د.حماد عبدالله يكتب: الإدارة - بالإنتاج !!
تاريخ النشر: 25th, February 2024 GMT
نحن فى أشد الإحتياج لتغيير النظام الإدارى فى الدولة –دون خوف –ودون ترقيع لقوانين –ودون الإستعانة بأساليب بالية –جربناها على مدى عصور سياسية سابقة وحالية ولكنها لم تجدى –ولم "تشبع من جوع " !
أساليب الإدارة فى مصر –إعتمدت على أهل الثقة مرة –وعلى نظام إبتدعه الرئيس السادات (رحمه الله) –بأن يكون المحافظ من أهل المحافظة نفسها –وذلك بالتعيين –ومع ذلك لم يصلح هذا النظام –بدعوى أنه " غلب العصبيات" داخل المحافظات –وعاد مرة أخرى النظام لإختيار المحافظون من الموظفون الكبار السابقون فى مؤسسات الدولة المختلفة –وإعتبرت كمكافأة نهاية خدمة –ويسعى كبار موظفى الدولة –قبل الإنتقال لسن المعاش –لكى يحوزوا رضاء سياسي –لترشيحهم لتولى منصب محافظ (مدير إقليم) !!
ومن هنا ظهرت سوءات هذا النظام –بأن إختلت الإدارة –وتميز البعض بالصدفة البحتة –وتحدثت فى ذلك مرات كثيرة جدًا –سواء على صفحات الجرائد -أو فى الإجتماعات الحزبية –وعلى أعلى مستوى !
لذا أرى أن أضع أمام المشرع المصرى –والمنوط به –صياغة التعديلات الدستورية –على أن يراعى –ويهتم بأن لا مجال لتقدم هذا الوطن - إلا عن طريق الإدارة المحترمة –المالكة لأدوات العصر فى الإدارة الحديثة !!
-ومن هنا أحلم أن أرى مصر مقسمة إلى عدة أقاليم –تعتمد فى التقسيم على ما يمتلكه الإقليم من ثروات تحت الأرض -وفوق الأرض-وبما فيها من ثروة بشرية -ونوعياتها !
-أحلم أن أرى الأقاليم فى مصر –لها عائد من الناتج الإجمالي المحلى لها –حتى يسعى المتنافسون بين بعضهم البعض –لتنمية موارد الإقليم –وجذب الإستثمارات الجديدة –وإستغلال الطاقة القصوى لإبنائه وثرواته !!
-أحلم أن أرى مدير للإقليم لا علاقه له بالسياسة –ولكن له علاقة بإدارة موارد الإقليم –حيث للسياسة أحزابها –وأمناء الأحزاب –وأعضاء الأحزاب !!
-أحلم بأن أرى مدير الإقليم لا علاقة له بالأمن –فالأمن له مدير إقليم –ومساعدى وزير الداخلية –ودور الشعب ونوابه البرلمانيين الساعين لإستقراره –وتنميته والحفاظ على ثرواته !
-أحلم أن أرى مدير للإقليم –يعفى من وظيفته - حينما يتقاعس عن تنفيذ البرنامج المعين من أجله-دون تأجيل –ودون تشهير !!
-أحلم أن أرى وزير أو أكثر -كمسئولين سياسيين عن أقاليم مصر( الشمالى –والجنوبى –والشرقى –والغربى )!
-أحلم أن أرى مصر مؤسسة إقتصادية كبرى أسوة بما يحدث فى دول العالم الأول (الولايات المتحدة الأمريكية ) أو إحدى الدول العربية المتواضعة سابقًا (الإمارات العربية المتحدة)!
وبالعودة لبداية هذا المقال –أرى بأن الإقتصاد الكلى لدولة لن ينمو –ولن يقفز قفزات تؤثر فى الشارع المصرى –إلا بإشتراك الإقاليم فى ناتجها الإجمالي –والعودة إلى رجل الشارع فى الإقليم –من ناتجه وجهده-وثرواته !
لا يمكن لمصر أن تتقدم فى ظل مركزية عقيمة –فاشلة –ولا يمكن أن تتقدم فى ظل لا مركزية عاجزة –أو تسند فيها المناصب الإدارية كمكافأة أو (كوسة) على رأى المصريين !!
هذا هو العدل –وهذه هى روشتة التنمية الشاملة ! والوقت الأن يسمح بأن نعدل فى إسلوب إدارة الدولة –خاصة ونحن امام ولاية جديدة للرئيس عبد الفتاح السيسي لرئاسة الجمهورية
أ.
[email protected] Hammad
المصدر: بوابة الفجر
إقرأ أيضاً:
حين يكتب الحزن بقلم الإنسان
د. ابراهيم بن سالم السيابي
لقد وعدتُ أحدهم ذات يوم ألّا أكتب في الحزن، وأن أبتعد عن نزفه وسكونه الموحش، ولكنني أنكث بوعدي؛ ليس خيانة؛ بل عجزًا؛ إذ إنَّنِي لا أملك السيطرة على قلمي حين يحتشد في قلبي مشهد لا يبرحه؛ فالقلم يشقّ طريقه رغمًا عني، وربما الحزن هو الذي يكتب لا أنا.
وما كتبته اليوم ليس سوى ترجمة لمشهد عالق في الذاكرة، عالق في وجدان اللحظة التي تخترقك دون إذن.
فقد كنتُ أمر بسيارتي عبر إحدى الحارات القديمة، حينما لمحتها... امرأة عجوز، تحمل في يديها باقة ورد ذابل، تمشي بخطوات ثقيلة نحو المقابر، لم يكن الموقف يحتاج إلى شرح، فوجهها وحده رواية طويلة من الفقد، من الانكسار، من الشوق والخذلان والانتظار الذي لا ينتهي.
لم أعرف من الذي جاءت تزوره في تلك المقابر: ابن؟ بنت؟ أخ؟ أخت؟ أم؟ أب؟ أم هو من كان رفيق العمر؟ لا فرق، لمن كانت الحياة به أهون وأدفأ، ها هي اليوم تقف أمام قبره، تصمت بينما تتكلم الدموع وتصرخ الذكريات، كانت ملامحها أشبه بمرآة لحياة امتلأت حزنًا بعد فقدٍ لا يُحتمل.
تقدّمتْ نحو قبره بصمتٍ، وكأنَّها تهمس له كل ما لم تستطع قوله في الحياة.
تشكو له كيف أنَّ الزمن جارٌ لا يرحم، وكيف أن الوحدة في هذا العمر جدار لا يمكن اجتيازه، فربما كانت تبحث عن دفءٍ غائب، عن يدٍ تُربّت على تعب السنين، أو عن وجهٍ كان يختصر العالم كله.
وما كنتُ إلا مارًّا، لكنني لم أملك إلّا أن أشاركها الحزن، فما أقسى الفقد، وما أمرّه حين يكبر بنا العمر ونجد أنفسنا وحدنا نحمل أزهار الذكرى على أكتاف الذاكرة.
كان المشهد بسيطًا، لكنه أثقل قلبي، ولم يكن غريبًا تمامًا؛ فهؤلاء جيراننا الطيبون في الحارة، إخوتنا من أتباع مذهب أهل البيت، أولئك الذين ألِفوا الحزن وكأنَّهم أبناؤه. في ثقافتهم ومعتقدهم، يُروى أن الحزن اختارهم أو أنهم اختاروه، وكأنه رداء لا يُخلع، أو قَدر لا يُدفع، ترى في عيونهم أثر الحسين، وفي صمتهم وقع كربلاء؛ فهُم لا يعيشون الحزن كما نراه؛ بل يغمسونه في الإيمان، في الولاء، في تفاصيل الحياة، حتى صار الحزن عندهم نوعًا من الطقوس، وشكلًا من أشكال الوفاء.
هم لا ينكسرون أمام الحزن؛ بل يجعلون منه ذاكرة، ودرسًا، ونداءً مستمرًا للإنسانية، ومن الحزن يصنعون معنى، ويجدون في الدمع بوصلة لصدق المشاعر، وامتدادًا لعلاقة لم تقطعها المقابر.
لكن، يا ليتنا نتعلم من حزنهم! ليس لنعيش الألم؛ بل لنفهم عمق الارتباط، وصدق المشاعر، وسموّ الوفاء. فالحزن ليس ضعفًا، بل حضور نقيّ لإنسانيتنا.
وربما كان في لحظة مثل تلك، بين قبرٍ ووردة ذابلة، وعجوزٍ تهمس، درس لا يُنسى: أن الحب لا يموت بموت صاحبه، وأنَّ الفقد لا يعترف بالزمن، وأنَّ الحزن قد يكون أصدق ما نملكه حين تفرّ منَّا الكلمات.
مسك الختام.. لا أحد يختار الحزن، لكنه حين يسكن القلوب، يعلمها كيف تحب بصدق، وكيف تفتقد بصدق، وكيف تظل وفية رغم الغياب، ونحن لا نحزن لأننا ضعفاء، أو لأننا لا نؤمن بالقضاء والقدر؛ بل ما دمنا أحياء قلوبنا لا تزال تنبض بالإنسان الذي في داخلنا.
"ليس الحزن علامة ضعف؛ بل دليل على أن الحب لا يزال حيًا في صدورنا"
جُبران خليل جُبران.
رابط مختصر