عربي21:
2025-05-27@23:31:35 GMT

الحرب على الحقيقة

تاريخ النشر: 18th, November 2023 GMT

المعلومات المضللة كانت ولا تزال عنصراً مهمّاً في الحروب على مختلف أشكالها، لكن دور وأهمّية وتأثير "المعلومات المضللة" أصبح اليوم أكبر من أي وقت مضى ولا ينحصر فقط على التداعيات السياسية المحتملة أو محاولة تغيير وجهة نظر أو طريقة تفكير الشريحة المستهدفة من الناس في هذا الفريق أو ذلك، وإنما "للمعلومات المضللة" القدرة على أن تتسبب بكوارث حقيقية على أرض الواقع وأن تتسبّب بقتل الناس وأن تكون أداة لتشريع القتل وحماية القاتل وتبرير أفعاله الإجرامية تماما كما تفعل إسرائيل في غزّة.



وبشكل عام، تُعرف "المعلومات المضللة" على أنّها المعلومات الكاذبة التي يتم تعمّد اختلاقها ونشرها بقصد الخداع أو التضليل. وعادة ما يخلط البعض بين "المعلومات المضلّلة" و"المعلومات الخاطئة" في المضمون والإستخدام. لكن وبخلاف "المعلومات الخاطئة" التي يمكن أن تُنتشر عن غير قصد، تتميز المعلومات المضللة بطبيعتها المتعمدة وغالبًا ما تستخدم لتحقيق مكاسب استراتيجية أو سياسية أو مالية، ويكون إستخدامها الأمثل وقت الإستحقاقات السياسية والحروب.

خلال العقدين الماضيين، وبعد انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، بدأ مفهوم "المعلومات المضلّلة" بالانتشار بشكل أكبر، لكن تمّ ربطه ببعض الفاعلين دون غيرهم على المستوى الدولي والإقليمي، حيث جرى ربط المفهوم بشكل كبير بدول مثل الصين وروسيا وإيران للقول بأنّ الدول غير الديمقراطية هي التي تلجأ الى سلاح "المعلومات المضلّلة".

لكنّ الحرب الإسرائيلية الأخيرة على الفلسطينيين في غزّة وطبيعة تفاعل الولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية مع هذه الحرب على المستوى الإعلامي ـ من بين مستويات أخرى ـ، يتغيّر اليوم من هذا المفهوم ويكسر الإدعاء القائل بحصريّة الاستخدام من دول بعينها دون أخرى. المتابع للتغطية الإعلاميّة الأمريكية منذ 7 أكتوبر على الأقل، يستطيع أن يلاحظ أنّ وسائل الإعلام الامريكية تشن حرباً على الحقيقة وأنّ سلاح "التضليل الإعلامي" يلعب دوراً رئيسياً في هذه الحرب.

تُعرّف وزارة الخارجية الأمريكية المعلومات المضللة بأنها معلومات كاذبة يتم نشرها عمدًا للتأثير على الرأي العام أو إخفاء الحقيقة. إنها شكل من أشكال الدعاية التي غالبا ما تستخدم لزرع الفتنة، وتقويض المؤسسات، وتعزيز الرسائل السلبية. يمكن أن تنتشر المعلومات المضللة من خلال مجموعة متنوعة من القنوات، بما في ذلك وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام التقليدية والمنتديات عبر الإنترنت.

ويقول الرئيس الأمريكي جو بايدن "هناك حقيقة وهناك أكاذيب.. وكل واحد منا لديه واجب ومسؤولية.. للدفاع عن الحقيقة وهزيمة الأكاذيب..". يشير مركز التفاعل العالمي على صفحة وزارة الخارجية الأمريكية إلى أنّ "التضليل يُعدّ أحد أهم أسلحة الكرملين وأكثرها تأثيرها، وأنّ روسيا قامت بتفعيل مفهوم الخصومة والتنافس في بيئة المعلومات من خلال تشجيع تطوير نظام متكامل للتضليل والدعاية. يخلق هذا النظام التكامل وينشر روايات كاذبة لتعزيز أهداف سياسة الكرملين بشكل استراتيجي. لا يوجد موضوع خارج حدود أكاذيب هذا النظام المتكامل. كل شيء، من حقوق الإنسان والسياسة البيئية إلى الاغتيالات وحملات القصف التي تقتل المدنيين، هي أهداف عادلة في قواعد اللعبة الخبيثة التي تمارسها روسيا".

