3 بيانات رسمية.. كيف تعاملت جهات التحقيق مع منصات التواصل بواقعة نيرة صلاح؟
تاريخ النشر: 5th, March 2024 GMT
نيرة صلاح.. أثارت واقعة وفاة طالبة بكلية الطب البيطري بجامعة العريش، الأيام الماضية جدلًا واسعًا علي منصات التواصل الإجتماعي، مطالبين بكشف الحقيقة عن الواقعة، بعد تداول تغريدات عبر منصة x تويتر سابقًا أن نيرة صلاح الزغبي تعرضت لعملية ابتزاز وتهديد بإفشاء صور وفيديوهات فاضحة لها، من خلال اثنين من إصدقائها بالكلية على الجروب الخاص بالدفعة على تطبيق الواتساب.
تعاملت الجهات المختصة بشفافية وحيادية في الواقعة، وأصدرت وزارة الداخلية بيانًا لها في الأول من مارس كشفت فيه وفقا لما أدلى به مصدر أمني أن الوزارة أنهت فحص موقف الطالبة شروق أحمد وخمسة من زملائها ومشرفة المدينة الجامعية وأحد أصدقاء الطالبة المنتحرة نيرة صلاح، طالبة بكلية الطب جامعة العريش، تمهيدًا لعرضهم على النيابة العامة لكشف ملابسات واقعة انتحارها.
كما قررت الوزارة وقف والد الطالبة شروق ويعمل رائد شرطة عن العمل لحين الانتهاء من التحقيقات حرصًا على نزاهتها.
كيف تعاملت النيابة العامة مع القضيةكان بيان وزارة الداخلية الخطوة الأولى في سلسة التحقيقات التي استكملتها النيابة العامة في الواقعة، فوفقًا لبيان رسمي أيضًا صدر من النيابة العامة في 2 مارس الجاري أعلنت النيابة العامة «أنه فور الإبلاغ بوفاة نيرة الزغبي، الطالبة بكلية الطب البيطري بجامعة العريش، والمعروفة إعلاميًا بـ«طالبة العريش»، بادرت بالتحقيق في الواقعة بسؤال والدي المجني عليها وزملائها بالسكن الجامعي ومديرة السكن بالجامعة»
وأشارت النيابة العامة، في بيانها، إلى أنها كانت قد استمعت إلى الضابط مجري التحريات، وناظرت جثمان الطالبة، وتم إرفاق تقرير مفتش الصحة، وانتهت كافة التحقيقات إلى عدم وجود شبهة جنائية، ومن ثم صرحت النيابة بدفن جثمان المجني عليها.
ولفتت إلى أنه إزاء ما تم تداوله إعلاميًا وعلى مواقع التواصل الاجتماعي بشأن وفاة طالبة العريش، أعادت نيابتا استئناف المنصورة والإسماعيلية فتح التحقيقات، وإعادة سؤال والدي المجني عليها وشقيقتها، والذين قرروا أنه إزاء ما تم تداوله بخصوص وفاة «نيرة»، فإنهم يتشككون في وجود شبهة جنائية في الواقعة، ومن ثم أصدرت قرارًا باستخراج جثمان المجني عليها وتشريحه لبيان سبب الوفاة.
وأوضحت أنه جرى استخراج الجثمان وتشريحه، كما تم استدعاء كل من أشارت إليه وسائل التواصل الاجتماعي وتحريات الشرطة بأن له صلة بالواقعة، سواء من نسب إليه ثمة اتهام أو لديه معلومات عن الواقعة، وجارٍ سؤالهم، وكذا فحص الهواتف الخلوية الخاصة بكل متهم، وتفريغ محتواها، وتفريغ الكاميرات الخاصة بالمدينة الجامعية بالعريش، واستكمال التحقيقات بورود تقرير الطب الشرعي للوقوف على حقيقة الواقعة وسبب الوفاة.
لم تقف التغريدات على منصات التواصل الاجتماعي عند هذا الحد وبعد خروج بيانين من الجهات المختصة بالتحقيق في الواقعة فتداولت أخبار ومعلومات أخرى حول الواقعة، مما جعل طالبة طب العريش نيرة صلاح الزغبي، تريند على جميع وسائل التواصل الاجتماعي، وبرامج التيك شو الليلية.
