إجرام وتهجير وقتل.. مستوطنون يستغلون طوفان الأقصى لتنفيذ مخططاتهم بالضفة
تاريخ النشر: 2nd, November 2023 GMT
نابلس – مستغلا حالة هدوء نسبي بمحيط بلدته وقدسية يوم السبت اليهودي، انطلق الفلسطيني بلال صالح وعائلته قبل أيام نحو أرضه لجني ثمار الزيتون، الذي أخَّر قطافه ليتجنب قدر ما يستطيع عداء المستوطنين.
ولكن حساباته لم تكن كما أراد، إذ كسر المستوطنون حرمة سبتهم وهاجموه على أرضه وأطلقوا عليه النار ليُقتل شهيدا.
يوم 28 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، اصطحب بلال (40 عاما) زوجته وأطفاله كحال كثيرين قاصدا أرض "الديسة" في قريته الساوية قرب مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، لم يكد يحط أمتعته ويشرع في عمله حتى باغته 4 مستوطنين مسلحين، وأطلق أحدهم النار عليه من مسافة 20 مترا، فاستشهد برصاصتين قاتلتين في الصدر.
وأكدت وقائع على الأرض ومعلومات حصلت عليها الجزيرة نت من ذوي الشهيد بلال، تربص المستوطنين القادمين من مستوطنة "رحليم" بالمزارعين، واستعدادهم للقتل.
نهج قتل مباشر
ورغم أنها ليست العملية الأولى، فإن قتل المواطن بلال أكد تصاعد عنف المستوطنين بالضفة الغربية كنهج للقتل المباشر مع سبق الإصرار والترصد وعلى مرأى من جيش الاحتلال وتحت حمايته.
كما أكدت عملية القتل ذاتها أن المستوطنين باتوا ينفذون مخططا سياسيا لتهجير الفلسطينيين من أرضهم، وهو ما يعكسه قتلهم 9 فلسطينيين وجرحهم العشرات منذ بدء العدوان على غزة عبر أكثر من 320 اعتداء منظما لهم.
وفي 11 أكتوبر/تشرين الأول الماضي وخلال أقل من 24 ساعة، قتل المستوطنون بالرصاص الحي 5 مواطنين وأصابوا 12 آخرين في قرية قصرة جنوب نابلس.
كما قتل جنود الاحتلال، الذين اقتحموا القرية لحماية المستوطنين، مواطنا سادسا وارتكبوا 15 اعتداء في القرية وحدها، حيث جرَّفوا بآلياتهم الخاصة الأراضي وحرقوا الأشجار والمزروعات، وقتلوا الحيوانات ودمروا البنية التحتية من شبكات كهرباء وماء.
وهجَّر المستوطنون، منذ الحرب على غزة، نحو 1000 فلسطيني من عشرات التجمعات البدوية وسط الضفة الغربية وجنوبها وفي الأغوار الفلسطينية، وبقوة السلاح مارسوا "تطهيرا عرقيا" كاملا في 5 منها شرق رام الله، وطردوا أهلها.
عصابات مختلفة
وينطلق المستوطنون في هجماتهم عبر مجموعات خاصة وبمسميات عدة أهمها "شبيبة التلال" و"تدفيع الثمن" و"كهانا حي"، وهي امتداد لجماعات مشابهة انطلقت عقب احتلال إسرائيل الضفة الغربية عام 1967، وتشابهت في الأهداف والسياسات مع جذورها من عصابات "شتيرن" و"الهاغاناه" و"الأرغون" التي قتلت وهجَّرت الفلسطينيين سنة 1948.
وفي أبريل/نيسان 1968، اقتحم المستوطنون المسلحون بقيادة الحاخام المتطرف موشيه ليفنغر فندق "النهر الخالد" وسط مدينة الخليل، واحتلوه لإقامة احتفال بعيد الفصح اليهودي.
وتُنسب لأولئك المستوطنين، الذين شكلوا لاحقا تنظيما سريا انضوى تحت حركة "غوش إيمونيم" الصهيونية، هجمات متطرفة أبرزها استهداف رؤساء بلديات الخليل ونابلس والبيرة عام 1980، ومجزرة الحرم الابراهيمي عام 1994 وغيرها.
