يعقوب الشاروني شخصية معرض الطفل بالقاهرة الدولي للكتاب
تاريخ النشر: 19th, January 2024 GMT
تحرص الدولة على الاهتمام الكبير بالثقافة والأدب بكافة أنواعه بوجه عام، وتربية النشء والأطفال على وجه الخصوص، وهو ما انعكس إيجابا على التطوير الكبير بمعرض الطفل ضمن فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب، سواء من حيث المساحة وزيادة حجم المشاركين، فضلا عن تنظيم العديد من الفعاليات المخصصة للأطفال من أجل زيادة الإقبال.
ويعد اختيار اسم كاتب الطفل الراحل يعقوب الشاروني شخصية معرض الطفل بالدورة 55 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب - التي تنطلق الأربعاء المقبل وتستمر حتى 6 فبراير المقبل - تكريما لأعماله التي تعد علامة مضيئة في أدب الطفل، حيث سجل الشاروني اسمه بحروف من نور في مجال الأدب وخاصة أدب الطفل، حيث قدم للمكتبة العربية والمصرية العديد من المؤلفات التي تلقى اهتمام الملايين بالدول العربية حتى الآن، وأصبحت مرجعا لأجيال عدة من المؤلفين والكتاب بمجال أدب الطفل.
والشاروني هو أحد أبرز رواد أدب الطفل في العالم العربي، وله مشروع ثقافي عظيم، وإنتاج أدبي أقل ما يوصف به أنه شديد الغزارة و التنوع وشديد التأثير، حيث تتميز مؤلفاته بأنها مستلهمة من التراث الشعبي المصري.
وأعادت الهيئةُ العامة للكتاب إصدار عدد من مؤلفات الشاروني؛ فضلًا عن إعداد كتاب احتفائي عن الكاتب الراحل، يضم شهادات كتبها عدد كبير من الكتاب، من مختلف الأجيال، تحت عنوان "في محبة يعقوب الشاروني"، وقد كتب هذه الشهادات كُتاب من مصر والوطن العربي، ومن إيطاليا والصين والهند، فضلا عن إصدار مجموعة من مؤلفاته، مثل "أجمل حكاياتنا العربية"، و"البخلاء"، وحكايات إيسوب"، و"زهرة السعادة"، ومسرحية "أبطال بلدنا" التي كانت سببا رئيسيا في ترشيح الكاتب الكبير توفيق الحكيم ليعقوب الشاروني للحصول على منحة التفرغ للكتابة الأدبية عام 1963.
ويتميز أسلوب يعقوب الشاروني بالسهولة والبساطة والتعليم، فهو أسلوب واضح المعالم، بلغة سلسلة في مخاطبة الأطفال.
وتقلد الشاروني في عام 1953 منصب مندوب هيئة قضايا الدولة بمصر، وفي عام 1954 عمل محامي بهيئة قضايا الدولة، حتى وصل عام 1959 إلى منصب نائب هيئة قضايا الدولة، وفي عام 1967 تم انتدابه بناء على طلبه مديرًا عامًا للهيئة العامة لقصور الثقافة ومُشرفاً على مديرية الثقافة وقصر الثقافة بمحافظة بني سويف بصعيد مصر، وتم نقله بناء على طلبه عام 1968 من وظيفته القضائية بوزارة العدل ليعمل مديرًا عامًا للهيئة العامة لقصور الثقافة.
وسافر الشاروني في فبراير 1969 إلى فرنسا لمدة عشرة أشهر في منحة من الحكومة الفرنسية لدراسة العمل الثقافي بين الجماهير خاصة في مجال ثقافة الطفل، وفي عام 1970 تم اختياره مديرًا عامًا لثقافة الطفل وقصر ثقافة الطفل المتخصص بالهيئة العامة لقصور الثقافة، ثم تم اختياره مستشارًا لوزير الثقافة لشئون ثقافة الطفل عام 1973.
وفي عام 1975 أصبح مسئولاً عن شئون التدريب بوزارة الثقافة، بالإضافة إلى عمله مستشارًا لوزير الثقافة لشئون ثقافة الطفل، إلى أن تم اختياره رئيسًا ومديرًا عامًا للشئون القانونية لوزارة الثقافة، بالإضافة إلى عمله مستشارًا لوزير الثقافة لشئون ثقافة الطفل عام 1980.
