جريدة الرؤية العمانية:
2025-07-12@18:03:32 GMT

فلسطين.. حل الدولتين أم دولة واحدة؟!

تاريخ النشر: 3rd, March 2024 GMT

فلسطين.. حل الدولتين أم دولة واحدة؟!

 

علي الرئيسي

 

"لقد أصبح الأمر أكثر وضوحًا".. هكذا تحدث أنتوني بلينكن وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية، خلال زيارته الأخيرة إلى العاصمة القطرية الدوحة، مُشيرًا إلى مسار عملي، ومُحدَّد زمنيًا، ولا رجعة فيه لإقامة دولة فلسطينية تعيش في سلام جنبًا إلى جنب مع دولة إسرائيل.

بالتأكيد بلينكن يدعو إلى دولة فلسطينية منزوعة السلاح والسيادة، وهذا الأمر يتوافق مع ما يدعو إليه النظام العربي الرسمي منذ فترة بما يسمى "حل الدولتين"، كما دعت السعودية وقطر إلى تسوية شاملة.

وفي المملكة المتحدة أعلن ديفيد كاميرون وزير الخارجية دعمه التام لقيام دولة فلسطينية، كما أصر جوزيب بوريل الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، على أن إقامة الدولة الفلسطينية تمثل الطريقة الوحيدة لإحلال السلام في الشرق الأوسط. ويمكن النظر إلى هذه التصريحات على أنها محاولة محمومة للاحتواء الإمبريالي، وإذا لم يكن من الممكن تجاهل الفلسطينيين بالكامل، كما هو الحال في إطار "الاتفاقيات الإبراهيمية"، فمن الأفضل الدفع باتجاه إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح، ومُجزَّأة، حتى يتسنى المضي قدمًا في التطبيع مع إسرائيل.

الرئيس الأمريكي جو بايدن، شخصيًا وسياسيًا مُلتزم بأجندة السياسي ورجل الأعمال الأمريكي (وصهر دونالد ترامب) جاريد كوشنر، للشرق الأوسط، بعد أن أخرجها "طوفان الأقصى" من المسار في السابع من أكتوبر الماضي.

وكما ذكرت مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية أن حل الدولتين سيسحبُ البساط من تحت أقدام إيران والقوى المتحالفة معها، من حزب الله والقوى الشيعية في العراق وأنصار الله في اليمن، وسيكون المجال مفتوحًا لتحالف عربي سني- إسرائيلي ضد إيران، بحسب المجلة. وترى أن الدعوة إلى قيام دولة فلسطينية سيُخفِّف من الغضب الشعبي الذي يكتسح الجماهير العربية ضد الأنظمة العربية التي لم تستطع أن تقدم أي مساندة فاعلة للشعب الفلسطيني، وتركت أهل غزة يعانون أبشع المذابح، هذا إضافة إلى ممارسات التجويع والقهر.

لكن كيف يمكن للقوى الوطنية والتقدمية الفلسطينية والعربية التعاطي مع عودة موضوع حل الدولتين؟

رد الفعل الأكثر شيوعًا، هو رفضه باعتباره خيالًا إمبرياليًا خطيرًا، وعلى أنه إضفاء للشرعية على نظام الفصل العنصري، ومن ثم الدعوة إلى نظام الدولة الواحدة كخيار استراتيجي. طبعًا خيار الدولة الديمقراطية الواحدة تم طرحه بعد نكسة يونيو 1967، من قبل اليسار الفلسطيني، ومن ثم جرى تبنيه كاستراتيجية سياسية على يد ياسر عرفات وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية. وبعد اتفاقات أوسلو تبنى هذا الخيار تيارٌ من المثقفين الفلسطينيين من بينهم: إدورد سعيد، وغاده الكرمي، ولُمى أبو عودة وآخرون.

فقد كتبت غادة الكرمي في عام 2002: "رغم أن النضال من أجل دولة ديمقراطية يبدو يوتوبيًّا (مثاليًا للغاية)، ولكن ليس أكثر يوتوبيًّا من مشروع إنشاء دولة يهودية على أرض الغير".

