في عام 1991، لقى اللاجئ الغاني صاموئيل ييبواه من غانا حتفه إثر حريق متعمد بجنوب غرب ألمانيا.

رغم مرور أكثر من ثلاثة عقود، ما زال الحريق الذي اندلع داخل فندق سابق يقطنه طالبو لجوء في غرب ألمانيا عام 1991 عالقا في ذهن "جو إي*" خاصة وأن الحريق أسفر عن مقتل طالب لجوء من غانا يدعى صامويل ييبواه كان في عامه السابع والعشرين.

مختارات ثلاثة عقود على جريمة زولينغن العنصرية.. نضال ضد النسيان ألمانيا تحظر نشاط مجموعة يمينية متطرفة من النازيين الجدد ما هي حركة "مواطنو الرايخ" التي تريد إسقاط الدولة الألمانية؟ ألمانيا: زيادة غير معهودة في مظاهرات اليمين المتطرف ألمانيا .. صعود اليمين الشعبوي "يفزع" العمالة الماهرة تقرير يرصد انتشار حالات العداء والتمييز ضد المسلمين في ألمانيا

يتعرض كثير من المسلمين في ألمانيا للعداء والتمييز في الحياة اليومية وفقًا لتقرير أعده "تحالف Claim، الذي أكد أنه غالبًا ما لا يبلغ المتضررون عن هذه الحالات. التقرير تحدث عن وجود علاقة بين هذه الحالات وبين معاداة السامية.

لكن ما أثار ذكريات هذه المأساة قيام محكمة ألمانية باستدعاء "جو إي" للمثول أمامها كشاهد حيث لا يوجد في ألمانيا حد زمني لوقف المحاكمات في جرائم القتل فيما استأنفت المحكمة الإقليمية العليا  في كوبلنز مساعي حل لغز ما حدث في صباح التاسع عشر من سبتمبر / أيلول عام 1991 في بلدة سارلويس الصغيرة الواقعة في ولاية سارلاند، الولاية الاتحادية الأصغر في ألمانيا.

وفي ذاك اليوم المشؤوم، قام جاني أو أكثر بسكب بنزين على الدرج الخشبية لمركز إيواء طالبي اللجوء وإشعال النار فيه ما أدى إلى انتشار الحريق في النُزل حيث كان يقطنه آنذاك لاجئون فروا من غانا ونيجيريا وساحل العاج وموريتانيا والسودان ومنطقة البلقان وكان من بينهم صامويل ييبواه الذي لقى حتفه إثر الحريق.

وفي محاولة لاستدعاء تفاصيل هذا اليوم، قال "جو إي" إن ثلاثة انفجارات مدوية أيقظته من النوم وإلا كان الموت مصيره، مضيفا "هرعت إلى السلالم ثم رأيت الدخان واللهب حيث كان جدار بأكمله مشتعلًا بالنيران".

وأضاف أن شابين من نيجيريا أصُيبا بكسور في العظام بعد أن قفزا من النافذة. سيدة فرنسية انهارت كانت في النُزل انهارت في البكاء وهي تصف للمحكمة بعد 32 عاما حالة الصراخ التي انتابت الجميع، فيما حاول كثيرون القفز من النوافذ في مسعى للنجاة من الحريق المستعر.

وقال "جو إي" إنه سمع صاموئيل وهو يستغيث حيث كان يعيش في الطابق العلوي، مضيفا "كان يصرخ ويقول"أنا أموت أموت" حيث كانت النيران تحيطه من كل جانب ولم يتمكن أي شخص من مساعدته حتى جاء رجال الإطفاء وقاموا بانقاذه لكن الحريق كان قد التهم جسده بالكامل".

استخدمت الشرطة هذه الصورة للشاب صاموئيل لحث سكان بلدة سارلويس لتقديم معلومات عن الجناة بعد 30 عاما من جريمة مقتله

ولفظ الشاب أنفاسه الاخيرة بعد ثلاث ساعات من دخوله المستشفى. قال "جو إي" إن صموئيل كان شخصية محبوبة حيث كان يلعب كرة القدم والملاكمة واستطاع تكوين صداقات مع ألمان.

معلومات جديدة عن الجناة

وعلى الفور، بدأت الشرطة الألمانية في سماع شهادات الناجين وشهود العيان مع احتمالية تورط تجار مخدرات أو عصابات الجريمة المنظمة. وبعد أيام، جرى استجواب أعضاء من جماعة من  النازيين الجدد من مجموعة "حليقي الرؤوس" في سارلويس، لكن الشرطة أغلقت هذا المسار من التحقيق، وبعد عام جرى إغلاق التحقيق بشكل نهائي.

ولم يكن هذا الحادث الأول الذي يستهدف نُزل خاص باللاجئين، إذ سبقه بشهر وقوع هجوم متعمد على مكان يأوي لاجئين ومهاجرين في سارلويس.

