لجريدة عمان:
2025-12-12@19:06:57 GMT

كتاب واحد!

تاريخ النشر: 28th, February 2024 GMT

نقلل دائما من حجم التأثير الذي تحدثه الأشياء الصغيرة في الحياة، نقلل من القطرات التي تشكِّل النهر، وحبيبات الرمل التي تشكل الصحراء، ومن المائة بيسة التي نمنحها للمحتاج، ومن الكتاب الواحد الذي نضعه في الركن المخصص للطلاب الجامعيين!. فتأبى أنفسنا أن تمنح وتبذل القليل لأسباب عدة، فنخشى أن نمنح القليل حين يتوقع منا المجتمع أو الأصدقاء أو المقربون الكثير، ونخشى أن نمنح شيئا واحدا ونحتقره مقابل منحنا لكمية من الأشياء، وفي خضم هذه الحياة المتسارعة ركضا ولهاثا؛ لا يلتفت أحدنا إلى ما للشيء الواحد من أثر، وما يترتب على ذلك الشيء من نمو واطراد يجعله عظيما في الغد.

قبل عشر سنوات، بدأت مبادرةٌ رائعة في معرض مسقط الدولي للكتاب، وبشيء من الريبة والتوجس، والنظر عن قرب ومن بعيد للمبادرة، كانت توجَّه إليها الكتب المُتَبرع بها مع الإشادات والتصحيحات الممكن عملها لجعل المبادرة أفضل وأفضل. تتلخص فكرة هذه المبادرة في أنها مبادرة لدعم الطالب الجامعي، فهي في الأساس تستهدف فئة الطلاب الذين تتراوح أعمارهم من الثامنة عشرة إلى ما دون الخامسة والعشرين، شريطة أن يحملوا البطاقة الجامعية. وتهدف من هذا كله لمنح الطلاب الكتب المجانية كي يقرؤوا ما يفيدهم دون أن يدفعوا شيئا مقابل الكتاب.

حسنا، ما علاقة الكتاب الواحد؟ تطورت المبادرة فشملت الكتب المستعملة جنبا إلى جنب مع الكتب الجديدة، فأصبح الطالب المستفيد من المبادرة بالأمس، أصبح متبرعا اليوم. وأصبح القارئ الذي يؤمن برسالية القراءة ورسالته في الحياة، يقدم جزءا من مكتبته ليدعم الطلاب الجامعيين فيحصلون على كتاب عظيم الفائدة مقابل لا شيء. ولأنني كنت يوما أحد هؤلاء الطلاب؛ أتذكر جيدا تلك البهجة وأنا أحصل على كتاب مجاني لطالما رغبت بقراءته ولكن الحاجز المالي كان يمنعني من اقتنائه. لأجل هذا استمرت هذه المبادرة حتى اليوم، بل ونجد من المتبرعين بالكتب من الطلاب المقتدرين الذين قرؤوا كتبا محببة إليهم، ما يجعل المرء يبتهج وهو يشاهد ثقافة العطاء والبذل والإيمان بالأثر الذي يمكن أن يحدثه كتاب ما في حياة أحد ما.

إن فلسفة الشيء الواحد تؤثر في الكل تأثيرا بالغا، ولو تأملنا الكون بما فيه، والتاريخ بأحداثه، واليوم بحاضره؛ لوجدنا بأن للواحد جذرا يجعلهُ أُسَّ الأشياء جميعها وأصلها كلها. وفي الفلسفات العالية كما في الأمثال العامية، يتفق الناس على ما للواحد من تأثير؛ فهذا أبو العتاهية، شاعر التصوف والزهد والحكمة يقول:

إِنَّ القَليلَ بِالقَليلِ يَكثُرُ

إِنَّ الصَفاءَ بِالقَذى لَيَكدُرُ

وكما يقول الآخر:

كلُّ الحوادثِ مبداها من النظرِ

ومُعظَمُ النارِ مِنْ مُستَصْغرِ الشَررِ

وقبلهما قال النبي عليه السلام « اتقوا النار ولو بشق تمرة». أما في الأمثال الدارجة فنقول بأن التفاحة الواحدة الفاسدة في صندوق التفاح، يمكن أن تجعل الصندوق كله فاسدا. إن الحكيم مَن تفكر في مآلات صغائر الأشياء والأمور وتدبرها، فالصغير اليوم يكون عظيما في الغد الآتي. يدرك المسلم المتدين أثر الواحد في الحياة، فالقرآن والسنة النبوية الشريفة مليئة بهما، كما في سورة الأنعام «مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ»، والتاجر الحصيف يدرك بأن الثروة إن هي إلا قطرات صغيرة من المال تتراكم فتصير ذهبا وعقارا، والمثقف الجاد يعلم بأن ثقافته التراكمية مصدرها الكتاب تلو الكتاب والمعرفة تلو المعرفة، لا الصدفة ولا الفطنة وحدها. وهذه دعوة صادقة لكل من يريد أن يترك أثرا خيِّرا في نفوس الطلبة الذين لا يستطيعون شراء للكتب بأن يتبرع بكتابه المستعمل أو الجديد خدمة لهم ، فالطالب المثقف اليوم، قائد يحمل راية الوطن غدا للازدهار والرفعة ؛ فلنمنح كتبنا حياةً أخرى!

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

مراقب تعليم الرجبان: نعتذر للطلاب والمعلمين بسبب غياب الكتب… و”الوضع أصبح مملًّا”

مراقب تعليم الرجبان يشتكي تأخر توزيع الكتب المدرسية وتفاقم معاناة الطلاب والمعلمين

ليبيا – تحدث سعيد أمليص، مراقب تعليم الرجبان، عن تأخر توزيع الكتب المدرسية وما يسببه ذلك من معاناة للطلاب والمعلمين في مدارس المدينة، مؤكداً أن سوء الإدارة أدى إلى تكرار الأزمة رغم انطلاق العام الدراسي.

أزمة تأخر وصول الكتب المدرسية
أمليص أوضح في تصريح لقناة “ليبيا الأحرار”، أن المراقبة أصبحت تقدم الاعتذار لأولياء الأمور وللمعلمات بسبب هذه المأساة المتكررة، مشيراً إلى استمرار “التكاسل والتباطؤ” في توفير الكتب رغم بدء الدراسة، وأن موظفي المخازن حافظوا على كميات محدودة من الكتب السابقة ليتم توزيعها بشكل جزئي على المدارس.

انعكاسات الأزمة على العملية التعليمية
وأشار إلى أن المراقب يفترض به متابعة أداء المعلمين، لكن الأزمة جعلته يتهرب من سؤال المعلمين والمعلمات عن الكتب، متسائلاً: “كيف سيدرس الطالب من ورقة مصورة؟ وكيف ستدرس الأم والمعلمة؟”. ونقل عن أحد طلاب الصف الخامس قوله: “لا يوجد لدي كتاب الحاسوب ولا التربية الإسلامية”.

غياب الأسباب الواضحة والحلول المؤكدة
وبيّن أمليص أنه لا يمتلك إجابة واضحة حول سبب عدم وصول الكتب، قائلاً إن الرد المتكرر في الاجتماعات كان: “سيأتي الكتاب”، محذراً من أن الأزمة ليست بسيطة وتتطلب جهداً من الوزارة لإيجاد حل عاجل.

دعوة لإنهاء الأزمة بشكل جذري
وختم أمليص بالقول إن الوضع أصبح “مملًّا”، وأن المراقبة التعليمية باتت تعتذر بدلاً من مطالبة المعلمين بالواجبات، داعياً الدولة للتدخل السريع لضمان سلامة العملية التعليمية وحماية مصلحة الطلاب والمعلمات.

مقالات مشابهة

  • الداخلية تواصل فعاليات مبادرة «كلنا واحد» لتوفير مستلزمات الأسرة بأسعار مخفضة
  • مراقب تعليم الرجبان: نعتذر من أولياء الأمور بسبب تأخر توزيع الكتب المدرسية
  • الدقهلية: ضبط أكثر من طنين شاورما ولحوم فاسدة بالمطاعم
  • ضبط 2 طن شاورما ولحوم فاسدة بالمطاعم ومحال الجزارة في الدقهلية
  • مراقب تعليم الرجبان: نعتذر للطلاب والمعلمين بسبب غياب الكتب… و”الوضع أصبح مملًّا”
  • بشرى لأهالي المرج.. انطلاق مبادرة سوق اليوم الواحد السبت المقبل
  • «أبوظبي للغة العربية» يُصدر كتاب «قصص من مجتمعنا»
  • ملابس الشتاء بأسعار مخفضة.. مواصلة فعاليات مبادرة «كلنا واحد»
  • الداخلية تواصل فعاليات المرحلة الـ 27 من كلنا واحد لتوفير مستلزمات الأسرة بأسعار مُخفضة
  • اﻟﻤﺸﺎﺋﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﻈﻠﻢ .. الأشياء المُعينة على صلاة الفجر بالمسجد