ولكن جاء البيان الثاني للنيابة العامة برئاسة المستشار محمد شوقي النائب العام، أوضح كافة التحقيقات التي أجريت حتي وقت صدور البيان من قبل فريق من نيابة العريش.
ثاني بيان للنيابة العامة حول الواقعة بحبس المتهمينوتضمن البيان الصادر أول أمس بتاريخ 3 مارس أن « النيابة استكملت التحقيقات في وفاة الطالبة المقيدة بكلية الطب البيطري بجامعة العريش واستبان من التحقيقات والتي شملت سؤال شهود الواقعة وتحريات الجهات الأمنية أن المتوفاة تعرضت إلى ضغوط نفسية ناجمة عن قيام إحدى زميلاتها «المتهمة الأولى» بتهديدها بنشر مراسلات نقلتها خلسة من هاتف المتوفاة إلى هاتفها وأرسلتها إلى زميلها «المتهم الثاني» الذي قام بدوره بالتدوين على المجموعة التي تتضمن جميع طلاب الدفعة بالجامعة على تطبيق الواتساب بأن إحدى الطالبات «دون الإشارة إليها تحديدًا» لها مراسلات وصور خاصة بها مهددًا إياها بنشرها في الوقت الذي يختاره الطلاب على الجروب.
وصحب ذلك طلبه منها الاعتذار عما بدر منها من إساءة في حق المتهمة الأولى.
وجهت النيابة العامة للمتهمين الاثنين تهمتي التهديد كتابة بإفشاء أمور تتعلق بالحياة الخاصة المصحوب بطلب «جناية» والاعتداء على حرمة الحياة الخاصة للمجني عليها «جنحة»، وأمرت بحبسهما احتياطيًا على ذمة التحقيقات والتحفظ على الهواتف الخلوية الخاصة بهما وبالمجني عليها لاستيفاء الإجراءات نحوها.
كيف تتبع فريق النيابة خط سير نيرة صلاحتضمن بيان النيابة العامة تفاصيل كاملة حول كيفية حصول نيرة صلاح على حبة الغلة التي أدت الي وفاتها، فأوضحت النيابة أن فريق تحقيق النيابة العامة بالعريش قام بتتبع خط السير المتوقع للمتوفاة حال مغادرتها حرم المدينة الجامعية حتى توصلوا إلى أحد محلات بيع المبيدات الزراعية الذى أقر مالكه لأعضاء النيابة وبالتحقيقات بأن المجني عليها قد حضرت بسيارة أجرة لطلب شراء حبوب غلة وعقب إبلاغه لها بعدم توافرها، غادرت وتحققت النيابة العامة من صحة تلك الرواية عن طريق مشاهدة تسجيلات كاميرات المراقبة الخاصة بالمحل.
كما تمكنت عن طريق تلك التسجيلات من تحديد رقم السيارة الأجرة التي كانت تستقلها المتوفاة، وبسؤال سائقها بالتحقيقات أقر بمرافقته للمتوفاة والتي قررت له بأنها طالبة بكلية الطب البيطري وأنها ترغب في شراء حبوب غلة لحاجتها لتلك الحبوب لأغراض دراسية.
وأضاف أنه قام بمرافقتها إلي حانوت آخر والذى تبين غلقه إلا أنهما تقابلا مع مالكه والذى أبلغهما بوجود الحبوب المذكورة بمسكنه الخاص، فتوجها رفقته إلى هناك وباستدعاء الأخير أقر بالتحقيقات بأنه قام ببيع عدد ثلاث حبوب غلة للمتوفاة بمبلغ خمسة وخمسين جنيها، وجار استكمال التحقيقات واستعجال ورود تقرير مصلحة الطب الشرعي للوقوف على سبب الوفاة تحديدا.
