مخاوف "الإبادة الجماعية" تتزايد مع انتهاء "مهلة الاحتلال" استعدادًا للاجتياج البري
تاريخ النشر: 14th, October 2023 GMT
غزة، القدس المحتلة- رويترز
فر الآلاف من الفلسطينيين من شمال قطاع غزة اليوم السبت من مسار اجتياح بري تعتزم قوات الاحتلال الإسرائيلي تنفيذه، بينما تدك إسرائيل المنطقة بمزيد من الضربات الجوية وقالت إنها ستبقي طريقين مفتوحين للسماح للسكان بالفرار.
وتقول دولة الاحتلال إنها تسعى لما تصفه "القضاء على حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)" ردا على هجوم مقاتلي الحركة على بلدات إسرائيلية يوم السبت الماضي والذي أسفر عن مقتل مدنيين واحتجاز العشرات.
ومنذ ذلك الحين فرضت سلطات الاحتلال حصارا كاملا على قطاع غزة الذي تديره حماس ويسكنه 2.3 مليون فلسطيني، وقصفته بضربات جوية غير مسبوقة. وتقول سلطات غزة إن أكثر من 2200 شخص استشهدوا، ربعهم من الأطفال وأصيب نحو 10 آلاف.
وأمهلت سلطات الاحتلال جميع سكان النصف الشمالي من قطاع غزة حتى صباح اليوم السبت ليتوجهوا صوب الجنوب. ويتضمن ذلك النصف مدينة غزة التي تمثل أكبر تجمع سكني في القطاع.
ومع اقتراب نهاية المهلة، أعلنت أنها ستضمن سلامة الفلسطينيين الفارين من المنطقة عبر طريقين رئيسيين حتى الرابعة عصرا (1300 بتوقيت جرينتش). وانتهت هذه المهلة الجديدة دون إعلان فوري من أي من الجانبين عن أي تغيير في الوضع.
وقال اللفتنانت كولونيل جوناثان كونريكوس المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي في إفادة مصورة في وقت مبكر اليوم السبت "في محيط قطاع غزة، يستعد جنود الاحتياط الإسرائيليون في التشكيلات العسكرية للمرحلة التالية من العمليات".
وأظهر مقطع فيديو رسمي لرئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، يزور جنود مشاة إسرائيليين في محيط غزة ويسأل: "هل أنتم مستعدون للمرحلة التالية؟".
وطلبت حماس من السكان عدم المغادرة، وقالت إن الطريقين اللذين أعلنت إسرائيل فتحهما غير آمنين. وأضافت أن العشرات قُتلوا عندما هاجمت إسرائيل سيارات وشاحنات تقل فارين أمس الجمعة. ولم يتسن لرويترز التحقق بشكل مستقل من صحة ذلك.
وتقول إسرائيل إن حماس تمنع السكان من المغادرة لاستغلالهم كدروع بشرية، وهو ما تنفيه حماس.
وتحدث سكان لاذوا بمستشفى القدس القريب استعدادًا للفرار نحو الجنوب في الصباح عن أن الطائرات الحربية قصفت منطقة سكنية واستهدفت عدة منازل الليلة الماضية في حي تل الهوى بمدينة غزة، وهو جزء من المنطقة التي أمرت إسرائيل بإخلائها.
وقال أب لثلاثة أبناء لرويترز عبر الهاتف من المستشفى طالبا عدم ذكر اسمه مخافة الثأر منه "قضينا ليلة مرعبة، إسرائيل تعاقبنا لأننا لم نرد أن نترك بيوتنا، هل هناك وحشية أكثر من ذلك؟".
وأضاف "ما كنت أبدا بدي أغادر وبفضل الموت على أني أترك بيتي ولكن ما بقدر أشوف مرتي وأولادي بيموتوا قدامي، إحنا لا حول لنا ولا قوة".
وقالت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في بيان إنها تلقت أمرا من القوات الإسرائيلية اليوم بإخلاء مستشفى القدس بحلول الساعة الرابعة عصرا، ولكنها لن تنفذ الأمر لإنها ملزمة بموجب تفويض إنساني بمواصلة تقديم الخدمات للمرضى والجرحى.
وقصفت الطائرات الإسرائيلية مبنى من أربعة طوابق في خان يونس بجنوب قطاع غزة. وسارع الجيران للمساعدة في إنقاذ المحاصرين تحت الأنقاض.
