كيف تحافظ على منصبك في 2030
تاريخ النشر: 27th, February 2024 GMT
الوصول للمنصب في الثقافة العربية بسيط جدا إذ لا يخلو غالبا من أمور ثلاثة، إما أن تكون لديك شهادة علمية توصلك، أو واسطة تجامل قدراتك وعلاقاتك، أو لديك قدرات شخصية تقنع المسؤول بأنك جدير بهذا المنصب، إذا النتيجة تقول بامتلاكك لواحدة من هذه الثلاث فأنت قد وصلت تقريبا لهذا المنصب ويجب عليك إدارته بشكل جيد للمحافظة على هذا المكسب في مسيرتك المهنية.
وكعادة المشاريع الطموحة فهي تغربل المؤسسات والإدارات والأفراد وتمنح الجميع الفرصة بشكل متساوي للنهوض بها والتقدم بخططها، وكانت رؤية المملكة ٢٠٣٠ هي إحدى الفرص التي قدمت الفرص لكل شخص يرى أنه جدير وبالعمل قدير، لذلك شاهدنا الجميع يتقلد المناصب من كافة اتجاهات الوطن وبكل أطيافه، ومن جميع الأعمار.
والعمل في مثل هذه الرؤى يستلزم أمرين مهمين في مجملهما، أولهما وهو المحافظة على المال العام وعدم تبديده لأغراض ومنافع شخصية، والثاني عدم ارتكاب أعمال أو ممارسة مهام تؤدي لتضارب المصالح، فهذه النقطتان تشكل هاجسا لدى المسؤول ويدرك أنه متى ما كان صاحب المنصب نظيف اليد، طاهر من تضارب المصالح فهذه خطوة أولى نحو صلاحه وصلاح العمل الذي سينجزه، وقدرته على إدارة منصبه بفاعلية، لكن هل هذا كافي؟ بالتأكيد لا.
من أبرز الأمور للمحافظة على المنصب وجود مزيج من الإدارة الاستباقية والتعلم المستمر والتكيف مع المنصب الجديد وما يلحق ذلك من تطورات، فمن الأمور المهمة التي يجب التنبه لها، "الأداء والإدارة" من خلال تحقيق النتائج، وبلوغ أهداف الأداء التي حددها الرؤساء باستمرار مثل استخدام الموارد، ورضا المستخدمين والمشاركة في البرنامج المختلفة، وهذه يتعلق بها أمر آخر وهو قدرة صاحب المنصب على قيادة فريقه بإيجابية وفعالية من خلال تعزيز بيئة عمل تعاونية وداعمة حيث يشعر الفريق بالتمكين والتحفيز، مع أهمية تفويض المهام بشكل فعال وتقديم ردود فعل بناءة.
ومن الأمور المهمة لدى صاحب المنصب هي أن يكون استباقيًا وقابلاً للتكيف فتجده يتوقع التحديات، ومستعدا لإجراء التعديلات حسب الحاجة، ومطلعا على التقنيات والاتجاهات الجديدة في تخصصه العلمي والمهني، وقادرا على دمج ذلك في عملياته الإدارية، بل وقدرته أيضا على التواصل بانتظام مع فريقه وأصحاب المصلحة والمستخدمين المستفيدين من أنشطة إدارته وأهدافه وتحدياته، ومنفتحا على التعليقات والاقتراحات، بالإضافة لكونه متواصلا مع أقرانه وأفراد المجتمع لمعرفة احتياجاتهم وأيضا الترويج لنجاحاته.
ولا يغفل صاحب المنصب عن تطوره المهني، فتجده يطلع بشكل دائم على التقنيات والاتجاهات الجديدة وأفضل الممارسات في مجال تخصصه، والمؤلفات الحديثة التي لها علاقة بعمله، والمشاركة في ورش العمل والمؤتمرات والندوات سواء كان ذلك حضوريا أو عبر الإنترنت، وتطوير المهارات القيادية من أجل التواصل وحل النزاعات، ومشاركة معرفته وخبراته مع فريقه أولا ثم مع المهتمين.
