الثورة / هاشم الأهنومي(وكالات)

على مدى عقود من الزمن يرتكب الاحتلال الإسرائيلي وبشكل روتيني أبشع الجرائم بحق الإنسانية في فلسطين والمقدسات منتهكاً كل القوانيين الدولية والإنسانية من وقت طال أمده حيث قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن جيش الاحتلال ارتكب جريمة مزدوجة بتنفيذه جريمة إعدام خارج نطاق القانون والقضاء استهدفت ثلاثة فلسطينيين، أحدهم جريح، داخل مستشفى مدني في جنين شمالي الضفة الغربية صباح الثلاثاء الماضي.


وذكر المرصد الأورومتوسطي أن الفلسطينيين الثلاثة تمت تصفيتهم من قبل قوة إسرائيلية خاصة، تخفى أعضاؤها بملابس مدنية، ثلاثة منهم كانوا يرتدون ملابس تمريض وأطباء في انتهاك صارخ لقواعد القانون الدولي الإنساني.
وأفاد المرصد بأن قوة إسرائيلية خاصة مكونة من 10 أفراد على الأقل اقتحمت مستشفى “ابن سينا” في جنين، وهم يتخفون بملابس مدنية، ثلاثة منهم بملابس أطباء (سترة بيضاء) وتمريض (الزي الأزرق) إضافة إلى آخرين تخفوا بملابس نسائية؛ أحدهم يحمل حقيبة طفل رضيع أخفى بها السلاح، وآخر كان يدفع شخصًا على كرسي متنقل لتسهيل وصولهم إلى الطابق الثالث من المستشفى ومن ثم قتل الشبان باستخدام مسدسات كاتمة للصوت.
وأوضح أن أفراد القوة الإسرائيلية الخاصة أشهروا أسلحتهم فجأة عند اقترابهم من غرفة الجريح “باسل أيمن الغزاوي” الذي كان يعاني إصابة خطيرة منذ أكتوبر الماضي، وأعدموه مع شقيقه “محمد” الذي كان يعتني به، وصديقهما “محمد وليد جلامنة” الذي كان يرافقهما في المكان من مسافة صفر، قبل أن ينسحبوا من المكان.
وشدد الأورومتوسطي على أن ما اقترفته القوات الإسرائيلية يمثل جريمة مركبة تعددت فيها انتهاكات قواعد القانون الدولي الإنساني، سواء باقتحام مستشفى مدني يحظى بالحماية، أو ارتكاب جريمة غدر عبر التخفي بزي الأطباء والتمريض والملابس المدنية، إضافة إلى تنفيذ جريمة إعدام خارج نطاق القانون والقضاء ضد أفراد لا يشكلون خطرًا على أحد، بمن فيهم شخص كان جريحًا بحالة الخطر، في وقت كان بإمكانها اعتقالهم، إلى جانب الاعتداء على الطواقم الطبية وترويعهم.
وقد أكد جيش الاحتلال في بيان أنه قام من خلال عملية مشتركة مع “جهاز الأمن العام” (الشاباك)، والوحدة الشرطية الخاصة، باغتيال ثلاثة شبان فلسطينيين خلال وجودهم في مستشفى بزعم أنهم يخططون لتنفيذ هجمات ضد أهداف إسرائيلية على غرار ما جرى في السابع من أكتوبر الماضي.
وقال المرصد الأورومتوسطي إن بيان جيش الاحتلال بشأن قتل الشبان الثلاثة يأتي في إطار استمرار استخدام ما حدث في السابع أكتوبر لتنفيذ جرائم مروعة وانتقامية، مشددًا على أن تصفية جريح بحالة خطرة هو أمر ينتهك قواعد القانون الدولي الإنساني التي تفرض حماية للجرحى، ويشكل جريمة حرب، وكذلك الحال بالنسبة للغدر والتخفي بالزي الخاص بالأطباء والممرضين والمدنيين.
وأضاف أن هذه الجريمة امتداد لما يقترفه جيش الاحتلال من استباحة للمستشفيات والطواقم الطبية وانتهاك جسيم آخر للحماية الخاصة الدولية المكفولة لهما، تحت دعاوى ومزاعم لم تثبت صحتها.
وأشار المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إلى أن أكثر من 380 فلسطينيًّا قتلوا منذ أحداث السابع من أكتوبر الماضي في الضفة الغربية وشرق القدس برصاص جيش الاحتلال ومستوطنيه، منهم عدد كبير تعرضوا لعمليات إعدام ميداني.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

إبادة بلا ضجيج.. اغتيال الأدباء والمفكرين في غزة

في منزله بحي النصر بمدينة غزة، استهدف جيش الاحتلال الإسرائيلي الشاعر والروائي الفلسطيني سليم النفار، عبر قصف منزله بصاروخ من طائرة حربية، فبقي تحت ركام بيته شهورا طويلة قبل أن ينتشل مع زوجته وبناته وابنه الوحيد مصطفى، وأخته وزوجها وأولادهما.

كان استهداف النفار في السابع من ديسمبر/كانون الأول 2023، وجاء مباشرا في إطار عملية اغتيال محددة نفذها الاحتلال الإسرائيلي ضد روائي فلسطيني وعضو الأمانة العامة السابق للاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين.

لم تجد "الجزيرة نت" أحدا من أفراد عائلته الصغيرة على قيد الحياة للحديث معهم وسرد ما جرى، إذ استشهد جميعهم في القصف الإسرائيلي الذي استهدف المنزل.

تحمل السيرة الأدبية للشهيد النفار مسيرة حافلة بالعطاء الثقافي؛ فقد درس الأدب العربي في جامعة تشرين بسوريا، وأسس هناك ملتقى "أبو سلمى" السنوي للمبدعين الشباب عام 1986، ثم ساهم في تأسيس جمعية الإبداع الثقافي في غزة عام 1997.

الروائي الفلسطيني "سليم النفار" (مواقع التواصل)

شغل النفار منصب مدير في وزارة الثقافة الفلسطينية، كما عمل محررا أدبيا في مجلات نضال الشعب والزيتونة والأفق.

وأقرت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية قصيدته الشهيرة "يا أحبائي" ضمن منهاج الصف الثالث الإعدادي.

أصدر الشهيد عدة مجموعات شعرية بارزة، منها تداعيات على شرفة الماء، سور لها، بياض الأسئلة، شرف على ذلك المطر، حالة وطن وقصائد أخرى، الأعمال الشعرية الناجزة، وحارس الانتظار، كما ألّف كتابين: هذا ما أعنيه وذاكرة ضيقة على الفرج، إضافة إلى روايتيه: فوانيس المخيم وليالي اللاذقية.

خارج فلسطين، ترجمت قصيدته الشهيرة "تحت الحصار" ونشرت في مجموعة "الطائر ليس حجرا" التي صدرت في أسكتلندا عام 2014، وضمت مختارات لـ25 شاعرا وشاعرة فلسطينيين، كما مثل بلاده في مهرجانات شعرية في بغداد وجرش والدوحة وأسكتلندا.

إعلان

يعد النفار واحدا من ثلة المثقفين الذين نفذت "إسرائيل" عمليات اغتيال بحقهم ضمن سياسة ممنهجة لطمس الثقافة وسلب الهوية الفلسطينية، إلى جانب تدمير المراكز الثقافية والفنية والتعليمية والمعالم الأثرية والدينية.

رفعت العرعير

كان الشاعر ومدرس الأدب الإنجليزي في الجامعة الإسلامية بقطاع غزة رفعت العرعير من بين أهداف جيش الاحتلال الإسرائيلي في بداية عدوانه على القطاع.

اغتال الجيش العرعير في السادس من ديسمبر/كانون الأول 2023، قبل يوم واحد من اغتياله للروائي سليم النفار، من خلال استهداف منزل شقيقته في شمال مدينة غزة.

درس رفعت لسنوات طويلة الشعر والأدب الإنجليزي في الجامعة الإسلامية بغزة، حيث شرح أعمال شكسبير وتوماس وايت وجون دون وويلفريد أوين وغيرهم، كما حرر كتابي "غزة لا تصمت" و"غزة تكتب مرة أخرى"، واستشهد في القصف أيضا شقيقه وشقيقته وأطفالها الأربعة.

في حي الرمال وسط مدينة غزة، تجلس أم هاني العرعير في بيتها الذي غمره الصمت بعد أن رحل عنه صوت ابنها عمر، الأديب والمثقف الغزي البارز.

تروي أم هاني لـ"الجزيرة نت" تفاصيل الأيام الأخيرة في حياة ابنها، وتقول: "كان عمر يسكن في حي تل الهوى، وحين اشتد القصف هناك، قرر النزوح إلى حي الدرج شرق غزة عند بيت شقيقته، بينما بقينا نحن في منزلنا في حي الرمال، وكنت أطلب منه أن يأتي إلينا، لكن عدم توفر المياه دفعه للبقاء في مكانه".

في السادس من ديسمبر/كانون الأول 2023، استهدفت طائرات الاحتلال منزل شقيقته في حي الدرج بشكل مباشر، وفي تلك اللحظة انطفأ نور بيت العائلة؛ إذ استشهد عمر (44 عاما) مع شقيقه صلاح وزوجته وابنه محمد، وشقيقته أسماء وأطفالها علاء ومحمد وندى.

تقول الأم: "ما حدث لم يكن مصادفة، كان اغتيالا مقصودا، أرادوا أن يقتلوا صوته".

ولم تكتفِ "إسرائيل" بذلك؛ ففي أبريل/نيسان 2024 استشهدت شيماء، ابنة عمر البكر، مع زوجها وطفلها عبد الرحمن (3 أشهر)، لتضيف الأم فصلا جديدا من الحزن إلى روايتها الطويلة مع الفقد.

View this post on Instagram

نور الدين حجاج

أما الهدف الآخر من عمليات الإبادة الثقافية، فكان الكاتب والشاعر والروائي نور الدين حجاج، الذي قتل في قصف مباشر نفذه جيش الاحتلال على منزله في حي الشجاعية شرق مدينة غزة في الثالث من ديسمبر/كانون الأول 2023.

الشهيد حجاج من أعلام قطاع غزة في الرواية، حيث صدرت له روايتان "غريب وغريبة" عام 2018 و"أجنحة لا تطير"، ومؤلف مسرحية "الرماديون"، كما كان ناشطا في مبادرة شغف الثقافية وتجمع قرطبة وأيام المسرح.

كان الشهيد نور الدين حجاج من أبرز أعلام الرواية في قطاع غزة؛ إذ صدرت له روايتان هما "غريب وغريبة" عام 2018 و"أجنحة لا تطير"، إضافة إلى تأليفه مسرحية "الرماديون"، كما كان ناشطا في مبادرة شغف الثقافية، وعضوا في تجمّع قرطبة وأيام المسرح، حيث عرف بدوره الفاعل في المشهد الثقافي الفلسطيني.

الشهيد عمر أبو شاويش (صحيفة لافانغوارديا الإسبانية)عمر أبو شاويش

قضى الشاعر الفلسطيني عمر أبو شاويش في الساعات الأولى من الحرب على قطاع غزة، إثر استهداف إسرائيلي مباشر أثناء خروجه من منزله في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

إعلان

يمتلك أبو شاويش سيرة أدبية حافلة بالمساهمات، من أبرزها رواية "الكل على قيد الموت"، وقصيدته الملحمية "ملحمة الطريق الساحلي".

نال جائزة الشباب العربي المتميز على مستوى الوطن العربي من مجلس الشباب العربي للتنمية المتكاملة التابع لجامعة الدول العربية.

شارك أبو شاويش في معرض تورينو الدولي للكتاب، لكنه انسحب احتجاجا على مشاركة حكومة الاحتلال ضمن فعاليات المعرض، كما شارك في مهرجان أوسلو للصداقة الدولي الثقافي والرياضي بصفته كاتبا، وفي المؤتمر العربي العالمي لقضايا الشباب في الفكر والثقافة بالقاهرة.

هبة أبو ندى

نزحت الكاتبة والأديبة الفلسطينية هبة أبو ندى من منزلها في مدينة غزة إلى خان يونس جنوب القطاع بحثا عن الأمان، إلا أن الصاروخ الإسرائيلي أدركها هناك، فاستشهدت في 20 أكتوبر/تشرين الأول 2024، بعد أن أصاب القصف المنزل الذي لجأت إليه مع عائلتها، مما أدى إلى استشهادها فورا.

تركت الشهيدة هبة أبو ندى بصمة أدبية واضحة في المشهد الثقافي الفلسطيني؛ من أبرز أعمالها رواية "الأكسجين ليس للموتى"، التي فازت بالمرتبة الثانية في مسابقة الشارقة الثقافية عام 2017، كما كتبت 3 دواوين شعرية هي: "العصف المأكول"، و"شاعر غزة"، و"أبجدية القيد الأخير".

(الجزيرة)إبادة ثقافية

تبين أن جيش الاحتلال الإسرائيلي نفذ عمليات اغتيال ممنهجة ضد عدد من الأدباء والشعراء والكتاب الفلسطينيين، إضافة إلى تدمير المتاحف وسرقة الآثار، في إطار سياسة استهدفت الثقافة الفلسطينية خلال حرب الإبادة الجماعية.

ووثقت "الجزيرة نت"، استنادا إلى بيانات وزارة الثقافة الفلسطينية ورصدٍ ميداني، استشهاد 118 كاتبا ومثقفا، وتدمير جيش الاحتلال خلال عدوانه على قطاع غزة 25 مركزا وجمعية ثقافية، و30 مؤسسة ثقافية، و87 مكتبة، و8 دور نشر ومطابع، و200 موقع أثري وتراثي، إضافة إلى 2100 ثوب وقطعة مطرزة من مقتنيات المتاحف.

كما وثقت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) أضرارا لحقت بـ 110 مواقع ثقافية في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، شملت 13 موقعا دينيا، و77 مبنى ذا أهمية تاريخية أو فنية، و3 مستودعات للممتلكات الثقافية المنقولة، و9 صروح أثرية، ومتحفا واحدا، و7 مواقع أثرية أخرى.

قصر الباشا الأثري قبل وبعد الدمار (الفرنسية)جريمة مزدوجة

المدير العام لوزارة الثقافة، عارف بكر، أكد أن ما جرى في قطاع غزة من استهداف للمبدعين والمثقفين والشعراء والأدباء، والمراكز والمنشآت الثقافية ومكونات المشهد الثقافي الفلسطيني يعد جريمة مزدوجة، لأنها ليست مجرد اعتداء على الأرواح والمباني، بل هجوم مباشر على الذاكرة والهوية الفلسطينية.

وفي حديثه لـ"الجزيرة نت"، أوضح بكر أن استهداف المراكز الثقافية، المكتبات، المسارح، المتاحف، والعقول المبدعة من شعراء ورسامين وموسيقيين ومسرحيين، يمثل محاولة ممنهجة لطمس الرواية الفلسطينية وكسر أدوات التعبير والوعي.

وبين أن الاحتلال استهدف وقتل المئات من المثقفين والمبدعين الأدباء والشعراء والكتاب والفنانين والمصورين والمخرجين والمسرحيين الذين كانوا ينقلون صورة غزة وفلسطين إلى العالم.

وأشار بكر إلى أن العمل جارٍ على تنظيم قاعدة بيانات شاملة لتوثيق الجرائم التي استهدفت المبدعين والمؤسسات الثقافية في غزة، بهدف حصر أعداد المثقفين والأدباء والفنانين الذين طالتهم الاعتداءات المباشرة أو غير المباشرة، مؤكدا أن التوثيق سيتم بأعلى درجات الدقة والمصداقية بالتعاون مع جهات محلية ودولية.

أبرز المواقع الأثرية المدمّرة في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023#الجزيرة pic.twitter.com/K2XlHqatyj

— الجزيرة فلسطين (@AJA_Palestine) September 18, 2025

وبين أن استهداف البنية الثقافية في غزة لا يمكن اعتباره ضررا جانبيا، بل هو شكل من أشكال الإبادة الثقافية، وفق المفهوم الدولي، حتى وإن لم يدرج بعد في بعض الأطر القانونية.

إعلان

وأضاف أن تدمير المراكز الثقافية والمكتبات والمتاحف والجامعات واستهداف المبدعين والكتّاب لم يكن عرضيا، بل جاء ضمن نمطٍ متكررٍ ومقصودٍ يضرب عصب المجتمع الفلسطيني ويهدف إلى إسكات الفكر وتجفيف منابع الوعي.

