تطهير عرقي وحرب إبادة
تاريخ النشر: 24th, October 2023 GMT
راشد بن حميد الراشدي **
ما يحدث في هذه الأيام أمام مرأى ومسمع العالم هو تطهير عرقي وإبادة للفلسطينيين في غزة والضفة وعموم فلسطين، هي حرب صليبية حقودة يُمارسها العالم كله ضد فئة تنطق بالحق وعلى هدى مستقيم.
هذه الحرب العرقية هي وصمة عار لمن يدعون أنهم شرفاء وأن عندهم مختلف القيم الأخلاقية والإنسانية التي يصدحون بها في المنابر وتستنكرها أفعالهم القبيحة فقد عاثوا في الأرض فسادًا وبغيًا قاتلهم الله.
اليوم تُمارس على الأمة الفلسطينية كل أشكال الإبادة والتطهير العرقي الذي نشهده من خلال هذه الحرب القذرة ومن خلال قتل المئات من الأبرياء يوميًا، وأمام مسمع ومرأى الجميع وبدون حسيب أو رقيب وبتواطؤ من المجتمع الدولي وأذنابه الذين لم يحركوا ساكنًا حتى اليوم سوى الشجب والاستنكار.
أرواح تزهق ودماء الأطفال تسيل ودمار زلزل الأرض وأردى المساكن على ساكنيها وانتقام فاق كل تصور ودعم حربي من أقوى دول العالم لظالم متغطرس طغى وأباد ولم يَخَفْ من شيء؛ لأن الجميع معه بين داعم له علنًا وبين صامت خنوعا يخاف على نفسه من ظالم خواء يخاف من ظله لولا دعم العالم له.
تطهير عرقي وفظاعة في القصف والاستبداد على شعب أعزل ليس له حق في وطنه وملكه…. وأمة نائمة لثور أعوج يحتاج لمواقف شجاعة ترديه صريعًا قاتله الله وأخزاه.
نمور الحق قد وهبوا أنفسهم لله وهم يدافعون عن وطنهم المقدس وأرضهم الطاهرة وإخوانهم في العرق والعقيدة. اليوم يجب أن تستيقظ الأمة من سُباتها وتعرف مكر الخائنين وما يفعلونه في الشعب الفلسطيني من قتل وتهجير وسفك دماء وتطهير عرقي شمل الأطفال والعجزة والنساء، وأن الدائرة عليهم إذا لم يناصروا إخوانهم.
اليوم.. يجب أن يصحو ضمير العالم أجمع وأن يقف صفًا واحدًا في وجه الظالم وأن يكون ميزان العدل في الحكم هو الميزان العادل للقضية الفلسطينية وأن يُحاكَم مجرمو الحرب وأتباعهم ممن شاركوا في إبادة شعب بأكمله في المحاكم الدولية، وأن يؤدي العرب والمسلمون أمانتهم في الدفاع عن إخوانهم في فلسطين أرض الأقصى المبارك ومسرى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وأولى القبلتين، فكل هذا الخنوع سيتحمل العالم تبعاته بعد حين فيما حصل ويحصل لهذه القضية التي تكال بمكيالين مكيال الباطل ومكيال الحق.
فيا أسفاه على هذا السكوت والصمت الرهيب الذي أطبق على العالم بأسره بسبب طائفة يهودية مُتصهينة.
اللهم انصر الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والكافرين ودمِّر أعداء الدين بقدرتك يا قدير إنك نعم المولى ونعم النصير..
** عضو مجلس إدارة جمعية الصحفيين العمانية
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الحروب في المنطقة قبل إيران وبعدها
إذا دارت عجلة الحرب في أية منطقة فإنها ككرة اللهب بالمعنى الحقيقي والمجازي، والنار حين تشتعل لا عقل لها، هي تحرق وفقط. وهذا ينطبق على معظم الصراعات والحروب الكبرى في التاريخ القديم والحديث والمعاصر. فهناك من يملك القدرة والرغبة على إشعال عود الثقاب لتبدأ الحرب لكنه لا يملك نفس القدرة لإطفاء نارها بالطريقة ذاتها حتى وإن امتلك الرغبة، وهذا ينطبق على الحرب الإيرانية الإسرائيلية الحالية.
