استعراض للفنون البحرية العُمانية في مسابقة النهّام بالسعودية
تاريخ النشر: 2nd, November 2023 GMT
الدمام «العُمانية»: قدمت فرقتا «فتح الخير» و«النسائم للفنون» الشعبيتان عروضهما الفنية العُمانية البحرية أمام لجنة تحكيم المسابقة الرئيسية لمهرجان «النهّام» بمدينة الدمام بالمملكة العربية السعودية، ضمن مشاركة سلطنة عُمان ممثلة في وزارة الثقافة والرياضة والشباب.
وضمن المسابقة الرئيسية لمهرجان «النهّام» الذي تنظمه هيئة المسرح والفنون الأدائية، قدَّم ثلاثة مصوتين عمُانيين، وهم صالح بن خميس الرشيدي، وجمعة بن فايل العريمي وعمر بن صالح المخيني، فن الصوت البحري «النهمة» الذي اشتهرت به المناطق الساحلية في سلطنة عُمان بمرافقة الفرق الفنية الشعبية العُمانية، ويتمثل فن الصوت في الغناء بأروع الأبيات والمواويل التي تجسد مشاعر الحزن والفرح، بطابع عُماني ضارب في القدم وألحان فلكلورية جذابة.
وقال الكاتب والباحث في الشأن البحري العُماني حمود بن حمد الغيلاني عضو لجنة تحكيم المسابقة الرئيسية في المهرجان: إنَّ التاريخ في منطقة الخليج العربي جمع أبناء دول مجلس التعاون من خلال العادات والتقاليد المشتركة التي تتقاطع مع الهوية واللغة والدين والجوانب الاجتماعية والثقافية، من بينها الفنون البحرية التي تشكلت من خلال السفر والترحال والتجارة، كما أنَّ النشاط الثقافي الفني الذي تقوم به المملكة العربية السعودية ممثلًا في مهرجان «النهّام»، هو امتداد لمهرجانات بحرية سابقة تمَّ تنظيمها من قبل دول الخليج العربية، خاصة في مجال المسابقات التي ترصد أهم المفردات البحرية، وتعمل على توثيقها بصريًّا وسمعيًّا وكتابيًّا، وتمَّ التركيز في هذا المهرجان على مبدأ التكاتف والمحبة بين أبناء الخليج العربي كي يحظى الجميع بالتكريم والحضور المشرّف.
وأضاف الغيلاني أنَّ المساحة العددية لدى المشاركين في مهرجان «النهام» كبيرة، وذلك بهدف إثراء مجالات التواصل والتعرف بين أبناء دول المجلس، وأنَّ سلطنة عُمان غنية بالتراث والتاريخ البحري وقد تختلف المسميات بينها وبين بعض دول الخليج العربية، ولكنَّ المضمون واحد، لهذا جاء مثل هذا المهرجان للتعريف بالمفردات البحرية.
وأشار إلى أنَّ العُمانيين لهم دور واضح في هذه تجارة اللؤلؤ، إلا أنَّ السفر والترحال من أجل التبادل التجاري مع شرق آسيا وأوروبا وشرق إفريقيا هو الأمر الراجح في علاقة العُمانيين بالبحر، وأنَّ سفنهم وصلت في قرون ماضية إلى نيويورك وليفربول ومرسيليا، كل ذلك من أجل التبادل التجاري آنذاك.
ووضَّح بأنَّ الفنون البحرية العُمانية كانت تمارس كفنون عملية، فهي تصل إلى ما يقارب 22 فنًّا بحريًا عُمانيًّا على سطح السفينة، فالمصوّت على ظهر السفينة هو شاعر ارتجالي، سريع البديهة وله امتيازاته الخاصة، لما لهذا الصوت من تأثير نفسي على طاقم العمل في السفينة وهم يجوبون البحار والمحيطات الشاسعة.
وفيما يتعلق بفن الصوت وماهيته، يقول الباحث في شأن الفنون البحرية العُمانية، جمعة بن خميس العلوي: فن الصوت، أو ما يطلق عليه في دول الخليج العربي، بـ«النهمة»، يتجسد في إضفاء روح المرح والتآلف على ظهر السفينة، وقد مارسه العُمانيون منذ القدم في رحلاتهم البحرية التي وصلت إلى الصين والهند وإفريقيا وأمريكا، وبعض الدول الغربية، وعن وجه الاختلاف بين فن الصوت في سلطنة عُمان والنهمة في دول الخليج هو طريقة الأداء والألحان والأشعار.