هناك حرب حقيقية على الحقيقة هدفها ليس صناعة السرديّة ـ المضلّلة ـ والترويج لها، وإنما احتكار عملية التصنيع ومن ثمّ نشر الأضاليل دون نهاية لتبرير المذابح الإجراميّة التي يتم ارتكابها من قبل إسرائيل وللسماح لها بالاستمرار في فعل ذلك بينما يتم التشويش على الرأي العام ومحاولة التأثير فيه وخداعه.ويتابع: "الحقيقة تنزع أسلحة التضليل الروسية. فالكرملين يخلق وينشر معلومات مضللة في محاولة لإرباك الناس وإغراقهم بالأكاذيب بشأن تصرفات روسيا الحقيقية... ولأن الحقيقة ليست في صالح الكرملين، فإن أجهزة الاستخبارات الروسية تنشئ وتكلف وتؤثر على مواقع إلكترونية تتظاهر بأنها منافذ إخبارية لنشر الأكاذيب وزرع الفتنة. إن التضليل هو وسيلة سريعة ورخيصة إلى حد ما لزعزعة استقرار المجتمعات وتمهيد الطريق لعمل عسكري محتمل. وعلى الرغم من تورطها في هذه الأنشطة الخبيثة مرات لا تحصى، إلا أن روسيا تواصل العمل بشكل يتعارض مع الأعراف الدولية والاستقرار العالمي".

كل ما عليك فعله هو استبدال روسيا بالولايات المتّحدة في هذا النص المنشور في على صفحة وزارة الخارجية الأمريكية، وسيبدو النص مطابقاً تماماً لما تفعله الولايات المتّحدة اليوم إزاء الحرب الإسرائيلية على الفلسطينيين في غزّة. الأكاذيب التي يتمّ الترويج لها لا قاع لبشاعتها ويتم صنعها والترويج لها من رأس الهرم ونزولا حتى القاعدة. لماذا؟ لأنّ النص أجاب على ذلك وقال أنّ الحقيقة لا تخدم البيت الأبيض ولا إسرائيل، ولذلك هناك حرب حقيقية على الحقيقة هدفها ليس صناعة السرديّة ـ المضلّلة ـ والترويج لها، وإنما احتكار عملية التصنيع ومن ثمّ نشر الأضاليل دون نهاية لتبرير المذابح الإجراميّة التي يتم ارتكابها من قبل إسرائيل وللسماح لها بالاستمرار في فعل ذلك بينما يتم التشويش على الرأي العام ومحاولة التأثير فيه وخداعه.

ما لا تأخذه الولايات المتّحدة اليوم بالحسبان هو أنّ اعتمادها بشكل شبه كلي على التضليل الإعلامي كوسيلة من وسائل دعم إسرائيل في الحرب على الفلسطينيين في غزّة سينعكس عليها غدا بالضرورة سياسياً وإقتصادياً وإجتماعياً وحتى أمنيّاً، وسيكون من الصعب جداً حينها عكس عقارب الساعة إلى الوراء.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه التضليل الحرب الفلسطينيين فلسطين غزة الغرب حرب تضليل مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المعلومات المضللة ة الأمریکیة على الحقیقة التی یتم فی غز ة ة التی

إقرأ أيضاً:

جيروزاليم بوست: إسرائيل تعاني من أزمة داخلية حادة ستدمرها

قالت صحيفة جيروزاليم بوست، إن دولة الاحتلال، لا تخوض حربا في غزة فقط، بل تخوض حربا على روحها، وما يجري أن الأزمة تتعمق ولن تنتهي.

