هل يمكن للحشرات أن تنقرض؟ وكيف تتأثر حياة البشر لو انقرضت؟
تاريخ النشر: 16th, July 2023 GMT
تمثل الحشرات جزءا كبيرا من سكان الكرة الأرضية، ويقدر الباحثون أن عدد فصائلها قد يبلغ نحو 5.5 ملايين فصيلة، وتمثل نحو 80% من مجمل عدد الكائنات الحيوانية، وهي أحد أفرع مملكة الحيوان الأربعين.
وطرح تقرير نشرته منصة "ديسكفر ماغازين" (Discover magazine) في الأول من يوليو/ تموز الجاري تساؤلا مهما: ماذا لو اختفت الحشرات تماما من العالم؟ وهل ينبغي للبشر الشعور بالقلق تجاه ذلك الأمر؟
وعقبت إليزا غريمز -باحثة ما بعد الدكتوراه بجامعة نيفادا الأميركية- في التقرير على الانخفاض المستمر في أعداد الحشرات قائلة "أشارت دراسات عدة إلى أن أعداد الحشرات تتناقص، وهو أمر مثير للقلق، فهي لا تنقص في ألمانيا وحدها، إنما تنقص في الولايات المتحدة والبرازيل وكوستاريكا.
ويشير تقرير صادر عن رويترز في ديسمبر/ كانون الأول من عام 2022 إلى فقدان الكوكب نحو ربع إلى نصف المليون فصيلة من فصائل الحشرات خلال الأعوام 150 الأخيرة، وذلك طبقا لدراسة نشرت بدورية "جورنال بيولوجيكال كونزرفيشن" (Journal biological conservation)، وتظل أعداد الحشرات في انخفاض حتى يومنا هذا رغم صعوبة تحديد هذه الأرقام بدقة بسبب عدم تمكن الباحثين من اكتشاف كل أنواع الحشرات.
ويوضح ديفيد فاغنر -ضمن تقرير رويترز- أن أعداد الحشرات مستمرة في الانخفاض ولا يمكن إعادتها لسبب واحد فقط، فالحشرات تواجه أخطارا وجودية عدة، لعل أهمها نقص الموائل (المناطق التي تستطيع الكائنات العيش فيها)، وانتشار الزراعة الصناعية التي تسبب نقص أعداد المزارع الصغيرة مقابل بناء مزارع أكبر أكثر إنتاجا، وزيادة الاعتماد على الأسمدة النتروجينية، إضافة إلى الزحف العمراني الإنساني الهادف إلى التوسع في إنشاء المدن على حساب الريف.
وبالطبع لا يمكننا إغفال التأثير السلبي للتغيرات المناخية في حياة الكوكب عامة والحشرات خاصة، وعن ذلك يقول فاغنر "تؤدي التغيرات المناخية إلى جفاف مساحات شاسعة من المناطق الرطبة حول العالم، وهو أمر كارثي بالنسبة لفصائل عدة من الحشرات".
وتدعم رؤية فاغنر النتائج التي توصلت إليها دراسة منشورة بدورية "نيتشر كلايمت تشينج" في أكتوبر/ تشرين الأول من العام 2022، التي أشارت إلى أن 65% من أعداد الحشرات موضع البحث قد تنقرض على مدار القرن الميلادي القادم، بسبب التغيرات الحادة في درجات الحرارة بمختلف مناطق الكوكب.
وفي ورقة بحثية بعنوان "العلماء يحذرون البشرية من انقراض الحشرات" نشرت في العام 2020، أكد الباحثون دور الحشرات في سير الحياة الطبيعي بكوكب الأرض، موضحين إسهامها في أنشطة عدة، منها الحفاظ على خصوبة التربة والتنوع الحيوي (وجود كائنات حية متنوعة على سطح الكوكب)، وحماية السلاسل الغذائية التي تتيح الطعام لمختلف الحيوانات والطيور والأسماك والإنسان، ومساعدتها على إنتاج منتجات طبية وصناعية عدة.
ويتمثل أحد أهم المخاطر الناتجة من انقراض الحشرات في تأثر الإنتاج الزراعي بالسلب، فطبقا لإحدى الدراسات، تسهم الحشرات في تلقيح نحو 75% من أنواع المحاصيل الزراعية، وفي تكاثر نحو 94% من النباتات البرية المزهرة.
إن غياب أحد عناصر تلقيح النباتات -خاصة المحاصيل الزراعية- سيؤدي بالضرورة إلى انعدام تكاثرها، وبالتالي فقدان الإنسان للمصدر الرئيسي لغذائه.
إضافة إلى ذلك، تسهم أنواع عدة من الحشرات مثل بعض أنواع الخنافس في التخلص من الآفات الضارة، والآفات أنواع من الحشرات بعضها يدمر المحاصيل الزراعية، وبعضها يتسبب في انتقال الأمراض بين البشر.
ونظرا لتسبب هذه الآفات -خاصة الضارة بالمحاصيل- في دفع ملايين الدولارات من أجل السيطرة عليها وحماية الإنتاج الزراعي، فمن المتوقع مستقبلا ارتفاع تكاليف محاربة تلك الآفات بسبب انقراض الحشرات المهمة التي تقاومها مجانا.
