بين عدم إنجرارهِ إلى معركة مع إسرائيل من جهة ودخوله مرحلةً ضاغطة بعد التصعيد الإسرائيلي المتمادي ضدّ حركة "حماس" في غزّة من جهة أخرى، يُمكن القول إنَّ "حزب الله" مرتاحٌ على الصعيد العسكريّ في لبنان، أولاً لأنّهُ لم يدخل مرحلة المواجهة الفعلية، وثانياً لأنهُ لم يجنَح بإتجاه اللجوء إلى خياراتٍ ميدانية تؤدي إلى استنزاف طاقته في ظلّ هجمة تل أبيب على "حماس".

     ميدانياً، من يُراقب أداء "حزب الله" خلال الأيام القليلة الماضية، سيكتشفُ أموراً أساسية لا يُمكن التغاضي عنها من بينها أنَّ الحزب لم يأتِ إسرائيل من باب ضعيف، والدليل على ذلك هو أنّ ردودهُ على الإعتداءات التي نفذتها إسرائيل ضدّ لبنان كانت بواسطة أسلحةٍ غير عادية. هنا، يقولُ أحد الخبراء العسكريين لـ"لبنان24" إنَّ "إسرائيل سعت لقصف بعض المناطق الجنوبيّة بقذائف المدفعية والهاون، إلا أنَّ حزب الله سعى إلى إسداء الرد بواسطة صواريخ أكثر تأثيراً نوعاً ما، مثل صواريخ الكورنيت والقذائف المُوجّهة التي إستهدفت مواقع عسكرية وأسفرت عن تحقيق خسائر مؤكدة في صفوف الإسرائيليين آخرها مقتل الرقيب ماتانيا ألستر جراء قصف "حزب الله" موقعاً عسكرياً إسرائيلياً في عرب العرامشة.     تكتيكاتٌ جديدة    إلى جانب كل ذلك، يتضحُ أيضاً أن "حزب الله" يعملُ حالياً على "شدّ الحبل وإفلاته" أمام إسرائيل، بمعنى أنّه يرفع العصا بوجهها ولكن على طريقته. فمن جهة، لا يريدُ ضربها بها ومن جهة أخرى يُهددها بـ"الكسر". إنطلاقاً من هذه النقطة، تخشى إسرائيل السيناريو الأخير، ولهذا السبب كثفت الوساطات التي طلبت من الحزب عدم الدخول في المعركة القائمة.     وفي ظلّ كل هذا، يظهرُ أيضاً أنَّ "حزب الله" بات يعتمدُ أسلوب الإلهاء وإستنزاف الإسرائيليين من خلال عاملين: الأول وهو "الحرب النفسية" والثاني هو "التضليل الميداني". في ما خصّ العامل الأول، يتبين تماماً أن الحزب لم يُصدر أي بياناتٍ تتعلّق بآفاق تحركاته وهو أمرٌ يُربك الإسرائيليين أكثر. كذلك، علِم "لبنان24" أنهُ حتى الآن لا معلومات عن إطلالة قريبة للأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله لاسيما بعد إنتهاء جولة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان الذي وصلَ مساء أمس إلى بيروت، وأشار إلى أنّه "في ظل إستمرار العدوان والجرائم والحصار على غزة، فإن فتح جبهات أخرى هو إحتمال قائم".     بحسب المصادر، فإنَّ "حزب الله" ينتظرُ إكتمال الصورة الميدانية في غزة من أجل أن يبني على الشيء مقتضاه، موضحةً أنَّ أي إطلالة لنصرالله من المُفترض أن تحمل موقفاً حاسماً وحازماً مما يجري، ولهذا السبب فإنّ حدوث هذا الأمر ما زال سابقاً لأوانه.     على صعيد العامل الثاني، فإنّ الحزب دأب على تنفيذ أكثر من أمرٍ ساهم في زيادة إحباط الإسرائيليين، وأبرز دليل على ذلك إرسال سربٍ من البجع إلى المستوطنات، وإفتعال تحرُّكات مموهّة تساهم في إرباك الإسرائيليين وتدفعهم لإتخاذ خطوات ميدانية كإلقاء قنابل مضيئة أو قصف بعض المناطق المفتوحة.     ضُمنياً، فإنّ هذين العاملين مُجتمعين يُساهمان إلى حدّ كبير في تشتيت الجبهة الإسرائيلية وتقليل الضغط عن "حماس" في غزة. هنا، يتبين أنه وبسبب ممارسات "حزب الله" المضبوطة والمدروسة، عمدت إسرائيل إلى حشدِ قوّاتها البرية بشكلٍ ضخم عند الحدود مع لبنان. الأمرُ هذا يساهم بشكلٍ أو بآخر في إلهاء إسرائيل من دون الدخول بحربٍ واسعة تؤدي إلى إستنزاف طاقة الحزب عسكرياً وشعبياً وميدانياً.     إزاء هذه المشهدية، يُعتبر دور "حزب الله" اليوم بالنسبة لغزة مؤثراً إنطلاقاً مما يفعله، وبالتالي فإن الدخول بمعركة عسكرية لا يعني أنه الحل الأنجع أو المناسب للحزب، فالممارسات التي يمكن القيام بها من دون عمليات عسكرية يمكن أن تكون أكثر تأثيراً من معركة مباشرة مع إسرائيل.  


المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله من جهة

إقرأ أيضاً:

مسؤول إسرائيلي: أي عضو من حزب الله لا يسلم سلاحه فهو هدف لنا

نقلت وسائل إعلام عن مصدر أمني إسرائيلي رفيع قوله، إن العمليات العسكرية ستتواصل طالما هناك ذراع عسكرية للحزب، مستبعدا في الوقت نفسه القيام باجتياح بري شامل للأراضي اللبنانية.

وأضاف المصدر، أن "كل ناشط عسكري في حزب الله هو هدف لنا، لكن من يضع سلاحه ويعتزل القتال، سنتركه وشأنه، مبينا "ننطلق من أن بنى الحزب التحتية ومقاتليه وسلاحه هي أهداف مشروعة لنا في كل الأراضي اللبنانية، ونعمل بناءً على هذا المبدأ".

كما أكد المصدر، أن "قوات الرضوان التابعة لحزب الله سيتم تفكيكها سواء بأيدي الحزب أو بأيدينا"، موضحا أن محاولات الحزب للعودة إلى جنوب الليطاني تبقى محدودة، في إشارة إلى الخط الذي حدده القرار الدولي 1701 بعد حرب يوليو 2006.

كما شدد المصدر على أن ما يجري "ليس اجتياحا بريا وإنما نقوم بعمليات موضعية عند الحاجة، وليس لدينا نية لشن هجوم واسع".

وأشار إلى أن "إسرائيل ترحب بأي جهد من الجيش اللبناني لجمع سلاح حزب الله نلاحظ نشاطا ممتازا للجيش في هذا الإطار".

كما قال المصدر، "عندما يستكمل الجيش اللبناني مهامه كما هو متفق عليه، سنوقف استهدافاتنا وننسحب من الجنوب"، كما أشاد "بجدية الحكومة اللبنانية في تفكيك قدرات الحزب العسكرية".

واعتبر المسؤول الإسرائيلي أن "الواقع في لبنان تغيّر جذريا وأن الإنجازات العسكرية الإسرائيلية ستساعد لبنان في تطبيق القرار 1701، وتمهد لمستقبل أفضل".

وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي صباح الخميس تنفيذ غارة جوية استهدفت موقعًا في بلدة "يحمر" الواقعة في قضاء النبطية جنوب لبنان، زاعما أن الموقع "تابع لحزب الله ويستخدم لأغراض عسكرية"، في خرق جديد لاتفاق وقف إطلاق النار الساري منذ أواخر العام الماضي.

وقال جيش الاحتلال في بيان له : "خلال الليلة الماضية، استهدفنا مقرا عسكريا لحزب الله في بلدة يحمر جنوب لبنان، حيث كان يستخدم من قبل عناصر الحزب لتنفيذ أنشطة معادية ضد إسرائيل"، على حد وصف البيان.

وأضاف جيش الاحتلال أن الموقع "تم إخفاؤه تحت غطاء مبنى مدني"، متهمًا حزب الله بـ"استغلال المدنيين لتغطية أنشطته"، دون تقديم أدلة مرئية أو ميدانية.



وتأتي الغارة رغم سريان اتفاق لوقف إطلاق النار بين حزب الله والاحتلال الإسرائيلي، الذي دخل حيز التنفيذ يوم 27 تشرين الثاني / نوفمبر 2024، بعد أسابيع من تصعيد عسكري بدأ يوم 8 تشرين الأول / أكتوبر 2023، وتحول إلى حرب شاملة في 23 أيلول / سبتمبر 2024، أسفرت عن سقوط أكثر من 4,000 ضحية ونحو 17,000 مصاب في الجانب اللبناني، حسب أرقام صادرة عن وزارة الصحة اللبنانية وهيئة الإغاثة.

ورغم الاتفاق، يتهم الاحتلال الإسرائيلي بتنفيذ أكثر من 3,000 خرق للهدنة، شملت قصفا مدفعيا وجويا على مناطق مدنية، ما أدى إلى سقوط ما لا يقل عن 237 شخصًا، بينهم مدنيون، وإصابة 546 آخرين، حسب بيانات رسمية لبنانية وتقارير صادرة عن قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل).

مقالات مشابهة

  • 3 عوامل جديدة شجّعت إسرائيل على الضغط على حزب الله
  • باسيل: لبنان لا يزول
  • خصوم للحزب لا يمانعون بمغريات لاستيعابه
  • مسؤول إسرائيلي: أي عضو من حزب الله لا يسلم سلاحه فهو هدف لنا
  • معلومات جديدة... هذا ما تضمنه الرد اللبناني بشأن سلاح حزب الله
  • كيف سيتعامل حزب الله مع المرحلة المقبلة؟
  • واشنطن تريد التصويت
  • تسريبات كاذبة
  • برّاك عائد من دون ضمانات ولا تعهدات اسرائيلية وواشنطن تريد إصلاحات حاسمة
  • ما بعد برّاك... إسرائيل تطلق عمليات خاصة وموجّهة في الجنوب