لجريدة عمان:
2025-05-13@21:21:07 GMT

حديث ذاتي

تاريخ النشر: 17th, January 2024 GMT

إنَّ الفارق بين «الفعل» و«عدم الفعل» ضئيل جدًا، ومتى ما ظننا بأن الفعل وحده ما يحدد حياتنا مسيرها ومصيرها؛ فيجب أن نتأهب للعواقب عاجلًا أم آجلًا. وتمثل السلطة الخفية أحد أبرز العوامل في اختيارنا للفعل من عدمه، وهذه السلطة تتضمن العائلة والأصدقاء والأقرباء والمعارف، أو بالأحرى كل من نهتم لأمرهم ونظن بأنهم يتوقعون منا أفعالا معينة بطريقة معينة في حال معينة يكون لرأيهم تأثير علينا، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.

الحرية الشخصية والوعي الحقيقي بالذات، يعدان أمران حيويان ومغيبان في الآن ذاته!؛ فالوعي بالذات يجعلنا نختار الصواب -يتحدد الصواب هنا بالقناعات التي نتبناها والمبادئ والأسس الأخلاقية لهذه القناعات- بمعزل عن السلطة الخفية وبوعي تام بوجودها، أي أن تلك السلطة تذوب تماما أمام ما اعتبرناه صوابًا. أما من يرزح تحت قيود السلطة الخفية تلك، فيظل مقيدا موجَّهَ الأفعال والتصرفات دون أن يدري!؛ وذلك لأن ما يقوم به يكون نتيجة ضغط لا يلزم بالضرورة أن يكون ضغطًا حقيقيًا، وإنما هو ضغط مُتَخَيَّلٌ يُلزِم الإنسان نفسه به ويعيش وفقًا له. وهذا ينطبق على الأمور الكبيرة والقرارات المصيرية وعلى الأمور اليومية الاعتيادية على السواء.

تنبري أمام الإنسان في لحظات الصفاء المطلق خياراته، ويصاب بالهلع أحيانًا جراء ما فعله، أو ما يعتقد أنه ينبغي عليه أن يفعله. وما بين اتخاذ القرار بوعي حقيقي، وبين اتخاذه بناء على ما سبق الإشارة إليه من سلطة وضغط غير حقيقيين؛ تكون النتائج النهائية حاسمة في تحديد مصير الإنسان. فإما أن يتطرف في اختياراته وينعزل انعزالًا كليًا عن المجتمع والحياة، أو أن يمارس حياته بوسطية تتيح له الانزواء في زاويته الخاصة في كوخه الصغير تارة، وممارسة حياته تحت أضواء المسرح تارة أخرى، ويظل محتفظًا بذاتيته الحقيقية ونقائها الذي يبذل جهده للحفاظ عليها.

الحياة طريق طويلة عسيرة، وللإنسان فيها الخيار الكامل والتام في كيفية سلوكها، ولكن هذه الطريق ذاتها هي ما تصقل المرء وتكشف معدنه؛ فإما أن يذوب في المُتَخيَّل والمُنتَظَر منه، أو أن يشق طريقه الخاص بقناعاته التي يبنيها ويهدمها منتقلا من طور إلى طور في سبيل تشييد كماله الإنساني. بعبارة أخرى، يمكن له أن يختار شلة أو جماعة أو فئة ينضوي تحتها ويعتقد معتقدها ويتبنى مواقفها الأخلاقية والثقافية والاجتماعية، أو أن يكون حرًا يختار صوابه بمعزل عن الانضواء تحت أي جماعة وتكون له آراؤه الخاصة الذاتية النابعة من قناعة صادقة وبحث متأن.

يردد المثقفون عبارة «الوعي مؤلم» ونحوها، وفي الحقيقة فإن الألم والصعوبة الحقيقيين يكمنان في الشجاعة بأن نكون نحن كما نؤمن بأنفسنا، لا كما يرانا الآخرون. أتذكر عبارة في هذا السياق لأحد الأصدقاء «بعض الناس يريدونك ضحيةً ويتجمعون حولك حين تكون ضحيةً، ويهاجمونك حين تتعافى». إن هذا السلوك لا يعدو كونه أمرًا إنسانيًا مكررًا، فالناس يحبون المسيح مصلوبا ولا يرون له قدسية أو رمزية دون ذلك الصلب!. وفي الثقافة، يكون المؤلف الشهيد أعلى قيمة من الحي؛ حتى وإن كان المؤلف الحي أكثر معرفة وأهم طرحا ومعرفة وإنتاجا. لا أحب التطرف حد القول بأن المثقف المسجون يكون رمزًا أكثر من المثقف الذي لم يذق السجن، ولكن الحياة الواقعية تفرض علينا بأن نعترف بأن هنالك مثقفين ذاقوا مرارة السجن ثمنًا لقناعاتهم الصادقة، وآخرون انتفعوا من السجن لتكوين صورة المناضل الحر وفي الحقيقة هم ينتفعون من تلك الصورة المزيفة.

