نشرت مجلة "ذا دبلومات" -التي تتخذ من واشنطن مقرا لها- تقريرا مطولا للكاتب البنغلاديشي جاناتوال بيال يفسر فيه تغير موقف الهند من الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، وانقلاب هذا الموقف من التأييد القوي للحق الفلسطيني إلى تأييد قوى لإسرائيل.

وبدأ الكاتب بسرد تأريخي للموقف الهندي من الصراع وتقلبه قائلا، إن الهند صوتت في 1947 ضد تقسيم فلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وكانت أول دولة غير عربية تعترف بـ منظمة التحرير الفلسطينية ممثلا وحيدا وشرعيا للشعب الفلسطيني في 1974، كما كانت من أوائل الدول التي اعترفت بدولة فلسطين في 1988.

وأضاف أنه عندما اعترفت الهند بإنشاء إسرائيل في 1950، فإنها لم تقم علاقات دبلوماسية معها حتى 1992، وحافظت الحكومات الهندية السابقة في الغالب على علاقات هادئة مع إسرائيل.

تأييد قوي لإسرائيل

لكن وفي 27 أكتوبر/تشرين الأول المنصرم، اتخذت الهند موقفا مؤيدا لإسرائيل أقوى بكثير مما هو معتاد أثناء الصراعات الإسرائيلية-الفلسطينية، وكانت من بين الدول التي عارضت قرار الأمم المتحدة الذي يدعو إلى "هدنة إنسانية" في غزة.

وأشار الكاتب إلى أنه بعد ساعات قليلة فقط من شن حركة المقاومة الإسلامية "حماس" هجومها على إسرائيل في السابع من الشهر الماضي، كان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي من أوائل زعماء العالم الذين أدانوا هذا الهجوم.

ونسب الكاتب إلى مايكل كوغلمان مدير معهد جنوب آسيا في مركز ويلسون للأبحاث في واشنطن قوله، إن "الهند تنظر إلى الصراع الحالي كونه حربا لمكافحة الإرهاب، وتنظر إلى الهجوم الإسرائيلي على غزة على أنه عملية لمكافحة الإرهاب، وتعدّ أن عمليات مكافحة الإرهاب ينبغي لها ألا تتوقف من أجل الهدن الإنسانية".

ويتابع كوغلمان أنه منذ بداية الحرب الحالية، أصبحت المسيرات المؤيدة لإسرائيل حدثا منتظما في الهند، بينما قوبل التضامن الفلسطيني باستمرار بحملة قمع، مع استهداف الحكومة للمحتجين المؤيدين لفلسطين كذلك.

وبيّن أن الحسابات على شبكة الإنترنت من الهند من بين الجهات الموزعة الرئيسة للأخبار الكاذبة المعادية للفلسطينيين على مواقع التواصل الاجتماعي؛ مثل: إنستغرام وفيسبوك وإكس.

أسباب التغيّر

ثم دلف الكاتب إلى تفسير سبب تغيّر سياسة الهند تجاه الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني مستهلا ذلك بظهور القومية الهندوسية في الهند و"الأجندة" الانتخابية للحكومة الحالية، وجهودها للحفاظ على علاقات جيدة مع الولايات المتحدة بأي ثمن، والهدف النهائي للقوميين الهندوس، وهو تأسيس سيادة هندوسية دائمة على المسلمين.

وأضاف أنه عندما أرادت نيودلهي الانضمام إلى الاقتصاد العالمي والتقرب من الولايات المتحدة، بدأت تقترب من إسرائيل، وفي عهد ناريندرا مودي، تسارعت العلاقة إلى حد العلاقة الإستراتيجية، وظلت حكومة مودي تروّج أن دعم إسرائيل سيساعد الهند على العودة إلى دولة هندوسية وتحويل الهند إلى قوة عالمية.

ولا يعتقد الكاتب أن كل الناس في الهند مؤيدون لإسرائيل، فهناك كثيرون يدعمون العدالة وتقرير المصير للفلسطينيين، ولكن في ظل المناخ الحالي في الهند، من الصعب إظهار هذا الدعم علنا، وهو ما وافق عليه أشوك سوين، الأستاذ ورئيس قسم أبحاث السلام والصراع في جامعة أوبسالا في السويد.


صعود القومية الهندوسية

ونقل عن سوين أن التغيير في سياسة الهند سببه صعود القومية الهندوسية، وبما أن وسائل الإعلام الهندية تتأثر إلى حد كبير بالحكومة القومية الهندوسية، فإنها تميل إلى تبني خطاب أكثر عدائية تجاه فلسطين.

