حزن عميق وغضب شديد بعد الهدم المفاجئ لـ درب وسط القاهرة
تاريخ النشر: 13th, January 2024 GMT
تلقّى سكّان القاهرة ومحبّو الثقافة المصريون بـ"حزن عميق" خبر هدم مركز "درب 17 18" للفن المعاصر في وسط العاصمة لتنفيذ مشروع لتوسعة الطريق، إذ شكّلت إزالة هذاالمَعلَم التراثي حلقة جديدة في مسلسل سبق أن طال المقابر التاريخية.
ففي السادس من يناير، أعلن مركز "درب 17 18" في بيان عبر صفحته الرسمية على منصة "فيسبوك" أن مبناه الرئيسي هُدم "من دون أي إشعار أو تعويض مسبق"، وسط ما وصفه بـ"حزن عميق وغضب شديد".
فالمركز الواقع في منطقة صناعة الفخار في وسط العاصمة المصرية كان"بمثابة ملاذ للفنانين والحرفيين من جميع الأنواع لأكثر من عقد"، بحسب البيان.
ورأى "درب 17 18" في هدم مبناه "تذكيراً صارخاً بالتهديدات المستمرة التي يواجهها تراث القاهرة وتاريخها، وتهجير مجتمعاتها من دون أي اعتبار".
وشهدت الأعوام الثلاثة الأخيرة إزالة آلاف القبور في جبّانة القاهرة التاريخية التي تُعدّ الأقدم في العالم الإسلامي والمدرجة على قائمة منظمة اليونسكو للتراث العالمي، لخدمة مشاريع لتطوير شبكة الطرق والمواصلات في العاصمة من خلال بناء جسور وأنفاق وسكك حديدية.
وقال مؤسس مركز "درب 17 18" الفنان التشكيلي معتز نصر الدين في مداخلة هاتفية الأسبوع الفائت ضمن برنامج "كلمة أخيرة" مع الإعلامية المصرية لميس الحديدي "فوجئنا ببلدوزرات (جرافات) الحي بعد عطلة رأس السنة تدمّر المبنى بمحتوياته".
واستغرب نصر الدين القرار، وقال الفنان الذي أنشأ المركز عام 2008 إن اجتماعاً عُقِد "في وقت سابق مع رئيس الحي وتم الاتفاق على تأجيل الأمر للتفاوض بعد الانتخابات الرئاسية".
لكنّ الأجهزة المحلية عمدت إلى إزالة مبنى "درب" الرئيسي ومبنيين آخرين لتعليم صناعة وحرفة الفخار، كانت "واجهة جميلة ومشرفة" للمنطقة، على قول نصر الدين.
وكانت الانتخابات الرئاسية أجريت في مصر بين 10 و12 ديسمبر وأسفرت نتيجتها التي أُعلنت في الثامن عشر منه عن فوز الرئيس عبد الفتاح السيسي بولاية جديدة حتى العام 2030.
نحن نكره التراثوانتقدت الحديدي إقدام الحكومة المصرية على تنفيذ مثل هذه القرارات وقالت عبر برنامجها "كيف نرشح شخصا لليونسكو ونحن نكره التراث ونكره التاريخ ونكره مصر القديمة"، في إشارة إلى ترشيح مصر وزير السياحة السابق خالد عناني لمنصب المدير العام للمنظمة الأممية.
ورأت أن ثمة من يريد أن تتحول القاهرة "بالكامل إلى شوارع وأسفلت وكباري (جسور)".
وعلى الرغم من مفاجأة الهدم، كان نصر الدين أطلق في يوليو الماضي عريضة على الإنترنت وقّعها حتى الآن أكثر من 16 ألف شخص، تحضّ الحكومة المصرية على البحث عن "حلول بديلة تسمح باستمرار هذه المؤسسة الثقافية الحيوية".
وكُتب في العريضة "نحن ندرك أهمية التنمية الحضرية والتقدم. ومع ذلك ... سيكون هدم درب 17 18 خسارة فادحة للتراث الثقافي لأمتنا وفنانيها".
وانتقد العديد من مستخدمين شبكات التواصل الاجتماعي ما حدث للمركز الفني وأعاد بعضهم التذكير بوقائع إزالة المقابر التاريخية.
وكتب أحدهم منتقداً المسؤولين عن قرار الهدم: "الكارثة هي أن هؤلاء هم أنفسهم عندما يتجولون في شوارع باريس وفيينا وروما، يلتقطون الصور بإعجاب، ولكنهم عندما يعودون لبلدانهم يحطمون ما هو رمز للبلاد".
"صدمة كبيرة"في عام 2002، عرض نصر الدين مشروع مركز الفنون على محافظ القاهرة الذي خصّص له عقاراً في منطقة الفسطاط المعروفة بـ"مصر القديمة"، وتحديدا في منطقة صناعة الفخار، لما لها من دلالة فنية.
وأطلق نصر الدين اسم "درب 17 18"، بحسب الموقع الرسمي للمركز، تخليدا لتظاهرات يومي 17 و18 يناير عام 1977 عندما تحرّك المصريون ضد قرارات الغلاء في عهد الرئيس الراحل أنور السادات.
وضمّ المركز ورشا لتعليم الحرف والصناعات اليدوية ومركزا للثقافة وقاعات للمعروضات الفنية وساحات للحفلات الموسيقية.
وأشار نصر الدين في مداخلته مع الحديدي إلى أن "أعمالاً تخص 150 فناناً أجنبياً كانوا في مصر تُقدّر قيمتها بالملايين"، كانت موجودة في المبنى لدى هدمه. وأضاف "لا أعلم ماذا سأقول لهم".