وهناك نصائح إضافية لا تقل أهمية عما ذكر بالأعلى، فكونك صاحب منصب، فإن عليك تتبع إنجازاتك من خلال توثيق النجاحات بالأرقام كي تحافظ على منصبك وتأتيك الترقيات تباعا، أيضا تعتمد على البيانات فهي نفط اليوم وذلك لتتبع تأثير برامجك وخدماتك واتخاذ قرارات مستنيرة، وكن مبتكرا لتحسين منتجاتك وعروضك، وتحلى بالشغف فهو القادر على بقائك في منصبك حتى تقرر ساعة رحيلك متى ما أردت، كما سينعكس نجاحك وشغفك على فريقك والمستفيدين من إدارتك.
بقي القول، إن المشاريع الكبرى تحتاج لأشخاص يطوعون خبراتهم العلمية والمهنية في خدمتها وخدمة أهدافها، مع تحليهم بالتواضع والأخلاق الحسنة، وعدم استخدام السلطة بقسوة في حق مرؤوسيهم لتحقيق النجاح، فإن فعلوا ذلك، أظهروا قيمتهم في المنصب، وتحولوا في نظر رؤسائهم لكونهم أصولا وثروة قيادية يمكن الاستفادة منها، وأهلا بك في المنصب في ٢٠٣٠.
المصدر: صحيفة عاجل
كلمات دلالية: الثقافة العربية الحفاظ على العمل
إقرأ أيضاً:
خطة عسكرية إسرائيلية بغزة التي لم يبق في جسدها مكان لجرح
كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، في تقرير موسع للمحلل العسكري رون بن يشاي، أن الجيش الإسرائيلي بدأ في تنفيذ خطة عسكرية سياسية متكاملة أطلق عليها اسم "عربات جدعون"، تهدف إلى تحقيق حسم عسكري وسياسي في غزة، عبر عملية منظمة من 3 مراحل، مع استخدام 5 روافع ضغط مركبة ضد حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، في محاولة لإرغامها على القبول باتفاق لتبادل الأسرى، وتفكيك بنيتها العسكرية.
وبحسب التقرير، صُممت الخطة الجديدة بحيث توفر لحماس "محطات خروج" في نهاية كل مرحلة، تتيح لها التراجع والقبول بالشروط الإسرائيلية وإطلاق سراح الأسرى، لكي تتجنب التعرض لمراحل أكثر فتكًا وخطورة من الحملة.
ويشير الكاتب إلى أن الخطة مكونة من 3 مراحل، كالتالي:
المرحلة الأولى:يقول المحلل العسكري إن هذه المرحلة من الخطة التي أعلنت عنها الحكومة الإسرائيلية، والتي ستنتهي باحتلال قطاع غزة، قد بدأت فعليا، قد بدأت بالفعل. وتتضمن هذه المرحلة الإعداد اللوجستي والنفسي، وتستمر على الأقل حتى 16 مايو/أيار، موعد انتهاء زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للمنطقة، وربما حتى بعد ذلك.
وبحسب تقرير الصحيفة الإسرائيلية، تشمل هذه المرحلة:
الاستعداد لتهجير سكان غزة ودفعهم إلى جنوب قطاع غزة في المنطقة الواقعة بين محوري موراغ وفيلادلفيا، وهي المنطقة التي يزعم التقرير أنها أصبحت الآن خالية تقريبا من السكان ومعظم المباني فيها قد سوّيت بالأرض، بما يتيح نقل المدنيين إليها لاحقًا من دون أن تكون حماس قادرة على التحصن فيها.
وستمهد الحملة العسكرية خلال المرحلة الثانية لاستيعاب قرابة مليوني فلسطيني، يتوقع أن يتم دفعهم إلى تلك المناطق، وإقامة "مراكز لوجستية" بالتعاون مع شركة أميركية، لتوزيع الغذاء والمياه والأدوية على النازحين، وتدمير الأنفاق التي كانت تصل رفح بخان يونس ومناطق الوسط، لعزل المناطق عن بعضها.
ووفق التقرير، تُعد هذه المرحلة من الخطة الأخطر من الناحية الإنسانية، إذ تشمل قصفًا تمهيديا مكثفًا من الجو والبر في أنحاء القطاع، وتهجير السكان نحو المناطق "الآمنة" في رفح من خلال التهديد المباشر أو التوجيه عبر المناشير والرسائل، وتشغيل "نقاط تصفية أمنية" بإشراف الشاباك والجيش، مهمتها منع تسلل المقاومين إلى المناطق الآمنة.
