بكري الجاك

لست من يجيدون أو يفضلون كتابة النعى و لست من قارئيه و لا أرى قيمة لفكرة النعى في شكلها القائم على مخيال المناحة و يوم الشكر الذي ارتبط في أذهاننا نحن السودانيون بالمبالغة في “ذكر محاسن موتانا” و هي لعمري خصلة حسنة رغم ما بها من رياء احيانا. فى ظني أن الاحتفاء بحياة من رحلوا لهو خيرا من نصب صوالين العزاء، و في هذا اقول بكل ما أوتيت من قدرة و خيال و معرفة وحكمة لو أن الله أو الكون أراد بأناس خيرا وحسن ذائقة لبعث فيهم و من بينهم انسان فى كامل البهاء و العطاء و الاتقان في صنعته كما كان الاستاذ محمد الامين حمد النيل (الباشكاتب) و لذا أني موقن أن الكون أراد بنا خيرا رغم أن واقعنا الآن لا يقول أو يبشر بذلك، لكن من المهم أن نتذكر أن التاريخ لم و لن يتوقف هنا.

اجتهاد ومثابرة و اتقان لنصف قرن لا يضاهيه في الحضور والجودة والثبات الا شمس الاستواء. لا شك عندي أن من استطاع أن يشكل وجدان الناس و يدخل الفرح فى حياتهم حتى و هو يٌقبر سيكون مثواه افضل المجالس فى العليين و ان لم تكن لأمثاله فلا أدري لمن ستكون؟

رغم كل شيء الموت يؤلم ولعل حكمة البشرية على هذه البسيطة بكافة ثقافاتها وصلت الى صيغ متشابهة و متباينة فى التعامل مع الموت و مع الموتى إذ لا توجد حضارة أو ثقافة ليس لديها طقوس شبه مقدسة فى التعامل مع الموت ومع الميت حديثا و مع الموتى و لا أعتقد أن ذلك محض صدفة. طقوس الموت تكاد تجعل الموت جزء اصيل من فكرة الحياة و كل الأحياء يتعاملون مع الموت كجزء أصيل أو متلازمة من فكرة الوجود و الحياة. الموت له صلة بفكرة البدايات و النهايات وبفكرة الفصل التى تتطلب تفسيرا لإعطاء معنى لفكرة الوجود وقيمة لمواصلة الحياة، وظنى هذا ما جعل جل الثقافات البشرية تطّور العديد من الطقوس للتعامل مع فكرة الموت، و ربما يمكن القول أن العديد من الأديان تقوم مأثوراتها حول فكرة الموت تاريخيا.

فجيعتنا نحن السودانيون في ظروف الحرب والتشرد والنزوح قد كتب علينا مواجهة كل الفواجع من تشرد و تعذيب و خوف و موت من دون قدرتنا على ممارسة الطقوس التى تعطى معنى و قيمة لفكرة الموت و الحياة والمواساة، طقوسنا عادة تبدأ ما قبل الرحيل الى نقل الخبر و الغسل و التكفين و التشييع الى حيث مرقد السابقون من الأهل و الاحباء و من ثم صالون العزاء الذي ندقه في الشارع و هو قمة احتفائنا بحياة من رحلو عنا. الموت يؤلم لكن عدم القدرة على ممارسة طقوسه تجعل منه أمر غير قابل للتفسير خارج نطاق المنظومة الثقافية التى تعطينا معنى وجودنا في المستوى الأولى فكرة صناعة المعانى اجتماعيا.