كان الحديث يدور لسنوات حول احتمال مواجهة مفتوحة بين إيران وإسرائيل، وكانت التقديرات تتفاوت عن موعد بدء المعركة وشكلها وحجمها حتى اشتعلت في حزيران/ يونيو 2025، أما وأن الحرب قد اشتعلت فليس معلوما كيف ومتى ستنتهي. وأزعم أنه لا إسرائيل ولا الولايات المتحدة ولا إيران تملك القدرة على إجابة هذا السؤال. وأكبر مثال على حجم هذه الحرب ومدتها هو الحرب بين روسيا وأوكرانيا، اشتعلت منذ أكثر من ثلاثة سنوات ولا تزال ممتدة حتى الآن، ولا أحد يعرف متى سينتهي هذا الصراع الأوكراني الروسي.
في الحرب الحالية بين إيران وإسرائيل، الطرفان يحاربان والجميع يراقب ويترقب الخسائر والمواقف والمكاسب الجزئية والشاملة، هناك أصوات خافتة تطالب بوقف إطلاق النار والعودة إلى طاولة المفاوضات، وأصوات أعلى وأقوى تحاول جر الولايات المتحدة لمستنقع الحرب العسكرية المباشرة ومواجهة طهران.
الفرق بين الحرب الحالية وأية حروب أخرى في السنوات أو العقود الماضية؛ هو أنها حرب مباشرة وليس عبر وكلاء، باستثناء حرب العراق 2003، أي حرب بين الدول مباشرة وليس بين الفاعلين من الدول ومن غير الدول؛ مثل حزب الله وجماعة أنصار الله الحوثيين وحماس. وهذا النوع الأخير كان يعطي مجالا كبيرا للمناورة واللعب من وراء الستار من أجل تحكم أكبر في مجرى الصراع، عبر أدوات ضغط وقنوات دبلوماسية مفتوحة.
الموقف الأمريكي وإن كان داعما علنيا عسكريا ودبلوماسيا لإسرائيل، إلا أنه فعليا غير داعم من الناحية السياسية، فالقرارات تخرج من عقلية نتنياهو ويجر الولايات المتحدة بشكل أزعج حتى الأمريكيين أنفسهم
نجح بنيامين نتنياهو أن يصدّر فشله في غزة إلى الخارج عبر المواجهة مع حزب الله، وها هو يصدّره مرة أخرى إلى إيران. في المرة الأولى انتشى فرحا وهو يحصد رؤوس قادة حزب الله واحدا تلو الآخر حتى قلّم أظافر الحزب تماما. لم يكن يدري وقتها أنه يحضّر لتغيير دراماتيكي كبير في دولة الجوار سوريا، ويمهد بشكل غير مباشر لهزيمة بشار الأسد وانتصار مدو للثورة السورية. وهي نتيجة يحاول تداركها منذ أكثر من ستة أشهر ولا يستطيع. فلا الولايات المتحدة أعطته مزيدا من الضوء الأخضر في الملف السوري، ولا هو قادر على إعادة عقارب الساعة للوراء لعهد بشار الأسد. تزامن هذا مع تخبط أو عجز أمريكي في ملف الشرق الأوسط؛ عبر ضعف إدارة الرئيس الديموقراطي السابق جو بايدن وغطرسة الرئيس الجمهوري الحالي دونالد ترامب. وهذا يعني أن الموقف الأمريكي وإن كان داعما علنيا عسكريا ودبلوماسيا لإسرائيل، إلا أنه فعليا غير داعم من الناحية السياسية، فالقرارات تخرج من عقلية نتنياهو ويجر الولايات المتحدة بشكل أزعج حتى الأمريكيين أنفسهم.
يعني هذا أن قفزات نتنياهو إلى الأمام وإشعاله الحروب في المنطقة للتغطية على فشله؛ ستولّد حروبا ونزاعات أخرى لا يملك هو أو غيره القدرة على التحكم في نتائجها وتداعياتها الجيوسياسية. بمعنى آخر، فإن نتائج الحرب الإسرائيلية الإيرانية الحالية ليست محصورة بين البلدين وليست حكرا على موازين القوى والقدرات العسكرية والاستراتيجية لدى كل منهما، وإنما النتائج ستظهر على المدى المتوسط والبعيد وربما القريب أيضا في دول الجوار، ومهما تفاوتت هذه النتائج والتقديرات فهي قطعا لن تكون في صالح إسرائيل.
x.com/HanyBeshr