تتطلب الحياة التي تموج بنا في هذه البحار الهائجة من النار والسم الذي نظنه عسلا، أن نتروى قليلا وننزوي في جبلنا أو مزرعتنا الروحيتين ونفكر في المسار الذي نسلكه والطريق الذي نشقه. وكما أن على الإنسان أن يعمل بجد، فعليه أن يرتاح قليلا ليلتقط أنفاسه؛ كي لا تتوقف عضلة القلب عن العمل بعد مجهود فاق قدرتها التشغيلية! وهذا ينطبق على طوفان الأقصى والإبادة التي يتعرض لها أشقاؤنا الفلسطينيون؛ فالانغماس الكلي في مشاهدة القتل وقراءة الأخبار السلبية وحدها يميت القلب ويصيب المرء باليأس، لكن «استراحة المحارب» وفرصة التقاط الأنفاس قبل العودة إلى ميدان النضال -الذي قد لا يتعدى النشر في مواقع التواصل الاجتماعي- مطلب مهم ليكون التأثير حقيقيًا وناجعًا في مواجهة طوفان الشر الاستعماري، وكذلك في مواجهة طوفان الزيف في الحياة. فمرة أخرى، تعلمنا من طوفان الأقصى أن الدعاية التي آمنا بها طورا ودافعنا عنها ذات مرة؛ تنحسر وتكشف عن حقيقتها عند المآسي الإنسانية، ويصبح متبني تلك الدعايات أمام مأزق حقيقي، مأزق لا يتيح له الذوبان والاختباء، بل يصبح مطالبا بقول إحدى الكلمتين «لا/نعم».

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

الحديدة…مسير عسكري لخريجي دورات طوفان الأقصى بالمنصورية دعما لغزة

 

الثورة نت / يحيى كرد

نفذت شعبة التعبئة العامة في مديرية المنصورية بمحافظة الحديدة، اليوم، مسيرًا عسكريًا مهيبًا لخريجي الدورات العسكرية المفتوحة “طوفان الأقصى”، في إطار جهود التعبئة المستمرة لمناصرة الشعب الفلسطيني وتعزيز الجاهزية القتالية للدفاع عن السيادة الوطنية.

واستعرض المشاركون خلال المسير، الذي عكس انضباطهم العالي، مهاراتهم في التكتيك العسكري، وفنون القتال، والقنص، واستخدام الأسلحة، ضمن عروض تطبيقية جسدت مدى الجاهزية التي وصل إليها الخريجون بعد تلقيهم التدريبات المكثفة.

وأكد الخريجون خلال المسير أن جاهزيتهم التامة لخوض معركة “الفتح الموعود” والتصدي لأي عدوان إسرائيلي أو أمريكي على اليمن، مشددين على استعدادهم لتقديم التضحيات في سبيل نصرة الشعب الفلسطيني وكسر الحصار عن قطاع غزة.

ويأتي هذا النشاط ضمن سلسلة فعاليات عسكرية تنظمها شُعب التعبئة العامة في مختلف مديريات محافظة الحديدة، في ظل تصاعد الغضب الشعبي تجاه المجازر المرتكبة في قطاع غزة، واستجابة لتوجيهات القيادة الثورية والسياسية في اليمن الداعية إلى دعم المقاومة الفلسطينية في وجه الاحتلال الصهيوني.

كما يعكس هذا الحراك الشعبي-العسكري حالة الاستنفار التي تعيشها المحافظات اليمنية، تأكيدًا على مركزية القضية الفلسطينية في وجدان اليمنيين، ورفضهم المستمر للهيمنة الصهيونية والعدوان الأمريكي في المنطقة.

مقالات مشابهة

  • “حماس” تنعى زهران الذي اغتالته أجهزة السلطة في طوباس
  • الحديدة…مسير عسكري لخريجي دورات طوفان الأقصى بالمنصورية دعما لغزة
  • صور| مسير شعبي لخريجي الدورات العسكرية المفتوحة “طوفان الأقصى” من أبناء عزلة فوط بمديرية حيدان في صعدة
  • وزارة التربية تعمم مبادرتي “نحو رحلة نجاح… قلبي مطمئن وعقلي مستعد”، ‏و”بخطى واثقة…أواجه امتحاناتي وأفهم ذاتي”
  • قبائل الشاهل في حجة تعلن وثيقة الشرف القبلي للبراءة من العملاء والخونة
  • مسير شعبي لخريجي دورات “طوفان الأقصى” في مديرية القناوص بالحديدة
  • ما هو الدعاء الذي يقال عندما يكون الطقس حارًا؟
  • انقسام حقيقي ام مناورة؟.. خلاف أميركي اسرائيلي بشأن ايران وغزة
  • عاجل- طوفان اتهامات يلاحق عبد الواحد السيد في الزمالك.. مصدر خاص يكشف التفاصيل
  • توثيق ذاتي لمفقودي جرائم الدعم السريع بمخيم زمزم