واستدرك سوين، الذي يشغل منصب رئيس اليونسكو للتعاون الدولي في مجال المياه، "أنه يعتقد أن غالبية الهنود ما زالوا يدعمون النضال الفلسطيني من أجل الاستقلال".

وقال "تعتقد حكومة مودي أنه طالما استمرت الحرب في غزة، فسيتم توجيه اهتمام وسائل الإعلام نحو إدانة حماس، التي تعدّها فرصة لزيادة تأجيج "الإسلاموفوبيا" داخل المجتمع الهندي".

العداء للإسلام

وقال بيال، إن باميلا فيليبوز، وهي صحفية وباحثة بارزة مقيمة في دلهي، توصلت إلى أن الحكومة الهندية تعتقد أنها يمكن أن تستفيد من تصوير حماس "ممثلة للإرهاب الإسلامي" ودعمها لإسرائيل جزء من توجهها السياسي المناهض للإسلام"، مؤكدة أن الهند "ترى علاقتها مع إسرائيل والولايات المتحدة من ضمن أولويتها الأساسية"، وهذا هو السبب الذي يقف وراء موقف حكومتها الحالي المؤيد لإسرائيل.

وقال الكاتب إن حكومة مودي تعتقد أن موقفها المؤيد لإسرائيل يساعد في تخفيف المخاوف الغربية بشأن علاقاتها الوثيقة مع روسيا فيما يتعلق بحرب أوكرانيا. وبسبب تدهور العلاقات مع كندا، يسعى مودي إلى للحصول على دعم بايدن لتجنب التوبيخ العلني من الغرب بشأن مقتل انفصالي من السيخ على الأراضي الكندية.


القومية الهندوسية والصهيوينة

كذلك نقل الكاتب ما يراه سوين وآخرون من وجود قواسم مشتركة كبيرة بين الصهيونية والقومية الهندوسية. فوفقا لهم، أن كلا "الأيديولوجيتين" تشتركان في العديد من أوجه التشابه، بما في ذلك كون أهدافهما توسعية وإقصائية.

وتصف كلّ من الحركتين الهند وإسرائيل بأنهما كانتا في الأصل حضارتين هندوسية ويهودية، على التوالي، ولكنهما "لُوثتا" من قبل الغرباء، أو على وجه التحديد المسلمين، ويتلخص طموحهما الآن في إعادتهما إلى مجدهما السابق كدولتين هندوسية ويهودية على التوالي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: فی الهند

إقرأ أيضاً:

تغير المناخ يطيل مدة تعافي الغابات من الحرائق الكارثية

في وقت تتزايد فيه المخاوف العالمية من تداعيات تغير المناخ، حذرت دراسة من تدهور قدرة الغابات على التعافي من الحرائق التي تزداد وتيرتها، مما قد يُضعف من قدرتها على أداء دورها الحيوي كمخزن طبيعي للكربون وتنظيم المناخ.

وحلل البحث المنشور في مجلة "علم البيئة الطبيعية والتطور" (Nature Ecology and Evolution) آلاف الحرائق الكبرى التي اندلعت في الغابات بين عامي 2001 و2021، وكشف عن ارتفاع ملحوظ في شدة الحرائق وتباطؤ مقلق في معدلات تعافي الغابات بعدها، خاصة في مناطق شمالية مثل غرب أميركا الشمالية، وأجزاء من سيبيريا، وجنوب شرق أستراليا.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2تقرير: المعلومات المضللة تؤخر العمل لمواجهة تغير المناخlist 2 of 2سد دوكان يفقد 75% من مياهه و4 ملايين عراقي يواجهون الجفافend of list

واعتمد الباحثون في دراستهم على بيانات الأقمار الصناعية لتحديد أكثر من 3200 حريق كبير بمساحات تتجاوز 10 كيلومترات مربعة.

وأشارت النتائج إلى أن شدة هذه الحرائق زادت بشكل واضح خلال العقد الأخير، وأن الغابات الشمالية تحديدا أصبحت أكثر عرضة لأضرار طويلة الأمد بسبب تلك الحرائق.

وبحسب الدراسة، فإن ما لا يقل عن ثلثي الغابات المتضررة من الحرائق لم تنجح في استعادة كثافتها النباتية وإنتاجيتها خلال فترة 7 سنوات من الحريق، وهي الفترة التي يعتبرها العلماء حاسمة لتعافي النظم البيئية.