واختارته صحيفة الأهرام مشرفاً على صفحة الأطفال اليومية خلال الفترة من 1981 إلى 2008 ، وذلك إلى جوار عمله بوزارة الثقافة، وما بين عام 1984 إلى 1991 عمل رئيسًا للمركز القومي لثقافة الطفل بوزارة الثقافة المصرية بدرجة وكيل وزارة.
في عام 1984 قام بإصدار سلسلة «مجلدات بحوث ودراسات ثقافات الطفل» كما أنشأ أيضًا في نفس العام «المسابقة القومية للطفل الموهوب»، وفي عام 1985 أنشأ الندوة الدائمة لأدب وثقافة الطفل، بهدف خلق حركة نقدية حول أدب الأطفال، كما أصدر العدد التجريبي من أول مجلة للثقافة العلمية للأطفال باسم «النحلة».
وحصل الشاروني على العديد من الجوائز منها جائزة لجنة التحكيم الخاصة لمسابقة أدب الأطفال عام 2001 في مجال التأليف عن كتابه «أجمل الحكايات الشعبية»، وفي عام 2002 فاز كتابه نفسه بجائزة «الآفاق الجديدة» من معرض بولونيا الدولي لكتب الأطفال بإيطاليا، وهي جائزة تُمنح لكتاب واحد على مستوى قارات آسيا وأمريكا الجنوبية وإفريقيا وأستراليا، وهي واحدة من أهم جائزتين يمنحهما المعرض سنويًّا على مستوى العالم.
كما عمل مستشارا لتحرير كُتب الأطفال الصادرة عن وزارة البيئة، وفي عام 2007: مستشار كُتب الأطفال الصادرة عن الشركة المصرية العالمية للنشر - لونجمان بمصر.
وبلغ عدد الكُتب التي كتبها للأطفال وتم نشرها أكثر من 400 كتاب، لعل من أهمها سر الاختفاء العجيب، رادوبيس وتم ترجمتها إلى الفرنسية والإنجليزية والمجرية، الرحلة العجيبة لعروس النيل، الفرس المسحورة وتم ترجمتها إلى الفرنسية والإنجليزية، أحلام حسن، روائع المتحف الإسلامي، تائه في القناة والكسلان وتاج السلطان.
وتوفي الشاروني في نوفمبر الماضي، تاركاً إرثا كبيراً في مجال أدب الطفل في مصر والوطن العربي ورحلة تاريخية مليئة بالإبداعات المقدمة للأطفال.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: یعقوب الشارونی ثقافة الطفل أدب الطفل فی مجال وفی عام ا عام ا فی عام
إقرأ أيضاً:
معرض مسقط الدولي للمجوهرات
يرتبط عالم الذهب والمجوهرات بالثقافة الإنسانية، وقدرتها على التجلي من خلال تلك الرمزيات التي يقدمها الفنانون المصممون، التي تعكس الحضارة الفكرية والاجتماعية من ناحية، والبراعة الفنية والتقنيات المبتكرة من ناحية أخرى؛ حيث عُرفت المجوهرات باختلاف أشكالها وأنواع أحجارها بالكشف عن تاريخ الأمم وأنماط تطوراتها الثقافية، فكانت لها رمزيتها الاجتماعية التي تبرز الأنساق والمكانة الاجتماعية، إضافة إلى ما تعكسه من معتقدات فكرية ودينية وطقوس ذات أبعاد حضارية؛ ولهذا فإن هذا العالم ليس جماليا وحسب بقدر ما هو ثقافي وحضاري.
إن المجوهرات تمثِّل قيمة فنية وثقافية كشفت عبر التاريخ، توجهات الأمم وقدرتها على تحويل المواد الخام إلى تحف فنية، تعبِّر عن إمكاناتهم الإبداعية وتصوراتهم، فهي واحدة من ممكنات الهُوية الوطنية؛ ذلك لأنها تقدِّم الروابط الاجتماعية والإنسانية التي تحرص عليها الأمم، سواء على مستوى الالتزامات بين الناس، أو ارتباطهم بمجتمعاتهم الإثنية، التي يعملون على امتدادها وتطورها عبر الأجيال؛ حيث نجد أن كثيرا من تلك المجوهرات تحتفظ بهُويتها الدالة على رسوخها الحضاري حتى وإن تطورت أو اتخذت أشكالا مغايرة بفعل التقنيات الحديثة.