لم يكن بيان النيابة العامة متضمنًا التحقيقات فقط التي جرت بالواقعة حتى صدور قرار حبس المتهمين، بل واجهت النيابة سيل المعلومات والأخبار الكاذبة التي تم تداولها علي منصات التواصل الإجتماعي وحذرت من ذلك، وتضمن البيان أنه وتنوه النيابة العامة بأن حرمة الحياة الخاصة مصونة بمقتضى نصوص الدستور والقانون، وأنها ستتصدى بحزم لأي وقائع تتضمن انتهاكا لهذا الحق، كما تتصدى لظاهرة النشر والتداول على مواقع التواصل الاجتماعي لأخبار من شأنها إثارة الرأي العام وإشاعة الفتن ونشر الكذب دون التريث والتحقق من المعلومات قبل النشر، وذلك للحفاظ على قيم المجتمع وتماسكه أمام أي سلوكيات دخيلة تعمل على تفكيكه وإبعاده عن ثوابته الأصيلة.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: جامعة العريش كلية الطب البيطري نيرة صلاح وفاة طالبة بکلیة الطب البیطری التواصل الاجتماعی طالبة بکلیة الطب النیابة العامة منصات التواصل المجنی علیها فی الواقعة نیرة صلاح
إقرأ أيضاً:
مؤامرة «الخروج بدون عودة» تفضح إسرائيل.. جهات رسمية تشارك في تفريغ مناطق فلسطينية استراتيچية من سكانها
علمتِ «الأسبوع» من مصادر فلسطينية متطابقة أن «هناك أكثر من جهة إسرائيلية تعمل على ملف التهجير الناعم لمجموعات فلسطينية من قطاع غزة من دون أوراق ثبوتية أو رسمية». وشددتِ المصادر أن «هذا الملف الخطير جزء من مخطط تهجير أهالي القطاع وحرمانهم من حقوقهم التاريخية المشروعة، من دون أي ضمانات بالعودة إلى غزة مجددًا»، مع تأكيدات بأن «عائلات القطاع لا تتعاون مع الاحتلال في هذا الشأن رغم القتل والتدمير والتشريد والنزوح».
وقبل أشهر قليلة، حاولت عواصم وقوى إقليمية ودولية معادية، تشويه صورة مصر، عبر ترويج أكاذيب عن تورط شركة محلية في إخراج فلسطينيين من قطاع غزة بـ«مقابل مالي»، واستثمرتِ الجهات المعادية ملايين الدولارات في ترويج الحملة الإعلامية المشبوهة، التي استهدفتِ الإساءة إلى الجهود الشاملة التي تبذلها الدولة المصرية لدعم الشعب الفلسطيني، خاصة خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
تبددتِ المزاعم الواهية حاليًّا بعدما كشفت حقائق دامغة عن تورط جهات إسرائيلية مباشرة (تتقاطع مع حكومة بنيامين نتنياهو وجيش الاحتلال وأجهزته الاستخباراتية) في عمليات تهجير عشرات الآلاف من الفلسطينيين، ليس فقط إلى كينيا وجنوب إفريقيا، بل وإلى دول آسيوية وأوروبية، عبر التحايل على المؤسسات الدولية وعلى الفلسطينيين أنفسهم، بالمخالفة لكل القوانين الخاصة بحماية اللاجئين وحقوق الإنسان.
اعتراف إسرائيليجدد تمسك إسرائيل بفتح معبر رفح باتجاه واحد فقط (خروج بدون عودة)، الأدوارَ المشبوهة لمؤسسات الاحتلال (الرسمية وغير الرسمية)، في التهجير القسري، ووفق تأكيدات مصادر مطلعة لـ«الأسبوع»، غادر خلال الشهور الأخيرة ما بين 40 و70 ألف فلسطيني غزة عبر هذه الآلية المشبوهة، نتيجة السيطرة الإسرائيلية على الحركة والموارد، ما يؤكد الاستراتيچية الإسرائيلية لتغيير الواقع الديموغرافي دون موافقة دولية.
السياسات الإسرائيلية أدت إلى اضطرار آلاف العائلات للعيش في ظروف مؤقتة وغير مستقرة في الداخل الفلسطيني. الأطفال والنساء وكبار السن يعانون من فقدان الخدمات الأساسية، صعوبة الحصول على التعليم والرعاية الصحية، وضغوط نفسية مستمرة، بينما تبقى أراضيهم وممتلكاتهم مُعرَّضةً للمصادرة أو التدمير، ما يزيد من حجم المعاناة الإنسانية ويعكس قسوة الإجراءات الإسرائيلية.
التهجير الجزئي بدون تصاريح رسمية يعزز أهداف الاحتلال في التحكم بالديموغرافيا وإضعاف الروابط المجتمعية الفلسطينية، فيما يتحمل المجتمع الدولي مسئوليةً عاجلةً لمتابعة أوضاع هؤلاء اللاجئين وحمايتهم، في حين تواصل إسرائيل تنفيذ سياسة التهجير تحت ستار الإجراءات الإدارية، ما يضاعف المخاطر القانونية والسياسية والإنسانية على المدى الطويل ويعكس ضعف الرقابة الدولية.