ويقول التقرير إن هذه المرحلة تهدف إلى عزل المقاتلين عن الحاضنة المدنية، ومنع حماس من الاستفادة من الأوضاع الإنسانية أو استخدام المدنيين كدروع بشرية.
كما تسعى الخطة إلى خلق واقع جديد يدفع بالسكان نحو ما تزعم إسرائيل أنها هجرة طوعية، سواء إلى سيناء أو عبر البحر، في ظل مفاوضات سرية تجريها إسرائيل مع دول أجنبية لاستيعاب لاجئين فلسطينيين، وفق ما ورد في التقرير.
المرحلة الثالثة:وهي مرحلة الاجتياح التدريجي والتفكيك العسكري وتبدأ بعد الانتهاء من تهجير المدنيين خارج مناطق القتال، وتشمل:
الاجتياح التدريجي لمناطق غزة، بدءًا من المناطق التي أخليت في الشمال والتدمير الشامل للبنية التحتية العسكرية لحماس، بما في ذلك المباني التي يُشتبه باستخدامها كمقار، والمدارس التي تحوي أنفاقًا أو مخازن أسلحة، والتمركز العسكري الطويل الأمد في تلك المناطق لمنع عودة حماس إلى التنظيم والسيطرة. ويُشير كاتب التقرير إلى أن الجيش الإسرائيلي سيعتمد على نموذج العمليات التي نُفذت في رَفح وخان يونس مؤخرًا، ويهدف إلى تفتيت كتائب حماس وعزلها عن بعضها، وتفكيك شبكات الاتصال فوق الأرض وتحتها.
ويرى الكاتب أن إسرائيل تعتمد لإنجاح خطتها على مجموعة من الأدوات التي تراهن عليها لتحجيم قدرة حماس على مقاومة الهجوم، وفي الوقت ذاته توفير ضغوط كافية لدفعها إلى التفاوض حول إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين لديها.
إعلانوقسم التقرير هذه الأدوات إلى 5 روافع، كل واحدة منها تسهم في تحقيق هدف عسكري أو سياسي بعينه:
1- الاحتلال والسيطرة على الأراضي
ويمثل ذلك محورًا رئيسيا في خطة "عربات جدعون". وتهدف إسرائيل عبره إلى تنفيذ عملية اقتحام منظمة لقطاع غزة بحيث يتم فصل كتائب حماس عن بعضها بعضا وتدمير البنية التحتية القتالية بشكل منهجي. وهذا يتضمن توسيع المناطق العازلة حول القطاع، مما يؤدي إلى تقطيع أوصال غزة، حيث يتم عزل المناطق التي تسيطر عليها حماس عن باقي القطاع، بما يزيد من صعوبة تواصل الحركة والتنقل عبر القطاع. في هذه المرحلة، يسعى الجيش الإسرائيلي إلى تعزيز أمن البلدات المحيطة بقطاع غزة من خلال إنشاء حاجز فعال بين هذه البلدات وما يحدث داخل غزة.
هذا النوع من السيطرة الميدانية يهدف إلى شلّ قدرة حماس على تنفيذ عمليات عسكرية معقدة من خلال قطع خطوط الإمداد والمناطق الحيوية التي تسيطر عليها. كما يسعى إلى عزل قيادات حماس ومنعهم من التجمع أو التنسيق بسهولة. بالإضافة إلى ذلك، يهدف هذا الاحتلال التدريجي إلى فرض واقع عسكري يجبر حماس على القبول بالتسوية التي تضمن إطلاق سراح الرهائن.
2- فصل السكان عن حماس
والمقصود فيها نقل السكان إلى مناطق لا توجد فيها صلة مباشرة بينهم وبين البنية التحتية العسكرية لحماس. ويعوّل جيش الاحتلال على أن نقل السكان إلى مناطق بعيدة عن مواقع حماس الرئيسية سيقلص بشكل كبير من قدرة الحركة على تجنيد شباب القطاع في صفوفها، كما أن هذه العمليات تجعل حماس أكثر عزلة في مواجهة الهجوم الإسرائيلي.
3- منع حماس من الاستيلاء على المساعدات الإنسانية!