وأشار إلى أنَّ من بين الأصوات التي يمارسها البحارة على ظهر السفينة في سلطنة عُمان قديمًا صوت البداعي وعادة ما يستخدم فيها كلمات يمنية أو أفريقية، ويجب على المصوّت أن يكون شاعرًا فذًّا وقادرًا على استيعاب المواقف النفسيّة لطاقم السفينة، بهدف بث روح المرح والتسلية لأجلهم. كما أنَّ بين أنواع فن الصوت هو ما يدخل في الإطار الفردي أو المناظرة بين شخصين، ويتشارك البحارة في الممارسة من خلال الفريق الفني الواحد على ظهر السفينة، ويمارس هذا الفن أثناء رفع الشراع وفي الأعمال الصعبة وعادة ما يحمل هذا الفن معاني الاشتياق والحنين إلى الوطن.
ووضح أنَّ من بين أسماء فن الصوت ما يسمى بـ«المسوبل»، ويؤدى في عدد من ولايات سلطنة عُمان من بينها صور وصحار، كما تعمل الفرق الفنية الشعبية على إحيائه في عدد من المناسبات منها الوطنية والخاصة، وتقوم المؤسسات الرسمية في سلطنة عُمان بالاهتمام به والعمل على توثيقه.
ويشهد المهرجان حضورًا نوعيًّا من سلطنة عُمان ومنطقة الخليج لعيش تجربة ثرية من خلال الفنون الأدائية والفعاليات الترفيهية والمعارض الثقافية، حيث استمتعوا بأداء النهامة، والأجواء الشعبية التي صممت لتسرد تاريخ البحر الخليجي بشكل إبداعي، والسفر من خلال القبة السينمائية وسط أحداث فيلم «الغوص العود» الذي يعرض من خلال شاشة عملاقة وبتقنية 360 درجة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: دول الخلیج الع مانیة فن الصوت من خلال من بین
إقرأ أيضاً:
استعراض إسرائيلي لحوافز التطبيع مع أكبر دولة إسلامية
في الوقت الذي تواجه فيه دولة الاحتلال عزلة عالمية متزايدة، تتوجه أنظارها الى استئناف مسار التطبيع مع عدد من الدول العربية والاسلامية، وآخرها إندونيسيا، الدولة الاسلامية الأكبر، التي رغم دعمها المعلن للفلسطينيين، ورغم الحواجز الدستورية والثقافية مع الاحتلال، لكن النهج البراغماتي للرئيس فرابوو سوبيانتو، وعلاقاته مع الدول العربية، وفي مقدمتها السعودية، ورغبته بالتميز على الساحة الدولية، قد يُمهّد الطريق لعملية التطبيع مع الاحتلال في اليوم التالي لانتهاء العدوان في غزة.
وذكر الباحث بمعهد "ميسغاف" للأمن القومي، والمستشار الجيو-سياسي يوسي روزان، أنه "في الأيام التي أعقبت الحرب ضد إيران، وحول اجتماع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، كان من المتوقع ورود تقارير بشأن صفقة واسعة النطاق، ليس "صفقة القرن"، بل "صفقة الألفية" إذا صح التعبير، من شأنها أن تشمل عملية تطبيع مع سوريا والسعودية، وتوسيع اتفاقيات أبراهام للدول الإسلامية في جنوب شرق آسيا، مع التركيز على إندونيسيا".
وأضاف في مقال نشره موقع ويللا، وترجمته "عربي21" أن "هذه القضية لا يتم تناولها في فراغ، ويبدو أن الرغبة من جانب الدول الإسلامية قائمة رغم الحرب المستمرة في غزة، وكانت المحادثات مع السعودية جارية قبل السابع من أكتوبر 2023، مما أثار قلق إيران ووكلائها بشكل كبير، ولم تبدأ المحادثات مع سوريا إلا في الأشهر الأخيرة، على خلفية الاحتضان الذي يحظى به حاكمها الحالي، أحمد الشرع، من المجتمع الدولي".
