شاهد المقال التالي من صحافة الإمارات عن صباح الاتحاد 10 07 2023، ،بحسب ما نشر جريدة الاتحاد، تستمر تغطيتنا حيث نتابع معكم تفاصيل ومعلومات صباح الاتحاد 10-07-2023، حيث يهتم الكثير بهذا الموضوع والان إلى التفاصيل فتابعونا.
صباح الاتحاد 10-07-2023.
المصدر: صحافة العرب
كلمات دلالية: موعد عاجل الدولار الامريكي اليوم اسعار الذهب اسعار النفط مباريات اليوم حالة الطقس
إقرأ أيضاً:
اقتصاد السودان: الانهيار الشامل والمأساة الإنسانية في ظل الحرب المنسية
عمر سيد احمد
[email protected]
مايو 2025
مقدمة
منذ اندلاع الحرب في السودان في أبريل 2023، دخلت البلاد مرحلة من الانهيار الاقتصادي الكامل. شلّ النزاع المسلح معظم الأنشطة الإنتاجية، وتراجعت المؤشرات الكلية، وتفككت مؤسسات الدولة، فيما باتت الأزمات المعيشية أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى. امتدت التأثيرات إلى الزراعة، الصناعة، التجارة الخارجية، والقطاع المصرفي، بينما ظل الذهب موردًا استراتيجيًا يراوح بين دعم الاقتصاد وتهديده بفعل التهريب. هذا المقال يعرض المشهد الكامل لما واجهه الاقتصاد السوداني خلال تلك الفترة الحرجة، بلغة تحليلية متماسكة تستند إلى الأرقام والوقائع.
الاقتصاد الكلي: تضخم منفلت، عملة منهارة، ودين خارجي خانق في ظل استمرار الحرب
ظل الاقتصاد السوداني يعاني تحديات كبيرة قبل اندلاع الحرب، مثل ارتفاع معدلات التضخم، وانخفاض قيمة العملة، وانتشار الفقر وشهد العامبن الأول والثاني للحرب تدهوراً حاداً في مؤشرات الاقتصاد الكلي، شمل الناتج المحلي الإجمالي (GDP) والتضخم وسعر العملة الوطنية. والدين الخارجي وتأثر الاقتصاد السوداني بشكل كبير نتيجة تعطّل القطاعات الحيوية، خروج الاستثمارات، وتدمير البنية التحتية في المدن الكبرى، خاصة الخرطوم ودارفور
تسببت المواجهات في شلل نشاطات اقتصادية واسعة النطاق، ونزوح الاستثمارات، وتوقف التجارة عبر ميناء بورتسودان جزئياً، وانهيار سوق العمل في المدن المتأثرة. أشار تقرير البنك الدولي في ديسمبر 2023 إلى أن الناتج المحلي الإجمالي للسودان انخفض بأكثر من 12% خلال عام 2023 مقارنة بالعام السابق، جراء التدمير الواسع للبنية التحتية وتراجع الإنتاج والاستثمار وفقدان الوظائف. كما توقع استمرار الانكماش في النصف الأول من 2024 ما لم تتوقف الأعمال القتالية وتتحقق تسوية سياسية.
