ما هو دور سوريا في الصراع بين حماس وإسرائيل؟
تاريخ النشر: 19th, November 2023 GMT
شارك الرئيس السوري بشار الأسد في القمة العربية-الإسلامية الطارئة بشأن غزة في الرياض
أثار حضور الرئيس السوري بشار الأسد القمة العربية-الإسلامية الطارئة في الرياض الخاصة بغزة مشاعر غضب وشجب بين الناشطين ممن شاركوا في المظاهرات والاحتجاجات ضده. يعتبر النشطاء الأسد مسؤولاً عن واحدة من أسوأ الأعمال الوحشية في سوريا والتي أسفرت خلال أكثر من عقد عن تهجير الملايين وتعذيب الآلاف ومقتل قرابة نصف مليون شخص.
وفي حديث لـ DW، قالت سيلين قاسم، الناشطة السورية والمسؤولة في "المنظمة السورية للطوارئ" (SETF) ومقرها واشنطن، إن خطاب الأسد في "اجتماعات الرياض حول الوضع في غزة ربما يستحق أن ينال جائزة اللحظة الأكثر نِفاقاً في العالم".
وخلال القمة التي عقدت في الرياض السبت (11 نوفمبر / تشرين الثاني 2023)، ألقى الأسد كلمة انتقد فيها اتفاقيات التطبيع بين دول عربية وإسرائيل، فيما قال الزعماء إن إسرائيل لا تلتزم بالقوانين الإنسانية الدولية مع اتهامها بارتكاب "جرائم حرب" ضد المدنيين في قطاع غزة.
ومنذ هجوم حماس الإرهابي على إسرائيل في السابع من أكتوبر / تشرين الأول الماضي الذي أسفر عن مقتل 1200 شخص، تشن إسرائيل عمليات قصف تستهدف قطاع غزة ما أودى بحياة أكثر من 11 ألفاً حتى الآن حسب السلطات الصحية التابعة لحركة حماس المصنفة على قائمة الإرهاب في الولايات المتحدة والعديد من الدول الغربية ودول أخرى.
بدوره، قال إبراهيم زيدان، الصحافي والناشط السوري المقيم في إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية المسلحة: "شعرت بالاشمئزاز عندما رأيت (بشار الأسد)، مجرم الحرب والشخص ذا التاريخ المظلم، يتحدث". وفي مقابلة مع DW، أضاف زيدان "خلال خطاب الأسد، تذكرت استهداف [السوريين] بالأسلحة الكيميائية ورؤية الأطفال والمدنيين وهم لا يستطيعون حتى التنفس ولم يحصلوا على العلاج لأن جميع المستشفيات في خان شيخون (جنوب إدلب) تعرضت للقصف في ذلك اليوم".
وقالت سيلين قاسم في مقابلتها مع DW إن هذه الجرائم لم تقتصر على السوريين فقط بل شملت أيضاً اللاجئين الفلسطينيين؛ إذ حاصرت القوات الحكومية وقصفت مخيمات اللاجئين الفلسطينيين رغم أن سوريا تدافع عن طرح إقامة دولة فلسطينية.
الأسد والفلسطينيون: علاقة معقدة
وفي السياق ذاته، يقول مراقبون إن العلاقة بين سوريا من جهة والفلسطينيين وحماس من جهة أخرى تمتد منذ زمن طويل، لكنها في الوقت نفسه تتسم بالتعقيد.
الجدير بالذكر أن حماس ترتبط بعلاقات تاريخية مع جماعة الإخوان المسلمين التي عارض فرعها السوري سيطرة عائلة الأسد على السلطة منذ عقود وقاد ثورة في مدينة حماة عام 1982 تمكن الرئيس السوري آنذاك حافظ الأسد من إخمادها ما أسفر عن مقتل ما بين 10 آلاف إلى 30 ألف شخص.
لكن في المقابل، تتشدق الحكومة السورية بدعم القضية الفلسطينية. وتأوي سوريا الآلاف من الفلسطينيين في مخيمات في العديد من مدن البلاد كدمشق وحماة واللاذقية. وصل عددهم 570 ألفاً بحسب وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) في تقرير صدر في مارس / آذار عام 2011.
ومع استضافة هذا العدد الكبير من اللاجئين الفلسطينيين، كانت دمشق كذلك مقراً لعدد من قادة حماس على رأسهم خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي السابق للحركة، وذلك رغم الخلافات بين الحكومة السورية ومسؤولي حماس في بعض الأحيان. لكن عام 2011 والانتفاضة السورية ضد بشار الأسد مثلا نقطة تحول في العلاقات بسبب رفض حماس الانحياز إلى الأسد، ليشد خالد مشعل الرحال إلى قطر ليستقر فيها حتى الوقت الحاضر.