ويتوافق ذلك مع مزاعم الاحتلال بأن حماس تستولي على المساعدات التي تعتبر شريان الحياة لكثير من الفلسطينيين في قطاع غزة، ولكنها تشكل في الوقت ذاته مصادر تمويل لحماس.
وفي تبرير لعملية تجويع الفلسطينيين وتقليص وصول المساعدات إليهم، يرى التقرير أن قطع هذه الإمدادات أو ضمان وصولها بشكل آمن إلى المدنيين بدلًا من حماس يُضعف قدرة الحركة على تمويل عملياتها العسكرية، وفي الوقت ذاته يمنع الجيش الإسرائيلي حماس من استخدام هذه المساعدات لشراء الأسلحة أو تمويل عملياتها الإرهابية.
إعلان4- الانفصال بين حماس والسكان المدنيين
في هذه الرافعة، يسعى الجيش الإسرائيلي إلى جعل غزة عبارة عن مناطق متفرقة، بحيث يصبح من الصعب على حماس التنقل بحرية في المناطق المدنية. ويرى الاحتلال أنه من خلال عمليات الاقتحام والانقسامات الجغرافية، يتم تشتيت عناصر حماس إلى مناطق يصعب عليهم فيها التنسيق فيما بينهم، وفي بعض الحالات يصبح من المستحيل عليهم الوصول إلى الدعم اللوجستي العسكري.
كذلك تعول هذه الخطة على إضعاف شبكة دعم حماس الشعبية، وهو ما يقلل من تأثير حماس على المدنيين، ويزيد من عزلة الحركة في الوقت الذي يضغط فيه الجيش الإسرائيلي عليها.
5- المعلومات الاستخباراتية والضغط النفسي
وبهذه الرافعة، تسعى إسرائيل إلى التأثير على قيادة حماس من خلال فهم ما سيحدث لهم وللسكان خلال مراحل العملية. وحسب المحلل العسكري، فإن هذا يشتمل على تقديم رسائل تحذيرية مفادها أن حماس ستواجه نتائج وخيمة إذا لم تقم بالتفاوض على إطلاق سراح الرهائن، إذ ستعمل إسرائيل على جعلها تدرك التهديدات التي ستواجهها في المراحل القادمة من العملية العسكرية.
ويقول بن يشاي في هذا السياق إن إسرائيل أصدرت عبر المتحدث باسم الجيش، إيفي دوفرين، بيانًا واضحًا لم يستهدف فقط الشعب الإسرائيلي القلق من مصير المختطفين، بل كان موجهًا أيضًا إلى قادة حماس داخل قطاع غزة. وتهدف هذه الرسائل إلى إقناع هؤلاء القادة بجدوى التفاوض وإجبارهم على مراجعة خياراتهم، خاصة عندما يبدأ المجتمع الدولي في ممارسة المزيد من الضغط عليهم.
تحديات سياسية ورفض المعارضة الإسرائيليةعلى الرغم من أن الحكومة الإسرائيلية والجيش مصممان على تنفيذ خطة "عربات جدعون"، فإن هناك معارضة واسعة داخل المجتمع الإسرائيلي وخارجه، حيث تعارض عائلات المختطفين وعائلات الجنود الاحتياطيين هذه الحملة، مشيرين إلى المخاطر الكبيرة التي قد تنجم عنها.
بالإضافة إلى ذلك، فقد عبّر الأمين العام للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية عن قلقهم من التأثيرات الإنسانية الكارثية لهذه العملية على المدنيين في غزة. وبينما يتجاهل التقرير أن الاحتلال فشل في الحملات السابقة في تحقيق أهدافه من خلال القوة العسكرية، إلا أنه يشير إلى أن الحكومة الإسرائيلية ترى أن المزايا الكبيرة لخطة "عربات جدعون" تملك مقومات جديدة للنجاح!
إعلانويختم الكاتب تقريره بالقول إن "الميزة الكبرى في أن العملية تدريجية وتُتيح لحماس فرصة للتراجع من خلال "سلم" في كل مرحلة، مما يمنحها خيار النزول من الشجرة تدريجيا. وفضلا عن ذلك، تسعى إسرائيل إلى أن تبقى العملية الاقتصادية ضمن نطاق معقول بحيث لا تؤثر على استنفاد الموارد البشرية والتقنية للجيش.