أسر بالكامل هُجرت، أطفال لم يجدوا ذويهم لكنهم وجدوا الونس والمأوى المؤقتين، سيدات يحلمن بالعيش في طمأنينة، ورجال ينتظرون نهايات أوجاع طالتهم دون ذنب، فراق للأحبة ينتشر في كل مكان لكن الثابت هو الصمود المصحوب بالأمل، إرادتهم ومقاومتهم تتحدى رصاصات وقذائف وصواريخ قوات الاحتلال الإسرائيلي، على الرغم من رحيل الأهل، تجمعهم كسرة خبز وطبق «المجدرة أو الشكشوكة» إذا وجدوه، لا كهرباء ولا مياه نظيفة ولا حتى أسّرة ينامون عليها، هكذا هي حياة النازحين من غزة المحتلة إلى مخيمات النازحين في خان يونس.

نازحة فلسطينية: نتحمل على أمل أنّ نعود يومًا إلى دارنا

خيام قماشية لا تقي من حرارة الصيف ولا برد الشتاء، أعدتها وكالة تشغيل اللاجئين الفلسطينيين في غرب مدينة خان يونس لإيواء النازحين من الشمال في غزة، لكنها ربما لم تأمن أيضًا من القصف الإسرائيلي الذي اغتال إنسانية الأهالي، وقتل الأطفال الأبرياء والمدنيين العُزل، وفق فادية أبو عاصي، معلمة نازحة مع أهلها إلى المخيمات: «عايشين ميتين، لا حياة ولا أدنى مقوماتها، نجونا من الموت وجئنا إلى المعاناة، هنا نتجمع عائلات كثيرة مع بعض في خيمة قماشية لا تتعدى مساحتها الـ4 أمتار، لكننا نتحمل على أمل أنّ نعود يوما إلى دارنا، نتجمع مع أحبتنا».

أمام خيمة بمخيم خان يونس، وثقت عدسة المصور الصحفي هاني الشاعر، صورة رجل سبعيني يدعى جميل أبو جراد، يجلس في حالة صعبة بعدما فقد أحبته من بينهم أبنائه الـ3 وحفيدته، وفق حديثه لـ«الوطن»: «رحلوا أحبابي فلم يعد لي أحدا في غزة، جئت إلى المخيم راجيا رحيل الآلام عني والهموم عني، فاتح صدري لربنا بعد ما سابوني ولادي وحفيدتي اللي كانت حياتي، لكن عندي يقين إني سأعود يوما ما إلى داري التي تهدمت، سأعيد بناءها بيدي التي دفنت بها أبنائي وحفيدتي».

«علي»: نعيش حياة مأساوية

إلى جوار الخيام القماشية، اصطحب علي عليان أطفاله، ليشاركوه في إعداد بعض المأكولات التي تسد رمقهم وغيرهم من الرفقاء الجدد، مستعينًا بحجرين من الطوب وبعض كسرات الخشب في طهو الطعام، وفق حديثه: «جيت هون مع زوجتي وأطفالي، وبنحاول نساعد بعض كلنا، بنطبخ لعدد من الخيمات مش بس عيلتي، لكن نعيش حياة مأساوية ما في طعام كتير متوفر، يا دوب بنعمل كشكوشة وشوية مجدرة بمكونات بسيطة».

طفل رضيع تحدق عيناه إلى عدسة المصور، لم يستوعب عقله الصغير ما يدور حوله، وأشقاؤه الذين تشبثوا بـ«حبل الغسيل»، متخذين منه ساترا ظنا منهم أنه لن ينقطع وسيحميهم من رصاصات الغدر، وإلى جوارهم ظلت والدتهم هناء النجار، تراقبهم وهي تطهو لهم بعض أطباق الـ«مجدرة»، التي تتكون من العدس والقمح المسلوق وزيت الزيتون، وفقا لها: «نزحت أنا وولادي لكن عايشين حياة صعبة، تركنا بيوتنا وباقي أهالينا، لم أتواصل مع زوجي منذ أكثر من 10 أيام لا أعرف إذا كان حيا أو ميتا، عايشين وكأنه يوم القيامة قرب».

