منصور بن محمد: علينا الاستعداد لمواجهة تحديات الثورة الصناعية الرابعة
تاريخ النشر: 10th, October 2023 GMT
دبي: «الخليج»
حضر سمو الشيخ منصور بن محمد بن راشد آل مكتوم، رئيس مجلس دبي لأمن المنافذ الحدودية، جانباً من فعاليات «ملتقى الأمين» في نسخته الثانية، والتي حملت عنوان «الأمن ركيزة الاقتصاد الحديث.. الثورة الصناعية الرابعة»، لبحث مواكبة القطاعات الاقتصادية والأمنية للثورة الصناعية الرابعة، ودور المؤسسات الأمنية والشركات المصنِّعة للتكنولوجيا الحديثة، والتحديات المستقبلية في هذا المجال.
شارك في جلسات «ملتقى الأمين» الثاني الذي انعقد في مكتبة محمد بن راشد، عمر سلطان العلماء، وزير دولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بُعد، وفيصل بن سليطين، المدير التنفيذي لمركز دبي للأمن الاقتصادي، وعامر شرف، المدير التنفيذي لقطاع أنظمة وخدمات الأمن السيبراني، في مركز دبي للأمن الإلكتروني، وديفيد أوربان، مؤسس شركة فيوتشرويد المتخصصة في دراسة المتغيرات التكنولوجية.
وناقش الملتقى دور الأمن في تطور ونمو الاقتصادات الحديثة التي تتبنى حلول الثورة الصناعية الرابعة، كما تم استعراض التغيرات المستقبلية التي قد تطرأ على الصناعة الأمنية، فيما دار النقاش على مدار جلسات الملتقى حول محاور رئيسية ركّزت على سباق الدول في تبنّي الثورة الصناعية الرابعة، والثورة الصناعية الرابعة ومواكبتها الأمنية، ودور مركز دبي للأمن الاقتصادي، كذلك دور الشركات المُصنّعة للتكنولوجيا الحديثة على صعيد ضمان البيئة التقنية الآمنة، لاسيما على الصعيد الاقتصادي.
سباق عالمي
وتطرّق عمر سلطان العلماء خلال مشاركته إلى سباق دول العالم نحو تبنّي حلول الثورة الصناعية الرابعة، في محاولة لفهم الآثار المحتملة الناتجة عن هذا السباق، والتبنّي السريع للتكنولوجيا الحديثة، وتأثير ذلك في المجتمعات من الناحية الاجتماعية والأمنية، وكيف لهذه التكنولوجيا أن تؤثر، سلباً أو إيجاباً، في مجتمعاتنا ومعتقداتنا وسلوكاتنا الاجتماعية، ومدى انتشار التكنولوجيا الحديثة لتصبح عنصراً أساسياً لدى الأفراد، بما قد يحمله ذلك من تأثير أعمق في المجتمعات وتناسقها وقيمها.
وتحدث فيصل بن سليطين، المدير التنفيذي لمركز دبي للأمن الاقتصادي، عن الدور المهم للمركز في دعم اقتصاد الإمارة، من خلال الوقوف على آخر التحديات التي تواجه الاقتصاد الحديث، والإسهام المحوري للمركز ودوره في تحقيق تطلعات دبي الرامية لترسيخ دعائم اقتصاد آمن يؤكد مكانتها عاصمة اقتصادية عالمية، ووجهة مفضلة للاستثمار من مختلف أنحاء العالم.
المواكبة الأمنية
وتطرّق عامر شرف، المدير التنفيذي لقطاع أنظمة وخدمات الأمن السيبراني في مركز دبي للأمن الالكتروني، إلى مستجدات الثورة الصناعية الرابعة وأهمية الانتباه لها من الناحية الأمنية، وطرق مواكبة المؤسسات الأمنية للتحديات والمتغيرات المستقبلية التي تخلقها مختلف التطبيقات الخاصة بتقنيات الثورة الصناعية الرابعة، كذلك كيفية الاستعداد الأمثل في المجالات التي ستمكن المؤسسات الأمنية من مواكبتها ودعم الاقتصاد الآمن من خلالها.
وتحدث ديفيد اوربان، مؤسس شركة فيوتشرويد المعنية بدراسة المتغيرات التكنولوجية في العالم، حول «دور الشركات المصنعة للتكنولوجيا الحديثة»، ودور الشركات المصنعة والتزامها اتجاه صناعة التكنولوجيا الحديثة.
وعلى هامش الملتقى، شهد سمو الشيخ منصور بن محمد، توقيع مذكرة تفاهم لإطلاق الدورة الثانية عشرة من حملة «دمي لوطني»، والتي تقام برعاية سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، وتستهدف تحفيز المجتمع على التبرّع بالدم، لتوفير وحدات دم للمرضى الذين يعانون أمراضاً مزمنة، وحالات الطوارئ وإصابات الحوادث.
