#سواليف

بين ملابس الحداد وتشبيك الأصابع مقابل البزة العسكرية والتشمير عن الساعد، إلى ملامح التوتر والإنهاك والتشتت في مواجهة هيئة الثقة ونبرة التحدي وتوضيح الأهداف.

بين هذا كله، يمكن قراءة خطابي الناطق باسم كتائب عز الدين القسام أبو عبيدة ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مساء السبت الماضي، وسط تكثيف العدوان على غزة واستمرار المقاومة في التصدي وقصفها مدن الاحتلال، ومنها تل أبيب.

دلالة التوقيت

مقالات ذات صلة د. المعشر .. دولة الاحتلال يائسة وبحالة انتقامية 2023/10/30

الخطابان ألقيا بعد نحو 24 ساعة من قطع الاحتلال كافة الاتصالات عن غزة مع بدء محاولة توغله بريا، مما يجعلهما مبدئيا محط أنظار الجمهور من الطرفين لمعرفة حقيقة ما يجري على الأرض.

ومع إعلان القسام أن أبو عبيدة سيلقي كلمة، بدا من خلال مواقع التواصل الاجتماعي أن الجماهير العربية في المشرق والمغرب تحبس أنفاسها، في انتظار ما سيقوله الملثم.

وفي الطرف الآخر، لم يتضح مدى تطلع الإسرائيليين لسماع خطاب نتنياهو، خصوصا أن شرائح واسعة منهم تطالب برحيله فورا، ولا تثق بقيادته للحرب.

عرض الوقائع

بعد 24 ساعة من تكثيف العدوان وإعلان الاحتلال أنه كبد المقاومة خسائر كبيرة، ظهر أبو عبيدة ليقول إن إسرائيل لم تفلح إلا في قتل الأبرياء من النساء والأطفال.

وبمنطق يطبعه التحدي، قال أبو عبيدة إن المقاومة في انتظار المعركة البرية “لنعلمهم البطولة” متوعدا بهزيمة الاحتلال وكنسه، ونافيا روايته بشأن المعارك في الميدان.

وبسردية قد يضرب معنويات الجمهور الإسرائيلي، تحدث أبو عبيدة عن معركتين: الأولى خاضها مقاوم واحد ضد عدة جنود إسرائيليين هربوا منه، والثانية خاضها 3 مقاومين ضد فرقة عسكرية كاملة، وكبدوها خسائر كبيرة.

وقد تحدث أبو عبيدة عما سماه “هوان العدو”، وضعفه مقابل بسالة وشراسة المقاومة، وتهكم على ما تقوله إسرائيل دوما عن قوة جيشها.

في المقابل، اعترف نتنياهو بأن الوضع صعب جدا، وقال إن جنودهم أمامهم عدو “وحشي”، متحدثا عن تحد وجودي أمام إسرائيل. ولكنه أكد قدرة جنوده على هزيمة العدو “وإبقاء الأمن في بلدنا”. وقال “لدينا جيش رائع”.

وفي الوقت الذي تكلم فيه عن قدرة الجيش وبطولته، بدا من خلال ارتباكه أنه تذكر أن وقائع يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول لا تؤيد هذه المزاعم.

وعندما حاصرته الأسئلة عن سبب انهيار الجيش أمام المقاومة، قال إن “ما حصل فشل كبير سيتم فحصه حتى النهاية”، وإنه هو وغيره من المسؤولين لا بد أن يقدموا إجابات بعد أن تضع الحرب أوزارها.

ويقول الاستشاري الإعلامي حسام شاكر إن نتنياهو حاول بشكل مستمر إقناع الجمهور بأن الجيش جدير بالثقة، ولكن الحديث عن الشجاعة والبطولة غير منطقي “فما جرب حتى الآن هو الجبن والذعر وسقوط القواعد والثكنات”.

الأهداف

لم يكتف أبو عبيدة بتقديم معلومات عن الوقائع الميدانية ورفع معنويات الجمهور العربي، بل أوضح أن هدف المقاومة كنس الاحتلال وتحرير الأسرى الفلسطينيين، مؤكدا أنها صنعت سلاحها بنفسها وقادرة على تحقيق أهدافها.

وقد شدد الملثم على أن ثمن العدد الأكبر من الأسرى الإسرائيليين هو تبييض سجون الاحتلال من الأسرى الفلسطينيين، مخيرا حكومة نتنياهو بين صفقة تبادل كلية أو جزئية.

وبهذا يكون أبو عبيدة قدم عرضا واقعيا ويمكن تطبيقه، ليسجل هدفا في مرمى حكومة الاحتلال، ويضعها في مواجهة مجتمعها الذي رفع لاحقا مطلب إتمام صفقة تبادل تفضي لتحرير جميع الأسرى من الطرفين.