وأوضحت الصحيفة، أن سيل التصريحات من جانب اليسار واليمين لدى الاحتلال، يكشف عن أزمة عميق داخل نسيج مجتمع الاحتلال، وينذر بعواقب "مدمرة على الدولة برمتها".

وأشارت إلى أن "تصريحات يائير غولان هذا الأسبوع بأن إسرائيل تقتل الأطفال كهواية ليست فقط كاذبة، بل مدمرة بعمق"، وقالت إنها "تمنح الذخيرة لمنتقدي إسرائيل، وتمنح الشجاعة للمعادين للسامية، وتلطخ سمعة دولة تكافح أصلا لكسب الشرعية على الساحة الدولية".

ولفتت إلى أنه و"بنفس القدر من القلق، جاءت تصريحات رئيس الوزراء الأسبق إيهود أولمرت في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية، حيث أشار إلى أن العملية العسكرية الموسعة للجيش الإسرائيلي في غزة في طريقها لأن تتحول إلى جريمة حرب".

وعلى عكس ما قاله أحد الوزراء، "فإن المسلح الذي قتل اثنين من موظفي السفارة الإسرائيلية في واشنطن ليل الأربعاء لم يكن بحاجة إلى أولمرت أو غولان لتبرير عنفه، ولكن لا يمكننا أن نتظاهر بأن الكلمات لا تهم".

وقبل بضعة أشهر، وخلال جلسات محكمة العدل الدولية بشأن اتهامات الإبادة الجماعية ضد إسرائيل، قال عضو الكنيست عن حزب الليكود موشيه سعدة لإذاعة محلية إنه "لا يمانع في موت أطفال غزة". وفي يوم الأربعاء، صرح موشيه فيجلين، النائب السابق في الليكود والمعلق الحالي على قناة 14، قائلا: "كل أطفال غزة هم أعداء".

وأضافت الصحيفة: "ما هو الحل الذي اقترحه؟ احتلال غزة وتوطينها دون ترك أي طفل فلسطيني فيها، وقد يتساءل البعض: لماذا نهتم بما يقوله فيجلين؟ فهو لا يشغل منصبا رسميا في الكنيست. لكن جولان وأولمرت أيضا لا يشغلان مناصب رسمية. لا يمكننا أن نتجاهل التحريض بناء على الراحة السياسية".

وعلى جانب اليمين المتطرف، "صرح وزير المالية بتسلئيل سموتريتش مؤخرا بأن إسرائيل تدمر كل ما تبقى في غزة وقال وزير التراث عاميخاي إلياهو بعد شهر من اندلاع الحرب إن على إسرائيل أن تفكر في إسقاط قنبلة نووية على غزة، وهو تصريح يلقي جانبا بسياسة الغموض النووي التي استمرت أكثر من 75 عاما".



عضو الكنيست تسفي سوكوت، المنتمي لحزب سموتريتش، صرح قبل أيام بأن إسرائيل يمكنها قتل 100 فلسطيني يوميا و"لن يهتم أحد". هذا لا يكشف فقط عن استخفاف عميق بالحياة البشرية، بل أيضا عن جهل مدهش بما يحدث في العالم.

وقالت الصحيفة: "هل لم يسمع سوكوت عن تهديد المملكة المتحدة وكندا وفرنسا باتخاذ إجراءات ملموسة ضد إسرائيل إذا لم تنته الحرب؟ هل لم يلاحظ التوتر بين القدس وإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؟ هل يعتقد فعلا أن لا أحد يهتم؟".

وأوضحت: "ومع ذلك، عندما عقد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أول مؤتمر صحفي له منذ ستة أشهر هذا الأسبوع، وجه انتقاده إلى جولان فقط، متجاهلا سيل الخطابات المتطرفة من معسكره السياسي نفسه، هذا الغضب الانتقائي يكشف عن مشكلة أعمق: إسرائيل تفتقر اليوم إلى إدارة فعلية. لا يوجد خطاب موحد، ولا فريق اتصالات حكومي فاعل، ولا وضوح بشأن أهداف الحرب".

