سودانايل:
2025-05-21@17:06:28 GMT

مآلات الصراع ما بعد البعثة الأممية

تاريخ النشر: 2nd, December 2023 GMT

كررت العديد من القيادات السياسية أن الصراع السياسي بعد 15 إبريل سوف يختلف كثيرا عن ما كان دائرا قبل هذا التاريخ؛ و أكرر أيضا أن الصراع السياسي أثناء وجود البعثة الأممية سوف يختلف بعد مغادرة البعثة. و سوف تتغير كل الأجندة بعد وقف الحرب، إلي جانب أن الحرب سوف تفرز قيادات جديدة. لكن السؤال هل كل هذا التغيير سوف يحدث واقعا جديدا على المسرح السياسي؟ أن التغيير على المسرح السياسي ليس مرتبطا بتغيير الشخصيات و فاعليتها، بل مرتبط بالأفكار التي يمكن أن تقدم من قبل القوى السياسية أو تبنيها إذا كانت مقدمة من مؤسسات أكاديمية أو مفكرين يستطيعوا أن يجترحوا رؤى جديدة مغايرة للتي أدت للفشل و الحرب.


أن البعثة الأممية قبل الحرب كان موجها إليها انتقادا بأنها لا تعطي للأراء المقدمة إليها أهتماما، مما جعلها تتلقى هجوما عنيفا من قبل بعض القوى السياسية، التي تعتقد أن البعثة لا ترى في الوجود غير مجموعة بعينها، و رغم أن البعثة قد ستمعت للعديد من القوى السياسية و المنظمات المدنية لكنها فشلت أن تكون على مسافة واحدة من كل المجموعات في الساحة السياسية. فهي حصرت تعاملاتها مع مجموعة بعينها إضافة إلي المكون العسكري " الجيش و ميليشيا الدعم السريع" و حتى النشاطات التي كانت تقوم بها البعثة ليست مفتوحة لكل القوى السياسية، بل كانت مختصرة على ذات المجموعة و التابعين لها، حتى الورش التي اقيمت و الدعم المالي الذي قدم منها كان موجها إلي الإعلام و تأسيس صحف و دعم صحف كان لا يتم إلا من خلال موافقة هذه المجموعة. و الانتقاد للبعثة ليس كان من قبل عضوية النظام السابق وحده، بل حتى من قبل الإسلاميين بجميع أطيافهم، و من قحت الديمقراطي، و من قبل الحزب الشيوعي، و كل مجموعة من هؤلاء لها كانت لها أجندتها الخاصة، الأمر الذي عطل مشروع البعثة بالصورة المطلوب أن يكون عليها، و في النهاية وقع الشقاق بين العسكريين، و لم تستطيع البعثة أن تتدارك هذه المعضلة.
أن مهمة البعثة كانت مساعدة السودان لبناء دولة ديمقراطية مستقرة، و نهضة اقتصادية تدعم عملية التحول الديمقراطي، و الذي يتطلب دعم أكبر قاعدة أجتماعية له لكي تحدث توازن القوى في المجتمع، و كان على البعثة أن تخرج من دائرة المحاباة أن تجعل المؤسسات الأكاديمية تتولى مسألة انجاز عملية الورش المختلفة المطلوبة لعملية التحول الديمقراطي، و تجعلها هي التي ترسل الدعوات إلي الأحزاب و منظمات المجتمع المدني على أن يرسل كل حزب ممثلين فقط من أهل التخصص في الأجندة المطروحة للحوار، البلاد كانت في حاجة إلي حوارات متواصلة لكي تخلق ثقة بين المكونات السياسية، و كان على البعثة أيضا أن تدعم نشاطات سياسية حوارية في نوادي الأحياء في العاصمة و الأقاليم. فالبلاد كانت تعاني من ضعف الثقافة الديمقراطية، و مثل هذه النشاطات الحوارية التي تخلق ثقافة أحترام الرأي الأخر، هي التي تهيء البيئة الصالحة لعملية التحول الديمقراطي. لكن البعثة أرادت فقط أن تعجل بالانجازات، و بالتالي ركزت على مكون واحد و على الدائرين في محوره، هذا الخيار كان لابد أن يسمم الجو السياسي العام و يخلق تحدى للبعثة.
سوء تقدير البعثة خلق صراعا صفريا، كل لا يريد الأخر، و ذلك يعود لآن الكل كان يريد أن تسلم إليه السلطة و يديرها بالشكل الذي يخدم مصالحه الحزبية. صحيح عندما قدمت البعثة للبلاد كانت توجد حكومة و هي التي تخدم مطلوبات الحكومة، باعتبار أن رئيس الحكومة هو الذي طلب قدوم البعثة لمساعدة حكومته إنجاز عملية دعم عملية النهضة الاقتصادية و السياسية في البلاد، و لكن الصراعات التي حدثت في ظل الحكومة و الخلافات بين مكوناتها، و التي كان قد بينها رئيس الوزراء عبد الله حمدوك في خطابين أن هناك صراعات داخل المكونات السياسية و صراع داخل المكون العسكري و صراعات بين المكون العسكري و المدني، هذه كانت كفيلة أن تجعل البعثة تنتبه و تغير اسلوب عملها لكي يتناسب مع المعطيات الجديدة، كان رئيس الوزراء يؤكد أن البيئة غير صالحة، كان على البعثة أن تقرر أن تبدأ بإصلاح البيئة، و لكنها فشلت.
