رجح معهد واشنطن أن يتم سحب معظم القوات الأمريكية من العراق دون الإضرار بالمصالح الأمريكية، متوقعا أن يكون لواشنطن نفوذ أكبر في بغداد دون وجود القوات في البلاد.

وأكد المعهد في تقرير له أن القوات الأمريكية لا بد ان تنسحب بشكل منظم بخلاف ما حدث في أفغانستان قبل نحو عامين، لتعيد تمركزها في المنطقة المجاورة، إقليم كردستان.



وقال المعهد، إن الضربات الأمريكية ضد المجموعات المسلحة العراقية مؤخرا، شكّلت خروجاً كبيراً عن مبدأ ضبط النفس الذي تمارسه إدارة الرئيس جو بايدن منذ فترة طويلة تجاه القوات الموالية لإيران في العراق.

وبقدر ما كانت الضربات ضد وكلاء إيران في العراق مناسبة وطال انتظارها، وفقا للمعهد، فإنها تولد ردة فعل سياسية كبيرة في بغداد، مع عواقب غير معروفة على الوجود العسكري الأمريكي في العراق.


وتعرضت القوات الأمريكية وأعضاء السلك الدبلوماسي الأمريكي في العراق وسوريا لما يقرب من 180 هجوماً من قبل المجموعات والأحزاب المدعومة من إيران والتي تنضوي تحت راية "الحشد الشعبي"، منذ الحرب على غزة في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.

وفي الثاني من شباط/ فبراير، ضربت القوات الأمريكية 85 هدفاً في العراق وسوريا، شملت قاعدتين للميليشيات في محافظة الأنبار العراقية، وفي 5 شباط/ فبراير اغتالت قائداً كبيراً في "كتائب حزب الله" - الجماعة المسؤولة عن الهجوم على القاعغدة الأمريكية في الأردن.

وأثارت الضربات الأمريكية رد فعل قوي في العراق من الأصدقاء والأعداء على حد سواء. فكما كان متوقعاً، أدان قادة الميليشيات والحلفاء العراقيين لإيران الضربات بشدة. لكن إدانات الحكومة العراقية للولايات المتحدة - وبيانات الدعم لميليشيات "الحشد الشعبي" - كانت شديدة اللهجة أيضاً. 

و أصدرت الحكومة العراقية بياناً على موقع "إكس" اتهمت فيه القوات الأمريكية والتحالف الدولي ضد تنظيم "الدولة" بـ"تعريض الأمن والاستقرار في العراق للخطر". 

وذهب الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية اللواء يحيى رسول إلى أبعد من ذلك، مشيراً إلى أن الإجراءات الأمريكية التي "تهدد السلام المدني" سترغم الحكومة العراقية على "إنهاء مهمة هذا التحالف" الذي "يهدد بجر العراق إلى دائرة الصراع". 

وقد رددت هذه المشاعر الكتلة السياسية التي يدور السوداني في فلكها المدعومة من إيران، والمعروفة باسم "الإطار التنسيقي"، والتي طلبت من الحكومة إنهاء وجود التحالف الدولي.

وقال المعهد، إن المطالبات بإنهاء الوجود العسكري الأمريكي في العراق ليست جديدة. فمنذ أن تبنت إدارة الرئيس السابق، دونالد ترامب حملة الضغط القصوى ضد إيران في عام 2018 والهزيمة الإقليمية اللاحقة لتنظيم "الدولة" في العراق في عام 2019، كانت ميليشيات "الحشد الشعبي" تستهدف الأفراد الأمريكيين في العراق على أمل إرغامهم على الانسحاب.

وفي غضون ذلك، تتعرض سلامة الجنود الأمريكيين، وكذلك الدبلوماسيين الأمريكيين للخطر، ليس بسبب الميليشيات فحسب، بل أيضاً بسبب تقاعس الحكومة العراقية التي لم تبدِ الإرادة ولا القدرة على حماية الأفراد الأمريكيين. وفقا للمعهد.