إن الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية وكامل فلسطين التاريخية هو من له الحق في اختيار الحل الأمثل لصراعه مع الصهيونية؛ لذلك لا يحق للآخرين تحديد نوع الحل المقبول للفلسطينيين. وحل الدولتين يحدُ من حق العودة للفلسطينيين، وسيحصر الفلسطينيين في كانتونات مُتفرقة تُمزِّقها المستوطنات اليهودية. أما سردية الدولة الواحدة فستفرض عليهم التخلي عن النضال من أجل إنهاء الاستعمار الاستيطاني، وتكوين صداقات مع المُحتلّين والسماح لجميع المستوطنين بالبقاء. كما إن ذلك يبدو أمرًا صعبًا بعد المذابح التي اقترفها الصهاينة، وقرارٌ مثل هذا يجب أن يأتي من الفلسطينيين أنفسهم، ومن هنا تكمن أهمية الطابع الديمقراطي للبنية السياسية الوطنية الفلسطينية، مما سيدعو إلى تمكين المداولات الشعبية الحقيقية للمحافظة على الثوابت الوطنية الفلسطينية.

وقد قالت الباحثة الفلسطينية كرما نابلسي "أنا واقعية للغاية فيما يتعلق بما يجب أن يكون عليه الحل، بعض الناس حريصون جدًا على حل الدولتين، وهناك من يجادل لصالح دولة واحدة ثنائية القومية. أودُ أن أقول إنها أبسط من ذلك بكثير.. صححوا الظلم الذي وقع، وبمجرد أن يتمكن الناس من العودة إلى منازلهم، دعوهم يقررون بشكل ديمقراطي نوع الإطار الذي يريدونه".

لكن بالنظر إلى الوضع الإقليمي الحالي، هل لا يزال خيار الدولة الواحدة هو الخيار الأكثر مبدئيًا وواقعيًا؟

إن مرض مجتمع المستوطنين الذي لا يُمكن علاجه، والذي أصبح أوضح وأكثر رعبًا من أي وقت مضى، قد يكون عائقًا أمام دولة واحدة، بقدر ما تُشكِّل الجغرافيا الاستيطانية الراسخة في الأراضي المحتلة من عوائق. وإذا كان من المستحيل تصور اقتلاع المستوطنين من الضفة الغربية، فمن المؤكد أنه من الأصعب توقُّع قبول إسرائيل بنهاية القومية العرقية العنصرية والتعايش السلمي مع الفلسطينيين.

في عام 1974، أعلنت منظمة التحرير الفلسطينية ضمن برنامجها الوطني، إقامة سلطة فلسطينية على أي أرض فلسطينية يتم تحريرها بأي وسيلة كانت، ومن هنا تم إنشاء سلطة فلسطينية بعد اتفاقيات أوسلو. لكن من الواضح أنَّ إسرائيل فرَّغت المحتوى الوطني لهذه السلطة وكبّلتها باتفاقيات أمنية.

المفهوم الاستراتيجي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" لم يكن يختلف في جوهره عن مشروع منظمة التحرير، وهي تسعى نحو تحقيق انسحاب إسرائيلي من الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس. غير أن عبدالعزيز الرنتيسي، وَجَدَ في انتصار حزب الله وفي قدرته على إجبار الإسرائيليين على الانسحاب من جنوب لبنان، نموذجًا يُقتدى به في تحرير فلسطين.

لا شك أن غزو إسرائيل لقطاع غزة، والمذابح التي اقترفها الصهاينة تطرح مهامًا صعبة على حركة المقاومة، لكن في نفس الوقت فإن "طوفان الأقصى" ضرب الاستراتيجية الإسرائيلية في مقتلٍ. كما فضحت هذه الحرب تواطؤ أنظمة عربية في مخطط تصفية القضية الفلسطينية. وبات واضحًا نفاق الدول الغربية وسياسة ازدواجية المعايير التي تمارسها ضد شعوب الجنوب.