وقال محمد صادق أحد سكان خان يونس "هذه مش حرب، هاي إبادة جماعية وهذه محاولة تهجير لكل السكان إلى خارج القطاع وهذا لا يمكن أن يحصل". وأضاف "الشهداء تحت الركام ولا الإسعاف ولا الدفاع المدني يطلعوهم".
وفي مقطع شاهدته رويترز، رافق صحفي من غزة طاقم إسعاف يبحث عن ناجين من غارة جوية ليلية. ويمكن رؤية أحد المسعفين في المقطع وهو يسير في زقاق مضاء بمصباح أمامي عندما انفجر أمامه وميض هائل من ضربة أخرى. وهرع المسعفون إلى سيارات الإسعاف وانطلقوا بينما كانت الطائرات تحلق في الأعلى. وصرخ أحد المسعفين المصابين "عينيا، عينيا!".
والطريق الوحيد للخروج من غزة الذي لا يخضع للسيطرة الإسرائيلية هو معبر رفح مع مصر. وتقول مصر رسميا إن جانبها مفتوح، لكن حركة المرور متوقفة منذ أيام بسبب الضربات الإسرائيلية. وقالت مصادر أمنية مصرية إنه يجري تعزيز الأمن على الجانب المصري من المعبر وإن القاهرة ليس لديها نية لقبول تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين.
وقال مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأمريكية إن الولايات المتحدة تعمل مع مسؤولين مصريين وإسرائيليين وقطريين لفتح المعبر اليوم السبت للسماح للبعض بالخروج، وإنها على اتصال بمن يحملون الجنسيتين الأمريكية والفلسطينية الذين يريدون مغادرة غزة.
وأرسلت دول ووكالات إغاثة إمدادات إلى مصر لكنها لم تتمكن حتى الآن من إدخالها إلى القطاع. وتقول إسرائيل إنه لا يمكن دخول أي شيء عبر معبر رفح دون تنسيق معها.
وقطاع غزة أحد أكثر الأماكن ازدحاما على وجه الأرض، ويعني أمر إسرائيل بإخلاء النصف الشمالي من القطاع أن الفارين صوب الجنوب مجبرون على الاحتماء مع الأقارب والأصدقاء في مدارس أو المسارعة إلى الاحتماء في شقق بالإيجار.
وتقول الأمم المتحدة إنه لا يمكن تحرك هذا العدد الكبير من الأشخاص بأمان داخل القطاع المحاصر من دون التسبب في كارثة إنسانية.
وتعهدت حماس بالقتال حتى آخر قطرة دم وتقول إن الأمر بالإجلاء خدعة لإجبار السكان على التخلي عن منازلهم. وأطلقت مساجد مدينة غزة نداءات تطالب الأفراد بالبقاء.
ورافق العنف في غزة وقوع أعنف الاشتباكات وأكثرها دموية على حدود إسرائيل الشمالية مع لبنان منذ عام 2006، مما يثير مخاوف من اتساع نطاق الحرب إلى جبهة أخرى.
وقالت جماعة حزب الله اللبنانية المسلحة، إنها قصفت خمسة مواقع إسرائيلية في منطقة مزارع شبعا على الحدود بصواريخ موجهة وقذائف مورتر.
ورأى شاهد من رويترز إطلاق صواريخ على موقع للجيش الإسرائيلي فضلا عن سماع أصوات قصف من إسرائيل وإطلاق نار.
وأمس الجمعة، قُتل المصور في تلفزيون رويترز عصام عبد الله في هجوم صاروخي على الجانب اللبناني من الحدود. وقال الجيش اللبناني إن إسرائيل أطلقت الصاروخ. وقال الجيش الإسرائيلي إنه يحقق في ما حدث.
وتدعم الولايات المتحدة حليفتها إسرائيل دعما راسخا، لكن ناشدتها تجنب إيقاع قتلى أو مصابين من المدنيين.
وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن إن معالجة الأزمة الإنسانية تمثل أولوية قصوى. وأضاف "الأغلبية الساحقة من الفلسطينيين لا علاقة لها بحماس وهجمات حماس المروعة، وهم يعانون نتيجة لذلك أيضا".