كتبت منذ مدة عن أن فكرة نجاح الدولة الوطنية، التى هى بمثابة التطور الإيجابي لفكرة الدولة القومية، تقوم على ثلاثة عوامل أساسية سابقة لفكرة الحقوق المدنية و العقد الاجتماعي، هذه العوامل هي 1) قدر من التجانس بين مكونات الدولة، 2) العلاقة بين حجم السكان ومساحة الأرض 3) قدر من الموارد. و نجاح قيام دولة وطنية فى السودان، فى أعقاب المنتوج الحالى للثلاثة نظريات لنشوء الدول ( القوة والتطور التاريخي و العقد الاجتماعى) المتمثل في حرب الـ 15 من أبريل، تقوم على إيجاد صيغة لتحقيق المواطنة المتساوية عبر عقد اجتماعى جديد يصوغه السودانيون بكافة أطيافهم ومكوناتهم لتكون هذه الحرب آخر حروبهم. و لابد لهذه الدولة من مقومات رمزية تكامل الشروط المادية من مواطنة متساوية و مشروع تنموي تشاركي، فى ظني هذا المشروع الرمزي يقوم على المشتركات بين كل الشعوب السودانية و التي تتأسس على الذاكرة و تشمل ما هو مادي و يومي التى في تقديري من بينها التمباك و الموسيقي و الطرق الصوفية و غيرها. فى ظني المتواضع اذا أتى يوما للجرد فى أمر تشكيل الذاكرة سيكون للأستاذ محمد الأمين مكانة عظيمة فى تشكيل وجدان مشترك و ذاكرة مشتركة لجموع السودانيون في القبل الأربعة، و لعمري أن استطاع المرء فى حياة قصيرة فعل ذلك فطوبى له في الدارين. ألم أقل أن الله أراد بنا خيرا جين بعث من بين ظهرانينا انسان مبدع و مجِد و مجوّد مثل عبده محمد الأمين، الذي ستظل مسيرته مستمرة رغم رحيل جسده.

أدناه مقال كتبته عن الأستاذ محمد الأمين العام الماضي:

