ولنا كلمة : مجازر وصمت دولي
تاريخ النشر: 28th, October 2023 GMT
ما يحدث في غزة من مجازر ممنهجة من قبل الكيان الصهيوني في حق شعب اعزل، جريمة في حق الانسانية يجب ايقافها بشتى الوسائل حتى ولو اضطر العالم الحر إلى إلقاء القبض على من يرتكبها من المجرمين الصهاينة، فالموضوع لم يعد القضاء على حماس وانما على كل من يتنفس في غزة، ولأهداف اكبر مما يتوقعها الكثيرون من المتابعين، حيث ان الصهاينة ومن يقف خلفهم من قوى الاستكبار والاستعمار لها بعد وهدف استراتيجي بعيد المدى من هذا التدمير الممنهج لغزة، الذي أضحى اجزاء منها مدن اشباح وسط مرأى ومسمع من العالم الذي لا يزال حتى الآن دوره في صف كلمات الرثاء والمطالبة والادانة والاستنكار، وعاجز عن القيام بدره الانساني في القول للكيان الصهيوني كفى اوقفوا الحرب على غزة، وقبل ذلك لماذا هذا الصمت العربي؟ الذي اعتقد انه يجعل من الصهاينة التمادي في القيام بمجازرهم اليومية ضد الاطفال والنساء وكبار السن؟.
فإذا كان نكاية في حماس فهي حركة تحرر وطنية تدافع عن الارض والعرض، لكن ما ذنب حوالي اكثر من مليونين فلسطيني تحت القصف اليومي ونحن نتفرج على مآسيهم ونسمع صراخهم وعويلهم، الا يحرك ذلك فينا نخوتنا العربية بالدفاع عن هذا الشعب الاعزل المغلوب على امره؟ فهل ننتظر التاريخ ان يشهد علينا بأننا شاركنا في هذه الجريمة التي لم نعمل على ايقافها؟ ان القوة التي يمتلكها العرب ليس فقط العسكرية ولو اجتمعت لمسحت الصهاينة ومن خلفهم، وانما قوة الايمان بالله وبقضية مقدسات المسلمين العادلة التي اغتصبها الصهاينة منذ اكثر من 75 عاما، بدعم ومن مساندة من قوى الاستعمار الغربية المستبدة، وما يحز في النفس ان الغطرسة الصهيونية وصلت الى حد ان تتطاول على العالم، وان تجاهر بتصرفاتها وافعالها وليس ادل على ذلك من قيام مندوب هذا الكيان بتمزيق تقرير منظمة دولية امام مشهد من العالم. ان استمرار الصمت الدولي وقبل ذلك العربي على كل هذه المجازر الصهيونية، وعدم الحراك الفعلي في تغيير المشهد والاكتفاء بحشد التأييد السياسي في الجمعية العامة للامم المتحدة، لن يغير من الواقع شيء طالما هناك في مجلس الامن من يرفع الكرت الأحمر امام اي مشروع يدين إسرائيل ويطلب منها ايقاف المجازر وفك الحصار عن الشعب الفلسطيني في غزة، فاين انتم يا عرب؟ على الاقل استعرضوا قوتكم تضامنا مع ما يحدث ولتكن رسالة الى من يقف خلف الصهاينة باننا امة تدافع عن عروبتها وكرامتها، ولتفرض بقوتها القرارات التي صدرت عن الأمم المتحدة المتعلقة بقيام الدولة الفلسطينية، والتوقف عن استجداء دول وهم يعرفونها جيدا بانها لا ترغب في ايجاد حل للقضية الفلسطينية، وليكن على الأقل موقفنا مثل موقف تاتشر حول جزر فوكلند عندما اشاروا عليها باللجؤ الى الأمم المتحدة، قالت انني لن اقف امام باب الأمم المتحدة لأستجدي قرار تحرير ارضي كما يستجدي البعض، لذا فالصهاينة لن يوقفوا المجازر إلا بالقوة، فلتكن تلك القوة ليس من اجل حماس وانما من اجل الشعب الفلسطيني وتحرير بيت المقدس.
طالب بن سيف الضباري
dhabari88@hotmail.com
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
خرق الهدنة في غزة: الرسائل الإسرائيلية وصمت الوسطاء
في خرق فج لاتفاق الهدنة المعلن قبل أيام شن جيش الاحتلال الإسرائيلي فجر اليوم أكثر من 129 غارة جوية على مناطق متفرقة من قطاع غزة أسفرت حتى لحظة كتابة هذا المقال عن استشهاد 44 فلسطينيا بينهم أطفال ونساء وإصابة 132 آخرين في تصعيد يوصف بأنه الأعنف منذ بداية الجولة الحالية من المواجهات.