التضخم: قبل الحرب كان السودان من بين الدول الأعلى في معدلات التضخم عالمياً، ، متجاوزاً 60% في نهاية عام 2022 بحسب بيانات صندوق النقد الدولي وتجاوز المعدل السنوي 100% في بعض أشهر 2022، نتيجة ضعف الإنتاج والاعتماد الكبير على الاستيراد. وبعد اندلاع الحرب تسارع التضخم بصورة كبيرة، حيث تجاوز 200% منتصف 2023 حسب تقارير صندوق النقد الدولي، بسبب توقف سلاسل الإمداد، وصعوبة الحصول على السلع الأساسية، والانهيار المستمر في قيمة الجنيه السوداني. أدى ذلك إلى ارتفاع أسعار السلع الغذائية والوقود وزيادة حدة الفقر وعدم الاستقرار الاقتصادي. التضخم
مع دخول البلاد في دوامة الحرب، انزلقت المؤشرات الاقتصادية إلى مستويات مقلقة. سجّل معدل التضخم السنوي 218% في أغسطس 2024، مرتفعًا من 193% في يوليو، وتجاوزت نسب التضخم في بعض السلع الأساسية مثل الدواء والخبز والوقود 400%. تفاقم التضخم بفعل طباعة النقود دون غطاء، انهيار الإنتاج، وغياب أي سيطرة حقيقية من البنك المركزي على السياسة النقدية. بعدان تفجرت الأسعار بدرجة أكبر نتيجة لانهيار سلاسل الإمداد وارتفاع تكاليف النقل، بالإضافة إلى ندرة السلع الغذائية والأدوية. ووفق بيانات البنك الدولي، تجاوز معدل التضخم السنوي 180% بحلول نهاية 2023، مع تحذيرات من مخاطر تضخم جامح (Hyperinflation) إذا تفاقمت الأوضاع الأمنية والاقتصادية [^2][^4].
سعر الصرف والعملة الوطنية قبل الحرب: كان قيمة الجنيه السوداني يتعرض للضغط باستمرار بسبب نقص العملات الأجنبية وخروج الاستثمارات، لكن السوق ظل تحت السيطرة النسبية للدولة عبر بعض التدابير. وبعد اندلاع الحرب فقد الجنيه السوداني حوالي 70% من قيمته أمام الدولار في السوق الموازي في الأشهر الأولى من الحرب، نتيجة توقف الصادرات وحجب المساعدات الدولية، وتزايد تعاملات السوق الموازي، مع فقدان السيطرة على النظام المصرفي وتراجع توفر النقد الأجنبي من القنوات الرسمية. وشهد عامي الحرب انهيار الجنيه السوداني. ففي أبريل 2023، كان الدولار يعادل نحو 560 جنيها في السوق الموازي، لكنه تجاوز 2,500 جنيه بنهاية 2024، والربع الأول من عام 2025. هذا التدهور أثر مباشرة على كلفة الواردات، وأدى إلى تراجع القوة الشرائية للمواطنين، وارتفاع أسعار كل السلع المستوردة بشكل غير مسبوق.
يمثل استمرار النزاع المسلح أكبر التحديات، حيث يتوقع الخبراء تفاقم التدهور الاقتصادي في حال غياب الاستقرار. وتشمل التوقعات: انكماش إضافي في الناتج المحلي: ** مع تعطل الصناعة والزراعة، واستمرار النزيف في البنية التحتية. تصاعد البطالة والفقر: ** نتيجة النزوح وضعف القطاعين العام والخاص وفقدان ملايين الوظائف. تفاقم عجز الميزانية: ** مع تراجع الإيرادات وتنامي الإنفاق العسكري والإغاثي. صعوبات في سلاسل التوريد: ** مما يعمق الأزمات المعيشية والصحية. ضعف الاستثمارات: ** نتيجة فقدان ثقة المستثمرين المحليين والدوليين وتوقف المشاريع التنموية الكبرى.
شهد السودان، منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023 بين الجيش النظامي وقوات الدعم السريع، تدهوراً حاداً في مؤشرات الاقتصاد الكلي، شمل الناتج المحلي الإجمالي (GDP) والتضخم وسعر العملة الوطنية. تأثر الاقتصاد السوداني بشكل كبير نتيجة تعطّل القطاعات الحيوية، خروج الاستثمارات، وتدمير البنية التحتية في المدن الكبرى، خاصة الخرطوم ودارفور.
