الوضع".
لكنه بعد مجيء ترامب وفقا للكاتب الورد "حصل إنهاء هذه المهمة وتعيين المبعوث في منصب آخر"، مؤكدا أنه كان واضحا أن كل الذي يهم ترامب هو وقف الحملة العسكرية ضد الحوثي المرتبطة بهجماتهم ضد الملاحة وقد تحقق هذا الهدف.
وقال الصحفي والكاتب اليمني "يبقى الملف اليمني شأنا سعوديا خالصا وأي اهتمام أمريكي فيه يراعي هذا الاعتبار بما يخدم مصالح البلدين".
تأجيل وتعقيدات
من جانبه، قال الكاتب والصحفي اليمني أيضا، فؤاد مسعد إن إدارة ترامب يبدو أنها تؤجل تعيين مبعوث لها إلى حين تتضح الطريقة التي يتم التعامل بها في اليمن.
وتابع مسعد حديثه لـ"عربي21" بأن واشنطن حاليا في حالة اتفاق مع الحوثيين على وقف التصعيد، وهو اتفاق لحظي وليس اتفاقا شاملاً بمعنى انه يمكن لأي طرف التنصل منه واتهام الطرف الآخر بعدم الجدية في التنفيذ ، خاصة وأنه جاء قبل أسبوع من زيارة الرئيس ترامب لدول الخليج.
وأضاف أن الأمر لم يتم تحديده بشكل نهائي وهل سيتوسع الاتفاق الأمريكي مع الحوثيين ويشكل نواة لاتفاقيات وحوارات واسعة وشاملة بما فيها التوصل إلى تسوية سياسية تشارك فيها الأطراف اليمنية الفاعلة أو أنه سينقلب أحد الطرفين على الاتفاق ومن ثم يستأنف الطرفان التصعيد.
وأردف قائلا : "وفي هذه الحالة سيكون لإدارة ترامب تعامل آخر مختلف عما لو كانت الأوضاع تسير صوب التهدئة على المستوى المحلي والإقليمي والدولي".
وبحسب الكاتب اليمني فإن في اليمن يوجد طرفان رئيسيان "الحكومة المعترف بها دولياً" وتحظى بدعم السعودية ودول عدة والطرف الآخر "جماعة الحوثيين " وهي إجمالا أي الجماعة في حالة حرب مع الولايات المتحدة.
وأكد الصحفي مسعد على أن هذا الأمر يجعل مهمة المبعوث تواجه بعض التعقيدات بخلاف الوضع في سوريا حيث أعلنت إدارة ترامب مبادرات إيجابية مشجعة للرئيس الشرع من خلال رفع العقوبات وإشادة الأمريكان بالنظام الحاكم هناك، وفق تعبيره.
وفي وقت سابق من أيار/ مايو الجاري، عين المبعوث الأمريكي السابق إلى اليمن، تيم ليندركينغ، في منصب "كبير المسؤولين في مكتب شؤون الشرق الأدني بوزارة الخارجية"، بعد أربع سنوات أمضاها في منصبه السابق من شباط/ فبراير 2021.