قبل أكثر من 60 عاما، بدأت الجذور العلمية الجادة للبحث عن حياة ذكية خارج كوكب الأرض عبر مشروع "أوزما"، الذي أسسه عالم الفلك الشهير فرانك درايك.

كان الهدف من المشروع هو رصد إشارات راديوية مستمرة أو ذات ترددات محددة قد تشير إلى وجود حضارات فضائية متقدمة، فقد افترض درايك أن مثل هذه الحضارات قد تستخدم موجات الراديو لتبادل المعلومات، لذا تم استخدام التلسكوب لرصد الإشارات القادمة من نجوم شبيهة بالشمس.

ورغم أن مشروع "أوزما" لم يُسفر عن رصد إشارات مؤكدة من حضارات ذكية، إلا أنه وضع الأسس لتقنيات البحث الحديثة التي لا تزال تتطور حتى يومنا هذا.

أحد المراصد من مشروع أوزما (سيتي) من الراديو إلى الضوء

اليوم، وبعد عقود من التطور التقني، يعلن عالم ناسا المخضرم ريتشارد ستانتون عن اكتشاف مثير باستخدام تقنية أكثر حداثة تعرف بـ"رصد النبضات الضوئية السريعة"، فبدلا من البحث عن موجات الراديو، ركزت هذه التقنية على التقاط ومضات ليزرية فائقة السرعة قد تمثل إشارات من حضارات متقدمة.

وبفضل هذه التقنية، تمكن ستانتون من رصد نبضات ضوئية غامضة من نجمين قريبين نسبيا، مشيرا إلى أن هذه النبضات ربما تكون وسيلة أكثر فاعلية ودقة للتواصل بين الحضارات الذكية، ما أعاد فتح الباب أمام فرضية وجود إشارات فضائية من حضارات متقدمة.

وفي دراسة حديثة نشرت في دورية "أكتا أسترونوتيكا"، وصف ستانتون تفاصيل اكتشافه، الذي جاء نتيجة مسح طويل شمل أكثر من 1300 نجم شبيه بالشمس باستخدام تقنية رصد النبضات الضوئية.

إعلان

وكانت النتيجة اللافتة هي رصد نبضتين ضوئيتين متطابقتين بفاصل زمني 4.4 ثوان صدرتا من النجم " إتش دي 89389″، الذي يقع على بعد نحو 100 سنة ضوئية في كوكبة الدب الأكبر.

دعا ستانتون إلى توسيع نطاق البحث باستخدام شبكة من التلسكوبات المتزامنة موزعة على مسافات كبيرة (مختبرات نوير) 4 ألغاز محيرة

ما جعل هذه النبضات لغزا علميا محيرا هو مجموعة من الخصائص الفريدة التي يصعب تفسيرها:

أولا: تغير سطوع النجم بسرعة مذهلة، إذ يزداد بشكل مفاجئ، ثم يخفت إشعاعه، ثم يعود إلى حالته الطبيعية، كل ذلك خلال 0.2 ثانية فقط، وهذا التغير السريع جدا يستحيل أن يكون نتيجة ضوضاء عشوائية أو اضطرابات جوية، وقد تساءل الباحثون: "كيف يمكن لنجم يبلغ قطره أكثر من مليون كيلومتر أن يختفي جزئيا خلال عشر الثانية؟". ثانيا: تكرار نبضتين متطابقتين، ففي 3 مناسبات منفصلة، تم رصد نبضتين متشابهتين للغاية يفصل بينهما فاصل زمني يتراوح بين 1.2 إلى 4.4 ثانية، والأغرب أن مثل هذه النبضات لم ترصد إطلاقا خلال أكثر من 1500 ساعة من الرصد لنجوم شبيهة. ثالثا: تطابق البنية الدقيقة، فتفاصيل النبضة الأولى تكررت بشكل شبه مطابق في النبضة الثانية، في نمط يصعب تفسيره من خلال أي آلية طبيعية معروفة. رابعا: لا يوجد أثر لأجسام متحركة، فباستخدام أجهزة تصوير واستشعار دقيقة، لم يتم رصد أي أقمار صناعية، طائرات، شهب أو حتى طيور في الخلفية يمكن أن تفسر هذه الومضات، وهذا يُسقط معظم الفرضيات الاعتيادية.