وقّع مذكرة التفاهم كل من المشرف العام لخدمة الأمين بدبي عمر الفلاسي، ومنى بو سمرة، رئيسة تحرير صحيفة «الإمارات اليوم»، والدكتور حسين السمت، مدير إدارة المختبرات وعلم الوراثة في مؤسسة دبي الأكاديمية الصحية، والدكتور رمضان البلوشي مدير إدارة حماية الصحة العامة في هيئة الصحة بدبي.
منصة البلاغات
علي صعيد متصل، أطلق سمو الشيخ منصور بن محمد، منصة البلاغات عن الجرائم الاقتصادية، والرامية إلى تعزيز المشاركة المجتمعية في التصدي لهذه النوعية من الجرائم، والتي تشكل أحد التحديات التي يجب تحييدها لما لها من تداعيات سلبية على المجتمع بصورة عامة، وعلى قطاع الأعمال والاقتصاد الوطني، بصورة خاصة.
وفي هذه المناسبة، أعرب سموه عن تقديره لكل الجهود الرامية لتأكيد متانة الضمانات الأمنية التي تصون المقدرات الاقتصادية والمكتسبات التنموية لدبي، ودولة الإمارات، مؤكداً أن إطلاق هذه المنصة الجديدة يعكس مدى الاهتمام الذي توليه القيادة الرشيدة لأمن اقتصاد دبي، والحرص على رفد منظومة الأمن الاقتصادي بالعوامل التي تمكنها من تأدية دورها على الوجه الأكمل. وأكد سموه أن مشاركة المجتمع ومضافرة إسهاماته مع جهود الأجهزة المعنية بحماية الأمن الاقتصادي الوطني، تعزز من قدرتنا على الوقوف في وجه الجريمة بكل أشكالها، والممارسات التي يجرّمها القانون وتضع صاحبها تحت طائلته.
ولفت سموه إلى ضرورة الاستعداد لمواجهة التحديات التي جلبتها الثورة الصناعية الرابعة، وما صاحبها من تطور كبير في التقنيات الرقمية، والتي زاد معها نطاق التهديدات التي تتربص بالاقتصادات الناجحة، بغية النيل منها، وتحجيم قدرتها على مواصلة النمو والتقدم، إذ تفرض مكانة دبي كمركز مالي واقتصادي عالمي اتّباع أفضل المعايير والممارسات العالمية في مجال الأمن الاقتصادي، بما يكفل أعلى درجات الحماية لهذا النموذج التنموي الفريد القائم على شراكة نموذجية متينة بين القطاعين، الحكومي والخاص، في بيئة هيأت كل مقومات النمو والنجاح لمؤسسات الأعمال العالمية ومن مختلف الأحجام وضمن كل التخصصات.
سرعة الاستجابة
وتهدف المنصة التابعة لمركز دبي للأمن الاقتصادي إلى تعزيز التفاعل مع مجتمع دبي، سواء من مواطنين ومقيمين، وكذلك الزوار، وإيجاد نافذة جديدة لاستقبال البلاغات الخاصة بالجرائم الاقتصادية، بما يمكّن من سرعة التعامل معها: مثل جرائم غسل الأموال، وتمويل الإرهاب، وتمويل المنظمات غير المشروعة، والجرائم المتعلّقة بالوظيفة العامة، ومنها جرائم الرشوة وإساءة استعمال السلطة، وانتحال صفة الوظائف العامة، كذلك الجرائم التي تمس اقتصاد الإمارة، إضافة إلى الجرائم الخاصة بالممارسات ذات التأثير السلبي في أمن اقتصاد الإمارة ومواردها.
ويجب أن يكون البلاغ عن المخالفات مستنداً إلى معلومات صحيحة، مع توافر حسن النية وتقديم أدلة الإثبات الدالة على ارتكاب المخالفات ومرتكبيها، في حال توفرها لدى المبلّغ، والذي يجب أن يراعي عدم اختصاصه بالتحري لجمع الأدلة.
وفي هذه المناسبة، توجّه فيصل بن سليطين، المدير التنفيذي لمركز دبي للأمن الاقتصادي بجزيل الشكر والعرفان إلى سمو الشيخ منصور بن محمد بن راشد آل مكتوم، مؤكداً أن المنصة تعد بمثابة ضمانة جديدة تؤكد رسوخ منظومة الأمن الاقتصادي وقدرتها على مواجهة مختلف أشكال المخاطر.
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات الثورة الصناعیة الرابعة المدیر التنفیذی الأمن الاقتصادی محمد بن راشد
إقرأ أيضاً:
د. ثروت إمبابي يكتب: تكامل الزراعة والصناعة.. مفتاح الأمن الغذائي والاستقرار الاقتصادي
في زمنٍ تتفاقم فيه وتيرة التغيرات المناخية، وتزداد فيه الضغوط السكانية على الموارد، تقف الدول على مفترق طرق حاسم: إما أن تعيد صياغة استراتيجياتها التنموية على أساس من التكامل والتكافل بين قطاعاتها الحيوية، أو أن تستسلم لفوضى الفجوات الاقتصادية والتنموية.