أن انقلاب 25أكتوبر و أطاح بالشراكة، و تبنت بعديه القوى السياسية شعار " لا تفاوض و لا مشاركة و لا مساومة" هذه الاءات أغلقت منافذ الحوار و الحراك السياسي حيث أدى إلي حالة من الجمود السياسي، لذلك تدخلت بعض الدول " الرباعية – الولايات المتحدة – بريطانيا – السعودية – الأمارات" التي ستطاعت أن تخترق الشعار، و أدارت حوارا بين " الحرية المركزي و المكون العسكري" فأصبحت الرباعية هي التي تضع الأجندة، و هي التي ترسم معالم العمل السياسي بالطريقة التي تعزز فيها مصلحة هذه الدول، و ليس الهدف أن تصلح بيئة العمل السياسي في البلا. للأسف أن البعثة الأممية و التي يجب أن يقع عليها عبء العمل و تحديد الأجندة التي تخدم عملية التحول الديمقراطي و النهضة الاقتصادية، أصبحت البعثة تأتمر برؤية الرباعية، و تراهن على القوى التي أشارت إليها الرباعية، أي القوى التي كانت قد عقدت اجتماعا في بيت السفير السعودي، الأمر الذي البعثة لا تستطيع أن تخرج من الطريق الذي رسمته الرباعية. لذلك كان قيادت المركزي في حواراتهم في القنوات التلفزيونية، عندما تطرح عليهم قضية توسيع قاعدة المشاركة كانوا يقولون " لا نريد إغراق العملية السياسية" و هي إشارة لاحتكارية السلطة.
أن قرار الأمم المتحدة عدم تمديد فترة البعثة التي سوف تنتهي في 4 نوفمبر 2024م، سوف يخلق واقع جديدا في العملية السياسية، هي خروج المؤثر الخارجي عن دائرة حوار القوى السياسية، فممثلي الاتحاد الأفريقي و الإيغاد كانوا يؤكدون مؤخرا فتح باب الحوار السياسي لمشاركة كل القوى السياسية. و ذهاب البعثة سوف يقلل فرص أي مجموعة أن تآول إليها السلطة دون الأخرين، فالكل يجب أن يغيروا طريقة تفكيرهم لمصلحة البلاد، أن يضعوا عملية السلام و الاستقرار و التحول الديمقراطية في أعلى الأجندة أن يكون الوطن و المواطن أولا. أن ذهاب البعثة؛ لا يعني أن العالم سوف يغلق أبواب مساعدته في وجه السودان مادام أبناء السودان قادرين على إدارة مؤسساتهم السياسية و الاقتصادية بإقتدار و أن ثروات البلاد محفزة لكل الدول الراغبة في الاستثمار. أن الحوار السوداني السوداني هو أفضل طريق للإصلاح و أن يتعود ابناء الوطن أن يحلوا خلافاتهم دون وجود الأجنبي. و للحقيقة و التاريخ هي المقولة التي يصر عليها الحزب الشيوعي إبعاد الأجنبي من قضايانا، لكن الزملاء يجب أن يخففوا شروطهم لكي يسير القطار. نسأل الله حسن البصيرة.

zainsalih@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: البعثة الأممیة القوى السیاسیة أن البعثة هی التی من قبل

إقرأ أيضاً:

الإسلاميون وفنّ الخضوع الممكن.. في نقد السياسة بلا فرق

السؤال الأكثر إلحاحا على الإسلاميين دائما، وبلا توقف، هو "ما العمل؟!".. ثمّة معان إيجابية في هذا السؤال، أو تبدو كذلك، باعتبار "نحن قوم عمليون" كما قال الشيخ حسن البنا، أو باعتبار أنّنا متعبَّدون بالعمل، وقد يشير السؤال إلى حالة الاستغلاق التي تواجهها الحركة الإسلامية منذ تأسيسها إلى اليوم، ولكن، وللمفارقة، يقصد السؤال، في بعض أوجهه، أنه لا عمل، ليس من جهة أنّ الحركة الإسلامية لا تعمل، أو لا تريد أن تعمل، ولكن من جهة أنّه ليس في الإمكان أحسن مما هو كائن، أي كلّ ما هو كائن صحيح وصائب، طالما أنّه خيارنا!

