اعتاد والدها منذ نعومة أظافرها أن يناديها بـ«الدكتورة ياسمين»، ورغم بساطة حال أحمد سلامة خضير عياش، أحد أبناء قبيلة السواركة، إلا أن أكبر أحلامه كان أن تصبح ابنته طبيبة، وكان دائمًا مهتما بأن تتعلم هي وأختها التي كانت أصغر منها، وتدعى سالمة، ويحصلون على أرفع المستويات العلمية.

لكل مجتهد نصيب

تقول أم ياسمين في تصريحات لـ«الوطن»: «كان والدها يرى فيها أنها ذكية وواعية، ويقول أنتي طبيبة، ويقول لها يا ابنتي  لكل مجتهد نصيب، ولكنه توفى عندما كانت في الصف الثاني الإعدادي، وأوصاني بتعليم البنتين وهو ما حدث بالفعل».

وتابعت: «الحمدلله، دخلت ياسمين كلية الطب البشري في الإسماعيلية، بعد حصولها على مجموع 98.5% في الثالث الثانوي علمي علوم، من مدرسة الريسة الثانوية بالعريش، وسالمة الآن في سنة ثالثة كلية حقوق بورسعيد، وانا أقيم معهما في شقة في الإسماعيلية حتى تنهي سالمة دراستها».

ياسمين: حققت حلم والدي

وقالت «ياسمين»: كانت أمي لا تبخل علينا بأي شيء، على الرغم من شعوري الشديد بفقدان الوالد الداعم والسند لي، إلا أن كلماته كانت ترافقني في كل لحظة من رحلتي التعليمية، وكانت دائماً تذكرني بوصية والدي، التي كانت حافزاً كبيراً لي للمذاكرة والاجتهاد.

 

 

وتضيف: لقد تخرجت الآن وسأخذ نفسًا عميقًا لأكمل المشوار. إن تجهيز لافتة العيادة قريب، ولن أنسى معاناتي، وسأقف في صف كل من يعانون، وسأكون عونًا لكل من يطلب مساعدتي. فمن منا لم يعاني يومًا، فكيف لا نشعر بمن يعانون ويتألمون؟ وأوصي جميع الطالبات الصغار بأنه لا يوجد شيء اسمه مستحيل، فلكل مجتهد نصيب.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الطب البشري الأسماعيلية طبيبة شمال سيناء

إقرأ أيضاً:

ابن المقريف: والدي بدأ معارضة القذافي بـ3000 دولار وإيمان لا يتزعزع

وفي بودكاست "مغارب" (يمكن مشاهدة الحلقة كاملة عبر هذا الرابط) كشف طارق كيف انتهت عائلة نافذة في حضن المعارضة، بعد أن كانت شريكة في بناء مؤسسات الدولة الليبية.

ولد أواخر الستينيات في العاصمة البريطانية، حيث كان والده محمد يوسف المقريف يُكمل دراسته العليا، ويعيش مع زوجته وطفله الوحيد آنذاك بشقة صغيرة في حي فولهام. ورغم البُعد الجغرافي، لم يكن البيت معزولا عن قضايا المنطقة وكان مقصدا للنخب العربية، كما يتذكر طارق.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4البرنامج النووي الليبي.. دعمه سرا عالم باكستاني وكشفته استخبارات أميركاlist 2 of 4معمر القذافي.. رحلة جنون العظمة ونهاية مؤسفةlist 3 of 4قذاف الدم ينشق عن نظام القذافيlist 4 of 4معمر القذافي يجيب على السؤال.. كيف تقود انقلابا عسكريا ناجحا؟end of list

وعاد الطفل مع أسرته إلى بنغازي مطلع السبعينيات، ليعيش في بيت جدّه وسط المدينة القديمة، حيث شكّل حي سوق الجريد وأزقته الذاكرة الأولى التي وسمت علاقته بالمكان. وهناك، اصطدم باختلاف القواعد، حين ضربه سائق عربة "كروسة" لأنه تعلق بها، في لحظة فهم فيها أن ليبيا ليست لندن.

وكان والده حينها قد التحق بالجامعة الليبية معيدا، قبل أن يُعيّن لاحقا رئيسا لديوان المحاسبة بدرجة وزير عام 1972، مما وضعه في قلب الدولة الناشئة بقيادة مجلس الثورة، رغم توجسه من حكم العسكر، ومن مآلات المشروع القذافي، كما يروي نجله.

حماسة وقلق

يصف طارق المرحلة الأولى من حكم العقيد بأنها كانت مزدوجة الإحساس، فقد جمعت بين حماسة التطوير وقلق المصير، فالمملكة الليبية كانت قد أنجزت كثيرا في وقت وجيز، ويقول طارق بصفته الاقتصادية إن منجزاتها التنموية بين 1951 و1969 تُحسب لها، مقارنة بالفوضى التي تركها القذافي بعد 4 عقود.

وعاشت الأسرة بين بنغازي وطرابلس، لكنها بقيت لصيقة بالمجتمع والنخبة، وظل بيتهم مقصدا للأساتذة والطلبة والنقاشات السياسية، ويستذكر طارق طفولته حيث لم تكن المظاهر المادية طاغية، بل ساد نمط من التضامن الاجتماعي حتى بين كبار المسؤولين.

ويؤكد أن والده حافظ على توازنه الفكري وسط تقاطعات الانتماءات، فكان بيته ملتقى وزراء النظام، كما لأساتذة محسوبين على تيارات إسلامية ويسارية، دون أن يتخلى عن دوره الأكاديمي أو ينعزل عن المجتمع.

إعلان

ولكن أجواء المدرسة بدأت تتغير، لا سيما بعد عام 1977، حين اختُرقت المناهج التعليمية بأفكار "الكتاب الأخضر" وأُدخل التدريب العسكري الإجباري للتلاميذ، ويقول طارق إنه فُوجئ بأن عليه شرح مقولات مثل "البيت لساكنه" ثم فهم لاحقا أن المدرسة لم تكن تملك من أمرها شيئا.

ويرى أن هذه الشعارات لم تكن إلا تمهيدا لتأميم العقارات، ونهب أملاك الليبيين تحت غطاء الأيديولوجيا، حيث تم حرق السجل العقاري، مما أدى إلى مأساة اجتماعية ما تزال البلاد تدفع ثمنها حتى اليوم.

السفر للهند

أواخر السبعينيات، سافر والده إلى الهند سفيرا، وبقي طارق في بنغازي مع خالته، يزورها كل صيف. وهناك، عاش لحظات فارقة، إذ شهد منزلهم زيارات من شخصيات بارزة، من بينها رئيس الوزراء الهندية الراحلة أنديرا غاندي أثناء خضوعها للإقامة الجبرية، والتي التقته في إحدى المناسبات.

ويتذكر طارق تلك المرحلة بوصفها مزدحمة بالرموز والتحولات، فبيتهم في نيودلهي لم يكن فقط بيتا دبلوماسيا، بل كان مركزا لحوارات الجالية المسلمة الهندية التي حاول والده الدفاع عن حقوقها ضمن عمل دبلوماسي فريد، بعيد عن ضجيج طرابلس.

ولكن المفارقة الكبرى في مسار الأسرة جاءت عام 1980، حين قرر الوالد الانشقاق علنا عن نظام القذافي، في خطوة كانت محفوفة بالمخاطر، فالنظام وصف خصومه بـ"الكلاب الضالة" ولم يتردد في تصفية المعارضين حتى خارج البلاد.

ويقول طارق إن والده أخذه جانبا في أحد الأيام، وأخبره بنيته مغادرة البلاد إلى غير رجعة، قائلا له "سنعارض، لن نعود، ولن يكون لدينا شيء نعتمد عليه سوى الله" عندها سأله طارق "كم نملك؟" فرد الوالد "لدينا 3000 دولار فقط".

ويتابع طارق "كنت أحمل الشنطة بنفسي، وأنا أفكر: هل حقا سنواجه نظام القذافي بهذه الحقيبة؟" مضيفا أن تلك اللحظة بلورت فهمه العميق لمعنى التضحية والاختيار الأخلاقي.

دعم مغربي

نزلوا أولا في المغرب، حيث أقاموا في الدار البيضاء عدة أشهر، ثم بدأت مرحلة جديدة من النضال السياسي، بدعم مغربي غير مباشر للمعارضة الليبية، ويؤكد طارق أن لقاءات والده مع السلطات المغربية كانت قصيرة لكنها جوهرية، ولم تتدخل الرباط في التفاصيل.

ويرى طارق أن وجود عائلته في المغرب آنذاك لم يكن فقط خطوة لطلب اللجوء، بل كان جزءا من مناورة سياسية أوسع، أراد بها النظام المغربي الضغط على القذافي، خاصة أن الرباط كانت قد احتضنت محاولات انقلابية ضده.

وفي هذا السياق، بدأت تتشكل لدى طارق صورة مختلفة عن السياسة، حيث بات يرى في المعارضين قادة شجعانا، لا سند لهم سوى الإيمان بالله وعدالة قضيتهم، وبعضهم -كما يقول- ضحى بكل شيء دون دعم مالي أو حماية اجتماعية، وهو ما أثر فيه شخصيا.

ويتذكر رحلته لاحقا إلى الولايات المتحدة، حين وصل وفي جيبه 500 دولار فقط، لا يعرف أحدا ولا يملك خطة واضحة. وكان الدافع -كما يقول- هو اليقين بأن الله لا يخذل من يترك وطنه طلبا للحرية.

قصة طارق ليست مجرد سيرة شخصية، بل نافذة على التحولات الليبية العميقة، من مملكة تنهض ببنيانها إلى دولة تنهار بفعل الشعارات، ومن بيت أكاديمي في بنغازي إلى منفى دبلوماسي في الهند، ثم محطة للمعارضة في الرباط، وصولا إلى شوارع أميركا بجيوب خاوية وأحلام كبيرة.

إعلان 25/6/2025

مقالات مشابهة

  • زوجوني قاصرا.. وخطفوا أولادى للحرب.. انفوجراف
  • هل لكل مجتهد نصيب؟!
  • مشهد إنساني مؤثر.. طالبة تنهار في حضن والدها أمام أحدي اللجان بعد انتهاء الامتحان في الإسكندرية
  • الموساد الإسرائيلي: حققنا أهدافا كانت تبدو خيالية
  • ابن المقريف: والدي بدأ معارضة القذافي بـ3000 دولار وإيمان لا يتزعزع
  • وزيرة البيئة: شرم الشيخ الخضراء حلم مصري تحقق في 3 سنوات
  • القضاء يُسدل الستار على معركة أسهم «دار التربية» بلا نصيب لحفيدة نوال الدجوى
  • 5 مكاسب لمن ينفذ وصية النبي بإطعام الطعام.. البحوث الإسلامية يوضحها
  • ياسمين جمال تخطف الأنظار فى أحدث ظهور لها
  • سلمى أبو ضيف: كنت دائما أشعر بالخوف من والدي أكثر من الحب