الناتج المحلي الإجمالي (GDP)انكمش الناتج المحلي الإجمالي بنحو 12-15% خلال عام 2023، متأثراً بالدمار الواسع، وتوقف الأنشطة التجارية والصناعية، مع انخفاض الصادرات بشكل حاد [^2]. نهاية 2024: ** محلياً: ** تعمقت الأزمة الاقتصادية مع استمرار توقف المصانع والأنشطة التجارية، وتواصل تضرر القطاع الزراعي خاصة في مناطق النزاع. تشير تقديرات البنك الدولي ومنظمة الأمم المتحدة إلى مزيد من الانكماش ليصل معدل التقلص السنوي لمنظومة الاقتصاد الكلي حوالي 7-8% بالنسبة للعام 2024.**قوميًا:** تراجع إجمالي الناتج السوداني إلى مستوى تاريخي متدنٍ، مع زيادة الاعتماد على المساعدات الإنسانية وضعف الإيرادات من صادرات الذهب والزراعة نتيجة تدهور الأمن وانعدام الشفافية في الصادرات.مايو 2025 (الوقت الراهن):** التقارير الأممية تشير إلى شلل اقتصادي واسع ما زال مستمراً، مع انهيار أكثر من نصف المؤسسات الإنتاجية الكبرى، وزيادة هجرة الكفاءات والعاملين إلى الخارج. من المتوقع أن يكون الناتج المحلي الإجمالي للفرد قد تراجع إلى ما دون 2,700 دولار (تعادل القوة الشرائية PPP)، أي خسارة لأكثر من ثلث المستويات التي سبقت الحرب [^3][^4].
ما هو الناتج المحلي الإجمالي (GDP) GDP** (Gross Domestic Product) هو القيمة الإجمالية لجميع السلع والخدمات النهائية التي يتم إنتاجها ضمن حدود دولة ما خلال فترة زمنية محددة (عادةً سنة واحدة). يعد الناتج المحلي الإجمالي أحد أهم المؤشرات لقياس أداء الاقتصاد الوطني ومقارنته عبر الزمن أو بين الدول.
آلية حساب الناتج المحلي الإجمالي هناك ثلاث طرق رئيسية لحسابه:
**طريقة الإنتاج: ** جمع القيمة المضافة لكل القطاعات الإنتاجية (الزراعة، الصناعة، الخدمات). **طريقة الدخل: ** جمع كافة الدخول الناتجة عن الإنتاج كالأجور، والأرباح، والفوائد والإيجارات. **طريقة الإنفاق: ** جمع الإنفاق الاستهلاكي الخاص، الإنفاق الحكومي، الاستثمارات، وصافي الصادرات (الصادرات ناقص الواردات).تؤدي هذه الطرق غالبًا إلى نتائج متقاربة، وتستخدم الحكومات والمنظمات الدولية تلك البيانات لرصد التغيرات الاقتصادية واتخاذ القرارات المناسبة.
الدين العام، تضاعف أربع مرات في عام واحد، من 61.5 مليار دولار في 2022 إلى 256 مليار دولار في 2023، حسب صندوق النقد العربي. جاء هذا التزايد نتيجة تراكم المتأخرات، تجميد الدعم الخارجي، وتوقف خطط الإصلاح. وبات الدين غير قابل للسداد، في ظل اقتصاد شبه مشلول واحتياطات نقد أجنبي شحيحة.
البطالة: الركود الاقتصادي دفع إلى مستويات قياسية. ففي 2023، وصلت نسبة البطالة إلى 20.8%، مع تسريح عشرات الآلاف من العاملين في قطاعات الصناعة، الزراعة، والخدمات. توقفت آلاف المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وانسحبت معظم الاستثمارات، تاركة سوق العمل في حالة شلل شبه كامل.
الزراعة: الأمن الغذائي في مهب الانهيار
رغم امتلاك السودان لأراضٍ زراعية شاسعة تقدّر بـ84 مليون هكتار، فإن الإنتاج الزراعي تراجع بشكل حاد خلال الحرب. قبل النزاع، كانت المساحات المزروعة فعليًا تتراوح بين 18 إلى 22 مليون هكتار سنويًا. أما في موسم 2023–2024، فقد تراجعت المساحات المحصودة بأكثر من 40% بسبب النزوح، انعدام الأمن، وانهيار الإمدادات.
