#تعقيدات #حرب_السابع #من_أكتوبر – #ماهر_أبوطير
برغم كل العمليات العسكرية التي يقوم بها المحور الايراني في سورية، العراق، لبنان، اليمن، تحت عنوان مناصرة الفلسطينيين إلا أن التشكيك يبدو سائدا في كل المنطقة بحق طهران.
هناك شكوك بين شعوب المنطقة حول دوافع الموقف الايراني، واذا ما كان حقا يرتبط بمناصرة الفلسطينيين، أم أن فلسطين مجرد مظلة يتم التغطي بها، واسباب ذلك متعددة، ابرزها ملف التدخل في سورية وما تعرض له الشعب السوري خلال سنوات ماضية من مذابح وحروب داخلية، وما تعرض له الشعب العراقي وتوسع ايران في البلدين، وصولا الى اليمن والصراع القائم حاليا، حيث تُحمّل شعوب المنطقة ايران مسؤولية هذا الخراب، مع كل التغذية السياسية – المذهبية الخطيرة التي تم حقن المنطقة بها على اساس صراع سني- شيعي، ولحق كل ذلك تدخل حزب الله المقاوم وفقا لتعريفاته الاصلية في جبهة سورية، وما يعنيه ذلك من تأثيرات تركت جرحاً عميقا حتى على اولئك الذين تشيعوا سياسيا لصالح حزب الله في المنطقة العربية.
هذه هي الارضية الاساسية التي تؤثر اليوم على مصداقية الموقف الايراني، إذ إن هناك إرثاً سلبيا ممتدا، يجعل اهل المنطقة يشككون في كل عمليات الأذرع الايرانية ضد الولايات المتحدة واسرائيل، خصوصا، بعد حرب السابع من أكتوبر، التي يواجهها الشعب الفلسطيني، وسط مآخذ إضافية على ايران ومعسكراتها بسبب ما يعتبره اهل المنطقة تدرجا بطيئا في الرد على اسرائيل، فيما يتعرض الفلسطينيون الى مذابح يومية، لا تتساوى معها عمليات الرد اصلا، ولا ترتقي الى مفهوم “وحدة الساحات” الذي تم تبنيه واطلاقه في هذه المنطقة العربية.
مقالات ذات صلةإيران ذاتها وفقا لمحللين سياسيين تدرك هذه الصورة، وتنفي من جهة ثانية ان تدخلات معسكراتها على صلة توجيهية مباشرة بها، وتعنون هذه التدخلات باعتبارها اجتهادات كل شعب، او بلد، او نظام، او فصيل حيثما هو، وليس بسبب توجيه ايران المباشر، لكن اهل المنطقة ايضا يعتبرون ان القصة في الاساس قصة صراع على النفوذ، والموارد والثروات والبحار والملاحة والنفط، وهي قصة صراع تلتبس بالمذهبية من جهة، والمشروع القومي والديني، وبإكراهات الاختيار لدى ابناء المنطقة، فإما تكون مع اسرائيل، وإما تكون مع ايران، وهذه مفارقة كبيرة في منطقة تحفل بالخيارات السيئة، والاكثر سوءا، وما من خيارات مقبولة.
الاخطر هنا النظرية السائدة التي تقول ان التدخل الايراني عبر جبهات عديدة يستهدف رفع الحرج عن معسكراتها في دول عديدة، امام ترقب اهل المنطقة لموقفها الفعلي بسبب جرائم اسرائيل، وتشير هذه النظرية الى ان ايران ذاتها لديها وكلاء في هذه الحرب، ولا تتورط بها مباشرة، وتريد تحقيق امرين عبر اشتباكات رفع الحرج، اولهما تجنب حرب مباشرة موجهة اليها عبر التذكير بكل مساحات امتدادها في الاقليم، من خلال كل هذه العمليات التي نراها، وقدراتها على اعادة خلط الاوراق، وثانيها تذكير الاميركيين بأهمية مبدأ “المفاضلة والاستبدال” من خلال الوصول الى تسوية مع الايرانيين لخفض التصعيد وحل اشكالات ملفات مثل النووي، والصواريخ البالستية، والنفوذ الايراني، في سياق استبدال كلفة الحرب الاقليمية المحتملة، بكلفة التسليم بالنفوذ الايراني ومتطلباته السابقة، بما فيها الاقرار بمساحات ايران.
هذه المطالعة لا تتقصد مهاجمة ايران، او التعرض لها بطريقة ساذجة، لكنها تشرح طبيعة الموقف الشعبي منها القائم اصلا على شكوك متراكمة، عززتها الادارة المتدرجة والبطيئة لرد الفعل ضد اسرائيل وحاضنتها الاميركية، وما يمكن قوله هنا استخلاصا ان كل هذه الشكوك والنظريات سوف تنهار فجأة لحظة تحول هذه الاشتباكات الحالية الى حرب اقليمية مفتوحة تحرق الاخضر واليابس، وكأن شهادة حسن السلوك التي ستمنحها شعوب المنطقة لإيران ترتبط فقط بدخول ايران المباشر في الحرب وهو امر تتجنبه ايران حتى الآن، ولا تريده واشنطن ولا سلسلة الحلفاء الذين على صلة بواشنطن لاعتبارات كثيرة، فيما تريدها اسرائيل فقط اذا استطاعت ذلك، لاعتباراتها القائمة على التخلص من كل الاعداء الثابتين، والمحتملين ايضا.
الموقف من ايران بعد حرب السابع من اكتوبر، يمثل تعقيدا من تعقيدات هذه الحرب، وهو تعقيد لا يمكن فك خفاياه في يوم وليلة، وبحاجة الى وقت كاف حتى تتتكشف كل الصورة.