وفي سياق الحدث الاستيطاني الأكبر الذي ينفذ بالضفة الغربية، تمحورت هذه الجماعات تحت "شبيبة التلال" و"تدفيع الثمن" خلال العقدين الماضيين، وتصاعدت أعمالها الإجرامية في السنوات القليلة الماضية، وقد شن المستوطنون أكثر من 1600 عمل إجرامي خلال السنة الحالية فقط.
وفي أواخر عام 1998، تشكلت "شبيبة التلال"، وساهم في تأسيسها وزير الأمن الإسرائيلي آنذاك أرييل شارون، ثم تأسست عصابة "تدفيع الثمن" عام 2008، واتخذت تلك المجموعات من قمم الجبال بؤرا استيطانية لها، وانطلقت لتنفيذ اعتداءاتها.
ورغم انتشار هذه الجماعات بكل مستوطنات الضفة الغربية والقدس، فإنها تركزت بمستوطنات شمال الضفة لا سيما "ألون موريه" و"تفوح" وإيتمار" و"يتسهار"، والتي تحوي مركزا دينيا يسهم في تعليم وتخريج هذه العصابات وتدريبها، ومنها أيضا في مستوطنات "تقوع" و"معاليه أدوميم" و"بيتار عيليت" جنوبا.
وبدا لافتا تصعيد المستوطنين هجماتهم خلال العامين الأخيرين، وتصاعدت أكثر مع تغول "الصهيونية الدينية" بقيادة الوزيرين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش في حكومة الاحتلال، مما رفع وتيرة وحدّة هذه الاعتداءات منذ بدء العدوان على غزة.
يقول فؤاد حسن، وهو ناشط ضد الاستيطان في بلدة قصرة جنوب نابلس، إن الاعتداءات الأخيرة حملت طابع القتل المباشر وتعطش المستوطنين لسفك دماء الفلسطينيين، وانتقلت من قلع الأشجار وحرق المزروعات والاستيطان الرعوي إلى التوسع فوق أراضي المواطنين للتطهير من الأرض.
ويضيف الناشط نفسه أن المستوطنين نفذوا مجزرة الشهر الماضي بقريته وقتلوا 5 مواطنين، بعد أن نفذوا هجمات منظمة استهدفوا عبرها منازل المواطنين في أطراف القرية، ثم توغلوا لعمق أكبر بحماية الجيش وحراس أمن المستوطنات، "بل إنهم ارتدوا زي الجيش وأماطوا اللثام عن وجوههم".
من جانبه، حذر مسؤول العمل الجماهيري بهيئة الجدار والاستيطان عبد الله أبو رحمة من تصاعد جرائم المستوطنين الآن، وقال إنها مؤشر على مجازر كبرى تشبه مجازر الاحتلال إبان نكبة الفلسطينيين عام 1948.
وكشف أبو رحمة -للجزيرة نت- أنه تم تسليح 26 ألف مستوطن ببنادق رشاشة حديثة بدعم من بن غفير منذ بدء الحرب على غزة فقط، وتلقوا تدريبات مسبقة ومكثفة على العنف، ويحظون بحماية الجيش الذي يقيمون معه علاقات وصداقات لقربه منهم وعيشه معهم داخل المستوطنات.
ويضيف المتحدث ذاته "الآن حصل المستوطنون على الضوء الأخضر خاصة بعد المصادقة على قانون تغيير قواعد إطلاق النار وتصاريح باستخدام السلاح باستهداف أي فلسطيني دون أي حساب أو مساءلة".
ويتابع أبو رحمة "منذ بداية 2023 والمستوطنون في صراع مع الزمن لتنفيذ مخططاتهم بالقتل والتهجير للاستيلاء على أكبر مساحة من الأرض، مستغلين وجودهم وتأثيرهم في الحكومة المتطرفة، والآن يرون في الحرب فرصتهم الذهبية التي لن تتكرر، ولذا سيصعدون عنفهم أكثر".
وازع ديني متطرف
ولا يستغل المستوطنون انشغالا محليا ودوليا بالحرب فقط لتنفيذ مخططاتهم التي أعدوها سلفا، بل يعتمدون على أعدادهم التي باتت تقترب من 750 ألف مستوطن، موزعين على 145 مستوطنة بالكبيرة و140 بؤرة استيطانية بالضفة الغربية والقدس، حسب الخبير الفلسطيني بشؤون الاستيطان خليل التفكجي.