في عام 2024، فشل نحو 60% من المزارعين في زراعة أراضيهم، وانخفضت المساحات المزروعة إلى أقل من 17 مليون فدان، وهو أدنى مستوى منذ أكثر من 30 عامًا. هذه الانهيارات تسببت في ارتفاع أسعار الغذاء بأكثر من 100% في بعض المناطق، ودفع البلاد إلى حافة مجاعة، وفق تحذيرات من FAO وWFP.
أبرز عوامل الانهيار شملت النزوح، نقص الوقود، انعدام البذور والأسمدة، انعدام التمويل، الجفاف في بعض المناطق، والفيضانات في أخرى. توقف شبه كامل لمشروع الجزيرة ألحق أضرارًا مباشرة بإنتاج القطن والقمح والفول السوداني، وتُقدّر الخسائر الزراعية المباشرة بنحو 20 مليار دولار.
حتى مارس 2025، لا توجد مؤشرات جدية للتعافي. أكثر من 60% من المزارعين لم يزرعوا موسم 2024. الإمدادات الزراعية لم تصل، والأسواق مشلولة. في بعض المناطق، تلفت المحاصيل في الحقول بسبب انقطاع الطرق وغياب التخزين والتبريد
الصناعة: توقف الإنتاج وتفكك القطاع
قبل الحرب، كانت الصناعة تمثل نحو 12% من الناتج المحلي الإجمالي، وتوفّر وظائف لما بين 15 و20% من القوة العاملة الرسمية. تركزت الصناعات في العاصمة الخرطوم، خاصة في مجالات الأغذية، النسيج، الأدوية، والمنتجات المعدنية.
لكن الحرب دمّرت هذا التوزيع بالكامل. أكثر من 40% من المنشآت الصناعية دُمرت كليًا أو جزئيًا، وانخفض الإنتاج بنسبة 50% مقارنة بمستويات 2022. الصناعات الدوائية توقفت بنسبة تفوق 60%، في حين تراجعت الصناعات الغذائية بسبب نقص الوقود والكهرباء، وهربت الكوادر الفنية من مواقع الإنتاج.
ورغم ذلك، يرى بعض المحللين إمكانية استعادة جزء من القدرة الصناعية، تقدر بـ 30 إلى 40%، بحلول عام 2026، إذا توفرت بيئة آمنة، وتم استقطاب دعم مالي وفني خارجي، خاصة في الولايات الأقل تضررًا من النزاع.
النظام المصرفي والمالي: فقدان الثقة وشلل المؤسسات
تدهور النظام المصرفي بشكل غير مسبوق، حيث أُغلقت البنوك في معظم مناطق النزاع، خاصة الخرطوم ودارفور. تراجعت نسبة الشمول المالي إلى أقل من 8%، بعد أن كانت نحو 15% قبل الحرب. واعتمد السكان بشكل شبه كامل على النقد خارج النظام البنكي، بعد سحب مدخراتهم وتحويلها إلى عملات صعبة أو ذهب.
شهدت البنوك أزمة سيولة حادة، وارتفعت القروض المتعثرة إلى نحو 40%، ما أفقد النظام المصرفي قدرته على الإقراض أو التمويل. أُضعف وجود سعرين للعملة – رسمي وموازي – دور البنك المركزي، وفتح الباب أمام المضاربات وتهريب العملات، بينما فقد المواطنون الثقة في المؤسسات المالية كليًا.
**الصحة: انهيار القطاع الصحي وعودة الأوبئة** أكثر من 70% من المنشآت الصحية تضررت أو خرجت من الخدمة، وتدهورت ظروف العاملين الصحيين وندرت الإمدادات الطبية. عادت الأمراض الوبائية مثل الكوليرا والملاريا وارتفاع سوء التغذية، خصوصاً في معسكرات النازحين، مع توقف حملات التطعيم التي تهدد الأطفال على مستوى واسع.
التعليم: جيل ضائع في ظل تدمير المدارس حوالي 19 مليون طفل وشاب حُرموا من التعليم، بعد تدمير آلاف المدارس أو تحويلها إلى ملاجئ، وجيل بأكمله يواجه خطر الفقدان الأكاديمي وما يصاحبه من فقدان الفرص المستقبلية.
