استعرضت صحيفة إيكونوميست البريطانية، جوانب ارتفاع أسعار الفائدة التي جلبت للبنوك الأمريكية الشقاء والثراء. إذ أنه قبل أقل من عام أدى ارتفاع أسعار الفائدة إلى انهيار بنك سيليكون فالي ثم بنك فيرست ريبابليك، في أكبر انهيار بنكي منذ أزمة 2008.

وتضيف الصحيفة في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، أنه رغم هذه الانهيارات فإن مؤسسة جي بي مورغن نشرت تقريرها الربعي في 12 كانون الثاني/ يناير، لتكشف حسابات الفرق بين الفائدة المدفوعة والمقبوضة عن تحقيقها أرباحا قياسية للربع سنة السابع على التوالي.



وتوضح أن الأسباب التي أدت إلى عدم اتساع الأزمة في العام المنقضي، هي أن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي تمكن من احتوائها من خلال برنامج إقراض جديد وسخي، ولسوء الحظ فإن هذه الفكرة جاءت بتكاليف جديدة لم تكن منتظرة، حيث أن هذا التدخل الحكومي في القطاع المالي أدى لخلق آلة أموال مجانية لكل بنك لديه ما يكفي من الجرأة لاستغلالها.

وتوضح الصحيفة أن التدخل الحكومي من خلال برنامج التمويل المصرفي الآجل وفر قروضا بضمان القيمة الإسمية لسندات خزينة وأوراق مالية أخرى، وكان الغرض من وراء هذه الفكرة هو تجنيب البنوك المتعثرة الاضطرار لبيع سندات الخزينة بشكل استعجالي لتوفير السيولة في حال إقبال المودعين على سحب أرصدتهم.

وكان بنك سيليكون فالي قد انخرط في عملية بيع مكثف للسندات بعد أن حقق خسائر سببها ارتفاع نسبة الفائدة بشكل أدى لانخفاض قيمة السندات طويلة المدى إلى أقل من قيمتها الإسمية. ولكن برنامج إقراض البنوك يقوم بتوفير الأموال بناء على القيمة الإسمية وليس على القيمة السوقية الحقيقية للسندات في السوق كضمانات للإقراض، هذه الخطوة السخية من الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي نجحت في السيطرة على النظام المصرفي وتجنب ما كان يمكن أن يتطور ليصبح أزمة حادة.

ولكن اليوم بات برنامج تمويل البنوك يمثل مشكلة في حد ذاته، حيث أن الفائدة التي يجب أن تدفعها البنوك لاقتراض الأموال تعكس أسعار الفائدة لسنة واحدة في أسواق المال، وذلك بناء على توقعات حول سياسة الاحتياطي الفدرالي خلال السنة المقبلة. وبما أن المستثمرين يراهنون على أن الاحتياطي الفيدرالي سيخفض سعر الفائدة سوف بشكل كبير، فإن كلفة الاقتراض اليوم بالنسبة لهم باتت عند مستوى 4.8 بالمائة فقط. وفي نفس الوقت يواصل الاحتياطي المركزي دفع نسبة فائدة للبنوك على إيداعاتها النقدية تبلغ 5.4 بالمائة.

وتوضح الصحيفة أن هذا الفرق يعني بكل بساطة أن البنوك يمكنها سحب قروض من الاحتياطي الفيدرالي مع دفع فائدة 4.8 بالمائة، في مقابل تقاضيها منه فائدة 5.4 بالمائة عن رصيدها من السيولة، وهذا الفرق المتمثل في 0.6 بالمائة هو ربح صاف تحصل عليه على حساب البنك المركزي وبدون أي مخاطرة، أما في حالة ما تم خفض سعر الفائدة المدفوع من المركزي لهذه البنوك، وبالتالي انقلاب المعادلة، فإن البنوك لن تكون مضطرة لدفع الفرق للاحتياطي المركزي، لأنها لديها حرية إعادة تسديد القروض بشكل مبكر، وهي ميزة منصوص عليها في الاتفاق بين الطرفين.