ولهذا سنجد أن المجتمعات تحافظ على تلك الهُوية، وتجعل منها منطلقا أساسيا للإبداع. فرغم التطورات الهائلة والطفرات المتسارعة في التصميم والإنتاج في عالم الذهب والمجوهرات، إلاَّ أن هناك ثيمة أساسية لكل مبدع تدل على إرثه الفكري والحضاري، وتقدِّم كشفا مهما لتطورات ذلك الإرث وفق ما يرتبط به من تصورات وأنماط تفكير وآليات إنتاج، تقود هذا العالم وتوجِّه مساراته؛ فكثير من المبدعين يستلهمون تصاميمهم المعاصرة من حضاراتهم الإنسانية القديمة، ولعل ما تقوم به المصممة عزة فهمي خير شاهد على ذلك؛ حيث تستوحي تصاميمها للمجوهرات من حضارات تعود إلى سبعة آلاف عام، وغيرها الكثير من مصممي المجوهرات الذين قدموا تحفا فنيا لا تقدَّر بثمن.
لقد شكَّلت المجوهرات علامات ثقافية وإنتاجات إنسانية ذات أنماط متنوعة، تكشف تاريخ المجتمعات وطريقة عيشهم بل وحتى مستوياتهم الاجتماعية والاقتصادية؛ فمنذ أن نقش الإنسان على العظام والأخشاب وحتى إبداعه بتشكيل الذهب والفضة والأحجار الكريمة، عبَّر عن تلك الأنماط والمستويات، وقدِّم كشفا للبيئة التي عاشها واستطاع أن يبتكر خلالها أنماطا من الجمال يعبر بها عن مكنوناته النفسية والفكرية والدينية. إنها جمال يحمل أفقا من التجليات الإنسانية المرتبطة بالزمان والمكان والفكر.
وكما يكشف عالم الذهب والمجوهرات ثقافة المجتمعات وحضارتهم، فإنه يرتبط بعالم الاقتصاد والمال لما لهذه المعادن الثمينة من علاقة ليست فقط بالإبداع والجمال بل بعلاقتها باستقرار الأوضاع المالية والأوراق النقدية، ولذلك فإن هذا العالم يقدِّم نفسه باعتباره قيمة نقدية متغيرة صعودا وهبوطا نتيجة للمتغيرات التي تطرأ على الأسواق الدولية من ناحية، والأوضاع السياسية من ناحية أخرى، إضافة إلى متطلبات البنوك المركزية في العالم.
لقد أصدر المجلس العالمي للذهب (WGC) تقريرا بشأن توقعات الذهب للعام 2026، وتحت عنوان (ادفع للأمام أو اسحب للخلف)، يخبرنا التقرير أن الذهب شهد عاما استثنائيا؛ حيث حقَّق أعلى مستويات نموه، مدعوما بعدم اليقين والتوترات الجيوسياسية والاقتصادية، إضافة إلى ضعف الدولار الأمريكي، وزخم الأسعار؛ وبالتالي فإن استمرار الظروف الحالية المرتبطة تباطؤ النمو الاقتصادي وانخفاض أسعار الفائدة إلى العام 2026، سيُسبِّب مكاسب معتدلة للذهب، وفي المقابل فإن التقرير يستعرض إمكانات انخفاض أسعار الذهب إذا ما أدَّت الإدارة الأمريكية الساعية إلى تسريع النمو الاقتصادي وتقليل المخاطر الجيوسياسية دورها بشكل يزيد من قوة الدولار الأمريكي.