بدأتِ العمليات المشبوهة في نوفمبر الماضي عبر مغادرة أكثر من 300 فلسطيني من خلال معبر كرم أبوسالم تحت إشراف الجيش الإسرائيلي، الذي لم يوثقِ الخروج بختم رسمي في جوازات السفر، ما شكَّل ثغرةً قانونيةً وأمنيةً أثرت على وصولهم للدول الأخرى، قبل أن تفضح جنوب إفريقيا الممارسات التآمرية الإسرائيلية التى ترفض منح المغادرين لفلسطين الوثائق الرسمية التي تحمي حقوقهم.
مطار «رامون»نُقل الفلسطينيون بعد عبور المعبر بحافلات إلى مطار رامون في عملية لوجستية مكثفة اعتمدت على تنسيق مباشر بين وحدات الجيش والإدارات المدنية. إدارة المسارات الأمنية بدت محكمةً، لكن العملية كشفت تجاوزات واضحةً للمعايير القانونية الدولية المتعلقة بخروج المدنيين، ما يثير أسئلة حول الإطار القانوني الذي تستند إليه إسرائيل.
إقلاع الطائرات إلى دول ترانزيت (من بينها كينيا) قبل الوصول إلى وجهتها النهائية، يركز على مسارات جوية بعيدة عن الرقابة الدولية. هذا الاختيار منح إسرائيل قدرةً على إدارة العملية بشكل شبه مستقل، مع تقليل فرص التدقيق في إجراءات النقل، ما يزيد الغموض المحيط بالتعامل مع الركاب والشروط التي فُرضت عليهم خلال الرحلة.
وكشف مصدر أمني فلسطينيّ رفيعَ المستوى عن سر اختيار مطار رامون، فأشار إلى موقعه الجنوبي المعزول الذي يوفر خصوصية عالية للرحلات الاستثنائية، مع سهولة الربط البري من كرم أبوسالم تحت الإشراف العسكري. هذا الموقع يحد من التدخل الإعلامي والرقابي، ويمنح جيش الاحتلال مساحةً لإدارة الحركة دون المرور بالمطارات المركزية التي تخضع لمتابعة أكبر، ما يخدم خطط النقل الإسرائيلية.
ويستوعب المطار رحلات مستأجرة خاصة مثل رحلات «Global Airways» دون دمجها في الجدول التجاري، ما يسمح بتحكم كامل في حركة الركاب والإجراءات الأمنية. الرحلات السابقة إلى جوهانسبرج ووجهات آسيوية تعزز تقييم السلطات الإسرائيلية للمطار كمنصة مناسبة لعمليات النقل والتهجير، مع تقليل المخاطر اللوجستية وتوسيع هامش المناورة.
التهجير بـ«مقابل»اضطر عشرات الفلسطينيين في غزة لدفع مبالغ مالية كبيرة لمجموعة تقدم مخرجًا من القطاع، سعيًا للحفاظ على حياتهم بعد القصف المتواصل وفقدان المنازل. الرحلة لم تكن مجرد انتقال جغرافي، بل محاولة لتأمين سلامة العائلات في ظل ظروف معيشية مزرية وزيادة الضغط النفسي على السكان، خصوصًا الأطفال وكبار السن.
بدأتِ الرحلة بالتنقل عبر الحافلات داخل غزة وصولًا إلى المعابر الخاضعة لسيطرة الاحتلال، قبل نقلهم جوًّا إلى دول ثالثة. استخدام محطات متعددة قبل الوصول النهائي يعكس التعقيدات الإدارية والسياسية، ويُبرز التحديات اللوجستية الناتجة عن القيود الصارمة على التنقل، ما يحوِّل أي محاولة للهروب من الصراع إلى عملية محفوفة بالمخاطر والمعوقات.
اعتمد البعض على منظمات لتسهيل الرحيل، مع التواصل عبر الإنترنت للحصول على التصاريح الأمنية وجوازات السفر. وصول الفلسطينيين إلى جنوب إفريقيا بعد رحلة طويلة عبر كينيا شكَّل فرصةً للبقاء، لكنه لا يمحو مآسيهم السابقة. الذكريات المؤلمة من القصف وفقدان الأهل والممتلكات تظل تلاحقهم، ما يعكس مأساة شعب يعيش تحت الاحتلال دون أفق واضح للعودة.