في المقابل، لم يتحدث نتنياهو عن هدف واقعي، وكرر أكثر من مرة أنه لا بد من هزيمة حماس والقضاء عليها.

نتنياهو الذي أقر بصعوبة الوضع وبأنه أمام عدو وحشي، ما لبث أن ناقض نفسه بالقول إن حكومته تمكنت قبل السابع من أكتوبر من إضعاف حركة حماس.

وفي غمرة هذه التناقض يعود ليقول “لدينا جيش رائع وأبطال” ثم يلتفت إلى أكثر من اتجاه، ويضع يده بجانب خصره ويشبك أصابعه.

أما فكرة صفقة تبادل الأسرى، فقال إنه ناقشها بعض الأصدقاء، وإنه لن يتحدث عن التفاصيل.

وبتصريح غير محسوب سياسيا، قال إن استعادة الأسرى هي الهدف الثاني، بينما الهدف الرئيسي القضاء على حماس، وهي المهمة التي اعترف بصعوبتها قبل قليل.

وعندما أراد التراجع عن التهوين من شأن الأسرى، أكد أنه أحس بألم عائلاتهم، وقال “سنعمل كل ما نستطيع لاستعادتهم”، وهو تعبير لا يخلو من اليأس.

الملامح ولغة الجسد

ظهر نتنياهو بلباس أسود، وبدا عليه أثر السهر والقلق، وبينما تحدث عن أبطال إسرائيل كانت ملامحه لا تتفاعل مع هذه الأوصاف التبجيلية، ربما لكونه تذكر وقائع السابع من أكتوبر عندما حطمت المقاومة القواعد والقلاع والحصون، وأثخنت قتلا في الجنود والضباط، ثم أسرت منهم ما يربو على المائتين.

كان نتنياهو يلتفت يسارا ويمينا، ويحك رأسه ويلمس ظهره، ويصدر حركات جسدية تعكس أنه يعيش هشاشة واضطرابا، وفق حسام شاكر وهو خبير أيضا في لغة الجسد.

ويرى شاكر أن نتنياهو ظهر يعاني مشكلة في “التوافق التعبيري بالنسبة لبدنه وحركات جسده وكأنه كان في حركات استعراضية شكلية”، فهو لا يشعر بما يتلفظ به.

كذلك يلاحظ أنه “كان منهكا، وظهر بوجه ممتقع، ولا يأخذ قسطا كافيا من النوم، وبدا من تحريك بدنه بشكل مختلف عن المعهود أنه يعيش أزمته السياسية بدل أن يبدو في المظهر اللائق بزعيم يقود حربا”.

ووفق شاكر، فإن هذه الاضطرابات لا يمكن فصلها عن التغريدة المتعجلة التي لام فيها قادة الجيش بشكل انتهازي “وهو سلوك مناف للمسؤولية بالنسبة لمسؤول يقود حربا”.

في الجانب الآخر، كانت هيئة أبو عبيدة وبزته العسكرية مليئة بمعاني القوة في وقت له رمزيته، وتشير إلى قدرة المقاومة على إدارة المشهد الإعلامي إلى جانب أدائها في ميادين المعارك.

أبو عبيدة الذي ظهر مشمرا عن ساعده، حافظ على المظهر الذي يتوقعه منه أنصار المقاومة، فكانت نبرته مليئة بالتحدي والتهوين من الخصم.

وهذه الهيئة والثقة تترك أثرا سلبيا في المجتمع الإسرائيلي الذي يراقب قادته وهم يتنابزون ويتلاومون، وليس لديهم هدف واضح من مواصلة العدوان على غزة وفق العديد من الساسة والمراقبين.

الحديث للخارج

في كلتا الكلمتين، وردت فقرة موجهة للخارج، حيث شكر نتنياهو الزعماء الغربيين على زيارة إسرائيل ومساعدتهم لها في حربها ضد حماس.

وفي المقابل، قال أبو عبيدة إنه لا يطالب العرب -لا سمح الله- بالذب عن عرض الأمة وكرامتها، ولكنه استنكر عدم القدرة على توصيل المساعدات للمحتاجين في القطاع.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: سواليف أبو عبیدة قال إن

إقرأ أيضاً:

هآرتس: ترامب سئم من حرب غزة ويريد وقفها.. ضغوط على نتنياهو

شددت صحيفة "هآرتس" العبرية، على أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يسعى بشكل واضح إلى إنهاء الحرب في قطاع غزة، ويعمل على دفع إسرائيل نحو إتمام صفقة لتبادل الأسرى مع حركة حماس، وسط مناورات من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي يحاول تأجيل الاتفاق خشية تداعياته السياسية على ائتلافه الحاكم.

وأوضحت الصحيفة في تقرير لمحللها العسكري، عاموس هرئيل، أن "ترامب سئم من استمرار الحرب، ويطمح إلى التوصل إلى اتفاق، والسؤال المطروح الآن هو مدى الضغوط التي سيُمارسها على نتنياهو كي لا يقف في طريقه".

