يقدِّم جناح مجلس حكماء المسلمين بمعرِض القاهرة الدولي للكتاب 2024 لزوَّاره كتاب «الغرب وإعادة اكتشاف الإسلام.. مقاربات الإسلام في الفكر الغربي المعاصر»، بقلم التجاني بولعوالي، مدير برنامج الدراسات الأوروبية في مركز الحكماء لبحوث السلام، والباحث الخبير في الشؤون الأوروبية، من إصدارات مجلس حكماء المسلمين.

«حكماء المسلمين» يشارك بمعرض القاهرة للكتاب 

ويشير الكتاب، الصادر عن مركز الحكماء لبحوث السلام، إلى أنه انطلاقًا من أن تأثيرًا كبيرًا طبع علاقة الإسلام بالهوية الأوروبية، لم ينقطع قط، ليس تأثيرًا دينيًّا فحسب، بل إن جوانبه الثقافية أضحت اليوم واقعًا تعيشه المجتمعات الأوروبية التي يشكِّل المسلمون عنصرًا في نسيجها الاجتماعي، ومكوِّنًا في مشهدها الثقافي، فإنه يبدو واضحًا من هذا الواقع أن ثمَّ حاجةً ملحِّةً لإعادة اكتشاف الإسلام في الغرب عبر تمحيص مفهومي للمصطلحين ولعلاقتهما الجدلية، ومن ثمَّ دراسة إمكانات «الإسلام الأوروبي الغربي» في التاريخ والمستقبل، بالوقوف على أهم المقاربات السائدة في الفكر الغربي للإسلام، وجعلها منطلقًا لارتياد أُفُق الإسلام في أوروبا مستقبَلًا.

وينبِّه الكتاب على الأهمية الحاسمة للاتفاق والاختلاف حول المفاهيم والمصطلحات الضابطة لعلاقة الإسلام بالغرب، وأولها الاختلاف بين طبيعة الإسلام بوصفه دينًا سماويًّا يقدم رؤية للعالم ورسالة تمثِّل منظومةَ قيم أخلاقيَّة واجتماعيَّة، وبين الغرب بوصفه مجالًا حضاريًّا تاريخيًّا وهوية ثقافيَّة وسياسيَّة، لافتًا إلى أن هناك حاجة مُلِحَّة إلى التأسيس الفكري لعلاقة إيجابية بين الإسلام دينًا وثقافةً، وبين الغرب فضاء وهوية للوقوف على إمكانات إسهام الإسلام في مستقبلِه، بعيدًا عن توترات الهويَّة الحاكمة في كثيرٍ من الأحيان لتراث العلاقة بين هذا الفضاء وبين الإسلام داخله.

الدراسة تندرج في إطار الاشتغال على علاقة الإسلام والغرب

ويوضح مؤلف الكتاب أن هذه الدراسة تندرج في إطار الاشتغال على علاقة الإسلام والغرب انطلاقًا من السياق الأوروبي والغربي نفسه، وهي تشكِّل حلقة في سلسلة من الإسهامات الفكرية والبحثية التي ينظمها خيط واحد، وهو دراسة طبيعة حضور المسلمين المعاصر في أوروبا والغرب بمختلف تمثلاته التَّاريخية والدِّينية والثقافية والاجتماعية وغيرها، وتنطلق في هذا الكتاب من فرضية أن الإسلامَ بكونه الآخر الغريب أو الغرائبي -كما في الدراسات الاستشراقية التقليدية- محكومٌ باستمرار بما نطلق عليه «إعادة الاكتشاف» من طرف الذات الأوروبية أو الغربية، وتنطوي هذه العملية على نوع من الإدراك المتجدد الجوانب من الإسلام بحسب السياق، والشروط الحضارية الجديدة، وكلما كان هذا الإدراك موضوعيًّا تم استيعاب مختلف قضايا الإسلام، ما يضيق الفجوة التواصلية والمعرفية والنفسية بين الذات والآخر، أو بالأحرى بين الإسلام والغرب.

وفي الوقت ذاته، يشير المؤلف إلى ملاحظة أن الفكر الغربي المعاصر بدأ منذ تسعينيات القرن الماضي يطرح مقاربات للإسلام مغايرة ومختلفة تمامًا عما كان عليه الأمر في الاستشراق القديم، وتتمثل هذه المغايرة في جانبين؛ أحدهما: أنها تفكك مختلف الأحكام المسبقة والمسلمات التي تنبنى عليها النظريات الاستشراقية التقليدية والدراسات المعاصرة المسيحيَّة وتقوضها؛ لتخلق قطيعة منهجية وإبستيمولوجية مع ذلك التيار الفكري المؤدلج.

والجانب الآخر هو أنَّ تلك المقاربات تدرس الإسلام بشكل موضوعي متجردة من أي نزوع إيديولوجي أو عقدي، وذلك بغرض فهم الظاهرة الإسلامية في مختلف أبعادها وتجلياتها، وقد أسفر ذلك عن تراكمٍ معرفيٍّ يقتضي أن يبحث لاستجلاء ملامح التحول الإيجابي الذي طرأ على صورة الإسلام التقليديَّة.