إحدى الطائرات تعمل على إطفاء نيران حريق اندلع بغابة في كولورادو الأميركية أتى على أكثر من 15 ألف فدان (الفرنسية) دور تغير المناخ

وأفادت الدراسة بأن شدة الحريق كانت العامل الأهم الذي أثر في سرعة تعافي الغابات، حتى أكثر من تغير المناخ نفسه.

لكنها شرحت أن تغير المناخ لعب دورا غير مباشر لكنه متنام في تفاقم الوضع. فارتفاع درجات الحرارة، وتراجع رطوبة التربة، يسهمان في جعل بيئات الغابات أكثر هشاشة، ويقللان من فرص نمو نباتات جديدة بعد الحريق.

ووجد الباحثون أن الغابات الإبرية دائمة الخضرة، مثل تلك المنتشرة في شمال كندا وروسيا، كانت من بين الأكثر تضررا، بسبب حساسيتها العالية لتغير الظروف المناخية بعد الحريق.

وفي تلك المناطق، لم تتعافَ معظم الغابات خلال فترة الدراسة، مما يُنذر بفقدانها الدائم في بعض الحالات.

التعافي يزداد بطئا

بمقارنة أزمنة التعافي قبل وبعد عام 2010، وجد الباحثون زيادة ملحوظة في مدة التعافي لكافة مؤشرات صحة الغابات.

إعلان

فقد ارتفع الوقت اللازم لاستعادة كثافة الغطاء النباتي بنسبة 8%، وهيكل مظلة الأشجار بنسبة 11%، والإنتاجية الأولية الإجمالية بنسبة تصل إلى 27%.

وهذا يعادل تأخيرا يتراوح بين عدة أشهر إلى عام كامل في التعافي مقارنة بما كانت عليه الأمور مطلع الألفية.

كما ارتفعت نسبة الغابات التي تتأخر لأكثر من 6 سنوات في التعافي من نحو 11-13% قبل 2010 إلى 16-22% بعده، مما يثير مخاوف من استمرار هذا الاتجاه.

أشجار محترقة بعد حريق غابات في بلدة ملولة التونسية في يوليو/تموز 2024 (الفرنسية) الغابات الرطبة استثناء

رغم ذلك، بيّنت الدراسة أن الغابات الموجودة في مناطق رطبة مثل أجزاء من أميركا الجنوبية وآسيا، تعافت بسرعة نسبية من الحرائق.

فقد تعافت 60 إلى 80% من هذه الغابات في غضون 7 سنوات، مما يبرز أهمية توفر الماء والتربة الغنية في تسريع إعادة بناء النظم البيئية.

تاريخيا، كانت بعض النظم البيئية تعتمد على الحرائق الطبيعية المتقطعة لتجديد التربة وتحفيز نمو النباتات.

لكن مع تغير المناخ وارتفاع درجات الحرارة وتراجع الرطوبة، أصبحت هذه الحرائق أكثر شدة، وبدأت تدمّر النظم البيئية بدلا من إنعاشها.

وتشير بيانات معهد الموارد العالمية إلى أن المساحة التي تلتهمها حرائق الغابات زادت بنحو 5% سنويا منذ عام 2001، كما أن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن هذه الحرائق ارتفعت بنسبة 60% خلال نفس الفترة.

ويهدد هذا التسارع في فقدان الكتلة الحيوية بتحويل الغابات من "مصارف للكربون" إلى مصادر له، وهو ما سيكون له آثار كارثية على استقرار مناخ الأرض.

مقالات مشابهة

  • زرداري: كانت لدينا بضع ثوان فقط لنقرر ما إذا كان الصاروخ الذي نشرته الهند نوويا
  • ‏الطائرات الإسرائيلية تقصف "ساعة فلسطين" التي كانت تؤشر إلى "العد العكسي لتدمير إسرائيل" عام 2040 وفقا للسلطات الإيرانية
  • تغير المناخ يهدد سلامة الطيران في أستراليا
  • محافظ الشرقية يستقبل الكاتب الصحفى مصطفي بكري
  • تغير المناخ يطيل مدة تعافي الغابات من الحرائق الكارثية
  • تغير في مسار الحرب
  • «باحث»: إسرائيل كانت تستهدف إسقاط النظام الإيراني باغتيالات وضربات جوية منسقة
  • مظاهرات في اليمن دعما لفلسطين وتضامنا مع إيران
  • السلطات الأمريكية تطلق سراح الناشط الفلسطيني محمود خليل
  • ما قصة صاروخ الكشري المصري الذي أغضب إسرائيل؟