ولم يتوقف ستانتون عند الاكتشاف الجديد، بل عاد إلى تحليل بيانات أرشيفية، ووجد إشارتين ضوئيتين مماثلتين من نجم آخر شبيه بالشمس هو "إتش دي 217014″، والمعروف أيضا باسم " 51 بيغاسي"، وهذا النجم مشهور بكونه أول نجم اكتشف يدور حوله كوكب خارج المجموعة الشمسية، وذلك عام 1995.

والغريب أن هذه النبضات رصدت سابقا، لكن تم رفضها آنذاك باعتبارها ناتجة عن مرور طيور أمام التلسكوب، أما الآن، فتحليل ستانتون الحديث استبعد هذه الفرضية تماما، ما يزيد من احتمال أن ما رصد قد يكون بالفعل ظاهرة غير مفهومة حتى الآن.

إعلان فرضيات متعددة

وفي دراسته، استعرض ستانتون عددا من الفرضيات البديلة، مثل "تأثيرات الغلاف الجوي للأرض"، "انكسار الضوء بسبب أجسام داخل النظام الشمسي"، "موجات الجاذبية"، و"ظواهر طبيعية غير معروفة"، لكن أيا من هذه الفرضيات لم يتمكن من تفسير الظاهرة بالكامل.

أما الاحتمال الأكثر إثارة للجدل، فهو أن هذه النبضات قد تكون إشارات من حضارة فضائية ذكية، خاصة أن مصدر التذبذب يبدو قريبا نسبيا من الأرض، وربما داخل نظامنا الشمسي ذاته.

وبناء على ما توصل إليه، دعا ستانتون إلى توسيع نطاق البحث باستخدام شبكة من التلسكوبات المتزامنة موزعة على مسافات كبيرة، وسيساعد ذلك في تحديد اتجاه النبضات، وسرعتها، وحجمها، وبعدها بدقة.

ويؤمن ستانتون أن هذه الخطوة قد تكون نقطة تحول في تاريخ البحث عن الحياة الذكية خارج كوكب الأرض.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات أکثر من أن هذه

إقرأ أيضاً:

في 3 مواقع مختلفة.. تفاصيل رصد وتصوير مركبة فضائية من السماء العربية

في إنجاز علمي جديد، نجح مرصد الختم الفلكي التابع لمركز الفلك الدولي في تصوير المركبة الفضائية المعروفة باسم (ESCAPADE). 

حدث هذا بعد ساعات من انفصال المركبة عن الصاروخ الذي حملها من الأرض، حيث تم تحديد موقع المركبة في السماء والتقاط عدة صور لها بالرغم من التحديات التي يمثلها هذا النوع من الرصد.

جسم غامض يقترب من الأرض.. إشارة راديوية تربك علماء الفلكقمر البرد العملاق.. ظاهرة فلكية تضيء سماء ديسمبر | متي تشاهده ؟دراسة تهز علم الفلك الحديث .. هل بدأ الكون في التباطؤ؟ملك الخسوفات.. أندر ظاهرة فلكية حتى عام 2044| أين تظهر؟زلزال مرسي مطروح.. معهد الفلك يكشف تفاصيل الهزة الأرضيةبآلاف الدولارات .. أسعار فلكية لفساتين الفنانات في مهرجان الجونة 2025تفاصيل رصد المركبة الفضائية 

تعتبر عملية تصوير المركبات الفضائية معقدة وصعبة، وذلك بسبب السرعة العالية للمركبة ودرجة خفوتها. ووفقًا للمعطيات، كانت المركبة تتلألأ في السماء بدرجة سطوع تقدر بـ18، وكانت تسير بسرعة تعادل ثلاث دقائق قوسية في الدقيقة. 

هذا يعني أنها تتحرك مسافة تعادل قطر القمر في عشر دقائق فقط، مما يجعل من الضروري تقليل زمن التصوير حتى لا تُلتقط على شكل خط بدلاً من نقطة.

