لجريدة عمان:
2025-07-05@17:13:47 GMT

نوافذ :العلم والمعرفة وفقدان الذاكرة

تاريخ النشر: 21st, November 2023 GMT

ashuily.com

في بعض الأحيان التي أنسى فيها بعض المسميات والمصطلحات أو حتى الأحداث التي وقعت قبل يوم أو يومين، يتندر بعض من إخواني الصغار والكبار بأنني سائر في ذات المسار الذي سار عليه والدنا الراحل -رحمة الله عليه- وهو اكتشاف إصابته بمرض الزهايمر في وقت متأخر من سني حياته.

في بداية الأمر لم نكن نفقه ما يعنيه هذا المرض وهو اضطراب دماغي يدمر ببطء الذاكرة ومهارات التفكير لدى الشخص المصاب وصولا إلى أن يصاب الشخص المصاب بهذا المرض فاقدًا أي حركة يمكن أن تعينه حتى على أداء أبسط المهام، منها على سبيل المثال القدرة على التحكم في إراقة البول فضلا عن فقدان تام للذاكرة وعدم تذكر أي شيء من حوله.

رويدا رويدا بدأتُ شخصيًا في القراءة حول الزهايمر والخرف ومسبباته والعلاجات المناسبة، وطرق التعامل مع المريض، وتقديم الرعاية الأولية له، ولقد كان لعمليات التثقيف والقراءة والاطلاع وسؤال المختصين في مجال الطب السلوكي والشيخوخة من العوامل التي ساعدتني على فهم الحالة التي يعاني منها والدي وكيفية وقاية نفسي بعد ذلك من هذا المرض إن كان للوراثة عامل في هذا كما يذهب بعض العلماء.

هذه النقطة الأخيرة هي ما أثارت قلقي كثيرا، وهي هل يمكن أن أصاب بالخرف والزهايمر إن كان أحد من الأقارب أو الوالدين مصابا به؟ أم أن الوراثة لا علاقة لها بهذا الموضوع خصوصا وأنني عند تتبعي لشجرة العائلة وجدت أن بعضا من الفروع والأغصان قد أصابها ذات المرض، وباتت حاملة لذات العدوى إن صحت تسميتها بالعدوى، والعامل الآخر الذي كرست نفسي للقراءة فيه وسؤال المختصين عن طرق الوقاية الناجعة من الخرف والزهايمر، وكيف يمكن أن أقي نفسي أولا، ومن ثم عائلتي بعد ذلك من الوقوع في ذات المرض إن كان ثمة حيلة أو مخرج لهذا الموضوع.

مما قرأت أنه يمكن بناء ما يسمى بـ «الاحتياطي المعرفي» الذي يمكن أن يكون بمثابة الحصن الحصين ضد الإصابة المبكرة بالزهايمر وإن لم يثبت حتى اللحظة نجاعة هذا الاحتياطي في صد غارات الشيخوخة المبكرة والخرف وفقدان الذاكرة. من ضمن ما حدده الأطباء والباحثون في موضوع بناء الاحتياطي المعرفي الواقي والمطيل للذاكرة أن العلم والتعلم والقراءة وأعمال العقل والتفكير تعد عاملًا رئيسيًا من عوامل تأخير الشيخوخة وهذا ما وجده الباحث «ياكوف سترين» من جامعة كولومبيا من أن «الأشخاص الحاصلين على تعليم عال أو مهنة بها تحديات فكرية كانوا أقل عرضة للإصابة بالزهايمر» وهنا يمكنني أن أشاطر الباحث في استنتاجه واتفق مع ما ذهب إليه من خلال من عاشرت من المصابين بالزهايمر ممن أعرف ممن كانوا من غير المتعلمين، وكانت حصيلتهم المعرفية قليلة أو ضئيلة، ولم تكن المهنة التي يمتهنونها مما يتطلب فيها أعمال عقل وفكر، ويتفق هذا العامل مع عامل آخر يرفع من نسب الاحتياطي المعرفي ألا وهو كثرة القراءة والكتابة التي عدها الباحثون بأنها من المحصنات التي تؤخر المرض، حيث إن القارئ والكاتب يستعمل كثيرا عقله في التفكير وهذا ما يقلل من نسب تآكل أو تدمير لخلايا المخ والتفكير وهذا ما أقوم به شخصيا، وأسعى في الانكباب عليه من تخصيص أوقات أطول للقراءة والكتابة حتى في أشد الأوقات زحامًا. المواظبة على أداء النشاط الرياضي البدني والاحتفاظ بجسم وقوام سليم بعيدًا عن الترهلات والدهون واختيار الأكل الصحي المناسب عوامل عدها الباحثون من الأسباب التي يمكن أن ترفع من الاحتياطي المعرفي وإن كان من إشارة إلى هذه النقطة فإنني أذكر أن بعضا من النصائح والعلاجات التي كنت أبحث عنها لوالدي -رحمه الله- كانت زيت جوز الهند وفوائده الصحية العالية للدماغ وقدرته على تحسين الذاكرة أو الإبطاء من تآكلها وإن كنت لا أدري صحة هذا المعتقد من عدمه.