وفي الشهر الماضي أعلن رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني أن حكومته ستبدأ قريباً مفاوضات مع واشنطن لإنهاء وجود التحالف في العراق. ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان السوداني نفسه يفضل انسحاب التحالف أم أن تصريحه يهدف فقط، إلى "استرضاء الأطراف الغاضبة داخل الائتلاف الشيعي الحاكم". 


وبينما انتقد السوداني الضربات الانتقامية الأمريكية الأخيرة في العراق، إلّا أنه لا يحمل على ما يبدو نفس الازدراء لقوات "الحشد الشعبي"، وهم موظفين في الدولة الذين استهدفوا العناصر العسكرية والمدنية الأمريكية لسنوات عديدة.

وأكد المعهد أن الولايات المتحدة أراقت قدراً كبيراً من الدماء وخصصت الكثير من الموارد للعراق، ويظل وضع الدولة العراقية محل اهتمام كبير لواشنطن. 

وفي شباط/فبراير الماضي، حدد مجلس النواب العراقي موعداً لعقد جلسة للتصويت على استمرار الوجود الأمريكي، لكنه لم يحقق النصاب القانوني للاجتماع. 

وقد تقرر بغداد في النهاية أن الوقت قد حان لرحيل الولايات المتحدة والتحالف. وبإمكان العراق اتخاذ هذا القرار، وإدارة التهديد المستمر الذي يمثله "تنظيم الدولة" بمفرده. وحتى لو لم تقم حكومة السوداني بطرد قوات التحالف، فمن الواضح أن الوجود العسكري الأمريكي الكبير أصبح غير مقبول. وفقا للمعهد.

بعد مرور عشرين عاماً على غزو العراق، أكد المعهد أنه حان الوقت لإدارة بايدن لكي تبدأ بالتفكير في أفضل السبل لتقليص البصمة العسكرية الأمريكية في العراق. 

 وبينما تعمل القوات الأمريكية في "كردستان العراق" كحلقة أساسية في الدعم اللوجستي للقوات المناهضة لـ"تنظيم الدولة" في سوريا، فقد لا يُعد هذا الوجود ضرورياً أيضاً إذا سحبت واشنطن وحدتها العسكرية الصغيرة من سوريا.

 وحتى لو بقيت القوات الأمريكية في سوريا، فقد تتمكن واشنطن من الإبقاء على وجود صغير لها في المنطقة الكردية "كردستان" في العراق لدعم مهمة مكافحة الإرهاب هذه.

وخارج إطار الوحدة العسكرية في كردستان، تتراجع أكثر فأكثر فوائد استمرار الانتشار العسكري الأمريكي في العراق. ويقيناً، أن الانسحاب المتسرع والفوضوي من العراق على غرار ما حدث في أفغانستان من شأنه أن يضر بمصداقية الولايات المتحدة. 

ووفقا للمعهد، يمكن أن تؤدي مغادرة العراق أيضاً إلى تعزيز التصور الإقليمي الضار الذي مفاده أن الولايات المتحدة تنسحب عسكرياً في ظل التحول نحو آسيا. 

والأسوأ من ذلك أن السفارة الأمريكية الضخمة في بغداد ستكون أكثر عرضة للهجوم في غياب القوات الأمريكية في الجوار، وهو مصدر قلق حقيقي للغاية بالنظر إلى ميل الحكومة العراقية إلى تجاهل التزامها بموجب "اتفاقية جنيف" بالدفاع عن المنشآت الدبلوماسية.