استمر المرصد في رصد المركبة في ثلاثة مواقع مختلفة خلال فترة عشرين دقيقة، من الساعة 04:55 إلى 05:14 بتوقيت الإمارات. تمت قياسات فلكية دقيقة تم إرسالها إلى مركز الكويكبات الصغيرة التابع للاتحاد الفلكي الدولي، بالإضافة إلى عالم متخصص في الولايات المتحدة مهتم بتحديد مسارات الأجرام السماوية. تعتبر مثل هذه الأرصاد ضرورية للتأكد من جاهزية المراصد للتعامل مع الأحداث الفلكية الطارئة.

على الرغم من أن المسار الحالي للمركبة معروف للجميع، إلا أن هناك دولًا لا تكشف عن مسارات صواريخها ومركباتها، مما يشكل خطرًا على الأقمار الصناعية الأخرى. تتواجد فرق متخصصة في وكالات الفضاء العالمية لمتابعة الأجرام الفضائية لأغراض متعددة، سواء للأغراض العسكرية أو لضمان السلامة العامة.

ما دور المركبة ESCAPADE؟

سُميت المركبة ESCAPADE، اختصارًا لـ "Escape and Plasma Acceleration and Dynamics Explorers"، وهي تتكون من مركبتين فضائيتين توأم. تم إطلاقهما في 13 نوفمبر 2025، بواسطة صاروخ من شركة بلو أوريجن. المهمة مصممة بتكلفة منخفضة، تقل عن 80 مليون دولار، بهدف جمع بيانات حول طقس الفضاء.

بعد وصول المركبتين إلى نقطة L2 بين الأرض والشمس، ستبقيان هناك حوالي عام لجمع البيانات. ومن المتوقع أن ينطلق محرك المركبة في نوفمبر 2026 نحو كوكب المريخ، حيث ستبدأ مهمة علمية معقدة تتعلق بدراسة الغلاف الأيوني للمريخ.

حددت الأهداف العلمية للمهمة في عدة نقاط رئيسية:

فهم العمليات التي تتحكم في بنية الغلاف المغناطيسي الهجين للمريخ وتأثيرها على تدفق الأيونات.

دراسة كيفية نقل الطاقة والزخم من الرياح الشمسية عبر الغلاف المغناطيسي للمريخ.

تحليل العمليات التي تتحكم في تدفق الطاقة والمادة من وإلى الغلاف الجوي للمريخ.

تعتبر هذه المهمة خطوة مهمة في مجال الأبحاث الفضائية، وتظهر قدرة المراصد على التعامل مع الأحداث الفلكية المتنوعة، مما يسهم في تعزيز تقدم العلم والمعرفة في مجالات الفلك والفضاء.

طباعة شارك مركبة فضائية رصد مركبة فضائية رصد مركبة فضائية من السماء العربية المركبة ESCAPADE مركز الختم الفلكي

مقالات مشابهة

  • هلال جمادى الآخرة يزين سماء المملكة مساء اليوم
  • نتنياهو يطلب حذف قضيتين والاستعانة بصديق أمام المحكمة في الشبكة
  • الرئيس لى جاى ميونيغ: حضارة مصر تركت إرثا تاريخيا عظيما للبشرية
  • ناسا تكشف مفاجأة بشأن مرور مركبة تحمل مخلوقات فضائية .. ما القصة؟
  • فلكية جدة: الاقتران الداخلي مع الشمس لعطارد اليوم
  • فلكية جدة: عطارد يشهد اليوم ظاهرة الاقتران الداخلي مع الشمس
  • افتتاح المعرض الشخصي الثامن للفنان نصر الزعبي بعنوان “نبضات”
  • قفزة في إنفاق الدفاع الأوروبي على البحث والتطوير مع حرب أوكرانيا: أي بلد بالاتحاد الأوروبي ينفق أكثر؟
  • في 3 مواقع مختلفة.. تفاصيل رصد وتصوير مركبة فضائية من السماء العربية
  • الهندي: القوة الدولية المزمع تشكيلها ستقوم بدور يشبه دور العدو الإسرائيلي