وتشير إلى أن هوية هذه البنوك المقترضة سوف يتم الكشف عنها عاجلا أم آجلا، وبالتالي فإنها قد تشعر بالقلق من أن هذا الأمر سيؤثر على سمعتها، ولكن بالنسبة لبعض المدراء والمستثمرين في هذه البنوك فإن ما مارسوه من انتهازية لا يدعو للخجل، بما أنهم قاموا فقط باستغلال الفرصة.

وفي ظل هذا العرض المغري الذي ما زال قائما، شهد القطاع المصرفي في الولايات المتحدة ارتفاعا في الاعتماد على برنامج التمويل المصرفي الآجل. إذ أنه منذ بداية شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي ارتفع حجم هذه الديون من 109 مليار دولار إلى 149 مليار دولار، وارتفعت قيمة السندات خلال نفس هذه الفترة، وهو ما قاد نحو النجاح في تقليص المشكل الذي كان يعاني منه هذا القطاع.

وهذه التطورات تشير إلى أن توجه الكثير من البنوك نحو الاقتراض من الاحتياطي الفيدرالي في الوقت الحالي هي مدفوعة في الأساس بالانتهازية وليس بالحاجة الحقيقية. وبما أن الاحتياطي الفيدرالي مملوك لدافعي الضرائب الأمريكيين، فإن هؤلاء في النهاية هم من يدفعون من جيوبهم كل هذه الأرباح التي تجنيها البنوك.

وإجابة على السؤال حول ما يجب أن يقوم به الفيدرالي في الوقت الحالي، تقول الصحيفة إنه كان في خضم الأزمة قد تعهد بتواصل هذا البرنامج حتى آذار/ مارس 2024. وبالتالي فإن إنهائه بشكل مبكر قد يمس من مصداقية هذه المؤسسة الهامة، ولكن ربما يكون الحل متمثلا في تعديل فوري في سعر الفائدة على القروض الجديدة، لتكون متناسبة مع سعر الفائدة الحقيقي، أو إدخال تعديل على البند المتعلق بإمكانية تسديد البنوك هذه القروض بشكل مبكر عندما لا تصبح المسألة مربحة بالنسبة لها. وفي كل الحالات يجب إلغاء أو تغيير الوضع القائم

وترى الصحيفة أن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، في حال اندلاع أزمة أخرى في المستقبل، يجب عليه تصميم تدخلاته لتكون أكثر حذرا. وهنالك أمثلة على ذلك من الماضي، حيث أن هنالك قاعدة معتمدة في البنك المركزي سميت تيمنا بالصحفي وولتر بيجهوت الذي كان يعمل في الإيكونوميست خلال القرن التاسع عشر، تنص على أن البنوك المركزية يجب أن تقرض المؤسسات المفلسة بشكل مجاني في حال ما كانت مهددة بالانهيار عند تسابق المودعين على سحب أموالهم.

وقالت إن هذا الدعم يقدم في مقابل ضمانات متمثلة في سلع ذات قيمة عالية وسعر فائدة أعلى في حال التأخر في السداد. واليوم من خلال الإقراض بنسب فائدة سخية وببنود متساهلة، لفائدة بنوك ربما لا تكون متعثرة فعلا، يبدو أن الاحتياطي الفيدرالي خرق المبادئ الثلاثة للإقراض خلال أزمات السيولة، التي وضعها وولتر بيجهوت.

وفي الختام خلصت الصحيفة إلى أن الأزمة التي مر بها القطاع المصرفي في الولايات المتحدة في 2023 كانت فعلا سيئة، ولكن يبدو أن الحل الذي اعتمده الاحتياطي الفيدرالي لتجاوزها بات أكثر سوء منها.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية أسعار الفائدة البنوك امريكا بنوك أسعار الفائدة صحافة صحافة صحافة سياسة من هنا وهناك صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة سعر الفائدة فی حال

إقرأ أيضاً:

مصدر: قروض بنك مصر تنمو 38% إلى 1.5 تريليون جنيه خلال 2024

كشف مصدر مصرفي ببنك مصر، عن نمو صافي محفظة قروض وتسهيلات البنك خلال عام 2024 بنسبة 38% لأكثر من 1.5 تريليون جنيه.

وأشار المصدر في تصريحات خاصة لـ «الأسبوع» إلى تسجيل محفظة ودائع عملاء بنك مصر بنهاية العام الماضي نحو 2.5 تريليون جنيه، مقابل 1.87 تريليون جنيه في العام السابق عليه.

وتوزعت محفظة ودائع بنك مصر بنهاية عام 2024 بين ودائع التوفير بنسبة 11% وشهادات الادخار 51%، والودائع لأجل وتحت الطلب وأخرى 38%.

وبذلك تخطت نسبة توظيف القروض إلى الودائع في بنك مصر خلال العام الماضي 56% مقابل 50.99% بنهاية ديسمبر 2023.

يقدم بنك مصر عدد متنوع من منتجات الادخار ما بين ودائع لأجل وحسابات توفير وجاري بعائد بالإضافة إلى شهادات الادخار بعائد ثابت ومتغير.

شهادات الادخار في بنك مصر 2025

- شهادة ادخار «يومياتي ذات العائد اليومي المتغير» في بنك مصر: بسعر فائدة 24.75% يضاف إلى حساب العميل بنهاية كل يوم، ويمتد أجل الشهادة حتى 3 سنوات، ويبدأ شراء الشهادة من فروع بنك مصر أو عبر الموبايل البنكي بحد أدنى 1000 جنيه.

- شهادة ادخار بنك مصر «الثلاثية المتناقصة بعائد شهري»: يبلغ سعر الفائدة عليها 24% خلال السنة الأولى، ثم يقل إلى 20.50% بالسنة الثانية، ويصل إلى 17% في السنة الثالثة، يبدأ شراء الشهادة من 1000 جنيه.

- شهادة ادخار بنك مصر «الثلاثية المتناقصة بعائد ربع سنوي»: بسعر فائدة 25% في السنة الأولى، ثم يقل إلى 21% للسنة الثانية، و17% السنة الثالثة، يبدأ شراء الشهادة من أول ألف جنيه.

- شهادة ادخار بنك مصر «الثلاثية المتناقصة بعائد سنوي»: بنسبة 28% السنة الأولى، وبنسبة 23% للسنة الثانية، و18% السنة الثالثة، ويبدأ شراء الشهادة من 1000 جنيه.

- شهادة ادخار بنك مصر «القمة»: بسعر فائدة يبلغ 19.5% تصرف شهريا بوتيرة ثابتة، ويمتد أجل الشهادة حتى 3 سنوات، ويبدأ شرائها بحد أدنى يبلغ 1000 جنيه.

تجدر الإشارة إلى أن البنك المركزي المصري سيعقد ثالث اجتماعاته للجنة السياسة النقدية هذا الأسبوع، وسط ترقب لأي خفض جديد في أسعار الفائدة، بعد أن جرى تخفيضها الشهر الماضي بمعدل 225 نقطة أساس إلى 25% على الإيداع و26% على الإقراض.

اقرأ أيضاًالفائدة أم الاحتياطي الإلزامي.. «مباشر» تكشف سيناريوهات الاجتماع الثالث للبنك المركزي المصري

قبل اجتماع المركزي.. أسعار الفائدة على القروض الشخصية بالبنك الأهلي بعد التخفيض

«خاص».. البنك الأهلي المصري يخفض أسعار الفائدة 4% على قرض السيارة والشخصي

مقالات مشابهة

  • ما مزايا ودائع البنوك؟.. مستشار مالي يوضح
  • ترامب يضغط لخفض الفائدة.. وانتقاد لاذع لرئيس الاحتياطي الاتحادي
  • مصدر: قروض بنك مصر تنمو 38% إلى 1.5 تريليون جنيه خلال 2024
  • بالصدفة .. جرافة تصطدم بمبنى وتكشف آثارًا جديدة في أم الجمال
  • وزير العمل: مشروع “المدورة” الزراعي يعكس تطوراً في آليات استثمار أموال الضمان
  • "الفيدرالي" الأميركي يعتزم تقليص عدد موظفيه 10% خلال سنوات
  • موسيتي بعد خسارة روما: عقلية ألكاراز صنعت الفارق
  • سعر الدولار يشهد تراجعًا ملحوظًا في البنوك ويفقد 46 قرشًا خلال أسبوع
  • ترامب يتهم مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي السابق جيمس كومي بالتهديد باغتياله
  • بلومبيرغ: الاتفاق المؤقت مع الصين لا يحّل مشاكل الاحتياطي الفيدرالي