قريبا من السياسة: الأستاذ أبو الأمين والبحث عن التفوق و مأزق الإتقان والتجويد في بلاد السودان
في مطلع ثمانينيات القرن الماضي و في عام 1982 بالتحديد نشر كل من Tom Peters و Robert Waterman JR ( توم بيتر و روبرت وترمان) كتابهما In Search for Excellence و الذي يمكن ترجمته ” في البحث عن التفوق” و في الفترة ما بين عامي 1989 و 2006 اعتبر هذا الكتاب الاكثر رواجا في الولايات المتحدة الأمريكية. و الكتاب في جوهره هو عن علم الادارة، وعلى النقيض من موضة الثمانينات حينما كانت الشركات الأمريكية تعمل على دراسة و تقليد نظم الادارة في الشركات اليابانية كوسيلة لتوطين الإتقان والتجويد في طرق عملها، ذهب الكاتبان منحى مغاير بالتركيز على الشركات الأمريكية لاستخلاص العبر والدروس من أسباب نجاحها و تفوقها. كتاب في “البحث عن التفوق” أصبح من الكلاسيكيات في مجال علم الإدارة والجودة بتقديمه وصفة سحرية يمكن تقليدها بواسطة كل الراغبين، والكتاب مقسم إلى عدة أقسام حيث شمل القسم الأول المدخل و المنهج، و القسم الثاني التوجه الفلسفي والفكري، و القسم الثالث يحتوي على ثمانية وصفات للتفوق شملت 1) الميول للفعل، 2) تقريب العملاء و الزبائن، 3) التميًز بالاستقلال و الريادة، 4) التركيز علي زيادة الانتاجية برفع كفاءة العمال، 5) خلق القيمة كأولوية للتنفيذيين، 6) الاستمرار فيما تجيده الشركة، 7) تبسيط نظم الإدارة تقصير الظل الاداري،8) التوازن ما بين الصرامة و التساهل وسط العاملين من أجل خلق القيمة. في البحث عن التفوق صار هو الكتاب الذي أسس لما عرف لاحقا بالـ Best Practices أي الطرق المثلى في كل المجالات من تسويق و طرق إدارة المستشفيات حيث أصبح لكل مهنة كتاب عن ما يسمى بالطرق المثلى لممارسة المهنة.
هذه المقدمة مهمة لفهم أن الاشاء (كل الاشياء) في شتي مناحي الحياة من سياسة واجتماع واقتصاد يجب أن لا تؤتي أو تؤخذ كخبط عشواء و حسب مزاج الفاعل السياسي أو الاجتماعي في أي سياق كان سواء كان في صناعة الطعام أو في الغناء او في ادارة الدولة او في اي جهاز من أجهزة الخدمة المدنية، بل الطبيعي أن يكون هناك منهج قائم على السعي إلى تطبيق الطرق المثلى للتفوق و النجاح. من بعض ما يزعج و يخيف في بلادنا اليوم هو أننا تصالحنا مع القبح في كل شيء وبدأنا في توطين انفسنا علي القبول بالسوء، و لعمري هذا هو بالضبط ما يؤسس لنظام الرداءة و البؤس في كل منحي. تقليل سقف التوقعات في كل شيء من عمل جهاز الدولة و طريقة عمل البنوك والي المطاعم واتساخها هو ما يقنن لاستمرار الرداءة و السوء اجتماعيا و يؤسس لمقبوليته و من ثم التعاطي معه كأمر عادي. هذه العادية في التعامل مع القبح تتسيد المشهد في السياسة وفي الاجتماع والتجارة والإقتصاد و كل مناحي الحياة، الأدهى والأمر أن أبسط مبدأ في الاقتصاد “السعر” الذي هو الوسيلة التي تعكس وتنظم العلاقة بين العرض والطلب لا يوجد له معنى حقيقي في جل التعاملات الاقتصادية في السودان، عادة السعر يتم تحديده بواسطة معادلة بسيطة تقوم علي أساس حساب التكلفة الكلية و إضافة هامش ربح و كلما زاد هامش الربح كلما زادت ربحية المنتج إذا توفرت له الاسواق و استمر الطلب على السلعة، لا يوجد منطق للأسعار لجل السلع في بلادنا و ليس لهذا علاقة بتشوهات الاقتصاد الكلي فحسب بل هو انعكاس للتشوهات السياسواجتماعية التي ضربت الحياة في بلاد السودان.
أعلاه هو تمهيد للحديث أن أساس التفوق هو الإتقان و التجويد، وهذه لعمري من النوادر في حالنا الماثل المائل، و اذا اردنا ان نقدم نماذج عن هذه النوادر فبلا شك سيكون الأستاذ محمد الأمين في نظري نموذج لهذا الإتقان والتجويد في حرفته بغض النظر عن كيفية تقييم تجربته الثرة وذائقته الفنية وتأثيره الفني، فهذا مجال يمكن أن يتبحر فيه دارسي الموسيقى والصوت، اما انا فيعنيني في هذا المقام مبدأ الإتقان والتجويد. بالأمس حظيت ( و كم كنت أمني نفسي في سنوات الغربة بهذه اللحظة) بحضور حفل الاستاذ محمد الأمين بالمسرح القومي بأم درمان و برغم أن هذا ليس بالحفل الأول ولا الثاني الذي احضره للأستاذ، إلا أن أكثر ما شد انتباهي بعد أن ذبت طربا و وصلت الى ذروة المتعة الفنية و بعد أن شكرت تعاون المطر بعدم الهطول كثيفا حتى لا يفسد علينا المشهد هو استمرار الأستاذ كعادته في تجويد صنعته بدربة و حرفة و دراية و حب بدءا من مظهره بكامل بهائه من الحذاء الناصع الى ربطة العنق المميزة. هذا ليس بالأمر الهين يا سادتي أن تقوم بهذا العمل بهذه الدقة وبهذا التجويد والإتقان و بهذا الحب لأكثر من نصف قرن، في الدارج عندنا أن المطعم عادة ما يقدم أكل جيد و يهتم بالنظافة لحين خلق اسم و بعدها ستتراجع الجودة وتتبعها معايير النظافة، و ربما هذا صحيح في الكثير من المناحي فكما قيل ربما من الممكن الوصول الي القمة و لكن من الصعب البقاء في القمة و هذا جوهر فكرة البحث عن التفوق لأنه أمر يتطلب البحث على الدوام و هذا ما لا تجيده الغالبية من الشركات و الاعمال من صناعة الدندرمة الى خطوط الطيران.
خلاصة القول أن البحث عن التفوق ليس له معادلة واحدة ثابتة كما يحاول البعض تبسيطه في كليشيهات التنمية البشرية وصناعة وهم النجاح و كما تتم محاولة إعادة إنتاجه فيما يسمى بالطرق المثلى لممارسة المهن، لكنه أمر يتطلب التجويد والإتقان و الاستمرار في التعلم والبقاء في حالة يقظة واستعداد الرؤية من زوايا مختلفة و من ثم القبول بفكرة أن أي شيء يمكن تطويره و تحسينه حتى في قمة نجاحه. في تقديري كل هذه الشروط هي بالفطرة لا تنسجم مع المخيال الاجتماعي السائد لانسان السودان و تصوراته الكثيرة الزائفة عن حكمته و براعته و اعتداده بذاته بل حتى في فهم ماهية النجاح في حد ذاته. و في بلد تراجع فيها كل شيء وأصبح تقليل سقف التوقعات هو الطريقة الوحيدة للحفاظ على السلامة النفسية، أعتقد أنه من الصواب الاحتفاء بتجربة الاستاذ محمد الأمين، بل و ربما حتى النظر في شروط إنتاجها في هذا الواقع الذي لا يجيد فيه السياسي حرفته ولا حتى أي مهنة يمكن أن يشار إليها بأنها من الأشياء التي يتقنها الناس في هذا البلد سوي كثير الكلام ان كانت هذه مهنة، فسوء التشطيب و قبح البناء و غيرها من أوجه الرداءة ماثلة أمامنا صباح مساء. و في هذا المقام ليس لي الا أن اشكر الاستاذ محمد الأمين في استمراره للبحث عن التفوق متمنين له مديد العمر و دوام الصحة، وربما هذه الثورة هي التي ستنهي علاقتنا بالقبول بالقبح و السوء و الأستاذ في ذلك باع طويل في تشكيل وجداننا الثوري،فهلا تدبرنا في كيفية إتقان و تجويد فعلنا الثوري و تنظيمه بعيدا عن الهتاف والشوفينية و ادعاء امتلاك الحقيقة.