في مؤتمره الصحفي، أعاد نتنياهو طرح فكرة ترامب بإجلاء السكان المدنيين من غزة، معلنا أنه اعتمدها سياسة رسمية إسرائيلية. ومع أن ترامب لم يتطرق إلى هذه الخطة منذ أسابيع، إلا أنها عادت فجأة كوسيلة جديدة لإطالة أمد الحرب عبر وضع هدف ضبابي آخر دون نقطة نهاية واضحة.

وقال نتنياهو إن التوصل إلى صفقة "لا يعني نهاية الحرب، بل مجرد وقف مؤقت لإطلاق النار. ثم وعد مجددا بأن إسرائيل ستنتصر. وأضاف: "لا أريد الكشف عن الخطط، لكنها ستتحقق. سنصل إلى نتيجة حاسمة ومستقبل مختلف لغزة".

لكننا نسمع نسخا من هذه "الخطة" منذ 19 شهرا، خطة لا يمكن الكشف عنها، ووعود بنتائج حاسمة لم تتحقق بعد. والحقيقة أكثر قسوة: لا يبدو أن هناك خطة فعلية. بل مجرد نقاط حوار وقرارات رد فعلية تتغير مع تطورات الضغوط العسكرية والسياسي بحسب الصحيفة.

في يوم ما، تكون الأولوية هي إنقاذ الرهائن. وفي اليوم التالي، القضاء على حماس. يوما يطلب من الجيش إعادة احتلال غزة وتوزيع المساعدات، واليوم التالي تعلن الحكومة أن "غراما واحدا من الطحين" لن يدخل غزة، ثم بعد أيام تتراجع وتعلن أن مقاولين أمريكيين سيديرون تسليم المساعدات.

وقالت الصحيفة: "ثم هناك وصف نتنياهو لهجوم السابع من أكتوبر. وفقا له، حماس غزت إسرائيل بالشباشب والكلاشنيكوفات والشاحنات، ما يعطي انطباعا بأن الهجوم كان عشوائيا، والحقيقة؟ كانت قوة إرهابية مدربة جيدا ومسلحة بشكل مكثف استخدمت طائرات مسيرة وصواريخ مضادة للدبابات وقوات بحرية في هجوم منسق على جبهات متعددة".

وتساءلت: "لماذا يريد التقليل من حجم الخطر؟ السبب واضح، إن كانت قوة عسكرية منظمة، فهذا يعني أنها نظمت نفسها بينما كان هو يتجاهل الأمر، وإن كانت مجرد مجموعة إرهابية عشوائية، فلا يمكن لأحد أن يتوقعها".

مقالات مشابهة

  • وكيلة وزارة المعادن: الوثائق الروسيه تحتوي على قاعدة بيانات قوية لاستعادة كل الوثائق والتقارير الجيولوجية التي فقدت في الحرب
  • المصافحة التي لم تتم.. خلافات عميقة تعوق التوصل لاتفاق في غزة برعاية أمريكية
  • ‌‏الخارجية الليبية تنفي المعلومات التي تحدثت عن اقتحام مقرها في طرابلس
  • شركات الطيران الأجنبية التي ألغت أو أجلت رحلاتها إلى “إسرائيل” نتيجة الضربات الصاروخية على مطار اللد “بن غوريون”
  • هل تنجح هجمة أوروبا على إسرائيل في وقف الحرب؟
  • هجمة أوروبا على إسرائيل ووقف الحرب
  • أمين عام حزب الله: الحرب مع إسرائيل لم تنته
  • مسؤولون: إن بدأت العملية البرية الشاملة بقطاع غزة فلن تنسحب إسرائيل من المناطق التي تدخلها حتى بعد التوصل لاتفاق
  • جيروزاليم بوست: إسرائيل تعاني من أزمة داخلية حادة ستدمرها
  • أسلحة الذكاء الاصطناعي التي استخدمتها إسرائيل في حرب غزة