تسهيلات «تحايلية»تعتمد إسرائيل على فتح معبر رفح أو معابر محددة لفترات قصيرة تحت ذريعة التسهيلات الإنسانية، بينما تتحكم بالكامل في اتجاه الحركة. هذا الأسلوب يسمح بتهجير مجموعات مختارة دون حق العودة، ويحوِّل المعابر إلى أدوات ضغط وترهيب، ويمنح عمليات التهجير إطارًا يبدو قانونيًّا رغم مخالفته حقوق اللاجئين وتقويضه الحماية الدولية.
تستخدم إدارة «كوجات» أساليب انتقائية لتحديد الفئات المستهدفة، خصوصًا أصحاب المنازل الواقعة في مناطق فلسطينية استراتيچية أو مَن يملكون حضورًا اقتصاديًّا أو سياسيًّا. هذا الانتقاء يجعل التهجير محدودَ العدد لكنه مؤثر ديموغرافيًّا، إذ يركز على تفريغ مساحات محددة دون إثارة الانتباه إلى المشروع الأوسع. وتعمل الآلية بدقة تخدم أهداف السيطرة وإعادة تشكيل المجال السكاني.
يعتمد الاحتلال على ضغوط إدارية وقوانين مقيدة لدفع الفلسطينيين نحو مغادرة قسرية تُعرض كخيار فردي. التهديد بالهدم وحرمان السكان من التصاريح والخدمات الأساسية يضع الفلسطيني أمام احتمال واحد.هذه الضغوط تُظهر التهجير كخطوة «طوعية»، بينما يظل الهدف تفريغ مناطق معينة من سكانها الأصليين، وفق تخطيط ممنهج يدمج الأمن والإدارة.
تتم عمليات التهجير عبر تنسيق محدود مع مؤسسات دولية يمنح العملية مظهرًا من الشرعية دون رقابة فعلية. هذا الإطار يُخفي التوجه الإسرائيلي نحو تغيير البنية السكانية في غزة تدريجيًّا. التهجير الجزئي الذي يشمل عشرات الآلاف يخلق واقعًا جديدًا على الأرض، مع استمرار تقديمه كإجراء مدني أو إنساني يخدم أهدافًا سياسية بعيدة المدى.
«كوجات» المتآمرةزعمت إدارة تنسيق النشاطات الحكومية الإسرائيلي «كوجات»، المسئولة عن الشئون المدنية في غزة، أن الفلسطينيين غادروا بعد حصولهم على موافقات من دولة ثالثة وتأشيرات صالحة، مع تفويض بالهبوط في جنوب إفريقيا، بينما تبين أنهم لم يحصلوا على أي من التصاريح المطلوبة، ما دفع السلطات للتحقيق في القضية وإبراز ثغرات قانونية كبيرة.
«كوجات» ليست إدارة مدنية تقليدية كما يروج الاحتلال، في ظل تورطها المباشر في عمليات تهجير الفلسطينيين بالتوازي مع الجيش والاستخبارات. تحت إشراف حكومة نتنياهو، تنسق الإدارة مع الأجهزة الأمنية لضمان تنفيذ خطط تهجير ممنهجة، ما يُظهر الوجه المدني لسياسات الاحتلال، حيث تُستغل الإدارات الرسمية كواجهة لإخفاء عمليات نقل السكان القسري وإفراغ مناطق استراتيچية من الفلسطينيين.
توظف «كوجات» القوانين واللوائح الإسرائيلية لصالح تنفيذ التهجير، مستغلةً غياب الرقابة الدولية، وتحايلت على الحقوق الأساسية في التنقل والسكن. تشمل أنشطتها تنظيم النقل إلى وجهات مثل كينيا وجنوب إفريقيا بعيدًا عن أي رقابة، مع إخفاء الحقائق عن اللاجئين أنفسهم، ما يثبت أنها جزء لا يتجزأ من آلة التهجير الإسرائيلي.