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الاستاذ محمد محمد الأمین مع الموت فی هذا کل شیء

إقرأ أيضاً:

غسان حسن محمد.. شاعر التهويدة التي لم تُنِم. والوليد الذي لم تمنحه الحياة فرصة البكاء

بقلم : سمير السعد ..

في عالمٍ تُثقله الحروب وتغرقه الفواجع، تبرز قصيدة “تهويدة لا تُنيم” للشاعر العراقي غسان حسن محمد كصرخة شعرية تحمل وجع الوطن، وتجسِّد الإنسان العراقي في زمنٍ لم يعد فيه للتهويدات مكان، ولا للطفولة حضنٌ آمن. غسان، ابن العمارة ودجلة والقصب، هو شاعر يكتب بقلبه قبل قلمه، ويغزل قصائده من نسيج الوجع العراقي بأدقّ خيوط الإحساس وأصفى نبرة صدق.
يفتتح الشاعر قصيدته بمشهد يختزل حجم الانهيار الداخلي في صورة جسدية/معمارية رمزية:

“من ربّت على ظهرِ الجسر..،
حتى انفصمت عُراه.”

ليتحوّل الجسر، رمز العبور والحياة، إلى معبر نحو الفقد والانفصال، ولتمتدّ صورة اليُتم على النهر كلحن لا يُفضي إلى الوصول:

“ليمتدَّ اليتمُ على كامل النهرِ،
يعزفُ لحنَ اللاوصول؟!”

هنا لا يتحدث الشاعر عن اليتيم بمعناه الفردي، بل يُحوّله إلى حالة جماعية تسري في جسد المكان، حالة بلد بأكمله يُرَبّى على غياب الآباء، وانقطاع الحكايات.

تدخل الحرب بوصفها شخصية غاشمة، لا تنتظر حتى تهدأ التهويدة، بل تُباغت الزمن وتفتك بالطمأنينة:

“الحرب..،
الحرب..،
(لعلعةٌ..):
كانت أسرعَ من تهويدة الأمِّ لوليدها”

هكذا يضع الشاعر التهويدة، رمز الحنان والرعاية، في مواجهة مباشرة مع صوت الحرب، لنعرف أن النتيجة ستكون فاجعةً لا محالة. ولا عجب حين نسمع عن الوليد الذي لم تمنحه الحياة حتى فرصة البكاء:

“الوليدُ الذي لم يفتر ثغرهُ
عن ابتسام..”

فهو لم يعرف الفجيعة بعد، ولم يلعب، ولم يسمع من أبيه سوى حكاية ناقصة، تُكملها المأساة:

“لم يَعُد أباه باللُعبِ..,
لم يُكمل حكايات وطنٍ..،
على خشبتهِ تزدهرُ المأساة لا غير.!”

في هذا البيت تحديدًا، يكشف غسان عن قدرة شعرية مدهشة على تحويل النعش إلى خشبة مسرح، حيث لا تزدهر إلا المأساة، في تورية درامية تفتك بالقلب.

ثم يأتي المشهد الفاصل، المشهد الذي يُكثّف حضور الغياب:

“عادَ الأبُّ بنعشٍ.. يكّفنهُ (زهرٌ)
لم يكُن على موعدٍ مع الفناء.!”

فالموت لم يكن مُنتظرًا، بل طارئًا، كما هي الحرب دومًا. لقد كان الأب يحلم بزقزقة العصافير، وسنابل تتراقص على وقع الحب:

“كان يمني النفسَ
بأفقٕ من زقزقات.،
وسنابلَ تتهادى على وقع
أغنية حبٍّ..
تعزفها قلوبٌ ولهى!”