فرضت الحكومة السورية حصاراً خانقاً على مخيم اليرموك عام 2014
"غزة السورية"
وفي هذا الصدد، قالت سيلين قاسم إن القوات الحكومية خلال الانتفاضة استهدفت عن عمد مدنيين فلسطينيين يقطنون في حي اليرموك الذي تحول من منطقة تضم مخيماً للاجئين الفلسطينيين إلى حي ذي أغلبية فلسطينية، ما يعني أن الكثير من السوريين عاشوا هناك.
وعقب سيطرة المعارضة على اليرموك، حاصرت القوات الحكومية المخيم حيث منعت دخول الغذاء والكهرباء والدواء والإمدادات الأخرى. وأطلق كثيرون على المخيم في آنذاك "غزة السورية" بسبب عدم تمكن أي أحد من الدخول أو الخروج من المخيم.
بيد أن العام الماضي شهد عودة العلاقات بين الأسد وحماس عقب عودة سوريا إلى الجامعة العربية بعد تعليق عضويتها منذ اندلاع الانتفاضة السورية في خطوة قِيل أنها ترمي إلى تعزيز السلام في المنطقة.
ورغم ذلك، يقول مراقبون إن حالة عدم الثقة مازالت السمة الرئيسية للعلاقات بين الأسد وحماس وهو الرأي الذي ذهب إليه صموئيل راماني، الزميل المشارك بمعهد The Royal United Services Institute (RUSI) للخدمات البحثية في بريطانيا، في تحليل نشره المعهد قبل أيام.
مشاريع للطاقة الخضراء شمال غرب سورياخطابات حادة وتصرفات منضبطة
وفي ختام القمة الرياض الطارئة، دعا البيان المشترك إلى وقف لإطلاق النار وإنهاء الحصار الإسرائيلي على غزة لتسهيل دخول المساعدات الإنسانية من مياه وغذاء ودواء إلى القطاع مع حث المحكمة الجنائية الدولية على التحقيق في "جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ترتكبها إسرائيل" في الأراضي الفلسطينية.
وكانت الحكومة السورية من بين الدول الموقعة على البيان الختامي، لكن لم تلعب دوراً رئيسياً في الصراع حتى الآن. وفي ذلك، كتب راماني: "رغم أن النظام السوري أعرب عن تضامنه مع غزة، إلا أنه امتنع عن الانخراط في تصعيد واسع النطاق ضد إسرائيل. اتسم رد النظام السوري على حرب غزة بالخطابات الحادة والتصرفات المنضبطة، لأنه لا يرغب في تحمل مخاطر سياسية وأمنية نيابة عن حماس".
وأشار إلى أن الرد العسكري السوري ضد إسرائيل ما زال محدوداً بشن أعمال قصف متقطعة عبر الحدود وهجمات صاروخية على مرتفعات الجولان المحتلة، لكن الوضع يتسم بالاستقرار منذ سنوات.
في المقابل، مضى الجيش الإسرائيلي في استهداف عدة مواقع في سوريا وعلى رأسها مطاري دمشق وحلب، مما أدى إلى خروجها عن الخدمة. وتقول تل أبيب إن القصف يرمي إلى منع وصول مقاتلين أو أسلحة من إيران، لكن إسرائيل لم تحاول ضرب أهداف عسكرية سورية أو روسية فيما قصفت الولايات المتحدة أهداف قالت إنها إيرانية في سوريا.
وفي مقابلة مع منصة "سوريا على طول"، وصف جوزيف ضاهر، الأستاذ في معهد الجامعة الأوروبية والمتخصص في الشأن السوري، الحكومة السورية بـ "اللاعب السلبي والضعيف جداً"، مضيفا أن دمشق تدرك "أنها تفتقر إلى القوة العسكري. دعم إيران وروسيا هو ما جنب الأسد خسارة المعركة مع المعارضة".
وصف ضاهر الصواريخ التي أطلقت من جنوب سوريا بـ "الرمزية"، مؤكداً أن "الجبهة السورية هادئة".
ويتفق هذا الرأي فيما خلص إليه تحليل أجراه باحثون في مجموعة الأزمات الدولية جاء فيه أنه "رغم سلسلة الضربات والضربات المضادة، لا يبدو أن أيا من الطرفين سواء الولايات المتحدة وإسرائيل من جهة أو إيران والجماعات الموالية لها من جهة أخرى، يرغب في حدوث تصعيد إقليمي كبير، لكن الباحثين حذروا أيضاً من أنه في حالة "استمرار الحرب في غزة، فإن خطر حدوث ذلك على وجه التحديد سيزداد".