 ورأى المعهد أن الإنهاء التدريجي لوجود القوات الأمريكية القائم منذ فترة طويلة أو تقليصه لا يعني انتهاء الانخراط العسكري الأمريكي في العراق، أو انسحاب الولايات المتحدة من المنطقة، أو الإذعان للهيمنة الإيرانية في المنطقة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية القوات الأمريكية العراق كردستان الانسحاب العراق انسحاب كردستان القوات الأمريكية المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العسکری الأمریکی فی العراق القوات الأمریکیة فی الحکومة العراقیة الولایات المتحدة الحشد الشعبی

إقرأ أيضاً:

توتر داخل غرفة التنسيق الخاصة بغزة.. هل تتجسّس إسرائيل على القوات الأمريكية؟

قال الجيش الإسرائيلي: "الادعاء بأن الجيش يجمع معلومات استخباراتية عن شركائه في اجتماعات يشارك فيها بفاعلية هو ادعاء سخيف".

كشفت صحيفة "الغارديان" البريطانية، نقلاً عن مصادر مطلعة، أن عناصر إسرائيلية تجري مراقبة واسعة النطاق تستهدف القوات الأمريكية داخل مركز التنسيق المدني - العسكري، وهو القاعدة الجديدة التي أُنشئت في جنوب إسرائيل لمتابعة وقف إطلاق النار في غزة.

وبحسب المصادر، دفع حجم عمليات الرصد والتجسس قائد القاعدة الأمريكية، الفريق أول باتريك فرانك، إلى استدعاء نظيره الإسرائيلي وإبلاغه صراحة بأن "التسجيلات يجب أن تتوقف هنا".

ويأتي هذا التحذير بعد خلافات بسبب تسجيلات سرية لاجتماعات تُعقد داخل المركز، ما أثار مخاوف لدى عدد من الموظفين وزوار من دول أخرى، حُذّر بعضهم من مشاركة معلومات حساسة خشية جمعها أو استغلالها.

وبحسب الصحيفة، رفض الجيش الأمريكي التعليق على هذه الأنشطة، كما رفض الجيش الإسرائيلي التعليق على مطالبة فرانك بوقف التسجيل، مشددًا على أن الاجتماعات داخل المركز "غير سرية"، وأن توثيقها "إجراء مهني متّبع".

وقال الجيش الإسرائيلي للصحيفة البريطانية: "الجيش يوثق ويُلخّص الاجتماعات التي يشارك فيها عبر بروتوكولات رسمية، كما تفعل أي جهة مهنية مماثلة بطريقة شفافة ومتفق عليها".

وأضاف الجيش الإسرائيلي: "الادعاء بأن الجيش الإسرائيلي يجمع معلومات استخباراتية عن شركائه في اجتماعات يشارك فيها بفاعلية هو ادعاء سخيف".

لكن مصادر عدة أكدت أن بعض التسجيلات جرت دون علم المشاركين، وفقًا لـ "الغارديان".

Related صدى التفجيرات في غزة يهزّ وسط إسرائيل.. وألمانيا تجدّد رفضها للاستيطان بالضفة الغربيةتحذيرات من داخلية غزة لـ"المتورطين".. وتقرير إسرائيلي يرصد ارتفاع معدل انتحار الجنودخلافات تعصف بالجيش الإسرائيلي.. ومؤشرات إنسانية خطيرة تتفاقم في قطاع غزة "مركز كريات غات"

تم إنشاء المركز في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بهدف مراقبة اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في عزة، وتنسيق إدخال المساعدات ورسم خطط مستقبلية للقطاع استنادًا إلى خطة دونالد ترامب ذات النقاط العشرين.

ويقع المركز في مبنى صناعي متعدد الطوابق في كريات غات، جنوبي إسرائيل وعلى بعد نحو 20 كيلومترًا من حدود غزة، وكان يستخدم سابقًا من "مؤسسة غزة الإنسانية" التي تحوّلت مواقع توزيع الغذاء التابعة لها إلى كمائن مميتة لمئات الفلسطينيين.

ويتكون المبنى من عدة طوابق، حيث يشغل الإسرائيليون طابقًا والأميركيون آخر، مع مكاتب للدول الحليفة، بينها المملكة المتحدة والإمارات.

ورغم أن خطة ترامب تعترف بتطلعات الفلسطينيين لدولة وتتعهد بمنحهم مقاعد في إدارة مؤقتة، فإن الفلسطينيين مستبعدون تمامًا من المركز.