التواصل الاجتماعي والاندماج مع المجتمع ولمة العائلة والأسرة الصغيرة والكبيرة من العوامل التي قال عنها الباحثون بأنها من الاحتياطيات المعرفية إضافة إلى نقطة أخيرة شدتني قراءتها وسمعتها لأكثر من مرة وهي أن تعلم لغة ثانية أو ثالثة تزيد من فرص عدم التعرض المبكر للزهايمر، حتى تعلم المهارات واكتساب المهن وممارسة العمل البدني من العوامل التي قيل بأنها تحصّن المرء من الخرف المبكر.

أرقام المصابين بفقدان الذاكرة والخرف في ارتفاع مستمر على المستوى العالمي وأعدادهم تزيد يوما بعد يوم والمؤشرات على وجود علاج ناجع لوقف نزيف ضمير وتآكل خلايا المخ تكاد تكون معدومة باستثناء بعض النصائح التي يسوقها الباحثون والعلماء في كيفية الحفاظ على ذاكرة حديدية قوية تستمر لأعوام طويلة قبل أن يأكل الدهر منها ويشرب.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: یمکن أن إن کان

إقرأ أيضاً:

العلم يصنع السيادة: ثورة بيضاء في منظومة البحث العلمي في الأردن

#سواليف

#العلم يصنع #السيادة: #ثورة بيضاء في #منظومة_البحث_العلمي في #الأردن
بقلم: أ.د. محمد تركي بني سلامة

في لحظة تاريخية تعكس وعي الدولة الأردنية بأهمية العلم في صناعة المستقبل، نظم المجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا فعالية نوعية برعاية صاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال، وحضور سمو الأميرة سمية بنت الحسن، حفظهما الله، بمشاركة نُخبة من الأكاديميين، والباحثين، وصنّاع القرار. لم تكن فعالية تقليدية تُضاف إلى سجل الأحداث، بل لحظة إعلان رسمي عن ولادة مرحلة جديدة تنبثق من إيمان راسخ بأن العلم ليس ترفاً، بل أساس للسيادة الوطنية.

في كلمته المؤثرة، أطلق سمو الأمير الحسن رسالة وطنية مدوية: “الدول التي تستثمر في البحث العلمي لا تكتفي باللحاق بالركب بل تقوده”، داعياً إلى إصدار قانون يدعم البحث العلمي ويصونه من التهميش، بوصفه الركيزة الأهم للأمن القومي والتنمية المستدامة. فالمعرفة، كما وصفها سموه جزء اساسي من الامن الوطني . وهي حتما ليست امتيازاً نخبوياً، بل حق لكل مواطن، ووسيلة لتمكين الإنسان وصناعة وطن مزدهر.

مقالات ذات صلة التربية تفتح باب التقديم للعمل على حساب التعليم الإضافي اعتبارا من الغد / رابط 2025/07/02

من بين أبرز ثمار هذه الفعالية الإعلان عن دمج صندوق دعم البحث العلمي والابتكار بالمجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا، في خطوة استراتيجية جريئة تمثل تحولاً نوعياً في إدارة وتمويل البحث العلمي. هذه الخطوة ليست تغييراً شكلياً، بل تمهيد لانطلاقة ثورة بيضاء يقودها المجلس الأعلى بإشراف أمينه العام ، الأستاذ الدكتور مشهور الرفاعي، أحد رموز التعليم العالي في الأردن، وصاحب سجل ناصع في العمل الأكاديمي والإداري، والرجل الذي نذر نفسه للعلم والمعرفة ،واثبت في كل موقع شغله ان الادارة الرشيدة والقيادة المؤسسية قادرة على تحويل الرؤى الى منجزات .