بهذا المشهد، يقرّب الشاعر المأساة من القلب، يجعل القارئ يرى الأب لا كمقاتل، بل كعاشق كان يحلم بأغنية، لا بزئير دبابة. حلمُ الأب كُسر، أو بالأدق: أُجهض، على خيط لم يكن فاصلاً، ولا أبيض، بين الليل والنهار:

“حُلم أُجهض على الخيط
الذي لم يكن فاصلاً..،
ولا ابيضَ..
بين ليلٍ ونهار”

لا زمن في الحرب، لا بداية ولا نهاية، ولا فاصل بين حلمٍ وحطام. فالحرب تعيش في الفراغ، وتُشبع نهمها من أجساد الأبناء دون أن ترمش:

“ذلك أن لا مواقيت لحربٍ..
تُشبعُ نهمَ المدافع بالأبناء..”

وفي النهاية، تأتي القفلة العظيمة، القفلة التي تحوّل الحرب من آلة صمّاء إلى كائنٍ لو امتلك عيناً، لبكى، ولابتسم الطفل:

“فلو كانَ للحربِ عينٌ تدمع.،
لأبتسم الوليد!”

ما أوجع هذا البيت! إنه انقلابٌ شعريّ كامل يجعل من التهويدة التي لم تُنِم أيقونةً لفجيعة كاملة، وابتسامة الوليد غاية ما يتمنّاه الشاعر، وكأنّها وحدها قادرة على إنهاء الحرب.

غسان حسن محمد الساعدي ، المولود في بغداد عام 1974، والحاصل على بكالوريوس في اللغة الإنجليزية، هو عضو فاعل في اتحاد الأدباء والكتاب في العراق. صدرت له عدة مجموعات شعرية ونقدية منها “بصمة السماء”، و”باي صيف ستلمين المطر”، و”أسفار الوجد”، إضافة إلى كتابه النقدي “الإنصات إلى الجمال”. شاعرٌ واسع الحضور، يكتب بروح مغموسة بجماليات المكان وروح الجنوب العراقي، وينتمي بصدق إلى أرضه وناسها وتاريخها الأدبي والثقافي.

شاعر شفاف، حسن المعشر، لطيف في حضوره، عميق في إحساسه، يدخل القصيدة كمن يدخل الصلاة، ويخرج منها كما يخرج الطفل من حضن أمه، بكاءً وشوقًا وحلمًا. هو ابن العمارة، وابن دجلة، وابن النخيل والبردي، يدخل القلوب دون استئذان، ويترك فيها جُرحاً نديًّا لا يُنسى.

في “تهويدة لا تُنيم”، لا يكتب الساعدي الشعر، بل يعيش فيه. يكتب لا ليواسي، بل ليوقظ. لا ليبكي، بل ليُفكّر. قصيدته هذه، كما حياته الشعرية، تُعلن أن الشعر ما يزال قادراً على فضح الحرب، وردّ الضمير إلى مكانه، لعلّ الوليد يبتسم أخيرًا.

سمير السعد

مقالات مشابهة

  • من هو منشد حزب الله الذي تجسس لصالح إسرائيل وأطاح برؤوس حزب الله؟
  • لماذا ألغت شيماء سيف متابعة زوجها.. ومن هو النذل الذي تقصده في رسالتها؟
  • غسان حسن محمد.. شاعر التهويدة التي لم تُنِم. والوليد الذي لم تمنحه الحياة فرصة البكاء
  • بعد سلسلة من محاولات الاغتيال الفاشلة.. من هو محمد السنوار الذي عُثر على جثته داخل نفق خان يونس؟
  • «الفجيرة للفنون القتالية» بطل درع التفوق للجودو
  • عائلات الأسرى الإسرائيليين .. نتنياهو هو “ملاك الموت” الذي يقبض أرواح الأسرى
  • الأمين العام للأمم المتحدة: يسعدنا التطور الإيجابي الذي يحصل في العراق
  • الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب: التجربة الأمنية المغربية أصبحت نموذجاً يحتذى في العالم العربي
  • بالمجان.. "انقطاعات الموت" يواصل عروضه على مسرح قصر ثقافة أسيوط
  • بالمجان.. انقطاعات الموت يواصل عروضه على مسرح قصر ثقافة أسيوط