ويقوم وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بجولة خاطفة في الشرق الأوسط لحشد حلفاء. والتقى بلينكن بوزير الخارجية السعودي في الرياض ومن المقرر أن يسافر إلى الإمارات.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: الیوم السبت قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
مخاوف إسرائيلية من مشروع قرار أمريكي قد يقيد حرية الجيش في غزة
أعرب رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الأسبق، ورئيس معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب، الجنرال احتياط عاموس يادلين، والباحثة في الشؤون الفلسطينية نوعا شوسترمان/دفير، عن قلقهما من طرح واشنطن “برنامج ترامب” في الأمم المتحدة، بسبب ما وصفاه بـ"ثغرات في بعض البنود وغموض في أخرى"، مؤكدين أن المسودة الأمريكية المقترحة أمام مجلس الأمن تحمل في طياتها مكاسب مؤقتة لإسرائيل، لكنها تنطوي أيضا على مخاطر إستراتيجية عميقة.
وقالا في مقال مشترك نشره موقع “القناة 12 العبرية”، إن المسودة التي تروج لها الإدارة الأمريكية تهدف إلى أن تكون ركيزة مركزية لتنفيذ “برنامج ترامب” بشأن قطاع غزة، الذي انطلق منذ أيلول/سبتمبر الماضي٬ موضحين أن الخطة الأمريكية تسعى إلى منح شرعية دولية واسعة للإجراءات المطروحة، وتشمل:
تأليف حكومة فلسطينية مؤقتة من التكنوقراط، وإنشاء قوة استقرار دولية ومجلس سلام، تمهيدا لنقل السيطرة تدريجيا إلى السلطة الفلسطينية بعد تنفيذ إصلاحات داخلية.
ورغم ما تحمله المسودة من توافقات أمنية شكلية مع الموقف الإسرائيلي، يرى يادلين وشوسترمان أن القرار المقترح يعاني ضعفا جوهريا، إذ يتيح تنفيذ إعادة الإعمار ونزع السلاح بالتوازي، في حين طالبت الخطة الأصلية بنزع السلاح الكامل كشرط مسبق لإعادة الإعمار، الأمر الذي قد يحول نزع السلاح إلى "شعار لا إلى شرط ملزم"، وفق تعبيرهما.
وأشارا إلى أن تل أبيب ما تزال ترى أهداف حربها واضحة: تجريد حركة “حماس” من سلاحها، وضمان ألا يشكل القطاع تهديدا أمنيا مستقبلا، لكن هذه الأهداف – بحسب المقال – قد تخفف كثيرا في قرار مجلس الأمن إذا ما أقر بصيغته الحالية.
تحذيرات من “قرار مخفف”
ويحذر الباحثان من أن القرار المرتقب قد لا يعكس روح “خطة ترامب” الأصلية التي وقعت بين الولايات المتحدة وتركيا وقطر ومصر في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، إذ يتطلب تمريره تصويتا في مجلس الأمن المؤلف من 15 دولة، بينها باكستان والجزائر، مع احتمال أن تعترض عليه دول دائمة العضوية مثل روسيا أو الصين. ويقولان إن هذه الدينامية تجعل المسودة الحالية اقتراحا مخففا يحاول تطبيق المرحلة الثانية من الخطة دون معالجة شاملة للأهداف الإسرائيلية.
وفي ما يتعلق بالشق الأمني، أوضح يادلين وشوسترمان أن المسودة تمنح الاحتلال شرعية دولية أوسع لمطلب نزع سلاح غزة وإنشاء قوة استقرار دولية بتعاون وثيق مع مصر، لكنها في الوقت ذاته تعاني من غموض عملي شديد، إذ لا تحدد الجهة المسؤولة عن تنفيذ نزع السلاح في حال رفضت “حماس” الالتزام طوعا، كما لا تبين حدود صلاحيات الشرطة الفلسطينية المقترحة.
وأشارا إلى أن غياب الربط بين إعادة الإعمار ونزع السلاح الكامل يفتح الباب أمام “حماس” لاستغلال المساعدات الإنسانية والاقتصادية لإعادة بناء بنيتها العسكرية، مضيفين أن المسودة لا تذكر صراحة الأنفاق أو البنى الداعمة لإنتاج السلاح، بخلاف خطة ترامب الأصلية.
مخاوف من فقدان السيطرة الميدانية
وحول الوجود العسكري الإسرائيلي في غزة، أبدى الكاتبان قلقهما من أن المسودة لا تحدد خريطة انسحاب واضحة للجيش الإسرائيلي، ولا تمنحه وضعا قانونيا واضحا على الأرض، ما قد يفسر كتقييد لحرية الحركة العملياتية.