هذا التصعيد الذي جاء رغم الجهود الإقليمية التي قادتها كل من مصر وقطر وتركيا للوصول إلى تهدئة مؤقتة يطرح تساؤلات جدية حول جدوى هذه الوساطات ومدى فعاليتها في كبح جماح الاحتلال الإسرائيلي الذي اعتاد على التعاطي مع اتفاقات التهدئة باعتبارها أدوات تكتيكية وليست التزامات سياسية أو قانونية.
تبريرات الاحتلال الرسمية كالعادة جاءت تحت ذريعة “الرد على خروقات من طرف المقاومة” لكن كثافة الغارات وطبيعة الأهداف المدنية التي طالتها والمناطق السكنية التي دمرت فوق رؤوس ساكنيها تشير إلى أن الأمر يتجاوز رد الفعل المحدود ويقترب أكثر من محاولة توجيه رسائل عسكرية وسياسية. أولى هذه الرسائل موجهة للفصائل الفلسطينية مفادها أن الاحتلال لا يعترف بتوازن الردع وأنه مستعد لاختراق أي تهدئة حين يرى ذلك مناسبا لمصالحه الأمنية أو السياسية.
أما الرسالة الثانية فهي موجهة للوسطاء الإقليميين أنفسهم وتفهم على أنها اختبار لقدرتهم على ضبط الفصائل من جهة وامتناعهم عن الضغط الحقيقي على تل أبيب من جهة أخرى. إذ يبدو أن إسرائيل تعول على غياب ردود فعل حقيقية من هذه الأطراف وهو ما بدا واضحا اليوم مع غياب الإدانة الصريحة من القاهرة أو الدوحة أو أنقرة رغم أن الهدنة الأخيرة وقعت بضماناتها.
في السياق السياسي الأوسع قد يفهم التصعيد الإسرائيلي أيضا في إطار حسابات داخلية فالحكومة الإسرائيلية الحالية برئاسة بنيامين نتنياهو تواجه ضغوطا متزايدة داخليا خاصة في ملفات تتعلق بالأسرى والاحتجاجات ضد السياسات الأمنية والضغوط القضائية. في مثل هذه الأوقات يلجأ السياسيون الإسرائيليون غالبا إلى “تصدير الأزمة” عبر جبهة غزة باعتبارها الساحة الأسهل للتصعيد دون تكلفة دبلوماسية كبيرة.
غياب الموقف الدولي الواضح تجاه هذا الخرق يساهم في توفير غطاء غير مباشر لتصرفات الاحتلال. فحتى الآن لم تصدر مواقف غربية حازمة تدين التصعيد الإسرائيلي أو تطالب بوقفه في استمرار واضح لسياسة الكيل بمكيالين حيث تستنفر عواصم العالم عند كل تحرك فلسطيني بينما تقابل الغارات الإسرائيلية الواسعة بالصمت أو التبرير.
أما على الأرض فإن فصائل المقاومة الفلسطينية لا تزال تتعامل مع الموقف بحذر وتحاول تجنب التصعيد المباشر على الأقل في هذه المرحلة. لكنها في ذات الوقت تدرك أن استمرار القصف وارتفاع عدد الشهداء خصوصا بين المدنيين سيجعل من ضبط النفس خيارا صعبا أمام جمهورها وأمام مسؤوليتها الوطنية.
في المحصلة ما جرى اليوم في غزة لا يمكن قراءته كحادث عابر أو خرق عرضي بل هو مؤشر خطير على هشاشة الاتفاقات وعلى أن الهدنة في السياق الإسرائيلي لا تعني وقف العدوان بل إدارة وتيرة القتل بما يخدم الأجندة الإسرائيلية. في المقابل، فإن صمت الوسطاء الإقليميين يعمق شعور الفلسطينيين بأن دمهم ليس فقط مستباحا بل أيضا غير مكفول بأي ضمانات حقيقية.
إذا لم يتم كبح هذا النهج ولم يحاسب الاحتلال على خروقاته فإن كل اتفاق تهدئة مستقبلي سيكون مجرد هدنة مفخخة مؤقتة، تمهد لجولة أكثر دموية. وفي كل مرة سيكون المدنيون هم الوقود وستكون غزة مرة أخرى، هي من تدفع الثمن.