ويؤكد التفكجي للجزيرة نت أن الأخطر أن 30% من المستوطنين "عقائديون"، أي أن وازعهم في السيطرة على الأرض ديني متطرف قائم على شعارات أن هذه "أرض الميعاد، وأن ما بين النهر والبحر دولة واحدة لهم".
ويضيف الخبير الفلسطيني أن المستوطنين يتبعون سياسة اسمها "أكبر مساحة من الأرض مع أقل عدد من السكان، مما ينذر بتوسيع أهدافهم بالتهجير والطرد".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الضفة الغربیة على غزة
إقرأ أيضاً:
«وفا»: الاحتلال الإسرائيلي يداهم عدة مناطق بالضفة الغربية واستشهاد 8 فلسطينيين في خان يونس
استشهد ثمانية فلسطينيين، وأصيب آخرون، اليوم الأحد، جراء قصف طائرات الاحتلال الإسرائيلي الحربية مركبة شرقي خان يونس، جنوب قطاع غزة.
وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينيةوفا اليوم، أن الاحتلال قصف مركبة قرب دوار التحلية في جورة اللوت، شرق المدينة.
ومنذ السابع من أكتوبر 2023، بدأت قوات الاحتلال الإسرائيلي عدوانا على قطاع غزة أسفر عن استشهاد 54، 381 مواطنا، غالبيتهم من الأطفال والنساء، وإصابة 124.054 آخرين، في حصيلة غير نهائية، حيث لا يزال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرق لا تستطيع طواقم الإسعاف والإنقاذ الوصول إليهم.
وداهمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأحد، المنطقة الجنوبية من مدينة الخليل بالضفة الغربية المحتلة، ونكلت بالفلسطينيين.
وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية وفا اليوم، أن قوات الاحتلال داهمت عددا من المنازل في المنطقة الجنوبية، تعود لعائلة دعنا في منطقة الكسارة، وعبثت بمحتوياتها، ونكلت بسكانها، مضيفة أن قوات الاحتلال احتجزت شابا، لعدة ساعات قبل الإفراج عنه، واعتدت على أفراد عائلته، ونكلت بهم.
وفي سياق متصل، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأحد، بلدة تقوع جنوب شرق بيت لحم، وداهمت منزل مواطن وعبثت بمحتوياته، دون أن يبلغ عن اعتقالات.
وفي ذات السياق اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأحد، مخيمي قلنديا وشعفاط للاجئين، في محافظة القدس المحتلة.
وذكرت محافظة القدس، أن قوات الاحتلال اقتحمت المخيمين، وسيرت آلياتها في شوارعهما، دون أن يبلغ عن اعتقالات.
و في سياق آخر، أعلنت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأحد، قرية خلة الضبع بمسافر يطا جنوب الخليل، منطقة عسكرية مغلقة.
وأفادت وفا، بأن قوات الاحتلال اقتحمت القرية، وأجبرت المواطنين بالقوة وعدد من المتضامنين الأجانب على مغادرة الأراضي، وطالبت بتسليم قائمة بأسماء المواطنين المقيمين في القرية، مضيفة أن قرار الاحتلال بإعلان القرية منطقة عسكرية مغلقة، يأتي في سياق سياسة التهويد والسيطرة على أراضي المواطنين الذين يتعرضون لعمليات الملاحقة والقمع والقتل، لتنفيذ المزيد من المخططات الاستعمارية التي تدعمها حكومة الاحتلال.
وضمن سياساتها الرامية للسيطرة على أراضي مسافر يطا تمهيدا للاستيلاء عليها، تعمل قوات الاحتلال على تصوير المساكن وإحصاء المواطنين، وتمنع المتضامنين الأجانب من الوصول إلى هذه المناطق لمساندة المواطنين، وتوثيق هذه الانتهاكات.
اقرأ أيضاًسقوط 6 شهداء في قصف الاحتلال الإسرائيلي على غزة وخان يونس
استشهاد فلسطينيين اثنين وجرح العشرات برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي في رفح
طيران الاحتلال الإسرائيلي يستهدف عدة مواقع في ريفي اللاذقية وطرطوس