المأساة الإنسانية: أرقام تكشف حجم الكارثة**
تبلغ أعداد النازحين واللاجئين داخل وخارج البلاد نحو 12.8 مليون شخص، بينما يحتاج أكثر من 30 مليون شخص إلى المساعدة الإنسانية العاجلة. يعاني 16 مليون طفل من سوء التغذية الحاد، مما يعكس انهيار الخدمات الأساسية والوصول الضيق إلى الغذاء والمياه والدواء، وهو ما يمثل كارثة إنسانية حقيقية بكل المقاييس.
الذهب: بين تمويل الحرب والفساد والتهريب وتمويل التعافي بعد الحرب
كان الذهب المورد الأبرز للاقتصاد السوداني، حيث شكّل أكثر من 70% من صادرات البلاد عام 2022، بإيرادات بلغت نحو 4.7 مليار دولار. أنتج السودان حينها أكثر من 100 طن من الذهب، من مناطق غنية مثل جبل عامر والنيل الأزرق وولايات كردفان ودارفور.
لكن مع الحرب، تقلص الإنتاج الرسمي إلى نحو 40–50 طنًا سنويًا في 2023، مع سيطرة مجموعات مسلحة على مناطق التعدين، وتعطيل الإمدادات. في المقابل، ارتفعت نسب التهريب إلى 60% من إجمالي الإنتاج، وفق تقارير مستقلة، ما أفقد الدولة عائدات تتجاوز 1.5 مليار دولار سنويًا.
بحلول 2024، ارتفع الإنتاج تدريجيًا إلى نحو 70 طنًا، بينما تراجعت نسبة التهريب إلى 30–40%، مع تطبيق الحكومة سياسات رقابية، منها تسجيل إلكتروني للمنتجين، وإطلاق حملات ميدانية للحد من التهريب، والتعاون مع دول الجوار مثل تشاد والنيجر.
حتى مايو 2025، تجاوزت صادرات الذهب الرسمية حاجز 3.8 مليار دولار، لكنها لا تزال متقلبة بسبب غياب بورصة وطنية للذهب، واعتماد السودان على تصدير الخام دون تصنيع أو تكرير محلي. نحو 90% من الذهب السوداني يُصدَّر خامًا، ما يحرم الاقتصاد من فرص القيمة المضافة.
الحلول المقترحة تشمل تأسيس بورصة سودانية للذهب، إنشاء مصافي وطنية بمعايير دولية، وتحفيز الاستثمار الصناعي في قطاع الذهب، إلى جانب تطوير أنظمة تتبع رقمية وتوحيد سعر البيع داخل السوق المحلي.
التجارة الخارجية: اقتصاد قائم على الذهب ومعزول عن التنوع
تأثرت التجارة الخارجية بشدة خلال الحرب. في عام 2022، بلغت الصادرات 6.8 مليار دولار، منها 4.7 مليار من الذهب. بعد اندلاع الحرب، تراجعت الصادرات إلى 3.5 مليار دولار في 2023، ثم تعافت إلى 5 مليارات بحلول منتصف 2025 مع تحسن في تصدير الذهب.
أما الواردات، فقد تراجعت من 8.5 مليار دولار في 2022 إلى أقل من 5 مليارات في 2023، بسبب شح الدولار وصعوبات النقل والتأمين. وبحلول 2025، استقرت عند 6.5 مليار دولار.
سجل الميزان التجاري عجزًا مستمرًا، لكنه تراجع إلى نحو 1.2 مليار دولار، مقابل 1.7 مليار في 2022، بفعل انخفاض الاستيراد وتحسن جزئي في صادرات الذهب والسمسم والقطن.
—مسارات الحل والإنعاش الاقتصادي
لا شك أن الاقتصاد السوداني يمر بمرحلة هي الأصعب في تاريخه الحديث مع استمرار الحرب منذ أبريل 2023، إذ خسرت البلاد في غضون أشهر معدودة المكاسب القليلة التي تحققت في السنوات السابقة، وتدهورت كافة مؤشرات التنمية والرفاه الاجتماعي.