وفي السياق ذاته، يرى النشطاء، سواء داخل سوريا أو في خارجها، أن هناك ارتباط بين ما يحدث في الشرق الأوسط وبين ما يحدث في سوريا، مشيرين إلى أن السماح لنظام الأسد بالإفلات من جرائمه ضد الإنسانية مثل قصف مستشفيات وقتل صحافيين وشن هجمات كيميائية، أدى إلى تدهور منظومة القانون الإنساني الدولي برمتها.
وفي ذلك، قال إبراهيم زيدان، الصحافي والناشط السوري المقيم في إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية المسلحة: في مقابلة مع DW إن حضور بشار الأسد قمة الرياض وقمم سابقة يحمل في طياته "تذكيراً مؤلماً بضرورة استمرار النضال من أجل إحلال السلام وتحقيق العدالة في منطقتنا. ويجب أن يذكرنا ذلك كذلك بالحاجة إلى تحقيق العدالة والمساءلة فيما يتعلق بجرائم فظيعة وقعت في سوريا".
كاثرين شاير- عمر البم في إدلب / م. ع
المصدر: DW عربية
كلمات دلالية: غزة سوريا إسرائيل حماس الجولان إيران روسيا حرب الرئيس السوري بشار الأسد الثورة السورية الحرب في سوريا إدلب حزب الله اليمن الحوثيين غزة سوريا إسرائيل حماس الجولان إيران روسيا حرب الرئيس السوري بشار الأسد الثورة السورية الحرب في سوريا إدلب حزب الله اليمن الحوثيين اللاجئین الفلسطینیین الحکومة السوریة بشار الأسد فی سوریا من جهة
إقرأ أيضاً:
الشرع في الكويت... زيارة رسمية للرئيس السوري تعيد رسم خريطة العلاقات السورية | تقرير
وصل الرئيس السوري أحمد الشرع، الأحد، إلى دولة الكويت في زيارة رسمية، يجري خلالها مباحثات مع أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، في إطار دفع العلاقات الثنائية وتعزيز التعاون بين البلدين الشقيقين، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء الكويتية "كونا".
وكان في استقبال الرئيس السوري لدى وصوله إلى مطار الكويت الدولي، وزير الخارجية الكويتي عبد الله علي اليحيا، الذي يرأس بعثة الشرف المرافقة، فيما ضم الوفد الرسمي المرافق للرئيس السوري كلاً من وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، وعدداً من كبار المسؤولين في الحكومة السورية.
وأفاد الشيخ محمد عبد الله المبارك الصباح، وزير شؤون الديوان الأميري، أن جلسة المباحثات بين الجانبين تناولت العلاقات الأخوية المتينة التي تربط الكويت بسوريا، وسبل تطويرها في مختلف المجالات، بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين.
كما جرى التشديد على أهمية ترسيخ التعاون الثنائي وتوسيع آفاقه في الجوانب السياسية والاقتصادية والإنسانية.
ووفقاً لما نقلته "كونا"، ناقش الجانبان مستجدات الأوضاع في سوريا، وأكدا على أهمية تعزيز جهود المجتمع الدولي لدعم أمن واستقرار البلاد، وصون سيادتها ووحدة أراضيها. كما تطرق اللقاء إلى القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، إلى جانب دعم مسيرة العمل العربي المشترك.
وتحمل هذه الزيارة أهمية خاصة في مسار العلاقات الكويتية-السورية، خصوصاً في ظل التطورات التي شهدتها العلاقات بين البلدين، والتي شهدت انقطاعاً دبلوماسياً امتد من عام 2012 وحتى نهاية عام 2024، نتيجة الصراع السوري وما خلفه من تداعيات إقليمية.
وعادت العلاقات رسميًا في 30 ديسمبر 2024، إثر زيارة وزير الخارجية الكويتي إلى دمشق بصفته رئيس المجلس الوزاري لدول مجلس التعاون الخليجي، في خطوة اعتُبرت علامة فارقة في مساعي تطبيع العلاقات الخليجية مع سوريا.
وتتزامن زيارة الرئيس الشرع مع انعقاد اجتماع استثنائي لوزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي في الكويت، مخصص لبحث التطورات في سوريا ولبنان، مما يعكس تنامي الحراك الدبلوماسي الإقليمي بشأن الملف السوري.
وفي سياق إنساني، أشارت "كونا" إلى انطلاق أولى رحلات الجسر الجوي من الكويت إلى سوريا، محملة بالمساعدات، تأكيداً على الدور الإنساني الذي تضطلع به الكويت، وتجسيدًا للتضامن مع الشعب السوري. كما أكدت وزارة الخارجية الكويتية، خلال الأشهر الماضية، موقفها الثابت والداعم لوحدة سوريا، ودعت إلى تكثيف الجهود الدولية لتخفيف معاناة السوريين ودعم استقرار البلاد.