تكشف هذه العمليات الدورَ المشبوه للإدارة المدنية كذراع لتنفيذ السياسات الاستعمارية، ما يضع المجتمع الدولي أمام مسؤولية عاجلة لتوثيق الانتهاكات ومساءلة الاحتلال قانونيًّا وسياسيًّا. التغطية الإدارية المزيفة تخفي الواقع القسري للتهجير، وتؤكد أن «كوجات» تجاوزت مهامها اليومية لتصبح أداةً تنفيذيةً لسياسة تهجير ممنهجة تخالف القانون الدولي وحقوق الفلسطينيين الأساسية.
أدوار استخباراتيةتلعب أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية دورًا مباشرًا في إعداد عمليات مغادرة الفلسطينيين بدون عودة، تعتمد على شبكات محلية ودولية لجمع معلومات دقيقة تشمل الأسماء والمواقع والخلفيات العائلية والسياسية. تستخدم تلك البيانات لوضع أولويات التهجير وتوقيته، بهدف التأثير على أكبر عدد من السكان بأقل قدر من الاعتراض الدولي. هذه المنهجية تمنح الاحتلال قدرةً على التنفيذ الهادئ لعمليات واسعة دون ضجيج سياسي.
تنسق أجهزة الاستخبارات مع «كوجات» والإدارات المدنية الإسرائيلية لتسهيل النقل وإصدار التفويضات. هذا الدمج بين الأمن والإدارة يحوِّل التهجير إلى إجراءات تبدو منظمة، مع أنها تهدف إلى إفراغ مناطق استراتيچية من سكانها الأصليين. وتتابع الأجهزة أي اعتراض محتمل، وتغيّر المسارات أو الجداول وفق تقييمات لحظية لضمان استمرار العملية دون تعطيل.
تدير هذه الأجهزة كذلك التغطية الإعلامية والدبلوماسية، وتعرض عملية المغادرة كتحرك طوعي أو إنساني لتخفيف الانتقاد الدولي. هذا الإطار يخدم حماية الاحتلال من المساءلة، ويؤكد وجود استراتيچية استخباراتية متكاملة تجمع بين الأمن والإدارة المدنية والدبلوماسية لتثبيت سياسة التهجير وإعادة تشكيل الواقع السكاني في غزة.
تضييع الحقوقالفلسطينيون الذين غادروا غزة عبر عمليات تهجير مشبوهة يواجهون فقدانًا شبهَ كامل لحق العودة، إذ لم يتم توثيق خروجهم رسميًّا. هذا الوضع يحرمهم من المطالبة بحقهم في العودة إلى منازلهم أو أراضيهم، ويحوِّلهم إلى لاجئين بلا ضمانات قانونية، مُعرَّضين لانتهاكات مستمرة لحقوقهم الأساسية وحياتهم المدنية.
غياب الأختام والتصاريح الرسمية الصادرة عن السلطات الإسرائيلية خلق ثغرةً قانونيةَ كبيرةً، تجعل هؤلاء الفلسطينيين عُرضةً لمشكلات قانونية عند دخول دول أخرى. النقص في التوثيق يزيد من هشاشة أوضاعهم، ويضعهم في موقف دفاعي مستمر، ويحد من قدرتهم على المطالبة بحقوقهم أو العودة إلى منازلهم، ويضاعف معاناتهم الإنسانية.
هذا الحرمان من الوثائق الرسمية يحرمهم من الحماية القانونية التي توفرها اتفاقية اللاجئين لعام 1951، بما في ذلك الحماية من الإعادة القسرية وحق الحصول على الخدمات الأساسية والعمل والتنقل. اللاجئون الفلسطينيون يصبحون عُرضةً للترحيل أو رفض الدخول في أي دولة، ما يزيد من هشاشة حياتهم ومستقبلهم غير المستقر في المنافي.
التهجير إلى دول بعيدة مثل كينيا وجنوب إفريقيا يعمّق التحديات الاقتصادية والاجتماعية، إذ يفتقر المغادرون إلى شبكات دعم محلية ويضطرون للعمل في ظروف غير مستقرة. فقدان الهوية القانونية يزيد من صعوبة الحصول على سكن ورعاية صحية وتعليم، ويترك آثارًا نفسية عميقة، ما يعكس سياسة الاحتلال في تغيير البنية السكانية وفرض الضغوط على حقوق الفلسطينيين.