ويؤكِّد الكتاب أن التعددية ما دامت تشكل اليوم معطًى مشتركًا ومشاعًا بين مختلف مكونات المجتمع، وما دام الحوار المنشود يقتضي أن يكون متبادلًا بين طرفين أساسيين هما: الإسلام والغرب، فقد راعينا أن تستوعب هذين المفهومين من زوايا لغوية واصطلاحية وفلسفية متبادلة أيضًا، بمعنى ماذا يقول كل طرف عن الطرف الآخر؟ كيف يفهم المسلمون والغربيون بعضهما البعض؟ وكيف تقدم الذات الآخر والعكس صحيح؟ وهي أسئلة ذات طابع إبستيمولوجي من شأنها أن تشكل الخطوة الأولى نحو بلورة تصور موضوعي متبادل عبر المعرفة المتبادلة، ولا تقتصر هذه المعرفة على القراءة فقط، بل تقتضي التجربة والاحتكاك أيضًا.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الأزهر معرض الكتاب معرض الكتاب 2024 حكماء المسلمين حکماء المسلمین الإسلام فی

إقرأ أيضاً:

هيئة الكتاب تُعيد إصدار مسرحية «الناس اللي فوق» لـ نعمان عاشور

أصدرت وزارة الثقافة مؤخرا، متمثلة في الهيئة المصرية العامة للكتاب، برئاسة الدكتور أحمد بهي الدين، طبعة جديدة من المسرحية الشهيرة "الناس اللي فوق" للكاتب المسرحي الكبير نعمان عاشور، أحد أعلام المسرح الواقعي في مصر والعالم العربي، وذلك في إطار سعيها الدائم لإحياء التراث الأدبي والمسرحي المصري.

تأتي هذه الخطوة ضمن مشروع الهيئة لإعادة نشر أبرز الأعمال الكلاسيكية التي ساهمت في تشكيل الوعي الثقافي والاجتماعي للأجيال السابقة، وتهدف إلى تعريف القراء الجدد بهذه النصوص المهمة، التي ما زالت تحمل في طياتها دلالات اجتماعية وثقافية عميقة رغم مرور عقود على كتابتها.

تُعد "الناس اللي فوق" واحدة من أبرز أعمال نعمان عاشور، وقد كُتبت في أواخر خمسينيات القرن الماضي، تحديدًا عام 1958، وتتميز المسرحية بانتمائها إلى نمط المسرح الواقعي الذي اشتهر به عاشور، حيث يرصد من خلال شخصياته التحولات التي طرأت على المجتمع المصري بعد ثورة يوليو 1952.

تتناول المسرحية بعمق موضوع الصراع الطبقي، من خلال تصوير ثلاث طبقات اجتماعية رئيسية تعيش في مبنى واحد: الطبقة العليا ممثلة في شخصية عبد المقتدر باشا وعائلته، والطبقة المتوسطة من خلال المهندس حسن أفندي وزوجته وابنته، والطبقة الشعبية التي تتمثل في الخادمة أم أنور وابنها، ومن خلال تفاعل هذه الشخصيات، يرسم نعمان عاشور صورة دقيقة للمجتمع المصري في تلك الحقبة، موضحًا كيف أثرت المتغيرات السياسية والاجتماعية على توازنات القوى بين الطبقات المختلفة.

وتُصنّف المسرحية ضمن ما يُعرف بأسلوب "الأوتشيرك"، وهو شكل درامي مستوحى من المسرح الروسي، لا سيما أعمال مكسيم غوركي، ويقوم على المزج بين الطرح الاجتماعي والسرد المسرحي المبني على التحليل النفسي والواقعية الاجتماعية.

ويُذكر أن نعمان عاشور، يُعد من أبرز رواد المسرح العربي، وكتب العديد من المسرحيات التي تناولت المجتمع المصري بطبقاته المختلفة، وكان له دور مهم في تطوير شكل ومضمون المسرح العربي، حيث قدم أعمالاً تمزج بين النقد الاجتماعي والطرح الفكري الجاد، في قالب فني قريب من الناس.

طباعة شارك وزارة الثقافة الهيئة المصرية العامة للكتاب الدكتور أحمد بهي الدين الناس اللي فوق نعمان عاشور

مقالات مشابهة

  • من العمل التطوعي إلى الطمع و التهافت السياسي: الوجه الآخر لفئة كبيرة من الشباب الجمعوي في تمصلوحت”
  • ((مرحباً ترمب ،،، يقول اخو نوره على الشرق والغرب ))
  • مجلة الدوحة.. من الورق إلى الرقمنة في جلسة نقاشية بمعرض الكتاب
  • الشرع لترامب: سوريا جسر للتجارة بين الشرق والغرب.. ونرحب باستثماراتكم في قطاع الطاقة
  • يقول أخو نوره على الشرق والغرب..
  • التراث هوية..هل يمكن التملُّص منها؟
  • الجيش السلطاني العُماني يشارك في مسابقة الإعاشة بالمملكة المتحدة
  • الجيش السلطاني يشارك في مسابقة الإعاشة بالمملكة المتحدة
  • كاتب بريطاني يتساءل: متى يقول الغرب للجرائم في غزة كفى؟
  • هيئة الكتاب تُعيد إصدار مسرحية «الناس اللي فوق» لـ نعمان عاشور