وأشار أن "الحديث عن التطبيع أندونيسيا ليس مجرد تفكير متفائل، بل قد يكون هناك شيء في الهواء، فهي تضم أكبر عدد من المسلمين في العالم، لديها بالفعل علاقات تجارية مع إسرائيل، ويقدر حجم التجارة بينهما 200 مليون دولار لعام 2023، رغم عدم وجود بنية أساسية متفق عليها لدعم هذا النشاط، وصعوبة إصدار التأشيرات، ولذلك فإن خطاب التطبيع معها ليس جديدا، لكنه لم يحقق حتى الآن تقدما كبيرا بسبب الحواجز المتجذرة بعمق في الثقافة السياسية الإندونيسية".
وأكد أن "أول العقبات الرئيسية تكمن في دستور إندونيسيا الذي ينص على معارضة أي شكل من أشكال الاستعمار، وهو تذكير بالاحتلال الهولندي لها، ونتيجة لذلك، نشأ فيها تفسير تقليدي يرى أن التحركات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين تشكل تعبيراً عن الاستعمار، وأن محاولات التطبيع مع الدول العربية تهدف لكسر دعم الكتلة العربية والإسلامية للفلسطينيين، وحل الدولتين".
وأضاف أن "العقبة الثانية تكمن في اعتماد نظامها السياسي على المنظمات الإسلامية الدينية، التي عارضت التطبيع مع الاحتلال بشكل ثابت، وعلى مر التاريخ، كان يُنظر لأي تحرك نحو التطبيع بأنه يحمل خطر خلق توترات داخلية في إندونيسيا، وتقويض قواعد دعم المنظمات الإسلامية في السلطة، ومع ذلك، فقد عقدت في السنوات الأخيرة لقاءات بين كبار المسؤولين الإندونيسيين والإسرائيليين، بما في ذلك سوبيانتو، عندما كان وزيراً للدفاع؛ وزار ممثلو أكبر حركة دينية فيها، نهضة العلماء، دولة الاحتلال، والتقوا بنتنياهو في 2018".
وزعم أن "تحركات دبلوماسية سرية خلف الكواليس جرت لسنوات لبدء التطبيع، وتم تبادل مسودات بشأن افتتاح مكتب مصالح مشتركة، لكن اندلاع الحرب على غزة شهد انحياز إندونيسيا للفلسطينيين، وانضمت للدعوى المرفوعة ضد الاحتلال في محكمة العدل الدولية".
وأشار أن "الاتجاه في العلاقات الإندونيسية الإسرائيلية كان سلبيا تماما، لكن انتخاب سوبيانتو رئيسا في فبراير 2024 عبر عن التفاؤل بهذا المسار، ورغم أنه امتنع عن الإشارة صراحة للتطبيع، طالما أن حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني ليس في الأفق، ولا يقوض التزام بلاده تجاه الفلسطينيين، لكن نهجه البراغماتي على الساحة الدولية يوفر مرونة في التفكير لتحقيق هذا الالتزام، كما تحدى التفسير القديم للدستور، واقترح نهجا نشطا للتعامل مع القضية الفلسطينية".
وأوضح أن "سوبيانتو زار في نيسان / أبريل الإمارات وقطر وتركيا ومصر والأردن، وعرض خطته لإجلاء سكان غزة مؤقتًا، يبلغ عددهم ألف نسمة في المرحلة الأولى، لأسباب إنسانية، وطلب مناقشة جدواها مع الدول العربية، بحيث إذا سمحت ظروف غزة بالعودة، فسيعودون إليها، وأعرب عن استعداده للعب دور في "اليوم التالي"، سواء في إعادة الإعمار، أو قوات حفظ السلام، وفقا لقرار المجتمع الدولي".
وأكد أنه "ينبغي النظر لهذا الاقتراح باعتباره بمثابة بالون اختبار من جانب سوبيانتو لاختبار مدى استعداد شركائه في الشرق الأوسط لقبول مثل هذا النهج، واختبار رد الفعل داخل بلاده، وفي سياق أوسع، ما إذا كانت هناك ظروف مناسبة لبدء التطبيع مع دولة الاحتلال".
وأوضح أن "سوبيانتو لن يشرع في خطوات التطبيع مع دولة الاختلال دون التنسيق مع السعودية، كما أن التزام بلاده تجاه القضية الفلسطينية ثابت، لذلك، فإن أي محاولة للتقدم وتعزيز التطبيع يجب أن تتم بدبلوماسية هادئة، وبقدر كبير من الصبر لبناء البنية التحتية التي ستدعمه "في اليوم التالي".