يحيل هذا المنطق إلى المعنى من وجود الحركة الإسلامية سياسيّا، أي ماذا تريد؟! وما هي رؤيتها؟! طالما أنّها مستعدة أن تسوّغ لنفسها، في لحظات معينة، كلّ ما تأخذه على غيرها، يتضح ذلك من موقف ظاهر لأوساط إسلامية واسعة من سياسات وخيارات العهد الجديد للحكم في سوريا، والذي وإن كان سليل حركة جهادية، وناجما عن ثورة، فإنّه يختار الانخراط بعمق في النظام الإقليمي وأبعاده الدولية، ولا يرى خيارا أفضل للاستمرار، أو بحسب بعض المفاهيم الإسلامية الأثيرة لـ"التمكين"، وللتمكن من النهوض بالعبء السوري الهائل استقرارا وإعادة إعمار وبثّ حياة.

يتضح ذلك من موقف ظاهر لأوساط إسلامية واسعة من سياسات وخيارات العهد الجديد للحكم في سوريا، والذي وإن كان سليل حركة جهادية، وناجما عن ثورة، فإنّه يختار الانخراط بعمق في النظام الإقليمي وأبعاده الدولية، ولا يرى خيارا أفضل للاستمرار، أو بحسب بعض المفاهيم الإسلامية الأثيرة لـ"التمكين"
تنبغي الإشارة، والحالة هذه، حتى لا يلتبس الأمر، إلى أنّ الكلام متجه إلى موقف الإسلاميين من خيارات بعضهم في الحكم، وليس إلى السوريين من حيث آمالهم وتطلعاتهم في حياة يلتقطون فيها أنفاسهم بعد حرب مدمرة طالت 14 عاما. تتحدث تلك الأوساط من الإسلاميين، عن السياسة بوصفها "فنّ الممكن"، فهي بهذا الاعتبار منفتحة على كلّ الخيارات، وقابلة لكل الاحتمالات، ومجرّدة من كلّ الضوابط، وطالما كانت السياسة كذلك، فإنّ السؤال الذي ينبغي أن يطرحه الإسلاميون على أنفسهم، هو الفارق الذي يمكنهم أن يصنعوه بممارستهم السياسية، أو بكلمة أخرى، طالما أنّ السياسة لا محددات أخلاقية لها، فما معنى ممارسة السياسة باسم الإسلام؟!

عارض الإسلاميون حكومات وأنظمة، وقاتلوا بعضها إن كانوا جهاديين، وانحازوا في أحوال إلى ثورات شعبية عليها، بيد أن تلك الحكومات والأنظمة كانت تدعي أعذارا تفسّر بها عجزها عن إنجاز ما طالب به الإسلاميون، أو تبيح بها بعض خياراتها التي رفضها الإسلاميون، كاختلال موازين القوى، وحدّة التعقيد في التدافع السياسي والاقتصادي والاجتماعي من أدنى مستوياته إلى أوسعها كونية، ومن شأن تلك الحكومات والأنظمة أن تشجب "العنتريات"، وتدين "التهور"، وتعلي من شأن العقلانية، وأن تعيد التأكيد على كون السياسة هي "فن الممكن"، فحينما يكرّر الإسلاميون، اعتذارا منهم لأنفسهم ولمن يحبون، الأعذار نفسها، فأيّ إضافة يقدّمونها حينئذ بممارسة السياسة باسم الإسلام؟!

هل ثمّة إضافة في اتخاذ الإسلاميين خيارات هاجموها من قبل لما اتخذتها حكومات قبلهم؟! هل تختلف طبيعة الخيارات المرفوضة حينما تختارها أيد متوضئة ولحى طويلة؟! ليس النقاش هنا إن كان من حقّ الإسلامي أن يأخذ الفرصة ليحكم أم لا، ومن ثمّ فليس الأمر مقارنة بينه وبين غيره ممن عارضهم أو قاتلهم من حيث الفرصة، وقد أخذوا عقودا متصلة من الزمن فرصتهم، ولكنّ النقاش في استعادة السياسات القديمة نفسها بوجوه جديدة، سياسات كانت من أسباب المعارضة أو القتال أو الرفض. وبالرغم من ذلك، فحتى المطالبة بالفرصة والانتظار، تستدعي وضوح الرؤية والوعد بحيث يعلم الناس كيف سيوسّع هذا الإسلامي فرصه وإمكاناته في الحكم، وما هي المشاكل التي سيحلّها بنحو عجز عنه سابقون، وهذا لا يجاب عليه فقط بالقول "السياسة فن الممكن".