الدكتور الرفاعي، منذ بداياته الأكاديمية كرئيس لقسم الرياضيات، مروراً بتجربته في عمادات ونيابة رئاسة جامعات مرموقة، وصولاً إلى رئاسته الناجحة لجامعة الأميرة سمية للتكنولوجيا لدورتين، أثبت أنه قائد مؤسسي من طراز رفيع، يجمع بين الرؤية الثاقبة والتنفيذ الحصيف. واليوم، وهو يقود المجلس الأعلى، يرسم ملامح مرحلة جديدة يكون فيها البحث العلمي محركاً رئيساً لاقتصاد المعرفة، وجسراً لربط الجامعات بقطاعات الإنتاج والصناعة، والزراعة، والطاقة، والمياه، وغيرها من الأولويات الوطنية.

وقد جاءت كلمته في الفعالية لتؤكد أن المرحلة المقبلة ستشهد نقلة حقيقية في توجيه الموارد البحثية وتكامل الجهود المؤسسية، بما يضمن تحفيز البيئة الجامعية على الابتكار، ورفع مستوى الإنتاج العلمي الأردني.

ولا يخفى أن البحث العلمي في العالم العربي يعاني من اختلالات عميقة. فوفق تقارير دولية، لا تتجاوز نسبة الإنتاج البحثي العربي 1.1% من إجمالي الناتج العلمي العالمي، بينما لا يخصص للبحث العلمي سوى ما بين 0.2% إلى 0.8% من الناتج القومي، مقارنة بـ4–6% في الدول المتقدمة. وتُعد هذه الأرقام مؤشراً خطيراً على اتساع الفجوة بين العالم العربي والعالم الصناعي، في وقت بات فيه البحث العلمي أداة لحل الأزمات، وضمان الاستقلال الاقتصادي والسياسي.

ومن هذا المنطلق، فإن فعالية المجلس لم تكن احتفالاً بروتوكولياً، بل إعلان نية لتغيير جذري. لقد قرر الأردن أن يستثمر في الإنسان الباحث، ويضع العقل في قلب مشروعه الوطني، ويدعو شركاء التنمية – من جامعات، وقطاع خاص، ومؤسسات تمويل – إلى الاصطفاف خلف رؤية واضحة تصنع مستقبلاً يقوده العلم لا الصدفة.

أما المشروع الوطني الكبير الذي ينفذه المجلس حالياً، والمتعلق بـ”أولويات البحث العلمي للعقد القادم”، فهو عنوان لمرحلة تخطيط علمي منهجي تُبنى فيه السياسة البحثية على قراءة دقيقة لاحتياجات المجتمع، ويُعاد فيها توجيه التمويل نحو القطاعات ذات الأولوية، بما يضمن استدامة المعرفة وتحويلها إلى منجزات ملموسة.

إن هذه التحولات، بقيادة سمو الأمير الحسن، وبتنفيذ دؤوب من الدكتور مشهور الرفاعي وفريقه ، تعيد تشكيل المشهد العلمي في الاردن ، وتعيد الاعتبار للعقل الأردني ، وتُجسد إيماناً بأن المعرفة هي طريق السيادة، والعلم هو استثمار الأمة في ذاتها.

وفي الختام، لا يسعنا إلا أن نقول: ما شهدناه في هذه الفعالية لم يكن مجرد إطلاق لمشروع، بل انطلاقة حقيقية لنهضة علمية أردنية تسعى إلى تمكين الإنسان الأردني، وتحويل التحديات إلى فرص، والعلم إلى طاقة ناهضة تدفع الأردن إلى موقعه الذي يستحقه بين الأمم.

للبحث العلمي أن ينتصر، وللأردن أن يعلو بعقول أبنائه.

مقالات مشابهة

  • شيكابالا في عيون الكبار.. عبدالستار صبري: هتفضل بأهدافك في الذاكرة
  • السهر يدمر الذاكرة.. دراسة تكشف تأثير قلة النوم على خلايا المخ
  • النسخ الاحتياطي للبيانات بوليصة تأمين رقمية
  • إقبال جماهيري واسع على معرض الفيوم للكتاب.. وورش الأطفال تخطف الأنظار
  • بعد دمج المراجعتين وزيادة الاحتياطي.. ماذا يتوقع صندوق النقد الدولي لـ مصر؟
  • منير قليبو يطلق معرضه الفوتوغرافي “عدسة الذاكرة” على منصة Picfair العالمية
  • تحت رعاية وزير الثقافة.. إقبال جماهيري واسع على فعاليات معرض الفيوم للكتاب
  • جامعة نجران تعلن بدء التسجيل في برنامج "الإثراء المعرفي الصيفي"
  • «التبادل المعرفي الحكومي» يطلق البرنامج الدولي للتحول الرقمي للقيادات العالمية
  • العلم يصنع السيادة: ثورة بيضاء في منظومة البحث العلمي في الأردن