لم يكن أكثر المتفائلين يتوقع هذا الإقبال الكبير على الانتخابات الرئاسية الأخيرة، الذى تعدى، حسب الهيئة الوطنية للانتخابات، نسبة الـ66٪ من عدد الناخبين الذين لهم حق التصويت، فلا أحد ينكر أن المشهد كان مفاجئاً، وكان المتوقَّع عزوف الناخبين عن المشاركة، نظراً لعوامل عدة؛ أهمها الظروف المعيشية الصعبة التى يعانيها المواطن بسبب غلاء الأسعار غير المسبوق للسلع الأساسية، فضلاً عن اختفاء بعضها، وارتفاع فواتير جميع الخدمات من كهرباء ومياه وغاز، وغيرها، ما أثقل كاهل المواطن وجعله لا يأبه بالشأن العام، وأصبحت المشاركة السياسية فى ذيل قائمة اهتماماته، وأصبح كل هَمّه «لقمة العيش» وأن يكفل لنفسه ولمن يعول أدنى حد من الحياة الكريمة.
منذ اللحظة الأولى من إعلان موعد الانتخابات، حرصت جميع وسائل الإعلام وبرامج التوك شو، على حث الناخبين على النزول للجان الانتخابات باعتباره واجباً وطنياً، فضلاً عن آلاف اللافتات فى الشوارع والميادين التى تدعو المصريين للمشاركة والاستجابة لنداء الوطن، وجاء اليوم المنتظر، فإذا بأعداد كبيرة من المصريين، بجميع فئاتهم، ينزلون ويتراصّون فى طوابير طويلة ينتظرون دورهم لانتخاب رئيس مصر للسنوات الست المقبلة.
لبّى المواطن نداء الوطن واستجاب لكل الدعوات النزول.. فنزل وشارَك، واختار أن يكون مواطناً صالحاً فاعلاً.. إيجابياً مؤثراً، ليرسم مستقبله ومستقبل بلده.
لقد أدى المواطن دوره ونفّذ ما هو مطلوب منه، والآن يأتى الدور على الحكومة أن تقوم بدورها، وتستجيب للمواطن وتلبى له طلباته، أو حتى جزءاً منها، كما استجاب هو ولبَّى نداءها، ألا يستحق هذا المواطن المُسالم الصبور نظرة اهتمام من حكومته، التى من المفترض أن دورها وهمَّها الأول هو العمل على راحته ورفاهيته.. ولمصلحته؟
الشعب المصرى قنوع بطبعه، لا يطلب المستحيل، ليس المهم عنده زيادة راتبه، لكن الأهم أن يكفيه هذا الراتب للوفاء بالتزاماته اليومية، يريد السيطرة على الأسعار، ورقابة حازمة على الأسواق، لأن بدونهما لن تنفعه زيادة «هزيلة» على دخله ولو تضاعفت عشرات الأضعاف.
فقط يتمنى أن يرى ضوءاً فى آخر النفق المظلم، الذى طال عليه.
المواطن الآن يأمل فى أن يجنى الثمار، وينتظر من الحكومة أن ترد له الجَميل.. فهل تفعل؟!
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: خاطرة الانتخابات الرئاسية الأخيرة عزوف الناخبين كاهل المواطن
إقرأ أيضاً:
بودكاست يوسف السنوسي
بودكاست يوسف السنوسي..
خلال اسبوع كامل ظللت اداوم على الاستماع إلى حلقات بودكاست يوسف السنوسي محمد كوكو ، الضابط السوداني الذي اختطفته مليشيا الدعم السريع المتمردة من داره بمنطقة الجيلي شمال الخرطوم ، وحزنت كثيراً لبعض القصص ، وشعرت بالأسي لأخرى وغضبت ودمعت عيناي ، وشعرت بالفخر فى اخرى ، الحلقات مزيج من مشاعر شتى ، كما أنها تعطيك صورة مصغرة لهذا البلاء الذى اجتاح البلاد والعباد ، إن مليشيا الدعم السريع المتمردة صورة لا متناهية من البشاعة والفظائع واللإنسانية..
وخرجت بنتائج كثيرة من اللقاء الذى اجراه الزميل المحترم أحمد فال ، وزادت معارفي ، وبدأت إعادة قراءة تأثيرات المحتوى الإعلامي وأوجز ذلك فى عدة نقاط..
وبشكل عام فإن الحلقات تكشف عن:
– معدن وصلابة الإنساني السوداني وقدرته على التحمل والصبر والثبات على المبدأ..
– حجم التضحيات التى قدمها شعبنا بشكل عام فى هذه الحرب ، وعظم تضحيات مؤسساتنا واجهزتنا العسكرية والأمنية وقد كانت هدفاً لهذه المليشيا المجرمة ومن وراءها من قوى سياسية ماكرة وغادرة واجندة خبيثة..
– وتجددت قناعاتي بقبح وفظاعات هذه المليشيا وغياب أى حس إنساني أو أخلاقي لديها و افتقارها لأى ضبط أو قيم..
– غياب المنظمات والجمعيات الانسانية والمؤسسات المتخصصة للدفاع عن هؤلاء الضحايا ، وقد قضوا أكثر من عامين فى اسوأ الظروف الإنسانية وانتفاء الحقوق ولم تسلط على هذه الانتهاكات اضواء كاشفة وكل الادانات كانت خجولة.
– وما زال دور المؤسسات الحقوقية والقانونية غائباً لإسترداد حقوق هؤلاء من خلال طرح قضاياهم فى المنابر الدولية ، وتشكيل مجموعات قانونية ومجتمعية ونفسية لمتابعة ملفاتهم وطرح حكاياتهم وتتبع اشكالاتهم..
اما من ناحية السرد فقد خرجت بخلاصة تؤكد:
– قيمة المعنى حين يرتبط بالصدق والبساطة ، هكذا ، دون تكلف أو ادعاءات ، وإنما حديث دون رتوش أو تقعر (كبوا لنا الماء فى خشمنا ونخرتنا) ، ذلك الاستغراق فى التوصيف بكل الحواس واستشعار كل لحظة..
– وهذا إئذان بعودة (الحكي) فى تقديم الرسالة الاعلامية ، وهذا ما يفعله البودكاست ، حيث القيمة والنجومية الأساسية لدى الراوى (الضيف) و(المحتوى)..
الحمدلله على سلامة الأخ بوسف وفك الله أسر المأسورين..
ابراهيم الصديق على
18 مايو 2025م..