على صعيد آخر، تسهم الحشرات في إعادة تدوير النفايات الحيوانية والنباتية، فهي تمارس دورها المهم في تحليل وتفكيك الأجسام الميتة إلى مواد بسيطة تستخدم كمغذيات للبيئة الأرضية والبحرية، وانقراض الحشرات يلغي هذا الدور، مما يعني زيادة معدلات التلوث، وانخفاض معدل إنتاج المغذيات الطبيعية.
ولا يتوقف دور الحشرات على ما ذكرناه فقط، فهي تعد مصدر غذاء أساسي لعدد كبير من الكائنات الحية، منها الطيور وبعض الثدييات والأسماك، الأمر الذي يشير إلى مواجهة البشر لعامل جديد من العوامل المؤدية إلى حدوث المجاعات العالمية من خلال انقراض الحشرات الذي يتبعه اختفاء عدد من الأغذية المهمة للإنسان، كما يشير إلى احتمالية فقدان التوازن البيئي بين الكائنات المختلفة.
وقد دعت مجموعة من باحثي جامعات سيدني وكوينزلاند والأكاديمية الصينية للعلوم الزراعية خلال تقرير نشروه في العام 2019 عرضت نتائجه وكالة "سي إن إن" (CNN) إلى ضرورة اتخاذ قرارات جذرية بشأن تطوير الأساليب الزراعية المستدامة التي تحافظ على البيئة، عبر الحد من الاستخدام المفرط لمبيدات الآفات.
وأكد الباحثون خلال التقرير أن "تغيير الكيفية التي ننتج بها الطعام حتمية، وإلا ستنقرض الحشرات خلال العقود القليلة المقبلة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الحشرات فی من الحشرات
إقرأ أيضاً:
اتجاه الرياح.. هل تتأثر مصر حال ضرب المفاعلات النووية في إسرائيل وإيران؟
تتزايد المخاوف في مصر من التهديدات المتبادلة بين إسرائيل وإيران، حيث يتساءل الكثيرون عن تأثير هذه التوترات على البلاد، خاصة في ظل الأحاديث حول احتمال تعرض المفاعلات النووية في كلا البلدين للاعتداءات.. فهل تتأثر مصر؟
جدير بالذكر أنه منذ 13 يونيو، شهدت المنطقة تصعيدًا كبيرًا في التوترات بين إسرائيل وإيران، حيث شنت إسرائيل سلسلة من الغارات على أهداف إيرانية.
استهدفت هذه الهجمات مواقع عسكرية ومنصات إطلاق صواريخ، واغتالت عددًا من القادة العسكريين الإيرانيين بالإضافة إلى علماء نوويين. وردت إيران بإطلاق صواريخ ومسيرات نحو إسرائيل، مهددة بالمزيد من التصعيد.
تأثير التسرب الإشعاعي على مصرأكد الدكتور سامي شعبان، رئيس هيئة الرقابة النووية والإشعاعية خلال تصريحاته لقناة "إكسترا نيوز"، أن مفاعل ديمونة الإسرائيلي، ورغم قربه الجغرافي من الحدود المصرية ـ حيث يبعد أكثر من 80 كيلومترًا ـ لا يشكّل تهديدًا مباشرًا على الأراضي المصرية حاليًا، نظرًا للمعايير الفنية وغياب الظروف التي قد تؤدي إلى تسرب إشعاعي مفاجئ.
بدوره أبدى الدكتور سعيد سليمان، الخبير في الزراعة وأستاذ الوراثة في جامعة الزقازيق، آراءً مطمئنة فيما يتعلق بتأثير أي هجوم إسرائيلي محتمل على المفاعلات النووية الإيرانية، حيث أكد أن مصر محمية بموقعها الجغرافي، وأن المسافة بين مصر وإيران تجعل من غير المحتمل أن يصل التسرب الإشعاعي إليها.
ورغم ذلك، إذا قامت إيران باستهداف المفاعل النووي الإسرائيلي، فإن التأثير قد يكون أكبر.
وفقًا للدكتور سليمان، فإن الرياح في مصر تأتي من اتجاهات شمالية شرقية وشمالية غربية، مما يعني أن تأثير هذا الهجوم سيكون محدودًا على البيئة المصرية. إذ لا يُتوقع أن تصل الإشعاعات إلى الزراعات في المنطقة، وخاصة في سيناء.
تأثير اتجاه الرياح على الإشعاعفي سياق متصل، أوضح الدكتور مصطفى عزيز، الرئيس السابق لهيئة الرقابة النووية والإشعاعية، أن آثار أي استهداف عسكري إيراني لمفاعل ديمونة ستعتمد بشكل رئيسي على اتجاه الرياح. فقد أشار إلى إمكانية حدوث تخفيف لمستوى الإشعاع قبل الوصول إلى الحدود المصرية، مما يقلل من المخاوف على البلاد.
بدوره أكد الدكتور نادر نور الدين، أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، أن أغلب الرياح التي تهب على مصر طوال العام هي رياح شمالية غربية، والتي تتحول إلى جنوبية شرقية في موسم الخماسين. وهذا يعني أن أي هجوم على مفاعل ديمونة لن يكون له تأثير كبير على مصر، نظرًا لعدم توافق اتجاه الرياح مع الموضع الجغرافي للبلاد.