الطريق للتعافي، رغم صعوبته، يبقى ممكناً إذا تم اتخاذ خطوات جادة نحو تسوية سياسية شاملة، تليها إصلاحات اقتصادية هيكلية بدعم المجتمع الدولي وبمشاركة فاعلة من كافة مكونات المجتمع السوداني.
فبدون سلام حقيقي وسياسات فعالة، ستظل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية تتفاقم، فيما يدفع ملايين السودانيين ثمن استمرار النزاع من أمنهم وحياتهم ومستقبلهم.
التوصل إلى تسوية سياسية شاملة:** إن إنهاء النزاع وإحلال السلام هو الشرط الأساسي لأي تعافٍ اقتصادي في السودان. فاستعادة الأمن واستقرار مؤسسات الدولة يفتح الباب أمام عودة الاستثمارات، واستئناف المساعدات الدولية، وإعادة حركة التجارة والإنتاج.**2. إعادة هيكلة الاقتصاد:** يمكن للحكومة الانتقالية أو حكومة ما بعد النزاع تنفيذ سياسات إصلاحية شاملة للمالية العامة، وإعادة بناء الثقة في النظام المصرفي، ومحاربة الفساد، إلى جانب تنشيط القطاعات الإنتاجية التقليدية ولا سيما الزراعة والصناعة التحويلية، والتي تعتبر من ركائز الاقتصاد السوداني.
**3. دعم دولي وإقليمي:** سيحتاج السودان إلى دعم عاجل من المجتمع الدولي، سواء عبر مساعدات إنسانيةأو برامج إعادة الإعمار، إلى جانب دعم مؤسسات التمويل الدولية كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي. كما يمكن أن تساهم الشراكات الإقليمية مع الدول الإفريقية والعربية في إعادة تأهيل البنية التحتية ودعم الاستثمار.
**4. تنشيط القطاع الخاص والمبادرات المحلية:** يلعب القطاع الخاص دوراً مهماً في عملية الانتعاش، من خلال تحفيز المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتوفير فرص العمل، والاستفادة من الجاليات السودانية بالخارج لجذب رؤوس الأموال والتقنيات الحديثة
بورتسودان: المسيرات تغلق المطار والميناء ومستودعات الوقود وتصيب الشريان الأخير للاقتصاد السوداني
بورتسودان، التي كانت تمثل آخر مركز إداري فاعل، دخلت دائرة الاستهداف. طائرات مسيّرة هاجمت الميناء، المطار، ومستودعات الوقود، ما أدى إلى شلل في الواردات والصادرات [^7].
بورتسودان، التي صمدت مؤقتًا كمركز إداري لحكومة الأمر الواقع، دخلت هي الأخرى دائرة النار. هاجمت طائرات مسيّرة المطار، الميناء، ومستودعات الوقود، مما أدى إلى شلل شبه كامل في الواردات والصادرات. لكن حجم الأثر تجاوز مجرد التعطيل المؤقت، إذ استهدفت الهجمات مستودعات ترانزيت القديمة والمستودعات الجديدة في كلانييب، وهي منشآت تمثل الشريان الرئيسي لإمداد البلاد بالوقود. تحتوي هذه المواقع على المرسى الوحيد القادر على استقبال سفن الوقود الكبيرة، وتضم سعة تخزينية تقارب 200 ألف طن من المحروقات. الهجمات استهدفت مرافق حيوية لتخزين الوقود، ما أوقف عمليات تفريغ الشحنات، ورفع أسعار الوقود. كما تسبب القصف في تدمير البنية التحتية وتعطيل الاستيراد والطيران. الأضرار التي لحقت بها أدت إلى توقف عمليات تفريغ شحنات النفط، ودفعت بأسعار الوقود إلى مستويات قياسية، وهددت بإخراج البارجة التركية التي تمد المدينة بالكهرباء عن الخدمة بسبب انعدام الفيرنس. كما أن استهداف الميناء الجنوبي والمطار ألحق أضرارًا بالبنية التحتية الحيوية، ما أدى إلى تعطيل الاستيراد، وقف الرحلات الجوية، وتزايد العزلة الدولية للبلاد.