قال "جو إي" إن سكان هذه المكان تلقوا رسائل تهديد مازال يحفظها عن ظهر قلب. واضاف أن الرسالة جاءت كالتالي: "عودوا إلى غابتكم وإلا ستقتلون جميعاً"، فيما قال ضابط كان مشاركا في التحقيقات أمام المحكمة إن سارلويس لم تشهد "هجمات معادية للأجانب".

بدورها، قالت هايكه كليفنر، التي تعمل في رابطة تعني بمساعدة ضحايا جرائم العنصرية و معاداة السامية  واليمين المتطرف، "ثمة انطباع بأن الشرطة تعاملت مع الأمر كما لو كان مزحة صبيانية، لكن لسوء الحظ أدى الأمر إلى مقتل شخص وإصابة آخرين".

وأضافت "بعث عدم اهتمام سلطات إنفاذ القانون في تسعينيات القرن الماضي برسالة إلى الضحايا مفادها: "حياتكم لا تساوي شيئا من وجهة نظرنا"، مشيرة إلى أن الأمر "بعث أيضا برسالة إلى الجناة مفادها " سوف تفلتون من العقاب"".

"أنا هنا ولم يتم القبض علي"

لكن أعيد فتح التحقيق مرة أخرى بعد مرور أكثر من ثلاثين عاما ويعود الفضل في ذلك إلى مشادة كلامية بين المتهم بارتكاب الجريمة من جهة وبين إحدى الشاهدات في حفل شواء عام 2007 حيث قال لها: "أنا هنا ولم يتم القبض علي." وعندما عملت السيدة عام 2019 أن شابا قتل في هذا الحريق سارعت إلى إبلاغ الشرطة.

لم تكتب النجاة للشاب صاموئيل من الحريق المتعمد الذي شب في نُزل للاجئين عام 1991

وخلافًا لما حدث عام 1991، قامت السلطات هذه المرة بإجراء تحقيقات مكثفة في نشاط المنظمات اليمينية في سارلويس من خلال إجراء عمليات بحث وتحقيق واستدعاء شهود، وتولى القضية رئيس المحكمة القاضي كونراد ليتغيس، الذي أكد لأحد الشهود استمرار الجهود حتى "إنزال العقاب بالجناة".

ولم يعتذر رئيس شرطة سارلاند عن أوجه القصور في عمل الشرطة إلا بعد إلقاء القبض على المتهم في أبريل / نيسان العام الماضي.

وقد ذكر تقرير أصدره جهاز المخابرات الداخلية الألمانية (مكتب حماية الدستور) عام 1991 أن واقعة الحريق الذي أودى بحياة الشاب الغاني تعد جريمة ذات خلفية يمينية متطرفة.

وفي ذلك، قال "جو إي" إنه سعيد باستئناف المحاكمة، قائلا "يجب أن تظهر الحقيقة للنور."

ولكونه شاهد عيان جلس "جو إي" في المحكمة على مقربة من المتهم الذي يدعى "بيتر إس" الذي كان إبان الجريمة أحد الأعضاء في جماعة من النازيين الجدد من مجموعة "حليقي الرؤوس" في سارلويس، فيما يجري التحقيق مع اثنين آخرين من المشتبه بهم. وجرى سجن "بيتر. إس" الذي كان زعيم عصابة تضم نازيين جدد في سارلويس، احتياطيا منذ يونيو / حزيران الماضي.

وتندرج الاتهامات من القتل ومحاولة القتل وحتى التسبب في حريق متعمد بدوافع عنصرية. وعرضت المحكمة صورة "بيتر إس" وهو يرتدي زي الوحدات النازية الخاصة (SS) مع شارة الصليب المعقوف.

وفي بداية المحاكمة، قال محاموه إنه كان نائما ليلة الحريق، لكن لاحقا قال "بيتر إس" من خلال محاميه إنه كان متواجدا في مسرح الجريمة عندما قام رجل آخر من  مجموعة "حليقي الرؤوس"  بسكب البنزين وإشعال النيران في الُنُزل حيث كان يقيم طالبو اللجوء.

هجمات عنصرية

الجدير بالذكر أن السنوات التي أعقبت إعادة توحيد ألمانيا شهدت استهداف العديد من مرافق إيواء اللاجئين أعمال حرق متعمد فيما تحدث الادعاء عن "أجواء تشبه مذابح" في ضوء أعمال الشغب اليمينية المتطرفة التي وقعت في أمكان عدة من البلاد ضد طالبي اللجوء.

وقالت هايكه كليفنر إن الشرطة ومسؤولي المخابرات المحلية سجلوا ما لا يقل عن 1250 هجوما شملت أعمال حرق متعمد ذات دوافع يمينية متطرفة بين عامي 1990 و1994. ويقدر علماء الجريمة أنه جرى قد حل 20% من تلك القضايا.