وأشار التقرير إلى أن الأسبوع الجاري شهد مؤشرات متزايدة على احتمال حدوث تقدم، تمثلت في تسريبات إعلامية عربية وحديث ترامب المباشر عن رغبته في التهدئة، بالإضافة إلى تصريحات متفائلة منه بشأن المفاوضات مع إيران حول برنامجها النووي.


وقال ترامب في تصريحات صحفية في نيوجيرسي الأمريكية "نريد أن نرى ما إذا كان بوسعنا وقف هذا (الحرب في غزة). لقد تحدثنا إلى إسرائيل ونريد أن نرى ما إذا كان بوسعنا وقف هذا الوضع برمته في أقرب وقت ممكن".

وأضاف ترامب "أجرينا محادثات جيدة للغاية. سنرى ما سيحدث، لكنني أعتقد أنه قد تكون هناك أخبار جيدة بشأن القضية الإيرانية".

ولفتت "هآرتس" إلى أن تصريحات ترامب كانت موجهة بالدرجة الأولى إلى نتنياهو، معتبرة أن الرئيس الأمريكي يريد إتمام صفقة الأسرى وإنهاء القتال، إلى جانب دفع الاتفاق النووي مع طهران، في حين لا يريد لنتنياهو أن يعطل المسارين.

وأكد التقرير أن نتنياهو خضع في بداية الأسبوع الماضي لضغوط أمريكية سمحت بإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة بشكل منتظم لأول مرة منذ شهرين، وهو ما اعتُبر مقدمة للضغط الأمريكي من أجل إنجاز صفقة الأسرى.

وأشارت الصحيفة العبرية إلى أن المفاوضات لا تزال متعثرة، وأن إسرائيل سحبت وفدها من الدوحة، بينما واصل نتنياهو إرسال إشارات متضاربة للرأي العام، حيث قال في مقطع فيديو: "يأمل كثيراً أن يتم الإعلان عن شيء ما قريبا"، ثم عاد لاحقا لتكرار نفس الرسالة بعد أن تم نفيها من جهة سياسية مجهولة.


وأفادت "هآرتس" بأن فريق نتنياهو يحاول استثمار مقاطع الفيديو هذه لنقل رسائل سياسية، لكنه يفشل باستمرار، وهو ما يُسبب أذى حقيقياً لعائلات الأسرى الإسرائيليين الذين "يعيشون على وقع الأمل والخيبة".

وأضافت الصحيفة أن "الخطة التي يتم تداولها حاليا تشمل إطلاق سراح نصف الأسرى الإسرائيليين أحياء خلال فترة تمتد من 60 إلى 70 يومًا من التهدئة، إضافة إلى إعادة جثامين بعض القتلى، مقابل التزامات وضمانات أمريكية تطالب بها حماس، من بينها إجراءات رمزية مثل مصافحة بين مبعوث ترامب ستيف ويتكوف والقيادي في حماس خليل الحية".

وختمت "هآرتس" تقريرها بالتأكيد على أن نتنياهو يحاول الموازنة بين الضغوط الأمريكية ومصالحه السياسية الداخلية، حيث يخشى أن تؤدي أي تنازلات كبرى إلى انفراط عقد تحالفه مع شركائه في أقصى اليمين، مشيرة إلى أنه سيحاول تأجيل أي اتفاق حتى نهاية الدورة الصيفية للكنيست بعد شهرين، على أمل ألا تُجرى الانتخابات المقبلة قبل عام 2026.

مقالات مشابهة

  • الجيش الإسرائيلي يشن غارات عنيفة على مطار صنعاء.. نتنياهو: من لا يفهم بالقوة سيفهم بمزيد من القوة
  • في ذكرى ميلاده.. جورج سيدهم "المبتسم رغم الوجع" الذي غيّر ملامح الكوميديا المصرية
  • وزير "غير مرغوب فيه" يزور إسرائيل.. ونتنياهو يرفض لقاءه
  • نتنياهو يتباهى بتصوير الأسرى عراة.. لا تظهر عليهم المجاعة
  • هآرتس: ترامب سئم من حرب غزة ويريد وقفها.. ضغوط على نتنياهو
  • هل على نتنياهو أن يخشى من جيل الأطفال الذي شهد الإبادة؟
  • تخوف إسرائيلي: إطلاق سراح الأسرى ضمن صفقة تبادل يعني تجدد المقاومة في الضفة
  • غولان: نتنياهو يفضل الحرب الأبدية على إطلاق سراح الأسرى (شاهد)
  • معلقات بين الحداد والانتظار.. زوجي مفقود فهل أُعدّ أرملة؟
  • جنود الاحتلال يعانون ونتنياهو يعدهم بأدوية انتحار أفضل