ورغم صعوبة إجراء حصر دقيق في ظل تصاعد القتال، فإن المؤشرات الاقتصادية تفيد بأن الخسائر المباشرة وغير المباشرة الناتجة عن استهداف منشآت الطاقة والموانئ في بورتسودان تُقدّر بمليارات الدولارات، نتيجة تعطل سلاسل التوريد، انهيار سعة التخزين، وارتفاع تكاليف النقل والتأمين والاستيراد. توقف هذه المنشآت يعني تدمير آخر شريان حيوي للاقتصاد السوداني، وتحويل الأزمة من كارثة داخلية إلى عزلة خارجية خانقةو يجعل هذه الهجمات تهديدًا مباشرًا لبقاء الاقتصاد السوداني.
تشير التقديرات إلى أن الخسائر الناتجة عن استهداف منشآت الطاقة والموانئ تُقدّر بمليارات الدولارات، ما
المأساة الإنسانية: أرقام تُجمد الدم
8 مليون نازح ولاجئ. أكثر من 30 مليون شخص بحاجة للمساعدة. 16 مليون طفل يعانون من سوء التغذية الحاد. [^3] اكثر من 150,000 قتيل واضعاف الجرحي الخدمات الأساسية منهارة، والوصول للغذاء والماء والدواء أصبح مسألة حياة أو موت.هذه الأرقام ليست إحصاءات، بل مرآة لانهيار مجتمع.
خاتمة: قبل فوات الأوان
خلال عامين من الحرب، سقط الاقتصاد السوداني في حالة من الانهيار المتسارع. تفككت القطاعات الإنتاجية، وتلاشت المؤسسات التنظيمية، وتحول الذهب إلى مورد مضطرب بين التهريب والتصدير. في ظل التضخم، البطالة، والانهيار البنكي، لم يعد أمام البلاد سوى خيار واحد: وقف الحرب، ثم الشروع فورًا في إعادة بناء اقتصادي شامل.
وحده الاستقرار السياسي يمكن أن يمهّد الطريق لإصلاح مالي، وزراعي، وصناعي حقيقي. كما أن إدارة الذهب بعقلانية، وتقييد التهريب، واستغلال الموارد الطبيعية في ظل بنية إنتاجية شفافة، قد تحوّل هذا المورد من وسيلة نهب إلى أداة إنقاذ حقيقي.
لا يملك السودان ترف الوقت ولا مساحة لمزيد من التجريب. الحرب دمّرت الدولة ومزّقت المجتمع. لا تعافٍ ممكن ما لم تتوقف الحرب فورًا. استمرار القتال يعني نهاية دولة . والمأساة الكبرى أن كل هذا يحدث والعالم صامت. لكن الشعب السوداني لن ينسى، والتاريخ سيسجل من صمت ومن حاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه.
السودان ينهار أمام أعين العالم. الحرب لم تترك قطاعًا إلا دمّرته، ولا مدينة إلا أصابتها. لا توجد خطة إنقاذ يمكن أن تنجح ما لم يتوقف النزاع فورًا. كل يوم تأخير يعني خسائر مضاعفة، ليس فقط في الاقتصاد، بل في الأرواح .
المراجع
Sudan Horizon. (2025). Two Years of War and the Possibility of Reconstruction. https://sudanhorizon.com WASD. (2025). Rebuilding the Industrial Sector in Sudan. World Association for Sustainable Development. https://wasdlibrary.org WHO. (2025, March 10). Public Health Situation Analysis – Sudan Conflict. World Health Organization. https://www.who.int UNESCO. (2025). Sudan conflict: One year on – The long-term impact on education. https://www.unesco.org Bastille Post. (2024). Sudan’s conflict pushes banking sector to brink of collapse. https://www.bastillepost.com SudanEvents. (2025). Collapse of Sudan’s Trade Routes Amid Conflict. https://www.sudanevents.sd World Bank. (2024). Sudan Food Security Crisis Report. https://www.worldbank.org
الوسومعمر سيد احمد