وعلى مدار الثلاثين عاما الماضية، ناضلت ثلاثة منظمات من أجل استمرار التحقيق في  الجريمة  التي راح ضحيتها الشاب صموئيل مع دعوات لوضع لوحة تذكارية تخليدا لذكراه.

ساعد النشطاء المناهضون للعنصرية على إبقاء جريمة مقتل الشاب صاموئيل حية رغم مرور عشرات السنوات

مسؤولية سياسية

يشار إلى أنه في يونيو/حزيران الماضي، أقرت أنكي ريهلينغر، رئيسة وزراء ولاية سارلاند والتي تنتمي إلى الحزب الديمقراطي الاشتراكي، بأن "الجريمة كانت ذات دوافع عنصرية"، حيث قدمت اعتذارا لبعض الناجين، قائلة "نيابة عن حكومة ولاية سارلاند، أعتذر لضحايا وأقارب هجوم الحرق المتعمد في سارلويس، وعن الإخفاقات السابقة".

وأعلنت عن إنشاء صندوق لتعويض ضحايا أعمال العنف الخطيرة. ومن المقرر أن يبدأ في أكتوبر/تشرين الأول المقبل تحقيق سياسي في مقتل الشاب وغيره من الهجمات.

وفي ضوء كل هذه المعطيات، قال "جو إي" "طوال هذه السنوات، اعتقدت أنني قد نسيت ما حدث صباح التاسع عشر من سبتمبر / أيلول عام 1991، يحدوني الأمل الآن في أن ينال الجناة العقاب وأن موت صموئيل لم يكن عبثا".

ومن المتوقع صدور الحكم في هذه القضية في أكتوبر / تشرين الأول المقبل.

أندريا غروناو / م. ع

*جرى تغيير بعض أسماء الشخصيات الواردة في التقرير حفاظا على هويتهم.

المصدر: DW عربية

كلمات دلالية: العنصرية الهجرة حريق متعمد مقتل لاجئ اليمين المتطرف معاداة السامية أخبار ألمانيا العنصرية الهجرة حريق متعمد مقتل لاجئ اليمين المتطرف معاداة السامية أخبار ألمانيا فی ألمانیا حیث کان

إقرأ أيضاً:

وفاة امرأة وابنها واصابة شقيقتها في حريق شقة بوهران

لقي شخصان حتفهما واصيبت اخرى في حريق اندلع بشقة بحي الزيتون في وهران.

الحريق الذي اندلع بشفة علي مستوي الطابق التاني لعمارة متكونة من 5 طوابق بحي الزيتون وتحديدا بـ 880 مسكنا. عمارة 39 بوهران اسفر عن وفاة امرأة تبلغ من العمر 43 سنة وابنها البالغ من العمر. حوالي الـ 13 سنة تم نقلهما الي مصلحة حفظ الجثث التابعة لمستشفى اول نوفمبر الجامعي. فيما اصيبت شقيقتها البالغة من العمر 42 سنة بحروق تلقت الاسعافات الأولية لاعوان الحماية المدنية قبل تحويلها إلى مستشفى الحروق بايسطو.

علما ان اعوان الحماية المدنية وبعد ابلاغهم بالحادث تمكنوا من اخماد النيران المشتعلة ومنع امتدادها الى الشقق الأخرى بذات العمارة.

وحسب بعض تصريحات جيران الضحايا فإنهم قد عايشوا مشهدا مؤلما وصادما بعد رفض الام المتوفاة. محاولة اخراجها من شرفة الشقة بسبب تواجد ابنها داخل الغرفة قبل ان تلتهب النيران بجسدها.

وفيما لم يتم بعد معرفة اسباب الحادث المروع الذي وقع عشية عيد الأضحى. باشرت مصالح الامن تحقيقاتها للوقوف علي ملابسات الحريق.

مقالات مشابهة

  • يامال يدخل التاريخ في «اليورو»
  • وفاة امرأة وابنها واصابة شقيقتها في حريق شقة بوهران
  • مصرع جزار أثناء "تشفية" اللحوم بالشيخ زايد
  • إصابة عائلتين في حريق شقة سكنية بالوراق
  • الهند تعيد رفات 45 عاملاً قضوا في حريق مبنى في الكويت
  • الحماية المدنية تتمكن من السيطرة على حريق شقة سكنية فى طلخا بالدقهلية
  • 13 جريحا في حريق بمصفاة نفط شمال العراق
  • الكويت تكشف عن أسباب حريق عمارة المنقف
  • أمير الكويت يأمر بنقل جثامين ضحايا الحريق للهند والنيابة تحبس متهمين
  • العراق.. 10 جرحى على الأقل في حريق بمصفاة نفط في أربيل