وأعرب نصر الدين عنم تفاجؤه "بهذا التصرف التعسفي"، في وقت كان يتوقع "تقديراً من الدولة لدور +درب+ المهم في الحركة الفنية التشكيلية في مصر".
وقال المعماري المصري أيمن بدر الذي كان دائم التردد على "درب" لوكالة فرانس برس "رأيت صور الهدم وشعرت بمزيج من الإحباط والغضب والحزن الشديد".
وإذ أشار بدر إلى أنه كان "واحداً من الناس الذين تأثروا جداً بالمنتج الثقافي" للمركز، روى أنه تعرّف فيه "على الكثير من المبدعين" وحضر "عدداً من الورش الفنية والعروض الترفيهية".
وأضاف "شعرت بصدمة كبيرة لأنني رأيت تأثير +درب+ ليس على شخصي فقط" بل كذلك على "سكان المنطقة وخصوصا الأطفال".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: نصر الدین
إقرأ أيضاً:
الأمم المتحدة: النقص المفاجئ لتمويل المساعدات الإنسانية يهدد ملايين اليمنيين
أكدت الأمم المتحدة، الثلاثاء، أن الوضع الإنساني في اليمن بات على حافة الهاوية، في ظل تردي الأوضاع المعيشية والخدمية في البلاد الغارقة بالحرب منذ أكثر من عشر سنوات.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية باليمن "أوتشا" في بيان له على منصة "إكس"، "بينما يجتمع القادة في السابع لكبار المسؤولين الإنسانيين في اليمن لايزال اليمن يقف على حافة الهاوية".
وأضاف: "تهدد التقليصات المفاجئة للمساعدات شريان الحياة الذي يعتمد عليه ملايين الناس. ولايزال الصراع والانهيار الاقتصادي والصدمات المناخية تتسبب باستمرار الاحتياجات الإنسانية".
وأشار إلى أن النساء والفتيات تتعرض العبء الأكبر لتداعيات هذه الأزمة.
وأوضح مكتب "أوتشا"، أنه ورغم الصعوبات يبذل العاملون الإنسانيون ما بوسعهم بالموارد المتاحة التي يتم بها مكافحة الجوع وسوء التغذية والأمراض والنزوح، وتقديم المساعدات في مجالات الحماية والتعليم والمأوى والمواد غير الغذائية والمياه النظيفة.
وأكدت الأمم المتحدة، أنها بحاجة إلى دعم مرن ومنتظم عاجل لمواصلة العمل.
ويستضيف الاتحاد الأوروبي، يوم غدٍ الأربعاء، في مقره بالعاصمة البلجيكية بروكسل، الاجتماع السابع لكبار المسؤولين الإنسانيين بشأن اليمن، حيث يسعى الاتحاد إلى حشد الدول المانحة لتمويل خطة الاستجابة الإنسانية، التي تواجه أكبر عجز حتى الآن، إذ لم يُموَّل منها سوى نحو 10% فقط من المبلغ المطلوب.
وفي وقت سابق، دعت 116 منظمة إغاثية وإنسانية، المانحين، لإنقاذ اليمن من الانزلاق إلى أزمة أعمق، في ظل زيادة الإنهيار المعيشي والإقتصادي ونقص التمويل للمشاريع الإغاثية خلال العام الجاري.
وقالت المنظمات في بيان لها، إنه وبعد أكثر من عقد من الأزمة والصراع الحاد، يواجه الشعب اليمني ما قد يكون أصعب عام يمر به حتى الآن. ولا يزال الصراع والانهيار الاقتصادي والصدمات المناخية تُفاقم الاحتياجات الإنسانية، وتشهد المساعدات شحًا متزايدًا بسبب التخفيضات الحادة في التمويل".
ودعت وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية والوطنية العاملة في اليمن المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات عاجلة وجماعية لمنع تطور الظروف الكارثية، بالتزامن مع اجتماع القادة غدًا لحضور الاجتماع السابع لكبار المسؤولين الإنسانيين.
وأشارت إلى أنه "وبعد مرور ما يقرب من خمسة أشهر على بداية عام 2025، لم يتم تمويل خطة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في اليمن إلا بأقل من 10%، مما يمنع توصيل المساعدات الأساسية إلى ملايين الأشخاص في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك النساء والفتيات والمجتمعات النازحة والأطفال واللاجئين والمهاجرين وغيرهم من الفئات الضعيفة والمهمشة التي تتحمل العبء الأكبر من الأزمة".
ولفتت إلى أن وكالات الإغاثة الموجودة على الأرض تُقدم خدماتها بدعم من المانحين، وتكافح الجوع والمرض والحرمان، وتقدم مساعدات وخدمات مُنقذة للحياة، تشمل الحماية والتعليم والمأوى والمياه النظيفة على الرغم من نقص التمويل وتحديات أخرى، مثل انعدام الأمن، وصعوبة الوصول، واستمرار احتجاز العاملين في المجال الإنساني من قبل سلطات الأمر الواقع.
وأكد البيان، أن المنظمات غير الحكومية المحلية ومنظمات المجتمع المدني تلعب "دورًا حاسمًا في هذه الجهود، حيث غالبًا ما تكون المستجيب الأول، وأحيانًا الوحيد، في المناطق النائية التي يصعب الوصول إليها، بعد أن اكتسبت ثقة المجتمعات على مدى سنوات من العمل".
وناشد البيان، المانحين بإلحاح زيادة التمويل المرن، وفي الوقت المناسب، والقابل للتنبؤ، لخطة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية. مؤكدا أنه بدون اتخاذ إجراءات فورية، قد تضيع المكاسب الحيوية التي تحققت عبر سنوات من المساعدة المخلصة.