لكن وبالتجاوز عن ذلك، كيف إذا كان هذا الممكن مرهونا بشروط الهيمنة الإقليمية والدولية؟ هل ستصير أسباب الرفض للحكومات والأنظمة أسبابا للتمكين للحكومات الإسلامية؟! هل سيكون مقبولا مثلا إدارة سجون لـ"C.I.A" في البلاد العربية؟! هل سيصير التطبيع ثمنا محتملا لأيّ غرض كان، كإنجاح التجربة؟! (ومفهوم النجاح شديد الالتباس فيما يكتبه ويقوله بعضهم)، هل ينبغي الدفاع عن الحكم الجديد في سوريا مثلا لو ثبت أنّ هذه الإدارة تعاونت في تسليم رفات الجندي "تسفيكا فلدمن" وأرشيف الجاسوس "إيلي كوهين"؟! (هذه التساؤلات لا تتهم الإدارة الجديدة بالتورط في ذلك، ولكنها تسائل ميلا غريزيّا عند بعض الإسلاميين إلى الإنكار إن مسّهم الاتهام مهما قويت القرائن، أو كان التساؤل وجيها أو مشروعا، ثم التسويغ تاليّا، باعتبار أنّ النوايا المضمرة تحتمل تنازلات مؤقتة إلى حين التمكين)!

هذا كلّه دون نقاش الجوهر السياسي، وهو إمكانية التحرر لاحقا من الشرط المفروض بعد قبوله والتزامه ابتداء في بنية سياسية شديدة الإحكام، ولم يعد فيها بالإمكان التأسيس لموقع سياسي في الإقليم والعالم فقط من خلال الدولة، بعد كلّ التحولات العميقة التي جرت على النظام العالمي، وخلقت شبكات بالغة التعقيد من المصالح، بحيث لا يمكن بالقبول بهيمنتها ابتداء؛ واختراق جدارها نحو فضاء مستقلّ أو أرحب. ولكن، ومرّة أخرى، وبالتجاوز عن ذلك، هل هذا ما كان يعد به الإسلاميون من ممارسة السياسة باسم الإسلام؟! أي انتهاج خيارات السابقين، ولكنّ معناها ومآلاها معهم سيكون مختلفا لأنّ الفاعل مختلف؟! هل كانت هذه الخيارات مرفوضة لذاتها أم كان الرفض لفاعلها؟! وهل كان رفض الفاعل السابق إلا لأنه التزم هذه الخيارات مختارا أو مكرها؟!

السياسة وبما هي إدراك لموازين القوى، لا تبدو موازين القوى فيها مُدركة بما هي موازين قوى لبعض هؤلاء الإسلاميين، الذين لديهم جنوح مفزع للدفاع عن خيارات جهات محددة
وعلى أية حال، فإنّ السياسة وبما هي إدراك لموازين القوى، لا تبدو موازين القوى فيها مُدركة بما هي موازين قوى لبعض هؤلاء الإسلاميين، الذين لديهم جنوح مفزع للدفاع عن خيارات جهات محددة، أردوغان مثلا أو الإدارة السورية الجديدة، وإدراكهم لموازين القوى لا يتجاوز محو حدود المناورة، بدعوى الاضطرار أو الاحتياج أو انعدام البديل، دون النظر إن كان هذا كافيا للوصول إلى شيء، فمجرد الخضوع لموازين القوى ليس شرطا موضوعيا لأيّ إنجاز، ومن ثمّ تجري إعادة توهّم لموازين القوى منفصلة عن الواقع تماما. فموازين القوى لا بدّ من مراعاتها، ولكن مراعاتها لا تعني بالضرورة الخضوع، بل هي قد تفيد بأنّ الخضوع لها غير مجد، وحتى لو كان هذا الخضوع مفيدا من حيثية ما، فاعتبار موازين القوى لا يكون من زاوية إحسان الظن بالفعل أو إساءة الظن به!