أصوات القذائف تحاوطهم من كل اتجاه، لكنهم لا يبالون بما يحدث من حولهم، ربما لم تستوعب عقولهم ما يحدث، يلعبون ويلهون مع بعضهم البعض بجانب المخيمات، وفق مرام النجار: «صغاري لسة ما مدركين اللي بيحصل، أنا فقدت 8 أفراد من عائلتي، ولا أعرف شيئا عن إخواتي، سيبت داري ونجيت بأطفالي لكني بموت مليون مرة من الخوف كل يوم، نفسنا ها الحرب تنتهي، والكابوس يخلص ونرجع نلتقي».

نحو 25 كيلومترا هي المسافة التي قطعتها ولاء الشامة، من غزة إلى مخيم اللاجئين وذلك بعد التحذيرات الإسرائيلية لهم بضرورة إخلاء منازلهم والنزوج إلى الجنوب، حاملة على إحدى يديها طفلتها التي لم يتجاوز سنها الـ10 أشهر: «كان لازم نمشي مشان أطفالنا مش علشانا، ولكن في الطريق كانت الأهوال تحيط بنا، القصف ما توقف والتجربة كانت صعبة، وصلنا للمخيم الحياة أصعب، ما في مكان ننام فيه، ولا طعام كافي ولا كهرباء ولا مياه نظيفة، ما راح نستحمى ولا أطفالنا بالكاد بنلاقي مياه لسد احتياجات إعداد الطعام والشرب، ولا دواء».

وبحسب وكالة تشغيل اللاجئين «الأونروا»، فإن مخيم خان يونس يأوي أكثر من نصف مليون من المواطنين النازحين من شمال غزة إلى الجنوب، لكنهم يعيشون حياة صعبة تخلو من المقومات الأساسية.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: المخيمات العشوائية الاحتلال الإسرئيلي قطاع غزة أهالي غزة خان یونس

إقرأ أيضاً:

روبيو: إيران باتت أبعد كثيرًا من الوصول إلى سلاح نووي

صرح وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، بأن إيران باتت «أبعد كثيرًا من الوصول إلى سلاح نووي» بعد الهجمات الأمريكية والإسرائيلية الأخيرة على منشآتها النووية. 

جاء تعليق روبيو في قمة حلف الناتو، حيث أكد أن الضربات الأمريكية تسببت بـ«أضرار كبيرة جداً» للبرنامج النووي الإيراني، رافضًا الانسياق وراء تقارير استخباراتية أخرى أفادت بأنها أدت إلى تأخير مؤقت فقط .

وفي السياق نفسه، أعلن روبيو أن «الصور التي نشرت بعد الهجوم تظهر بوضوح حجم الدمار في المنشآت»، مشيرًا إلى أن الأضرار تشمل الانهيارات فوق المنشآت ونقاط الدخول، وذلك كما يوثق تحليل للصور الفضائية المنشورة في وسائل إعلام دولية.

روبيو لنظيره الفرنسي: جاهزون للاتصال المباشر مع إيران في أي وقتروبيو: عقوبات الجنائية الدولية ردا على استهداف الأمريكيين والإسرائيليين

وأوضحت تلك الصور هي إغلاق مداخل الأنفاق في منشآت فوردو ونطنز بعد تعرضها للقصف العميق بقنابل MOP، ما أدى إلى حفرت ستة فوهات ضخمة على سطح الجبل، فضلا عن أخرى ترصد أضرار جسيمة في منشآت تحت الأرض، حيث قالت شركة ماكسر إن الصورة أظهرت انهيارًا في مداخل وأسطح المنشآت، حتى وإن لم تتضح مدى الضرر تحت الأرض .

ويبدو أن إيران قامت بإزالة جزء من مخزون اليورانيوم المخصّب إلى موقع مجهول قبل الضربات، وفقًا لمصادر عدة .

استخدم روبيو هذه الأدلة البصرية لتبرير موقفه، مؤكداً أن الهجوم لم يكن لغرض تغيير النظام، بل لإعادة إيران فوراً إلى مائدة المفاوضات النووية. 