إن ما نشهده اليوم من تحديات في الأمن الغذائي، وارتفاع كلفة الإنتاج، وتدهور سلاسل الإمداد، ليس سوى أعراض لمرضٍ عميق اسمه “الانفصال الهيكلي بين الزراعة والصناعة”. فكيف نرأب هذا الصدع؟ وكيف نعيد هندسة العلاقة بين الحقل والمصنع، ليصبحا جناحين متكاملين لنمو اقتصادي شامل ومستدام؟.
منذ فجر الحضارات، كانت الزراعة أساس الاستقرار البشري، بينما جاءت الصناعة لتضيف قيمة مضافة على هذا الإنتاج الزراعي. لا يمكن تصور صناعة غذائية قوية دون قاعدة زراعية متينة، ولا يمكن للزراعة أن تنمو بمعزل عن الآلات، والمخصبات، وتقنيات التعبئة والنقل التي توفرها الصناعة.
إذًا، العلاقة بين الزراعة والصناعة ليست علاقة اختيار، بل علاقة ضرورة تفرضها طبيعة التنمية الشاملة.
ورغم وضوح هذه العلاقة، إلا أن الواقع يُظهر فجوة واضحة بين القطاعين في كثير من الدول، خاصة في المنطقة العربية ومصر. نرى وفرة في الإنتاج الزراعي أحيانًا، لكن يقابلها ضعف في قدرات التصنيع والتخزين والتسويق. ونرى مصانع غذائية تستورد مواد خام كان يمكن توفيرها محليًا، لولا ضعف التنسيق وسوء التخطيط الزراعي الصناعي المشترك. هذا التناقض يُظهر هشاشة المنظومة الإنتاجية، ويفضح غياب النظرة التكاملية في إدارة الموارد.
تحقيق التنمية المستدامة لا يمكن أن يتم عبر جهود فردية أو قطاعية منعزلة، بل يتطلب تكاملًا أفقيًا ورأسيًا بين القطاعات، وخاصة الزراعة والصناعة، نظرًا لارتباطهما المباشر بالأمن الغذائي والتشغيل والقيمة المضافة.
التكامل الزراعي الصناعي يؤدي إلى خلق سلاسل قيمة تبدأ من الزرع وتنتهي على أرفف الأسواق، وتوفر فرص عمل جديدة، وتقلل من الفاقد في المنتجات الزراعية، وتعزز من قدرات الدولة على الاكتفاء الذاتي وتقليل الاعتماد على الاستيراد، وهو ما يعزز الاستقرار الاقتصادي والسياسي.
تفعيل هذا التكامل يبدأ من التخطيط القومي المتكامل، ويتجسد من خلال رسم خريطة زراعية صناعية موحدة، وتفعيل الحوافز الاستثمارية للصناعات الغذائية والزراعية بالقرب من مناطق الإنتاج، وتحديث البنية التحتية للنقل والتخزين والتبريد، فضلًا عن دعم المزارع التعاقدي والتصنيع التشاركي بين الفلاحين والمصنعين. كما يجب إنشاء منصات رقمية ذكية تُيسر التنسيق بين المزارعين والمصنعين والموزعين، وتحقق الكفاءة الاقتصادية في إدارة الموارد.
دول مثل الهند والبرازيل وهولندا تقدم نماذج ملهمة في هذا المجال.. فهولندا، على سبيل المثال، نجحت في جعل كل كيلو بطاطس يُزرع مرتبطًا بمنظومة رقمية تتبعه حتى يدخل مصنع رقائق البطاطس، ما يعني أن التكامل هنا ليس مجرد تنسيق، بل منظومة مدروسة تُدار بالعلم والابتكار.
ومن وجهة نظري، أؤمن بأن مستقبل مصر الاقتصادي مرهون بمدى قدرتها على إلغاء الخط الوهمي بين الزراعة والصناعة. نحن بحاجة إلى عقل استراتيجي يفهم أن القيمة الحقيقية لا تكمن في الإنتاج وحده، بل في ما نضيفه إليه من تصنيع وتعبئة وتسويق وابتكار. التكامل ليس ترفًا تنمويًا، بل ضرورة اقتصادية وأمن قومي. لدينا في مصر العقول، والكوادر، والموارد، وما نحتاجه فقط هو الإرادة والرؤية والتنسيق المؤسسي بين كل الأطراف.
إن تعزيز التكامل بين الزراعة والصناعة هو مفتاح عبورنا نحو اقتصاد إنتاجي قوي، لا اقتصاد ريعي هش. ولن يتحقق هذا إلا عبر رؤية واضحة، وشراكة مجتمعية واعية، وإرادة تنفيذية تعرف أن كل حبة قمح لا تُصنَّع ولا تُستثمر، هي فرصة ضائعة في معركة التنمية. فلنزرع بفكر صناعي، ولنُصنّع بروح زراعية، لنحصد وطنًا أكثر أمنًا، واستدامة، وكرامة.