لذا فإن المجلس لا يتوقع سنة واضحة لاتجاه أسعار الذهب؛ حيث يعتمد ذلك على بيئة الاقتصاد الكلي، إضافة إلى طلبات البنوك المركزية واتجاهات إعادة تدوير الذهب، التي تقوم بدور بارز في تقلبات أسعاره وعلى الرغم من ذلك، إلاَّ أن الذهب سيبقى مصدرًا أساسيًا في الاستقرار وتنويع المحافظ المالية؛ إذ كان أقوى الأصول أداءً خلال العام 2025؛ حيث (قام المستثمرون بزيادة مخصصاتهم من الذهب، و واصلت البنوك المركزية مشترياتها).
إن الوضع غير المستقر لأسواق الذهب أثَّر على صناعات الإبداع في عالم الذهب والمجوهرات، وجعل الكثير من مقتنيها في حالة من عدم اليقين، وترقُّب لأسعار السوق، في حين أن المبدعين والمصممين في هذا المجال مستمرون في تقديم إبداعاتهم الفنية التي تكشف أنماطا جديدة وتشكيلات تعبِّر عن عمق الحضارات وروح المعاصرة الجديدة؛ إذ تكشف العديد من المعارض أن صناعة المجوهرات للعام 2026 تقوم على (التصاميم الجريئة والعودة للألوان والدمج المتقن للمعادن الثمينة).
ولأن المصوغات الفنية ترتبط بالذات الإنسانية والفكر الثقافي الذي يتأسَّس على الحضارة الضاربة في القدم، والفخامة المعاصرة والتميُّز في الابتكار؛ فإن المصممين يبدعون في تقديم رموز من التصاميم الفريدة التي تعبِّر عن الهُويات، عبر علامات تجارية لا تقدِّم الجمال وحسب بل تعزِّز التحولات الثقافية والاجتماعية في قطع إبداعية فريدة، وهذا ما يكشفه (معرض مسقط الدولي للمجوهرات)؛ الذي يجعل من ثيمة (المندوس العماني) رمزًا ثقافيًا لهذه التظاهرة الجمالية، لما لهذا الرمز من قيمة حضارية وحاضنة لكل ما هو ثمين ومميَّز.
إن معرض مسقط الدولي للمجوهرات يقدِّم حالة ثقافية تربط التراث الثقافي بالابتكار والإبداع والتميُّز المعاصر؛ حيث يقدِّم للزوار تجربة فريدة تمزج الثقافة والجمال بعالم الاقتصاد والاستثمار في جماليات الذهب والأحجار الثمينة، من خلال بيئة متنوعة يشارك فيها مجموعة كبيرة من المصممين من دول مختلفة، يمثلون نخبة من العلامات التجارية المحلية والإقليمية والدولية، يقدمون أحدث الابتكارات في مصوغات الذهب والألماس والأحجار الكريمة، في تصاميم حديثة تعبِّر عن ثقافتهم وهُوياتهم بروح عصرية جريئة تقوم على التطورات التقنية الحديثة التي أسهمت في نمو هذه الصناعة الإبداعية.
إن معرض مسقط الدولي للمجوهرات يكشف من ناحية أخرى تلك الإمكانات التي يمتلكها المبدع العماني في تصميم الذهب والأحجار الكريمة، وقدرته على استلهام الإبداع من الثقافة العمانية والتراث الزاخر المتنوِّع، ليقدِّم نماذج إبداعية وابتكارات تكشف ارتباط هذه الصناعة بالهُوية الثقافية؛ فالإبداع العماني في عالم الذهب والمجوهرات يتميَّز بإمكاناته الجمالية القائمة على الموروث الحضاري من ناحية، وجرأته في اتخاذ أشكال وأنماط عصرية مستوحاة من روح ذلك الموروث، وقدرته على المحافظة على نقاء هذه المعادن والأحجار الكريمة والاحتفاظ بجوهرها الثمين من ناحية أخرى.
يبقى عالم الذهب والمجوهرات فضاء واسعا للإبداع والابتكار، كاشفا للأنماط الثقافية والحضارية التي ترسِّخ الفكر الإنساني، وفق مقتضيات الحياة العصرية المتسارعة، لتعبِّر عن الهُوية الثقافية بمفاهيم الجمال لتكون كل قطعة فنية (زينة وخزينة).
عائشة الدرمكية باحثة متخصصة فـي مجال السيميائيات وعضوة مجلس الدولة