من يتابع تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، ووزير الدفاع غالانت، وحتى تصريحات يائير لبيد زعيم المعارضة حيال الموقف الواحد الذي يعبرون عنه بثقة عمياء تستند إلى فائض القوة المادية، أي الموقف الذي يصر على شيئين أساسيين؛ تدمير حماس والقضاء عليها نهائيًا، وإعادة المخطوفين الإسرائيليين، سيجد في الحقيقة أن ذلك الوهم الذي تقتل إسرائيل يوميًا من أجله ما بين 150 إلى 250 مدنيًا فلسطينيا في غزة والضفة، هو ذاته الوهم الذي يتحرك العالم كله من أجله، وعلى رأسه الولايات المتحدة وأوروبا الغربية للبحث عن أفضل الطرق لإنقاذ ما تبقى من المخطوفين الإسرائيليين لدى حماس في القطاع.
هذا التصوُّر الخطير الذي يستند إلى معايير القوة المادية، والذي تنخرط فيه الولايات المتحدة وأوروبا ودول في المنطقة العربية بحثًا عن نجاة للمخطوفين الإسرائيليين لدى حماس بأية وسيلة، دون أي اعتبار أخلاقي لجريان الموت اليومي الذي يطاول حياة المدنيين الأبرياء في غزة والقطاع هو في تقديرنا ما سيعزز باستمرار استحالة أن يصل جدار الدم والغرور الإسرائيلي لأي حل مهما تصوّر القادة السياسيون لإسرائيل إمكانية لنصرهم الموهوم في هذه الحرب التي لم يسبق لها مثيل بين الفلسطينيين والإسرائيليين. في تقديرنا لن تجدي أبدًا ولن تثمر تلك الرحلات المكوكية الخائبة والمتعددة إلى الشرق الأوسط من طرف وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الذي يفعل الشيء ذاته في كل مرة ويتوقع نتائج مختلفة، متخيلًا أن مقاييس فائض قوة التفوق الإسرائيلي وغطرستها هي التي ستكون حاسمة!.
إن ما تفعله إسرائيل اليوم بالفلسطينيين من مجازر جسدت وقائع فظيعة لجرائم حرب لم يسبق لها مثيل في كافة حروب البشر السابقة، وسط تفرج العالم الحديث وقواه الحية، لهو في تقديرنا جدار الدم الذي ستغرق تحته إسرائيل وستتورط إلى ما لانهاية، وستتفاجأ الدولة العبرية في كل مرة بأن الخسائر الموجعة التي ستلحق بها ستكون خسائر بلا ضفاف، بل ولن يكون في وسع أي قوة في العالم إنفاذها من المصير المميت الذي تسير إليه عبر جدار الدم هذا وتعجز باستمرار عن القفز من فوقه بحثًا عن النجاة. لن تفلح وساطة الصفقات التي تسعى لها دول كبيرة وكثيرة في العالم والمنطقة، ولن يفلح فائض قوة السلاح المهول ودفن المدنيين تحت الأنقاض، ولن تفلح تهديدات قادة إسرائيل وغرورهم المقيت في القدرة على سحق المقاومة الفلسطينية، وستتفاجأ إسرائيل في كل يوم جديد منذ 7 أكتوبر الماضي بما يجعلها أكثر وجعًا وجنونًا ومضيًا في طريق دفع الثمن الباهظ للدم الذي تورطت فيه ولا تزال، وهي ورطة لن تستطيع معها إسرائيل سوى الغرق والتخبط في مستويات العجز الدنيا من ذلك الجدار/ القبر الذي تحفره لنفسها منذ ثلاثة أشهر.
إن ردود الفعل السياسية والعسكرية في العالم على جرائم الإبادة الإسرائيلية ستعكس في تقديرنا معطيات من شأنها توريط إسرائيل في مأزقها أكثر فأكثر، مهما توهمت خلاف ذلك، فتلك المعطيات هي الأكثر تعبيرًا عن حكمة الدرس البشري لسنن الجريمة والعقاب، إذ إن ما نراه اليوم من ردود فعل على هذه الحرب الإسرائيلية الظالمة على قطاع غزة هو أشبه بكرة الثلج التي ستكبر في أكثر من اتجاه ومكان لتورط إسرائيل أكثر فأكثر في مأزق لن تنجو منه.
ها هي الولايات المتحدة الأمريكية تجد نفسها مجبرةً على إسقاط مشروع قانون تقدم به الجمهوريون لدعم إسرائيل دون غيرها بما قيمته 14 مليار دولار أمريكي، وقريبًا جدا مع بدايات مارس القادم ستكون حسابات حمى الانتخابات الأمريكية مقياسًا واضحًا لتقدير الربح والخسارة حيال موقف الإدارة الأمريكية الحالية من إسرائيل وهي تتورط معها في جدار الدم الفلسطيني. كما أن الأصوات الحرة التي تواجه إسرائيل في أكثر من مكان؛ من جنوب إفريقيا إلى إسبانيا إلى النرويج تعكس بوضوح؛ كيف أصبحت إسرائيل اليوم عارية من الغطاء الأخلاقي المزيف الذي طالما سوقت به دعمًا خدع كثيرين في هذا العالم، لكن مع مجازر إسرائيل التي تبث يوميًا على الهواء من قطاع غزة حيث يراها العالم أجمع عبر كافة الوسائط وهي تفعل ذلك بحق المدنيين الفلسطينيين بما لا يقبله الضمير الإنساني؛ فإن الثمن الوحيد الذي يتعين على إسرائيل أن تدفعه مرغمة هو فقط ثمن الدم أي العقاب الذي ستتفاجأ إسرائيل به في نهاية المطاف.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
حماس تدعو نقابات العالم لمقاطعة إسرائيل وفضح جرائمها
دعت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، اليوم الجمعة، نقابات العالم لمقاطعة إسرائيل وحظر التجارة والاستثمار مع شركاتها والضغط عليها بكل الوسائل لعزلها ورفض جرائمها ضد الإنسانية، مع تواصل حرب إبادتها الجماعية على قطاع غزة منذ 19 شهرا.
وقالت الحركة، في بيان "نثمن قرار اتحاد نقابات عمال النرويج بمقاطعة الاحتلال الصهيوني وحظر التجارة والاستثمار مع شركاته"، ووصفت الخطوة بـ"الشجاعة" إذ إنها تجسد "انحيازا صريحا للحق والعدالة وانتصارا لحقوق الشعب الفلسطيني".
وناشدت حماس، الاتحادات العمّالية والنقابية حول العالم بالاقتداء بـ"هذا الموقف الأخلاقي، ومواصلة الضغط بكل الوسائل المتاحة لعزل هذا الكيان الفاشي وفضح جرائمه ضد الإنسانية".
والأسبوع الماضي، قال شتاينار كروغشتاد، نائب رئيس اتحاد نقابات العمال بالنرويج إن صندوق الثروة السيادي النرويجي الذي تبلغ قيمته 1.8 تريليون دولار يجب أن يسحب استثماراته من جميع الشركات التي تساعد إسرائيل.
ولم يصدر بعد عن اتحاد نقابات العمال بالنرويج، بيان، بشأن قرارهم مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات من شركاتها.
وفي أبريل/ نيسان الماضي، أبدى وزير خارجية النرويج إسبن بارث إيدي، خلال مؤتمر صحفي عقده مع نظيره التركي هاكان فيدان، في العاصمة أنقرة، قلقه إزاء صمت بعض الدول الغربية تجاه الإبادة التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين، مستنكرا إحجام وزراء خارجية تلك الدول عن التصريح بذلك.
إعلانوتواصل إسرائيل حرب إبادة واسعة ضد فلسطينيي قطاع غزة، منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 بما يشمل القتل والتدمير والتجويع والتهجير القسري، متجاهلة كافة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت تلك الحرب التي تدعمها الولايات المتحدة أكثر من 172 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.