في خرق فج لاتفاق الهدنة المعلن قبل أيام شن جيش الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 129 غارة جوية على مناطق متفرقة من قطاع غزة أسفرت حتى لحظة كتابة هذا المقال عن استشهاد 46 فلسطينيا بينهم أطفال ونساء وإصابة 132 آخرين في تصعيد يوصف بأنه الأعنف منذ بداية الجولة الحالية من المواجهات.
هذا التصعيد الذي جاء رغم الجهود الإقليمية التي قادتها كل من مصر وقطر وتركيا للوصول إلى تهدئة مؤقتة يطرح تساؤلات جدية حول جدوى هذه الوساطات ومدى فعاليتها في كبح جماح الاحتلال الإسرائيلي الذي اعتاد على التعاطي مع اتفاقات التهدئة باعتبارها أدوات تكتيكية وليست التزامات سياسية أو قانونية.


تبريرات الاحتلال الرسمية كالعادة جاءت تحت ذريعة “الرد على خروقات من طرف المقاومة” لكن كثافة الغارات وطبيعة الأهداف المدنية التي طالتها والمناطق السكنية التي دمرت فوق رؤوس ساكنيها تشير إلى أن الأمر يتجاوز رد الفعل المحدود ويقترب أكثر من محاولة توجيه رسائل عسكرية وسياسية. أولى هذه الرسائل موجهة للفصائل الفلسطينية مفادها أن الاحتلال لا يعترف بتوازن الردع وأنه مستعد لاختراق أي تهدئة حين يرى ذلك مناسبا لمصالحه الأمنية أو السياسية.
أما الرسالة الثانية فهي موجهة للوسطاء الإقليميين أنفسهم وتفهم على أنها اختبار لقدرتهم على ضبط الفصائل من جهة وامتناعهم عن الضغط الحقيقي على تل أبيب من جهة أخرى. إذ يبدو أن إسرائيل تعول على غياب ردود فعل حقيقية من هذه الأطراف وهو ما بدا واضحا اليوم مع غياب الإدانة الصريحة من القاهرة أو الدوحة أو أنقرة رغم أن الهدنة الأخيرة وقعت بضماناتها.
في السياق السياسي الأوسع قد يفهم التصعيد الإسرائيلي أيضا في إطار حسابات داخلية فالحكومة الإسرائيلية الحالية برئاسة بنيامين نتنياهو تواجه ضغوطا متزايدة داخليا خاصة في ملفات تتعلق بالأسرى والاحتجاجات ضد السياسات الأمنية والضغوط القضائية. في مثل هذه الأوقات يلجأ السياسيون الإسرائيليون غالبا إلى “تصدير الأزمة” عبر جبهة غزة باعتبارها الساحة الأسهل للتصعيد دون تكلفة دبلوماسية كبيرة.
غياب الموقف الدولي الواضح تجاه هذا الخرق يساهم في توفير غطاء غير مباشر لتصرفات الاحتلال. فحتى الآن لم تصدر مواقف غربية حازمة تدين التصعيد الإسرائيلي أو تطالب بوقفه في استمرار واضح لسياسة الكيل بمكيالين حيث تستنفر عواصم العالم عند كل تحرك فلسطيني بينما تقابل الغارات الإسرائيلية الواسعة بالصمت أو التبرير.
أما على الأرض فإن فصائل المقاومة الفلسطينية لا تزال تتعامل مع الموقف بحذر وتحاول تجنب التصعيد المباشر على الأقل في هذه المرحلة. لكنها في ذات الوقت تدرك أن استمرار القصف وارتفاع عدد الشهداء خصوصا بين المدنيين سيجعل من ضبط النفس خيارا صعبا أمام جمهورها وأمام مسؤوليتها الوطنية.
في المحصلة ما جرى اليوم في غزة لا يمكن قراءته كحادث عابر أو خرق عرضي بل هو مؤشر خطير على هشاشة الاتفاقات وعلى أن الهدنة في السياق الإسرائيلي لا تعني وقف العدوان بل إدارة وتيرة القتل بما يخدم الأجندة الإسرائيلية. في المقابل، فإن صمت الوسطاء الإقليميين يعمق شعور الفلسطينيين بأن دمهم ليس فقط مستباحا بل أيضا غير مكفول بأي ضمانات حقيقية.
إذا لم يتم كبح هذا النهج ولم يحاسب الاحتلال على خروقاته فإن كل اتفاق تهدئة مستقبلي سيكون مجرد هدنة مفخخة مؤقتة، تمهد لجولة أكثر دموية. وفي كل مرة سيكون المدنيون هم الوقود وستكون غزة مرة أخرى، هي من تدفع الثمن.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

الجيش الإسرائيلي: الجثة التي أعادتها حماس هي للضابط "طال حييمي"

أعلن الجيش الإسرائيلي، صباح اليوم الثلاثاء 21 أكتوبر 2025، أن الجثة التي أعادتها حركة حماس الليلة الماضية تعود للضابط الإسرائيلي طال حييمي.

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، "بعد استكمال إجراءات التشخيص في معهد الطب الشرعي بتعاون مع شرطة إسرائيل أبلغ مندوبو الجيش عائلة المختطف ضابط الصف طال حييمي ان جثته أعيدت إلى إسرائيل ليراوي الثرى".

وأضاف أنه "وفق المعلومات والاستخبارات الواردة فقد قتل ضابط الصف طال حييمي والذي شغل منصب قائد قوة التدخل في بلدة نير يتسحاك في معارك حماية الكيبوتس في السابع من أكتوبر 2023 ليتم اختطاف جثته إلى داخل قطاع غزة ”.

وأكد الجيش أنه يواصل بذل كافة الجهود لاعادة المختطفين ويستعد لمواصلة تطبيق الاتفاق.

وأشار إلى أنه "يجب على حماس الوفاء باستحقاقاتها في الاتفاق وبذل كل الجهود المطلوبة لاعادة كافة المختطفين ليتم تشييعهم".

المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من الأخبار الإسرائيلية كان : تفعيل مقر أميركي إسرائيلي مشترك لإدارة اتفاق غزة إسرائيل تطرح مطلبا على واشنطن بشأن إعمار غزة كوشنر وويتكوف يبحثان مع قادة الجيش الإسرائيلي استعدادات "المرحلة الثانية" من اتفاق غزة الأكثر قراءة لازاريني: حان وقت السماح بدخول المساعدات لغزة على نطاق واسع جرد حساب لخسائر إسرائيل منذ بداية حرب الإبادة على قطاع غزة بالصور: مستوطنون يحرقون مركبة في بيتين شرق رام الله الاحتلال يقتحم شرق نابلس عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • الجيش الإسرائيلي: الجثة التي أعادتها حماس هي للضابط "طال حييمي"
  • بين نيران رفح ومساعي التهدئة.. هل تصمد الهدنة أمام التصعيد الإسرائيلي؟| محلل يجيب
  • غزّة على المحك…الحلالمة يوضح سيناريوهات التصعيد المحتملة
  • ماذا وراء التصعيد الإسرائيلي في قطاع غزة؟
  • 14 شهيداً في غارات صهيونية جديدة على غزة.. واشنطن أُبلغت مسبقاً وحماس تحمّل العدو مسؤولية التصعيد
  • ما دور المليشيات المسلحة في التصعيد الإسرائيلي بغزة؟ خبير يجيب
  • هدوء حذر في معبر رفح وتباطؤ المساعدات الإنسانية بفعل التصعيد الإسرائيلي
  • التصعيد الإسرائيلي: أبعاد ورسائل