تتضح هذه الفكرة بالمثال، فقد بدأ إسلاميون، بعضهم من مصر، محاولة إعادة تقديم أوراقهم للإقليم، مستدلين بالتحول الذي حصل في سوريا، حينما قبلت دول الإقليم والعالم جهاديّا سابقا، فتوهموا أنّ الأمر مهارة في المناورة، وجدية في إثبات القدرة على التفاهم، وهذا هو الإسقاط الفادح لمعنى موازين القوى، فهل مصر كسوريا؟! وهل السياق الذي جاء فيه هذا الجهادي هو نفسه الذي صعد فيه الإخوان المسلمون إلى حكم مصر؟! وهل مشكلة الإسلاميين في العالم كله في التفاهم؟!

وقّع سعد الدين العثماني من موقعه رئيسا للحكومة المغربية اتفاقية التطبيع مع إسرائيل، فلم يفد ذلك حزبه "العدالة والتنمية" إلا تقليص حضوره في الحالة السياسية المغربية، وانحازت "حمس" في الجزائر في العشرية السوداء للدولة، والتحالف مع الدولة صراحة وضمنا؛ كان خيار العديد من الحركات الإسلامية، التي لم تكفّر حاكما ولم تطلق رصاصة على غربيّ، ومع ذلك لم تستفد شيئا! وهذا علاوة على ما يمكن قوله بشأن الإخوان المسلمين في العراق ومشاركتهم في مجلس الحكم الانتقالي بعد غزو أمريكا للعراق، أو في أفغانستان إبان الغزو الأمريكي ومشاركتهم في تحالف الشمال.

النقاش هنا ليس في صواب ذلك كله من حيث نفس الأمر، ولا يقصد مطالبتهم بالعمل في هوامش غير متاحة، أو دعوتهم لبطولة مستحيلة، ولكن للقول إنّ المشكلة لم تكن أبدا في موضوع التفاهم هذا، وأنّ إحسان الظنّ من عدمه ليس أداة تحليل، وهذا التوضيح كذلك لا يتضمن تزكية لتلك المحاولات المشار إليها أعلاه، بل يتجاوز تقييمها إلى تفكيك منطقها المؤسس.

أخيرا هذه حماس، كانت أقلّ الاتهامات التي تنالها من الفصيل نفسه الذي انحدر منه أحمد الشرع، هي الميوعة العقدية والسياسية، إن لم يصعد الاتهام إلى تكفيرها، وهي -أي حماس- لم تُكفّر مسلما، ولم تقاتل أحدا رفع علما وطنيّا، علم فلسطين أو غيره، بدعوى أنه راية جاهلية عَمِية، بل هي ترفعه وتُضمِّنه شعارها، وأعلنت منذ تأسيسها أنّ جسورها ممدودة إلى أيّ أحد في العالم طالما أنّه قبل منها ذلك، ولم تطلق رصاصة واحدة على أحد خارج فلسطين، وبالرغم من ذلك، ظلّت القطيعة، أو العلاقة الخجولة، هي الغالب على صلات العرب بها، علاوة على العالم. وهذا يعني أنّ القضية ليست في مدى قدرتك على إثبات جديتك في التفاهم مع العالم، ولكن لهذا العالم أسبابه الكثيرة لرفضك!

x.com/sariorabi

مقالات مشابهة

  • السفير الروسي والمبعوثة الأممية يناقشان تطورات طرابلس وتوصيات اللجنة الاستشارية
  • وزير الدفاع اللواء المهندس مرهف أبو قصرة في تغريدة عبر X: تلقى الشعب السوري اليوم قرار الاتحاد الأوروبي برفع العقوبات المفروضة على سوريا، وإننا نثمن هذه الخطوة التي تعكس توجهاً إيجابياً يصب في مصلحة سوريا وشعبها، الذي يستحق السلام والازدهار، كما نتوجه بال
  • الاتحاد الأوروبي يؤكد دعمه لوحدة اليمن وسيادته وجهود السلام الأممية
  • المنفي يدعو من طرابلس إلى توحيد الصف وتفادي الصراع: التوافق السياسي هو السبيل للاستقرار
  • البعثة الأممية تنشر الملخص التنفيذي لتقرير اللجنة الاستشارية حول الإطار الانتخابي
  • البعثة الأممية تطلق برنامج «بصيرة» لتطوير مهارات الإعلاميين في الذكاء الاصطناعي
  • مجلس النواب يبحث تطورات الوضع الأمني والإنساني مع البعثة الأمم الأممية
  • الإسلاميون وفنّ الخضوع الممكن.. في نقد السياسة بلا فرق
  • التجمع يدعو القوى السياسية العربية إلى تبني رؤية الرئيس السيسي بقمة بغداد
  • غوتيريش يوجه الوكالات الأممية لدعم الحكومة العراقية