وقالا إن "خطة ترامب" الأصلية تحدثت عن “الخط الأصفر” و“الخط الأحمر” والمحيط الأمني، لكن المسودة الجديدة تتجاهل هذه التفاصيل، ما يخلق "فجوة إستراتيجية خطرة"، خصوصا إذا أسند مجلس الأمن دورا إشرافيا على العمليات الميدانية.
ويضيفان أن النتيجة المحتملة قد تكون نشر قوات أجنبية في مناطق لا تزال تضم مقاتلين من “حماس”، وسط شكوك حول استعداد هذه القوات لنزع سلاح الحركة فعليا.
حكومة انتقالية ومجلس سلام
وبحسب المقال، تهدف الخطة إلى إنشاء مجلس سلام وحكومة تكنوقراط فلسطينية خاضعة للرقابة، لمنع عودة “حماس” وضمان الاستقرار، لكن المسودة تمنح المجلس صلاحيات شبه مطلقة في تحديد موعد استيفاء السلطة الفلسطينية للشروط المطلوبة.
ورغم أن ترامب سيقود المجلس، إلا أنه سيضم تمثيلا عربيا ودوليا، ما قد يجعل اتخاذ القرار خارج السيطرة الإسرائيلية.
كما يلفت الكاتبان إلى أن المسودة تحدد مدة عمل لا تقل عن عامين دون مؤشرات قياس أو معايير لتحديد النجاح والفشل، الأمر الذي قد يجعل مجلس السلام يتحول إلى وسيط غير متعاطف مع إسرائيل، في وقت تستفيد فيه حكومة نتنياهو من تأخير عودة السلطة الفلسطينية إلى القطاع.
إنجاز هش وتوازنات دولية
ويرى الباحثان أن المسودة الحالية تعد إنجازا مؤقتا للسردية الإسرائيلية، لأنها لا تشير إلى قرارات الأمم المتحدة السابقة أو فكرة الدولة الفلسطينية، لكنها تبقى إنجازا هشا، إذ من المتوقع أن تطلب فرنسا إدخال تعديل يربط القرار بـ“إعلان نيويورك”، ما قد يعيد فكرة حل الدولتين إلى الطاولة.
أما على الصعيد الدولي، فيتوقع يادلين وشوسترمان أن تفرض روسيا والصين والجزائر وباكستان تعديلات على النص في حال التصويت، قد تشمل المطالبة بانسحاب إسرائيلي كامل، أو إخضاع مجلس السلام وقوة الاستقرار لإشراف أممي مباشر، وهو ما تعتبره تل أبيب تحويلا للخطة من دعم سياسي إلى قيد إستراتيجي.
وفي خلاصة مقالهما، يقول الباحثان إن المسودة الأمريكية تمثل “سيفا ذا حدين”، إذ تمنح إسرائيل شرعية لمبادئ نزع السلاح وإدارة التكنوقراط، لكنها لا توفر ضمانات أمنية كافية، وقد تجعل السيطرة على غزة شأنا دوليا مفتوحا تشارك فيه أطراف عديدة.
ويضيفان أن إقرار القرار سيجعل تل أبيب طرفا ثانويا في إدارة القطاع، لكنه في الوقت نفسه يتيح لها فرصة لتخفيف الأعباء الميدانية وإعادة الإعمار الداخلي وتجديد قدراتها العسكرية.
ويختتمان بدعوة تل أبيب إلى التوصل لتفاهم جانبي مع واشنطن يضمن استمرار حرية عملها العسكري داخل غزة، في حال فشل برنامج ترامب أو تقاعست قوة الاستقرار عن أداء مهامها، مشيرين إلى ضرورة تثبيت شروط واضحة للانسحاب، وتحديد مدد زمنية واعتبار عدم تسليم “حماس” للجثامين خرقا جسيما يبرر الرد العسكري المباشر.
ورغم التحذيرات، يرى الكاتبان أن الظرف الإقليمي الراهن يشكل فرصة فريدة لإشراك جهات عربية معتدلة في إدارة غزة، بما يخدم المصالح الأمنية والاقتصادية لإسرائيل ويفتح الباب أمام اندماج إقليمي أوسع في حال استغلت المبادرة “بشكل صحيح”.