وقال إن “إيران ستعود للتفاوض بعد ما فعلناه»، مبدياً اعتقاده بأن حجم الضربات ترك طهران في موقف لا تحسد عليه، تدفعها إلى العودة لطاولة المباحثات بهدف استعادة ما يمكن إنقاذه”.

الموقف الإيراني يتقاطع مع تصريحات الرئيس دونالد ترامب، الذي جعل توصل إيران إلى وقف إطلاق النار مع إسرائيل شرطًا يعود من خلاله للانخراط في حوار دبلوماسي، بحسب ما أفادت مصادر رويترز . والتحليل الأمريكي الأولي يشير إلى أن البرنامج النووي الإيراني تأخر لعدة أشهر، لا يزال بإمكانه التعافي عبر إصلاح المنشآت واستئناف الاحتفاظ باليُورانيوم المخصّب إذا لم تُستأنف الرقابة الدولية بشكل عاجل.

وفي المقابل، تبقى بعض الجهات المحافظة أكثر حذرًا. فهي تؤكد أن الضربات البطولية رغم شدتها، لم تدمّر العنصر الباطني لنظام الطرد المركزي، ولم تهدّد بصورة جوهرية إنتاج مواد نووية للدرجة التي تمنع التعافي السريع . ووفقًا لتلك القراءة، فإن روبيو يعتمد على الانطباع السياسي للصور، وليس على تقدير فني شامل للبرنامج النووي.

ومع ذلك، يجدر الملاحظة أن تلك الصور الفضائية - على الرغم من كونها قوية بصريًا - لا تؤكد بشكل قاطع أنّ قنوات الإنتاج النووي قد تدمرت تمامًا؛ إذ لم تُظهر تقييمًا دقيقًا لصالة أجهزة الطرد المركزي تحت الأرض . كما تظهر صور فوردو ثانيًا أن معظم الأضرار كانت سطحية، وأن العنصر التحتي قد يظل قابلاً للإصلاح على المدى المتوسط .

وفي ضوء الواقع، تأتي دعوة روبيو لتفعيل المسار السياسي بجدية، بدلاً من الانخراط في حرب طويلة الأمد، كتعبير عن الخيار الاستراتيجي الذي اختارته إدارة ترامب. فهو ينظر لها كنوع من الضغط الذكي، يلزم طهران بالعودة إلى مفاوضات البرنامج النووي بدلًا من الاعتماد على التدخل العسكري الطويل.

ووثّق روبيو أن الضربات أظهرت حجمًا ملحوظًا للضرر عبر صور فضائية، وظّف تلك الأدلة لدعم توقعاته بعودة إيران لطاولة الحوار. لكن، الخبراء يؤكدون أن قراءة الصور وحدها غير كافية لتقييم النتائج الكاملة للضربات. وفي هذا التوازن بين إشارات القوة والعقلانية السياسية، تتشكل معالم المعركة القادمة في ملف إيران النووي: حرب ضغوط محسوبة تدفع إلى مذاكرة سياسية، لا صدام أبدًا.

طباعة شارك وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو إيران سلاح نووي الهجمات الأمريكية والإسرائيلية قمة حلف الناتو منشآت فوردو نطنز مخزون اليورانيوم المخصّب

مقالات مشابهة

  • المنتشري: رونالدو خدم النصر كثيرًا وليس هو المشكلة .. فيديو
  • رقابة مشددة على أفران دير الزور لضبط الخبز
  • من الوجبات الرئيسية إلى صنع القهوة.. العدس بطل المائدة في غزة
  • محلي نجع حمادي يزيل شوادر الخضار والفاكهة العشوائية بحاجر جبل هو
  • الاحتلال يقصف مدرسة تؤوي النازحين في غزة
  • النرويج تقدم خدمة لمخيمات النازحين بتندلتي
  • مصلحة الليطاني تتحرك: إزالة أولى المخيمات المخالفة لحماية النهر من التلوث
  • روبيو: إيران باتت أبعد كثيرًا من الوصول إلى سلاح نووي
  • خلال الـ 24 ساعة الآخيرة.. الداخلية تضبط 10 أطنان دقيق مدعم
  • يورينتي: الخسارة أتليتكو مدريد أمام باريس كلّفتنا كثيرًا