وأخيرًا.. إنَّ التضامن الذي شهدته القضية الفلسطينية على مستوى العالم، أعاد هذه القضية إلى مركز اهتمام الرأي العام العالمي، علاوة على أن صمود المقاومة في غزة منح المقاومة- وبالذات حركة حماس- شرعية ثورية لا يُمكن تجاوزها في أي حل للقضية الفلسطينية.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

قنصلية دولة فلسطين في معرض الكتاب الدولي بمكتبة الإسكندرية

شاركت القنصلية العامة لدولة فلسطين بالإسكندرية في معرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب 2025 في الدورة العشرين، بجناح خاص يعكس صمود الشعب الفلسطيني في وجه الاحتلال وتمسكه بأرضه وحفاظه على موروثه الثقافي.


ويضم الجناح مجموعة من الكتب المتنوعة عن التراث والأدب والثقافة الفلسطينية والصدفيات والمشغولات الخشبية، بالإضافة إلى مشغولات يدوية عن التراث الإسلامي والمسيحي تُبرز الترابط العريق بين أطياف الشعب الفلسطيني.


ويُقام على هامش الجناح ورش عمل مصغرة بالمجان للأطفال للرسم على الزجاج والفخار تضم رسومات عن التراث الفلسطيني.


وأعرب الدكتور وفيق أبو سيدو، القنصل العام لدولة فلسطين بالإسكندرية، عن تقديره لمكتبة الإسكندرية لاستضافة جناح فلسطين بالمعرض، قائلًا: "مكتبة الإسكندرية صرح عالمي وشرف لنا أن نكون مشاركين في معرضها الدولي للكتاب".


وأكد "أبو سيدو" أن مشاركتهم في المعرض رمزية تعبر عن وجود فلسطين على الرغم من الآلام والأحزان والدمار والقتل الذي يشهده قطاع غزة، آملًا إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية في القريب العاجل.
 

وتستضيف مكتبة الإسكندرية ندوة هامة عن "دور المرأة الفلسطينية في الحياة الاجتماعية والثقافية" تتحدث فيها السيدة ريم أبو سيدو، يوم الجمعة الموافق ١٨ يوليو، وذلك ضمن فعاليات البرنامج الثقافي المُقام على هامش المعرض. 


وجدير بالذكر أن فعاليات الدورة العشرين لمعرض مكتبة الإسكندرية الدولى للكتاب تتواصل خلال الفترة من 7 إلى 21 يوليو الجارى، بالتعاون مع الهيئة المصرية العامة للكتاب، واتحادى الناشرين المصريين والعرب، في مقر المكتبة على كورنيش الإسكندرية،  ويأتي ذلك بالتوازي  في القاهرة  "ببيت السنارى" بحى السيدة زينب، و"قصر خديجة" بحلوان.


وتقدم 79 دار نشر مصرية وعربية أحدث إصداراتها بخصومات متميزة لرواد المعرض، وعلى هامش المعرض يتم تقديم 215 فعالية ثقافية، ما بين ندوات وأمسيات شعرية وورش متخصصة، بمشاركة قرابة 800 مفكر ومثقف وباحث ومتخصص في شتى مناحى الإبداع والعلوم الإنسانية والتطبيقية.

IMG-20250710-WA0147 IMG-20250710-WA0137 IMG-20250710-WA0134

مقالات مشابهة

  • أردوغان: العالم الذي صمت مع سربرنيتسا يكتفي بمشاهدة الفظائع في فلسطين
  • أردوغان: العالم الذي صمت مع سربرنيتسا ويكتفي بمشاهدة الفظائع في فلسطين
  • قيادي بحركة فتح: إسرائيل تتذرع بالأمن لعرقلة الدولة الفلسطينية
  • اتفاق بريطاني ـ فرنسي حول المهاجرين.. وماكرون يدفع نحو دولة فلسطينية
  • ماكرون: الاعتراف بدولة فلسطين الطريق الوحيد الذي يؤدي إلى أفق للسلام
  • علاء شلبي: مصر أكثر دولة انتصرت لحقوق الإنسان في فلسطين
  • نقل 7 أشخاص من عائلة واحدة إلى المستشفيات... ما الذي أصابهم؟
  • قنصلية دولة فلسطين في معرض الكتاب الدولي بمكتبة الإسكندرية
  • شيخ الأزهر: السلام الحقيقي لن يتحقَّق إلا بإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشريف
  • المبعوث الأميركي لـقسد: سوريا دولة واحدة والمفاوضات تؤدي لدمشق