وكأن قلقهم لا يكفي.. أزمات مالية تعصف بطلبة غزة في الخارج
تاريخ النشر: 13th, November 2023 GMT
غزة- نحو 65 فردا من أسرة أسامة يحيى في مخيم جباليا للاجئين، شمال قطاع غزة، تشردوا إثر تسوية منزلهم بالأرض بفعل غارة جوية إسرائيلية، ونزحوا من مكان إلى آخر، حتى استقر بهم المقام، بعضهم عند أقارب والآخرون في مركز للإيواء بمدينة دير البلح وسط القطاع.
يدرس أسامة الهندسة في ولاية عنابة بالجزائر، وبصعوبة بالغة يستطيع التواصل مع أسرته كل بضعة أيام، بسبب تردي خدمات الاتصال والإنترنت.
ويقول للجزيرة نت، وقد امتزج صوته عبر الهاتف بكثير من الحزن "الحرب ليست فقط على أهالينا في غزة، ونحن كطلبة مغتربين نعيش أحداثها لحظة بلحظة، والقلق يكاد يقتلنا، وتداعيات الحرب تركت آثارها السلبية على حياتنا ودراستنا".
وإضافة إلى قلقهم على ذويهم في غزة مع ضراوة الحرب المتصاعدة في شهرها الثاني على التوالي، فإن أسامة وآلاف الطلاب الفلسطينيين في الخارج، يواجهون أزمة مالية حادة، لعدم قدرة أسرهم على تحويل مصاريفهم الشهرية والدراسية، بسبب توقف عمل المصارف والشركات المالية ومحال الصرافة.
ويلات الحرب
ذاق أسامة ويلات الحرب الإسرائيلية على غزة مبكرا، وفي أسبوعها الأول، أنذر جيش الاحتلال عائلته و7 أسر أخرى لأعمامه، يقيمون معا في بناية مكونة من 4 طوابق في مخيم جباليا، وطالبهم بإخلائها، ثم دمرها بغارة جوية سوتها بالأرض.
وفي غارة ثانية بمكان آخر، استشهدت عمة أسامة وزوجها وأولادهما الخمسة، وفي غارة ثالثة استشهد 20 فردا من عائلة والدته، فضلا عن أصدقاء له ارتقوا شهداء فرادى أو مع أسرهم، في جرائم مروعة تركت آثارها على حياته ودراسته.
ويزداد أثر الحرب على أسامة مع معاناته من أزمة مالية حادة، جراء نفاد مصروفه الشهري، وعدم قدرة أسرته على إرسال الحوالة المالية الشهرية له، حيث توقفت عجلة العمل في المصارف والشركات المالية، إذ يقتصر عمل محال الصرافة الصغيرة على معاملات مالية محلية.
وينحدر أسامة من أسرة لاجئة من بلدة "برير" إبان النكبة عام 1948، أحوالها المالية متواضعة، وتعتمد في معيشتها على راتب محدود يتقاضاه والده من السلطة الفلسطينية في رام الله.
وتقول والدته للجزيرة نت "كنا نقتطع من قوتنا 100 دولار شهريا، ونرسلها لأسامة، ونعلم أنها لا تكفيه، واليوم وبسبب الحرب تشردنا في المدارس (مراكز الإيواء) وتعطلت البلد، ولا نستطيع تحويلها له".
وتتعامل والدة أسامة مع محل صرافة في مدينة غزة، التي تتعرض لهجوم بري وغارات جوية إسرائيلية عنيفة، وقد اضطر غالبية سكانها إلى النزوح عن منازلهم ومصالحهم التجارية، نحو مدن ومناطق جنوب القطاع.
يد واحدةقبل أقل من شهر على اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كان أسامة في زيارة لأسرته بعد غياب متواصل لـ3 سنوات. وقال إن "معايشة الحرب على أرض الواقع، ورغم مخاطر الموت والدمار، أهون من القلق الذي ينهش قلوبنا وعقولنا (..) ليتني بقيت في غزة".
وفي حديث للجزيرة نت مع زملاء أسامة بالجزائر، أبدوا تكاتفا عاليا، عبر مبادرات فردية وجماعية لإسناد بعضهم معنويا وماليا، قال أحدهم "إحنا الغزازوة رجال وين ما نروح".
هذه العبارة وجد أحمد وافي (21 عاما) ترجمتها في إسطنبول التركية، حيث يدرس الهندسة في سنته الدراسية الثالثة، ولم تتمكن أسرته في مدينة خان يونس جنوب القطاع، من إرسال حوالة مالية معتادة له كمصروف شهري. وقال للجزيرة نت "كلنا يد واحدة، ونساعد بعضنا، وما بنترك طالب يعيش أزمته لوحده".
ويتلقى أحمد 350 دولارا مصروفا شهريا من أسرته، التي كانت تمتلك معصرة زيتون، وتعتاش منها، وتعرضت لاستهداف إسرائيلي ألحق بها دمارا كبيرا، وقد استقبل آخر حوالة مالية في الشهر الذي سبق اندلاع الحرب.
وبالنسبة لأحمد، فإن الأزمة المالية مصيرها الحل، ويمكن التغلب عليها "لكن الدم من يعوضه؟"، وهو الذي كان له نصيب من ألم الفقد باستشهاد خالته وأولادها، بقصف جوي إسرائيلي استهدف منزلها في مدينة خان يونس.
وللحرب وجوه كثيرة في تأثيراتها على الطلاب الفلسطينيين بالداخل والخارج، وفي حين يعاني طلاب غزة بالخارج من أزمات مالية، فإن أقرانهم في الداخل ممن كانوا على موعد مع السفر للالتحاق بدراستهم في الخارج، حال بينهم وبين ذلك إغلاق معبر رفح البري، المنفذ الوحيد لسكان القطاع على العالم الخارجي عبر مصر.