الغد
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: تعقيدات حرب السابع من أكتوبر اهل المنطقة حرب السابع
إقرأ أيضاً:
إيران تتعهد بالرد.. ما هي المصالح الأمريكية التي يُمكن استهدافها؟
أعلنت إيران، السبت، أنها ستردّ بشكل "سريع وحاسم" على الضربات العسكرية التي استهدفت برنامجها النووي، والتي نفذتها القوات الأميركية مؤخراً، مهددة بجعل جميع الأميركيين — مدنيين وعسكريين — أهدافاً مشروعة في المنطقة. اعلان
وأفادت مصادر في الإعلام الرسمي الإيراني أن "كل مواطن أو عنصر عسكري أميركي في المنطقة بات هدفاً"، في تصعيد لافت أعقب تحذيرات متكررة من جانب طهران بأنها ستردّ على أي هجوم تتعرض له.
تهديد مباشر لقواعد واشنطن في الشرق الأوسطفي تصريحات سابقة، أكد وزير الدفاع الإيراني، عزيز نصير زاده، أن "جميع القواعد الأميركية تقع ضمن نطاق الاستهداف"، مضيفاً أن "إيران ستستهدفها بجرأة إذا لزم الأمر".
وتنتشر القوات الأميركية في المنطقة بعشرات الآلاف من الجنود، موزعين على قواعد متعددة في العراق وسوريا ودول الخليج.
وتعد قاعدة "عين الأسد" غرب بغداد أكبر هذه المواقع، حيث تضم آلاف الجنود الأميركيين وتُدار بالشراكة مع الجيش العراقي. وكانت هذه القاعدة قد تعرضت لهجوم إيراني بصواريخ باليستية عام 2020 عقب اغتيال قاسم سليماني، ما أسفر عن إصابة العشرات ووقوع أضرار كبيرة.
وفي الهجوم نفسه، استهدفت إيران أيضاً قاعدة عسكرية أميركية في أربيل شمالي العراق، ضمن إقليم كردستان.
الوجود الأميركي في سوريا والأردن تحت الضغطكشفت وزارة الدفاع الأميركية مؤخراً عن نيتها تقليص عدد قواعدها في سوريا من ثماني قواعد إلى قاعدة واحدة فقط هي "التنف"، الواقعة جنوب البلاد قرب الحدود مع العراق والأردن.
ويأتي ذلك بعد هجوم بطائرة مسيّرة استهدف نقطة "البرج 22" في الأراضي الأردنية، وأسفر عن مقتل ثلاثة جنود أميركيين في يناير 2024، في أسوأ هجوم على الجيش الأميركي منذ سقوط كابل عام 2021.
انتشار واسع في الخليج: إيران تحذّر من الردتتوزع القوات الأميركية في الخليج ضمن قواعد رئيسية، أبرزها: قاعدة العديد الجوية في قطر، التي تُعد مركز القيادة المتقدم للقيادة المركزية الأميركية وتضم أكثر من 10 آلاف جندي.
القاعدة البحرية في البحرين، مقر الأسطول الخامس الأميركي، وتضم نحو 8,300 بحار.
قاعدة الظفرة الجوية في الإمارات، وقواعد في الكويت مثل "علي السالم" و"كامب بوهرينغ".
وبحسب مسؤول أوروبي مطّلع، وجهت إيران تحذيراً مباشراً للدوحة قبل تنفيذ الضربة الأميركية، مفاده أن أي قاعدة أميركية في الخليج ستكون هدفاً مشروعاً في حال تطور التصعيد.
إلى جانب المواقع العسكرية، حذّرت تقارير من أن البعثات الدبلوماسية الأميركية قد تكون ضمن بنك الأهداف الإيراني. وقد بدأت واشنطن بإجلاء بعض موظفيها وعائلاتهم من بعثاتها في العراق وإسرائيل كإجراء احترازي.
من جهته، حذر أبو علي العسكري، أحد كبار مسؤولي الأمن في ميليشيا "كتائب حزب الله" العراقية الموالية لطهران، من أن "القواعد الأميركية ستتحول إلى ميادين صيد"، ملوّحاً بـ"مفاجآت غير متوقعة" للطائرات الأميركية في الأجواء.
البنتاغون يعزز دفاعاته والرحلات الجوية تتأثروفي رد على التهديدات، أعلن وزير الدفاع الأميركي، بيت هيغسث، تعزيز القدرات الدفاعية في المنطقة ونشر قوات إضافية. وقال: "حماية القوات الأميركية هي أولويتنا القصوى، وهذه التحركات تهدف إلى تعزيز وضعنا الدفاعي".
وأكد المتحدث باسم البنتاغون، شون بارنيل، أن "القوات الأميركية لا تزال في وضعية دفاعية ولم يتغير ذلك".
وقد بدأ تأثير التوتر ينعكس على الملاحة الجوية، إذ ألغت شركتا "إير فرانس" و"KLM" رحلاتهما من وإلى مطار دبي الأربعاء الماضي، بسبب "الوضع الأمني في المنطقة"، من دون تحديد موعد لاستئناف الرحلات.
رغم تصاعد الخطاب الإيراني، يؤكد خبراء الدفاع أن ترسانة طهران من الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز — حتى تلك قيد التطوير — لا تمتلك مدى يتيح لها ضرب الأراضي الأميركية.
كما أن سلاح الجو الإيراني يفتقر إلى القدرة على الوصول إلى العمق الأميركي. وبذلك، يبقى الرد الإيراني محصوراً غالباً في استهداف القواعد والمصالح الأميركية المنتشرة في الشرق الأوسط.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة