محللون إسرائيليون يتحدثون عن خطة نتنياهو حول مستقبل غزة
تاريخ النشر: 25th, February 2024 GMT
شكك خبراء ومحللون في جدية مخطط "اليوم التالي" الذي طرحه رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو ، خلال اجتماع الكابينيت السياسي – الأمني، ليلة الخميس – الجمعة الماضية، وأشاروا أيضا إلى أن المخطط غير قابل للتنفيذ وهدفه إرضاء شركاء نتنياهو في الحكومة وخاصة اليمين المتطرف الذي يمثله الوزيران بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير.
وطرح نتنياهو مخططه في ظل ضغوط دولية، وخاصة أميركية، عليه كي يجري مداولات داخل حكومته حول مستقبل قطاع غزة بعد الحرب، وفي الوقت الذي تطرح فيه إدارة بايدن خطة إقليمية واسعة تشمل مستقبل القطاع وإقامة دولة فلسطينية، وهو ما رفضه نتنياهو ووصفه بأنه "إملاءات خارجية" على إسرائيل.
وأشار الباحث في الشؤون الفلسطينية في جامعة تل أبيب، د. ميخائيل ميلشتاين، في مقال نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" اليوم، الأحد 25 فبراير 2024، إلى أن مخطط نتنياهو ينطوي على "ضبابية نابعة من انعدام الرغبة باتخاذ قرارات ومحاولة للمناورة بين اضطرارات سياسية داخلية. والنتيجة هي خطوط عامة لسياسة تعبر عن الوضع المثالي الذي تريده إسرائيل، لكن تغيب عنه تفاصيل مطلوبة من أجل ترجمة فعلية أو مواجهة ثاقبة مع ضرورات الواقع".
ولفت إلى أن "’اليوم التالي’ ليست قريبة مثلما يسود الانطباع من الخطاب الإسرائيلي. يحيى السنوار لا يزال على قيد الحياة، القتال في غزة مستمر، قسم كبير من منظومة حماس العسكرية صمدت، والحركة نفسها تحتفظ بسيطرة عامة حتى في الأماكن التي عمل فيها الجيش الإسرائيلي وفي مقدمتها شمال القطاع. ويمكن تحقيق غايات الوثيقة (مخطط نتنياهو) في حال انهيار حكم حماس فقط، ولا يمكن حاليا الحديث حول متى وكيف ستتحقق هذه الغاية".
وأضاف ميلشتاين أن "معظم المشكلة موجود في القسم الثاني من الوثيقة الذي يتناول الجانب المدني والسياسي الذي ترتدع إسرائيل منه منذ ما قبل 7 أكتوبر. والضبابية الكبيرة موجود في وصف ’جهات محلية ذات خبرة إدارية وليست ضالعة بالإرهاب’، التي يفترض أن تنفذ بدلا من إسرائيل سيطرة مدنية، وكذلك في حقيقة أن السلطة الفلسطينية ليست مذكورة كشريك محتمل، لم يتم الادعاء أيضا أنها ليست كذلك. ويبدو أن هذا الأمر من شأنه إرضاء في الوقت نفسه أعضاء الائتلاف وكذلك المجتمع الدولي التي تزيد ضغوطها على إسرائيل".
ورأى ميلشتاين أن هذه الضبابية تعزز الاشتباه بأن "صناع القرار يبحثون بجدية إمكانية إقامة نظام في غزة يستند إلى حمائل، التي تعتبر كأنها القوة الأكثر تأثيرا اليوم في المجتمع الفلسطيني".
وحذر من أنه "عدا عدم استخلاص دروس الماضي المريرة، وفي مقدمتها ’روابط القرى’ التي انهارت قبل حوالي 40 عاما، يبدو أن هذا المفهوم لا يأخذ بالحسبان التغيرات التي طرأت على المجتمع الفلسطيني، وفي مقدمتها نمو طبقة وسطى وجيل شاب يواجهون صعوبة بالنظر إلى المخاتير والمشايخ على أنهم قيادة جاذبة. كما أن هذا الأمر يلزم إسرائيل بالتعامل مع عشرات العناوين التي من شأنها أن تتحول إلى ميليشيات مسلحة بموجب النموذج الصومالي أو الليبي، وبذلك يمنعوا تأسيس نظام جديد ومستقر في غزة".
وشدد ميلشتاين على أن ما يصفه مخطط نتنياهو بـ"اجتثاث التطرف في المؤسسة الفلسطينية" هو "هدف فشل تحقيقه في الشرق الأوسط، وخاصة المحاولة الأميركية في العراق، وإسرائيل غير قادرة على تنفيذ ذلك بنفسها، وهي ملزمة بأن يدفع الفلسطينيون خطوة كهذه، الأمر الذي يحتاج إلى عنوان نشط واحد". وأضاف أن مخطط نتنياهو "لا يمكنه أن يشكل أساسا لخطة عمل قابلة للتطبيق".
وأشارت نائبة رئيس تحرير صحيفة "هآرتس"، نوعا لانداو، إلى أن الانطباع من وثيقة مخطط نتنياهو، التي جاءت تحت عنوان "اليوم الذي يلي حماس"، هو أن "اليوم التالي" مشابه للغاية لـ"اليوم السابق" للحرب على غزة. وأضافت أنه "كما هو الحال في حكم حماس، فإن هدف الوثيقة هو بالأساس استخدام كلمات حماسية لا أهمية لها من أجل إخفاء الحقيقة".
وأضافت أن مخطط نتنياهو يقضي "بإعادة غزة إلى حصار إسرائيلي، وربما مشددا أكثر. وخطة نتنياهو لتسوية سياسية هي أنه ليس لديه خطة كهذه ولا خطة لليوم التالي. وهو يريد ’إدارة الصراع’ من دون حله أبدا".
المصدر : وكالة سوا - عرب 48المصدر: وكالة سوا الإخبارية
كلمات دلالية: مخطط نتنیاهو إلى أن
إقرأ أيضاً:
المصافحة التي لم تتم.. خلافات عميقة تعوق التوصل لاتفاق في غزة برعاية أمريكية
في الوقت الذي تتكثف فيه الجهود الدولية للتوصل إلى هدنة توقف نزيف الدم في قطاع غزة، تكشف المقترحات المتبادلة بين الأطراف المعنية عن حجم الهوة التي تفصل بين مواقف كل من حركة "حماس" وإسرائيل، برعاية ومتابعة أمريكية مباشرة.
ومع كل اقتراب من نقطة الاتفاق، تظهر الشروط المتبادلة كحواجز أمام تحقيق اختراق سياسي حقيقي، مما يُبقي المشهد مفتوحًا على مزيد من التعقيد والمعاناة الإنسانية.
كشفت تقارير إعلامية، الإثنين، أن حركة "حماس" وافقت مبدئيًا على مقترح هدنة تقدّم به المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، يقضي بوقف إطلاق النار لمدة 70 يومًا مقابل الإفراج عن 10 رهائن أحياء على دفعتين، إلى جانب إطلاق سراح مئات من الأسرى الفلسطينيين، بينهم محكومون بأحكام عالية ومؤبدات.
غير أن متحدثًا باسم ويتكوف نفى هذه الموافقة، مشيرًا إلى أن المفاوضات لا تزال مستمرة، وسط تضارب في الروايات. ووفق صحيفة "إسرائيل هيوم"، فإن مسؤولًا إسرائيليًا رفيعًا – لم يُكشف عن اسمه – وصف المقترح بأنه لا يعكس "نية حقيقية من قبل حماس للمضي قدمًا"، مشددًا على أن "أي حكومة مسؤولة في إسرائيل لا يمكن أن تقبل بهذا الطرح"، ما يعكس موقفًا إسرائيليًا رافضًا للعرض الأمريكي – أو على الأقل لبعض بنوده.
مطالب جديدة تثير الجدلالمقترح الذي طُرح عبر وسطاء تضمن بنودًا غير مسبوقة من قبل حركة حماس، من بينها طلب مصافحة علنية بين خليل الحية، القيادي في الحركة ورئيس وفدها المفاوض، والمبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، كرمز لضمانة بعدم استئناف القتال عقب فترة التهدئة. كما تضمن الإفراج التدريجي عن 10 رهائن، 5 منهم في اليوم الأول من الهدنة، والباقون بعد شهرين.
هذه البنود – بحسب الصحافة العبرية – تتناقض مع الخطة الأصلية التي قدمها ويتكوف، والتي تنص على إطلاق سراح جميع الرهائن على مرحلتين: الأولى مع بداية التهدئة، والثانية في نهايتها. كما شملت مطالب حماس انسحابًا واسعًا للقوات الإسرائيلية من المناطق التي سيطرت عليها في قطاع غزة، إضافة إلى إدخال كميات كبيرة من المساعدات الإنسانية، وهو ما تعتبره إسرائيل "تنازلات مفرطة".
غضب إسرائيلي داخليردًا على هذه التطورات، أصدر "منتدى عائلات الرهائن" بيانًا غاضبًا، انتقد فيه استمرار الحرب ورفض الاتفاقات الجزئية، واصفًا إياها بأنها "خسارة إسرائيلية يمكن، بل يجب، تجنبها". وطالب المنتدى بعقد اتفاق شامل يعيد جميع الأسرى الـ58 وينهي الحرب، مشيرًا إلى أن "الحكومة يمكنها التوصل إلى مثل هذا الاتفاق صباح الغد إذا اختارت ذلك"، في إشارة إلى وجود دعم شعبي واسع لهذا الخيار.
مقترح "بحبح" بين التفاؤل والتشكيكفي خضم هذا التوتر، كشفت تقارير إعلامية عن وثيقة جديدة يُبحث فيها حاليًا، قدمها الوسيط الفلسطيني–الأمريكي بشارة بحبح، بالتنسيق مع ويتكوف، تقضي بوقف شامل للحرب خلال فترة الهدنة، وتعهد من حماس بعدم تنفيذ هجمات أو تهريب أسلحة أو تطوير ترسانتها العسكرية خلال هذه الفترة.
لكن هذه الوثيقة لم تُعلن رسميًا، وتُقابل بقدر من التشكيك في إسرائيل، خصوصًا في ظل تصريحات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الأخيرة، والتي جدّد فيها التزامه بإعادة جميع الرهائن "أحياء وأموات"، تزامنًا مع مواصلة جيشه قصفه المكثف على القطاع.
وفي ظل تواصل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وتفاقم الكارثة الإنسانية، انتقد الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، موقف المجتمع الدولي، وخصوصًا الإدارة الأمريكية، مؤكدًا أنها لا تمارس ضغطًا حقيقيًا على إسرائيل لوقف إطلاق النار أو إدخال المساعدات.
أمريكا لا تمارس ضغطًا حقيقيًا على الاحتلالوأضاف الرقب في تصريحات لـ “صدى البلد”، أن ما تفعله إدارة ترامب لا يتجاوز الضغط السياسي، عبر مقترحات مثل تلك التي تقدم بها المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، والتي رفضتها إسرائيل رغم قبول حماس بها، في محاولة لإفشال الجهد الأمريكي.
وأوضح الرقب أن واشنطن، رغم قدرتها على التأثير الفعلي، تكتفي بتصريحات سياسية لا ترقى إلى مستوى الأفعال، مضيفًا: "لو أرادت الإدارة الأمريكية وقف العدوان لعلّقت إمدادات السلاح والذخيرة، لكنها تتواطأ ضمنيًا مع حكومة نتنياهو المتطرفة". ولفت إلى أن تصريحات ترامب المتناقضة توحي برغبته في وقف الحرب، دون أي تحرك عملي يجسد هذه الرغبة، معتبرًا أن ما يصدر عن واشنطن ليس سوى "دغدغة مشاعر" ومحاولة لتبرئة الذات من الجرائم الإسرائيلية بحق الفلسطينيين.
وفي ما يخص الموقف الأوروبي، أشار الرقب إلى وجود تحول نسبي في الخطاب الأوروبي نتيجة الجرائم المتواصلة في غزة، واستخدام الاحتلال لسياسة التجويع، وهو ما بدأ يحرج الاتحاد الأوروبي.
وأوضح أن دولًا مثل فرنسا تتحرك فعليًا لعقد مؤتمر دولي للسلام، بينما ما تزال دول أخرى كالمجر والنمسا ترفض أي ضغط على الاحتلال.
وأكد أن أوروبا تمتلك أوراق ضغط مهمة، لكنها لم توظفها بعد بشكل مؤثر.
وفي ختام تصريحاته، شدد الرقب على أن واشنطن وبروكسل قادرتان على وقف الحرب وإنهاء معاناة غزة، لكن غياب الإرادة السياسية واستمرار سياسة الكيل بمكيالين، يمنحان الاحتلال مزيدًا من الوقت لارتكاب مجازره دون رادع، وسط تصريحات دولية شكلية لا تغير من واقع المعاناة اليومية للفلسطينيين.
وفي ظل تصاعد الضغوط الدولية على إسرائيل لوقف هجومها على غزة، يتبيّن أن الطريق نحو هدنة حقيقية ما زال طويلًا، وأن أي تقدم مشروط بقبول تنازلات مؤلمة من الطرفين.
ومع تعنّت الحكومة الإسرائيلية، ومطالب حماس التي تعكس عمق معاناة الشعب الفلسطيني، يبقى أفق التهدئة رهينًا بإرادة سياسية غير متوفرة بعد، ما ينذر باستمرار الأزمة الإنسانية في القطاع الذي يقبع تحت نار الحرب منذ أكثر من 19 شهرًا.