أحد هؤلاء الطالب سامر صلاح (21 عاما)، الذي كان على وشك تحقيق حلمه بدراسة الهندسة في ألمانيا، بعد فترة طويلة قضاها في دراسة وتعلم اللغة الألمانية، كي يتمكن من الحصول على تأشيرة دخول وقبول في إحدى الجامعات بألمانيا.
قبيل اندلاع الحرب كان سامر يعد نفسه للسفر، بعدما نجح في اجتياز اختبار اللغة، وحصل على تأشيرة فعلا. لكنه قال للجزيرة نت "بدلا من السفر للدراسة أُجبرنا على النزوح من منزلنا في مدينة غزة إلى مدينة خان يونس".
واضطر سامر وأسرته المكونة من 6 أفراد للنزوح عن حي الرمال، وهو أحد أحياء مدينة غزة، التي أصابها دمار واسع بفعل غارات جوية إسرائيلية مكثفة، واستقر بهم المقام في مدينة خان يونس، إحدى مدن جنوب القطاع، التي نزح إليها مئات الآلاف من شمال القطاع إثر إنذارات وتهديدات إسرائيلية.
ولا يدري سامر إن كان سيبقى على قيد الحياة حتى انتهاء الحرب، ويتمكن من تحقيق حلمه بالدراسة في ألمانيا أم لا، ويقول: "لا أحد يفكر بشيء الآن سوى النجاة بروحه من هذه الحرب الشرسة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: مدینة خان یونس للجزیرة نت فی مدینة
إقرأ أيضاً:
نتنياهو يُهاجم ماكرون ويتهمه بالانحياز إلى حركة حماس
اتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم الأربعاء، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بـ"الانحياز مجددًا إلى حركة حماس"، وذلك بعد تصريحات أدلى بها ماكرون وانتقد فيها القيود التي تفرضها إسرائيل على إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة. اعلان
وقال نتنياهو في منشور عبر منصة "إكس": "بدلًا من دعم المعسكر الديمقراطي الغربي الذي يحارب المنظمات الإرهابية الإسلامية ويدعو إلى إطلاق سراح الرهائن، يطالب ماكرون مرة أخرى إسرائيل بالاستسلام ومكافأة الإرهاب".
وأضاف: "إسرائيل لن تتوقف ولن تستسلم، والحكومة عازمة على تحقيق جميع أهداف الحرب: إطلاق سراح جميع رهائننا، وهزيمة حماس عسكريًا وحكوميًا، وضمان ألا تشكل غزة تهديدًا لإسرائيل بعد الآن".
وجاءت تصريحات نتنياهو ردًا على مقابلة تلفزيونية للرئيس الفرنسي استغرقت ثلاث ساعات، بثّتها قناة TF1 مساء الثلاثاء، دعا خلالها ماكرون دول أوروبا إلى التوجه نحو فرض عقوبات على إسرائيل، على خلفية تدهور الوضع الإنساني في غزة، حيث يُعتقد أن مئات الآلاف يواجهون المجاعة.
وقال ماكرون في المقابلة: "ما تفعله حكومة بنيامين نتنياهو أمر غير مقبول. لا مياه ولا أدوية، الجرحى عاجزون عن المغادرة، والأطباء لا يستطيعون الدخول. ما يجري مخزٍ".
وأضاف الرئيس الفرنسي: "نحن بحاجة إلى الولايات المتحدة. ترامب هو من يملك زمام الأمور. تبادلتُ كلمات قاسية مع نتنياهو، وكنت غاضبًا، لكن إسرائيل لا تعتمد علينا، بل تعتمد على السلاح الأمريكي".
كانت إسرائيل قد استأنفت عملياتها العسكرية الواسعة في أنحاء قطاع غزة في 18 آذار/ مارس، ثمّ فرضت حصارًا خانقًا على غزة، يمنع إدخال المواد الغذائية والوقود والأدوية، في ظل أزمة إنسانية غير مسبوقة، بحسب الأمم المتحدة، والتي تؤكد أن أكثر من 90% من سكان القطاع، البالغ عددهم نحو 2.3 مليون نسمة، يعتمدون على المساعدات للبقاء على قيد الحياة.
وقد أُجبرت عشرات المطابخ الخيرية على الإغلاق بعد نفاد الإمدادات، في وقت ترتفع فيه معدلات سوء التغذية الحاد بين الأطفال، ما دفع إلى توجيه اتهامات مباشرة لإسرائيل باستخدام الجوع كسلاح ضد المدنيين، في إطار ممارسات ممنهجة، ووسط معاناة متواصلة للفلسطينيين منذ أكثر من 19 شهرًا.
Relatedنتنياهو عن تهجير سكان غزة: 50% من سكان القطاع سيغادرون والعقبة الوحيدة عدم وجود دول تستقبلهمحلم ضرب منشآت إيران النووية يراود إسرائيل.. التوتر يتصاعد بين ترامب ونتنياهوحماس تسلّم الجندي عيدان ألكسندر للصليب الأحمر ونتنياهو يرسل وفد التفاوض إلى الدوحة غداوقد حذرت الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة مرارًا من كارثة إنسانية تلوح في الأفق في غزة، مع عودة المجاعة إلى الواجهة في المناطق المنكوبة بفعل الحرب.
وقد أسفرت الحرب الإسرائيلية على غزة، منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، عن مقتل 52,928 شخصًا وإصابة 119,846 آخرين، معظمهم من النساء والأطفال، بحسب أحدث حصيلة صادرة عن وزارة الصحة في القطاع.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة