"أمريكا مليئة بسارقي السيارات" .. أصبح هذا هو واقع الامر داخل مدن الولايات المتحدة الأمريكية، حتى وصل الأمر إلى معدلات مرعبة، ففي مدينة شيكاغو وحدها، كان معدل السرقة 80 سيارة يوميا خلال 2023، ففي العامين الماضيين، ارتفعت معدلات سرقة السيارات بشكل كبير في العديد من المدن الأمريكية، مدفوعة بالاتجاه الذي يستهدف سيارات كيا وهيونداي على وجه الخصوص.

ولكن على الجانب الآخر من نهر المسيسيبي في سانت بول بولاية مينيسوتا، هناك قصة مختلفة تماما، فعلى الرغم من أن مدينة توين سيتي الأصغر حجمًا شهدت أيضًا طفرة، حيث شهدت سرقات السيارات هناك انخفاضا بشكل كبير منذ ذلك الحين، ويقول المسؤولون المحليون إن التركيز على الوقاية وتدخل الشباب هو ما أحدث فرقًا في تلك الظاهرة التي تجتاح بلاد العم سام.

 

مقطع فيديو ساهم في انتشار بسرقة السيارات

 

وبحسب تقرير نشرته صحيفة بوليتيكو الأمريكية، يقول جيف آشر، محلل الجرائم والمؤسس المشارك لشركة AH Datalytics: "نحن نتعامل مع جريمة لها سبب واضح، وهذا أمر نادر الحدوث، فقد بدأت السرقات تتضخم على مستوى البلاد في صيف 2022، وذلك بعد أن كشف مقطع فيديو على تطبيق TikTok عن ثغرة أمنية في نماذج معينة من سيارات كيا وهيونداي، جعلت من السهل سرقتها"، ويوضح آشر، أن الفيديو الأصلي كان متاحًا لبضعة أسابيع فقط، لكن ذلك كان وقتًا كافيًا لنشره.

ويقول إرنستو لوبيز، الباحث المتخصص في مجلس العدالة الجنائية (CCJ)، وهو مركز أبحاث غير حزبي: "هناك شيئان يمكن أن يغيرا الجريمة حقًا، زيادة الحافز وزيادة الفرص، فالفيديو أحدث تغييرًا كبيرًا في كليهما، وكانت هناك زيادة في الفرص لأن الدولة بأكملها الآن لديها بشكل أساسي المعرفة بكيفية سرقة مركبة ومعرفة أنواع معينة من المركبات، وكانت هناك زيادة في الدافع، وأصبحت مقاطع الفيديو تحديًا، خاصة بين المراهقين، لسرقة السيارات ومن ثم تحميل مقاطع الفيديو الخاصة بهم على وسائل التواصل الاجتماعي، وحتى أن بعض الأشخاص يقومون بالتوقيت بأنفسهم لإظهار مدى السرعة التي يمكنهم القيام بها.

 

 

تضاعف سرقة السيارات في 34 مدينة 

 

 

وعلى الصعيد الفيدوالي، فقد تضاعفت سرقات السيارات بأمريكا منذ عام 2019، وفقًا لأرقام CCJ الصادرة حديثًا والتي شملت 34 مدينة، وفي العام الماضي وحده، ارتفعت سرقة السيارات بنسبة 30% تقريبًا، وقد أصبح الأمر سيئًا للغاية لدرجة أن 18 مدعيًا عامًا في الولاية أرسلوا خطابًا إلى الإدارة الوطنية لسلامة المرور على الطرق السريعة يحثون فيه على استدعاء السيارات المتضررة.

ونتيجة لتلك الظاهرة، قامت كيا وهيونداي بتسوية دعوى قضائية جماعية رفعها المالكون العام الماضي مقابل 200 مليون دولار، وتواجه دعاوى قضائية إضافية من المدن وشركات التأمين، فيما شهدت سانت بول أيضًا ارتفاعًا كبيرًا في سرقات السيارات بعد انتشار فيديو TikTok، ولكن أعدادها بلغت ذروتها بعد فترة وجيزة.

 

 

انخفاض مفاجئ بمدينة سانت بول

 

 

ولكن الشيء الذي كان ملفت للنظر، هو ما حدث بمدينة سانت بول، ففي الواقع، وجد تقرير CCJ أنه في الفترة من 2022 إلى 2023، انخفضت سرقات السيارات هناك بنسبة 40٪ تقريبًا – وهو أكبر انخفاض في أي من المدن التي فحصتها، ويقول آشر إن هناك دلائل تشير إلى أن السرقات في مدن أخرى ربما بلغت ذروتها أيضًا.

وقد اطلع آشر مؤخرًا على بيانات سرقة السيارات العام الماضي في ثماني مدن: بالتيمور؛ شيكاغو؛ ديترويت؛ ممفيس، تينيسي. ميلووكي. نيو أورليانز؛ فيلادلفيا؛ وواشنطن، ويقول: "من الواضح أن ما رأيناه كان طفرة هائلة في عام 2022، وستستمر حتى عام 2023"، ولكن في نهاية عام 2023، بدأنا نرى ذلك المنحدر التصاعدي الضخم يصل إلى القمة ويبدأ في النزول في تلك المدينة حتى أصبح الجميع يبحث عن آليات الحل التى توصلوا إليها.

 

 

التركيز على الوقاية

 

 

عمدة المدينة، ملفين كارتر، يقول إنه يعتقد أن التركيز على منع السرقات في المقام الأول كان أمرًا أساسيًا، حتى لو كان من الصعب تحديد أي سبب واحد لهذا الانخفاض، ويوضح كارتر: "الحقيقة هي أنه لا توجد طريقة يمكنك من خلالها الحصول على الفضل في ذلك، ولكن كان هناك جهود متكاملة، فقد ركز قسم الشرطة على تعليم السكان الأشياء التي قد تجعلهم هدفًا. في أحد الأيام الأخيرة من الشهر الماضي، فيما قام ضابط شرطة سانت بول، كينغ هير، بدوريات في الجانب الشرقي من المدينة في نوبة خاصة تركز بالكامل على سرقة السيارات".

وتقول هير: "عندما يكون الجو باردًا، كما هو الحال الآن، يميل الناس إلى ترك سياراتهم قيد التشغيل حتى يكون الجو دافئًا عند دخولهم، ولا تعرف أبدًا من يراقبك، ومن المحتمل أن يستهدفك ذلك"، وجزء من وظيفته هو إخبار الناس بعدم القيام بذلك، والتحدث مع أصحاب السيارات لشرح مخاطر ترك السيارات دون مراقبة وتوزيع منشورات إعلامية على مديري الشقق، كما قامت إدارة الشرطة بحملة إعلانية مستهدفة في المناطق التي أظهرت بياناتها ارتفاع معدلات سرقة المركبات، كما أنها زودت مالكي سيارات كيا وهيونداي بمضارب عجلة القيادة، الأمر الذي يجعل توجيه المركبات أمراً مستحيلاً، وبالتالي تصبح هدفاً أقل جاذبية.

 

 

هكذا تم التعامل مع الشباب لمنع تورطهم بالسرقة

 

 

فيما يقول محامي مقاطعة رامزي، جون تشوي، إن مسؤولي المقاطعة والمدينة – الشرطة والقضاة والمدعين العامين وأعضاء مجلس المدينة ورئيس البلدية وآخرين – بدأوا في الاجتماع بانتظام لمعالجة سرقات السيارات في عام 2021، عندما كانت المعدلات ترتفع بالفعل في سانت بول ولكن قبل وقت طويل من طفرة تيك توك، وأصبح من الواضح أنهم بحاجة إلى التركيز على ظاهرة تورط الشباب بتلك الظاهرة، ويقول أكسل هنري، رئيس شرطة سانت بول، إن العديد من الأشخاص الذين يسرقون السيارات هم من المراهقين الذين يقومون بذلك من أجل المتعة، والعديد منهم يفعلون ذلك مرارًا وتكرارًا.

 

ويوضح هنري: "إن نسبة صغيرة جدًا من مجتمعنا هي التي تسرق غالبية هذه السيارات، وهذا يتطلب نهجًا أكثر دقة في عمل الشرطة، لذلك فنحن نجري محادثة معهم ونقول لهم: هل تفهمون أن هذا الفعل الذي اعتقدتم أنه كان منخفض المستوى للغاية وغير ضار إلى حد ما هو جناية وتسبب في اضطراب هائل للناس في المجتمع؟، وما نقوله هو: لقد كنت في السيارة، ماذا يحدث معك؟ لماذا هذا المرح؟"، كذلك ركزت سانت بول أيضًا على منح الشباب المزيد من المنافذ الإيجابية، حيث قدمت أشياء مثل الرياضات المجانية للشباب وبرامج ما بعد المدرسة، بالإضافة إلى رحلات أوبر المجانية إلى المدرسة ومواعيد الصحة العقلية.

 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: سرقات السیارات سرقة السیارات کیا وهیوندای الترکیز على

إقرأ أيضاً:

الصين: أزمة الفنتانيل في الولايات المتحدة مسؤولية واشنطن وحدها

ردت الصين على واشنطن بشأن قضية الفنتانيل، وانتقدت بشدة استمرار فرض رسوم عقابية عليها رغم التقدم في تخفيف التوترات التجارية بين الجانبين خلال الأيام القليلة الماضية. اعلان

في تصريح رسمي يوم الثلاثاء، أكدت وزارة الخارجية الصينية أن مسؤولية التعامل مع أزمة مخدر الفنتانيل في الولايات المتحدة تقع بالكامل على عاتق واشنطن نفسها.

وجاء ذلك ردًا على الرسوم العقابية التي فرضتها الولايات المتحدة على الصين بزعم عدم بذلها جهود كافية لوقف تدفق هذا المخدر القاتل إلى الأراضي الأمريكية.

Relatedالبيت الأبيض: الولايات المتحدة تعلن التوصل إلى اتفاق تجاري مع الصين في جنيفالرئيس الصيني: لا رابح في الحروب التجارية والتنمر الاقتصادي لن يؤدي إلا إلى عزل بعض الدولهدنة الرسوم الجمركية بين أمريكا والصين تفتح الباب أمام تعافي "أبل"

وقال المتحدث باسم الوزارة لين جيان، خلال مؤتمر صحفي دوري إن الصين أكدت مرارًا أن مشكلة الفنتانيل هي قضية داخلية أمريكية، واصفًا الرسوم الجمركية التي فُرضت على بكين بسبب هذه القضية بأنها "غير معقولة".

وعند سؤاله عما إذا كان سيتم مناقشة ملف الفنتانيل في المحادثات التجارية المستقبلية بين البلدين، شدد لين على موقف بلاده الرافض لتحميلها مسؤولية أزمة تعتبرها الولايات المتحدة محلية بطبيعتها.

وعلى الرغم من تخفيف حدة التوترات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم بعد تعهد الجانبين بتقليل الرسوم الجمركية بشكل كبير على بضائع بعضهما البعض، إثر محادثات جرت في سويسرا نهاية الأسبوع الماضي، إلا أن الولايات المتحدة قررت الإبقاء على الرسوم الجمركية بنسبة 20٪ على السلع الصينية.

وبررت واشنطن قرارها هذا بأن بكين لم تتخذ خطوات كافية للحد من تفشي وباء الفنتانيل داخل الولايات المتحدة.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • بموت أبي فقدت سعادتي وتحولت لدموع أيامي.. فكيف اغرف من حنان امي المتسلطة؟
  • سوريا تخمد حرائق اللاذقية وتؤكد إرادة شعبها بمواجهة الكوارث
  • الصين: أزمة الفنتانيل في الولايات المتحدة مسؤولية واشنطن وحدها
  • مرض السرطان يتفاقم بالأنبار .. مركز الأورام يستقبل يومياً نحو 120 مريضاً
  • نظام التفاهة .. وجذور الظاهرة الترامبية
  • محافظ جنوب سيناء: دير سانت كاترين رمز للسلام والتاريخ والتراث الإنساني
  • مجلس الوزراء يُقر تعديلات على نظام القيادات الحكومية لتعزيز الشفافية والكفاءة
  • قبيلة يمنية تتبرأ من ابنها لتقدُّمه للزواج من ابنة حلاق.. فكيف علق مغردون؟
  • 5 ميداليات إماراتية في «عربية الجولف»
  • ليست أمريكا وحدها.. أياد خفية بجانب ترامب وراء التهدئة بين الهند وباكستان