وأكد بكر أن تدمير مكونات الثقافة الفلسطينية يمثل استهدافا ممنهجا للروح الفلسطينية، موضحا أن الإبادة الثقافية أخطر على المدى البعيد من القصف أو القتل، لأنها تحاول القضاء على سؤال من يكون الفلسطيني؟ وليس فقط: أين يعيش؟

وقال: "منظمة اليونسكو تعد تدمير المواقع الثقافية أثناء النزاعات خرقا فاضحا للقانون الدولي، وقد تم تصنيف أعمال مماثلة في سوريا والعراق كجرائم حرب".

وشدد على ضرورة إدراج المجتمع الدولي استهداف الرموز الثقافية ضمن جرائم الحرب، معتبرا أن الهوية والوعي الجمعي يجب أن يعد جريمة موصوفة، استنادا إلى القانون الدولي الإنساني واتفاقيات لاهاي وجنيف ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، التي تجرّم بوضوح الاعتداء على الموروث الثقافي الفلسطيني المادي والمعنوي.

كي الوعي

الروائي والقاص يسري الغول يؤكد أن استهداف المؤسسات الفكرية والثقافية والأدباء والشعراء لا يمكن أن يتم بشكلٍ اعتباطي، بل هو فعل ممنهج تمارسه إسرائيل ضمن إطار الإبادة الثقافية.

يقول الغول في حديثه لـ"الجزيرة نت": "نعم، (إسرائيل) تحاول بشكل ممنهج، غير أن هناك في غزة طفلا يحلم بالحياة، وآخر يحلم بأن يرقص الدبكة الفلسطينية، وفتاة تغني، وشابا يعزف على آلة اليرغول ليعيد الاعتبار للتراث والهوية الفلسطينية".

وتهدف سلطات الاحتلال، حسب الغول، إلى محو الذاكرة الفلسطينية، لكنها لم تدرك أن الوعي الجمعي العالمي بدأ يستوعب أهمية فلسطين وقضيتها، مشيرا إلى أن العدوان الإسرائيلي نفسه على المدى البعيد أعاد الاعتبار للقضية الفلسطينية من خلال الدم، إذ أيقظ الوعي العالمي تجاه عدالة هذه القضية.

وفي ما يتعلق بالخسارة الثقافية، يبين الغول أنها كبيرة جدا، شأنها شأن الخسائر البشرية والمادية، موضحا أن إسرائيل عمدت إلى تدمير البنية الثقافية بشكل شبه كامل، فدمرت المكتبات العامة، وحولت بعضها إلى مراكز إيواء، ودمرت الأماكن الأثرية والتراثية والمساجد والمكتبة الوطنية ومعهد إدوارد سعيد للموسيقى، إضافة إلى مراكز ثقافية عدة مثل مركز رشاد الشوّا ومكتبة ديانا ماري صباغ ومكتبة الأحمر وغيرها.

ويلفت إلى أن الاستهداف جاء لأن دولة تحارب الهوية الفلسطينية فكرا وجسدا ومادة، موضحا سياق الإبادة الثقافية في جوهره هو إبادة لكل ما هو فلسطيني، تهدف إلى كي وعي المواطن ومحو هويته، سواء عبر تدمير المكان من مواقع أثرية وتراثية ومكتبات ومعاهد ثقافية وموسيقية ومدارس ونوادٍ أو عبر استهداف الذاكرة الجمعية.

ورغم الاستهداف الإسرائيلي الكبير للقطاع الأدبي والثقافي الفلسطيني، يبين الغول أن الحركة الأدبية لا تتأثر كثيرا باغتيال أو استشهاد الأدباء، بل تزيد عزيمة الكتاب والفنانين على الإبداع، بالأغنية والفيلم والمسرحية والكلمة، في مواجهة آلة الاحتلال.

ويوضح أن سلطات الاحتلال قضت على مئات الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني ودمرت القطاعات الصحية والثقافية والتعليمية وسائر البنى التحتية، لكنها لن تستطيع تدمير الإنسان الفلسطيني ولا إيمانه بعدالة قضيته في مواجهة آلة الإبادة التي يمارسها الاحتلال.

وشدد الغول على أن الفلسطيني سينبعث من جديد، لأنه "لا شعب يرزح تحت نير الاحتلال يمكن أن يستسلم"، مؤكدا أن الفلسطينيين سيواصلون النضال حتى آخر رمق حفاظا على الكينونة والجسد والهوية الفلسطينية، معربا عن أمله في أن يتصدى العالم لهذا الاحتلال الغاشم الدموي الذي يقتل أبناءهم.

محاولات لتحرك دولي

يرى يسري درويش، رئيس اتحاد العام للمراكز الثقافية في فلسطين، ما جرى من استهداف للمبدعين والمراكز الثقافية في قطاع غزة هو "استهداف سياسي ممنهج ومقصود من قِبل الاحتلال الإسرائيلي".

وطال الاستهداف الإسرائيلي المباشر، حسب حديث درويش لـ"الجزيرة نت"، الشعراء والكتاب والفنانين والمبدعين، بل إن بعضهم حرم من السفر للعلاج واستشهد داخل القطاع.

وأضاف درويش: "ما حدث هو سياسة إسرائيلية تهدف إلى اقتلاع الذاكرة والتراث والتاريخ الفلسطيني من خلال استهداف المبدعين ومحاولة القضاء على الرواية الفلسطينية، سواء عبر قصف المراكز الثقافية أو استهداف الشعراء والكتّاب والفنانين والعلماء والصحفيين وأساتذة الجامعات وغيرهم".

إعلان

وأكد أن ما يجري يعد إبادة ثقافية بكل المقاييس، والاستهداف المباشر لكل المعالم الأثرية والتراثية في القطاع يمثل محاولة واضحة لطمس التاريخ الفلسطيني، موضحا أن الاحتلال يظن أنه بهذه الاعتداءات قادر على القضاء على الإرث الحضاري الفلسطيني الممتد في عمق التاريخ.

وبين أن الخسائر كانت فادحة للغاية، والهدف الإسرائيلي من وراء ذلك هو طمس الوعي الفلسطيني، وخلق جيل لا يعرف تاريخه ولا يرى موقعا أثريا في قطاع غزة".

وأضاف: "لدينا قصر الباشا الذي بني في القرن الـ13، والمسجد العمري الكبير، وقلعة خان يونس، والعديد من المواقع الأثرية التي دمرها الاحتلال ظنا منه أنه قادر على القضاء على الرواية الفلسطينية والإرث الثقافي، لكنه واهم، لأن هذا الإرث سيبقى حيا في نفوس الناس وذاكرتهم".

وكشف عن أن ملفات عدة أدرجت في المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية حول اقتلاع ذاكرة وثقافة الشعب الفلسطيني، ومن خلال هذه الملفات، وبالتعاون مع وزارتي الثقافة والسياحة والعاملين في القطاع الثقافي، يمكن إعداد ملفات متكاملة تدين الاحتلال على جرائمه بحق الثقافة والموروث الإنساني.

مقالات مشابهة

  • إصابة 3 مدنيين سوريين بنيران العدو الإسرائيلي في القنيطرة
  • الاحتلال الإسرائيلي يصيب 3 مدنيين في القنيطرة ويقتل فلسطيني في غزة
  • الاحتلال ينفذ حملة مداهمات لمنازل المواطنين شرق قلقيلية
  • إدريس: قصف المستشفيات ورياض الأطفال «جريمة حرب».. «الدعم السريع» يواصل جرائمه ويستهدف المدنيين
  • الاحتلال الإسرائيلي يُصعد عمليات الهدم في الضفة الغربية المحتلة
  • الاحتلال الإسرائيلي يشن حملة مداهمات واعتداءات في الضفة والقدس
  • المرصد السوري: صمت السلطات الحالية على التوغّلات الإسرائيلية المتكررة يثير التساؤلات
  • دعوات لإجراء تحقيق دولي في جريمة تجريف جثامين الشهداء في غزة
  • إبادة بلا ضجيج.. اغتيال الأدباء والمفكرين في غزة
  • العدو الاسرائيلي يواصل عمليات القصف ونسف المنازل في قطاع غزة