كينيا.. جنوب إفريقيابادرت وزارة الداخلية في جنوب إفريقيا بسحب التأشيرات من الفلسطينيين الذين دخلوا أراضيها عبر المخطط الإسرائيلي، على خلفية التحقيقات التي أجرتها هياكل الاستخبارات الوطنية والمشاورات داخل مجموعة الأمن، التى تأكد لها تعمّد الإساءة المستمرة لإعفاء التأشيرة لمدة 90 يومًا لحاملي جوازات السفر الفلسطينية العادية من قِبل جهات إسرائيلية مرتبطة بجهود «الهجرة الطوعية» لسكان قطاع غزة.
جاء ذلك بعدما حققتِ الجهات الأمنية في رحلة مستأجرة هبطت في مطار «أور تامبو»، الدولي، بمدينة جوهانسبرج، وعلى متنها أكثر من 150 فلسطينيًّا يفتقرون إلى الوثائق الأساسية. احتُجز الركاب نحو 12 ساعة أثناء مقابلات الهجرة، قبل السماح لهم بدخول البلاد لمدة 90 يومًا لأسباب إنسانية، ما كشف عن ثغرات في المعلومات والمسئوليات الرسمية.
أما كينيا فكانت محطة ترانزيت قصيرة، دون تصريحات رسمية، لكن تقارير محلية أشارت إلى شبكات وسطاء لهم علاقات بسياسيين كينيين يسهِّلون النقل. هذه الطبقة الموازية تعمل خارج السيطرة الحكومية المباشرة، ما يعكس وجود آليات تنظيمية غير رسمية تتحكم في حركة الواصلين من مناطق النزاع، بعيدًا عن التدقيق السياسي الدولي المباشر.
اختيار كينيا كنقطة ترانزيت يعكس رغبة إسرائيل في نقل الفلسطينيين بعيدًا عن الرقابة، مستغلةً البنية التحتية اللوجستية لإدارة توقفهم القصير، ما يمنع اعتراضات ويقلل احتمالات العودة المباشرة. هذه الطريقة تجعل التهجير يبدو كتحرك لوجستي عابر، بينما يحمل تداعيات استراتيچية لإبعاد السكان عن مجتمعهم الأصلي وإعادة تشكيل الواقع الديموغرافي في غزة.
الوصول إلى جنوب إفريقيا كوجهة نهائية يوضح الاستراتيچية الإسرائيلية في نقل الفلسطينيين بعيدًا عن محيطهم الطبيعي، مستفيدةً من تفاهمات دبلوماسية واتفاقيات تعاون تمنح العملية غطاءً قانونيًّا وإداريًّا. نموذج «ترانزيت كينيا- جنوب إفريقيا» يقدم العملية إعلاميًّا كإجلاء إنساني، لكنه يترك آثارًا قانونية وإنسانية عميقة على الهوية وحقوق العودة المستقبلية.
حراك إقليميوأعربت دول عربية وإسلامية (بينها: مصر، السعودية، باكستان، إندونيسيا، الإمارات، تركيا، الأردن، وقطر)، عن قلقها العميق من التصريحات الإسرائيلية بشأن فتح معبر رفح باتجاه واحد لإخراج سكان غزة، وتجاوزَ التحرك مجرد التعبير الدبلوماسي، ليعكس بدء تنسيق سياسي أوسع يهدف لوقف أي خطوات أحادية ومفاجئة قد تؤثر على استقرار القطاع.
ركز البيان المشترك على ضرورة الالتزام الكامل بفتح معبر رفح في الاتجاهين، دون أي تغيير أحادي يعرقل الإغاثة ويمنح إسرائيل قدرةً على التلاعب السكاني، وتنفيذ الاستحقاقات المتفق عليها دون تأجيل، ورفض أي محاولات لتهجير الفلسطينيين، والتمسك بخطة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لضبط سلوك الأطراف على الأرض، وتسريع إعادة الإعمار، داعمةً عودة السلطة الفلسطينية لتولي مسئولياتها داخل غزة.
اقرأ أيضاًتقارير عبرية: تل أبيب ترفض مهلة عامين لنزع سلاح حماس
نتنياهو يرفض إقامة دولة فلسطينية ويصف المرحلة الثانية من اتفاق غزة بالصعبة
دبلوماسي فلسطيني سابق: ترامب مصمم على المرحلة الثانية رغم العراقيل وملف الضفة لا يزال محل جدل دولي