ولا يوجد أي ممثل للمنظمات المدنية أو الإنسانية الفلسطينية، ولا للسلطة الفلسطينية. وحتى محاولات إدخال الفلسطينيين عبر مكالمات فيديو قوبلت بقطع متكرر من مسؤولين إسرائيليين، وفق المصادر.

سيطرة إسرائيلية

في بداية عمل المركز، أكدت وسائل إعلام أمريكية وإسرائيلية عن تنازل تل أبيب عن سلطة تحديد ما يدخل إلى غزة من مساعدات، لفائدة واشنطن. لكن مسؤولًا أميركيًا كشف لاحقًا أن إسرائيل هي التي لا تزال تتحكم فعليًا في ذلك.

وتحدثت تقارير حقوقية عن تقييد إسرائيل الشديد لدخول الغذاء والدواء والمواد الإنسانية إلى غزة.

وبحسب الصحيفة، وصل إلى المركز خبراء لوجستيون أميركيون متخصصون في إدارة الكوارث وإيجاد مسارات إمداد في بيئات معادية، بهدف زيادة تدفق المساعدات، لكنهم اكتشفوا أن القيود الإسرائيلية على دخول السلع أكبر من التحديات التقنية، ليغادر العشرات منهم بعد أسابيع فقط.

ويقول دبلوماسيون إن النقاشات داخل المركز ساعدت في إقناع إسرائيل بتعديل بعض قوائم “المنع” الخاصة بالمواد ذات الاستخدام المزدوج، مثل أعمدة الخيام والمواد الكيميائية لتنقية المياه. لكن مواد بسيطة جدًا، مثل الأقلام والورق اللازمة لإعادة تشغيل المدارس، لا تزال ممنوعة من دون أي تفسير.

مستقبل غزة

نقلت الصحيفة عن دبلوماسيين وعمال الإغاثة تأكيد شعور بقلق بالغ من الوجود في المركز، مشيرين إلى أنهم يخشون أن ينتهك المركز القانون الدولي، ويستبعد الفلسطينيين من التخطيط لمستقبلهم، ويعمل دون تفويض دولي واضح، ويمزج بين العمل العسكري والإنساني.

لكنهم يخشون أيضا من أن يؤدي الابتعاد إلى ترك المناقشات بشأن مستقبل غزة بالكامل في أيدي إسرائيل والمخططين العسكريين الأميركيين الجدد الذين لديهم معرفة قليلة بغزة أو بالسياق السياسي الأوسع الذي يحاولون التأثير فيه.

وعند سؤاله عن الجدول الزمني لتنفيذ الخطط التي وُضعت في المركز رفض المسؤول الأميركي تقديم أي موعد، قائلا إن الجيش الأميركي يعمل أساسا على الجانب السياسي.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة

مقالات مشابهة

  • ترامب يتحرش بـ مادورو.. القوات الأمريكية تعترض ناقلة نفط قبالة السواحل الفنزويلية
  • بلومبرغ: القوات الأمريكية اعترضت ناقلة نفط قبالة سواحل فنزويلا واستولت عليها
  • موّلوا إيران بمليارات الدولارات.. دعوة أميركية لإبعاد المرتبطين بالميليشيات عن الحكومة العراقية؟
  • وزير الخارجية الأمريكي: نشيد بخطوات الحكومة السورية في عملية الانتقال السياسي
  • مطورو تطبيق ICEBlock يقاضون الحكومة الأمريكية
  • مسؤول أمريكي يكذب تقرير الجارديان عن تنصت إسرائيل على القوات الأمريكية
  • توتر داخل غرفة التنسيق الخاصة بغزة.. هل تتجسّس إسرائيل على القوات الأمريكية؟
  • إسرائيل تتجسس على القوات الأمريكية في كريات جات
  • كيف ينجح مارك سافايا في مهمته العراقية الصعبة؟
  • المفوضية العراقية: حسمنا الطعون على نتائج الانتخابات