برافدا الروسية: الصين التهديد الأكبر للهيمنة الأميركية
تاريخ النشر: 9th, March 2024 GMT
أكدت صحيفة "برافدا" الروسية في تقرير أن الصين تعد "الخطر الأكبر" الذي يهدد الهيمنة الأميركية، سواء تعلق الأمر بمجال الاقتصاد، أو السياسة، أو الصناعات العسكرية.
وأضاف الكاتب ديمتري بلوتنيكوف في تقرير له أنه مع تولي باراك أوباما رئاسة البيت الأبيض مطلع عام 2009، وضعت الولايات المتحدة منطقة آسيا والمحيط الهادي في قلب سعيها إلى الهيمنة العالمية على حساب مصالحها في الشرق الأوسط.
لكن برغم الجهود التي بذلتها الولايات المتحدة ضد الصين منذ ذلك الحين، فإنها لم تحقق النتيجة المرجوة.
وقال الكاتب إن الصين لحقت بالولايات المتحدة وتفوقت عليها، ليس في المجال الاقتصادي فحسب، ولكن في مجال التكنولوجيا العسكرية أيضا.
وتابع أن بكين تتميز بقدراتها على صنع صواريخ تفوق سرعتها سرعة الصوت، ومقاتلات شبحية، ومسيرات متطورة، وأنظمة إطلاق متقدمة على حاملات الطائرات والسفن البحرية.
لكن بلوتنيكوف قال إن تصنيف الصين على أنها تهديد عسكري واقتصادي يصب في المصالح الأميركية، بحيث تلجأ عديد من الدول للحماية الأمنية الأميركية.
ولهذا السبب تمتلك واشنطن أكثر من 800 قاعدة عسكرية حول العالم وتحتاج إلى سبب للاستمرار في الوجود.
وأكد أن الولايات المتحدة بقواعدها العديدة عبر العالم تعمل على خلق الفوضى والأزمات، وليس لضمان الاستقرار والأمن العالمي.
وأفاد الكاتب بأن الولايات المتحدة فقدت قوتها في جميع المناطق، حيث عجزت عن تدمير جماعة أنصار الله الحوثيين في البحر الأحمر.
كما أن دول جنوب المحيط الهادي تعمل على تعزيز العلاقات الدبلوماسية مع الصين الواحدة تلو الأخرى كونها تعرف أنه لا يمكن الوثوق بالولايات المتحدة.
ووفق الكاتب، فقد أصبحت الصين أكبر دولة في العالم في الوقت الراهن في مجال التقنيات المتقدمة برغم المضايقات الغربية، ويبلغ الإنتاج الصناعي الصيني 3 أضعاف إنتاج الولايات المتحدة و6 أضعاف إنتاج اليابان.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
الولايات المتحدة الأمريكية والمجال الحيوي
تُعد نظرية المجال الحيوي (Lebensraum) من أكثر المفاهيم الجيوسياسية إثارة للجدل، لارتباطها بالممارسات التوسعية لألمانيا النازية. وتعود جذورها إلى فريدريك راتزل الذي رأى الدولة ككائن حي يحتاج لمساحة للنمو. لكن كارل إرنست هاوسهوفر حوّل هذا المفهوم الوصفي إلى أداة سياسية تبرر التوسع والهيمنة والاستحواذ على موارد الشعوب الأضعف لضمان الاكتفاء الذاتي من الموارد.
إن إعادة قراءة هذا المفهوم في سياق السياسة الأمريكية المعاصرة، خاصة مع طموحات إدارة دونالد ترامب، خطوة ضرورية لفهم الدوافع الجيوسياسية الخفية.
أولاً، كشفت مساعي ترامب لضم كندا وجرينلاند وبنما عن عقلية توسعية غير تقليدية. لم يكن الهدف غزواً عسكرياً، بل "شراء" أو استحواذ لتأمين الموارد الاستراتيجية (جرينلاند)، وتعزيز الأمن القومي (قناة بنما)، وتوسيع النفوذ الاقتصادي. هذه الرغبة في "تأمين" أصول جغرافية خارج الحدود التقليدية تحمل في طياتها روح التوسع لضمان المجال الحيوي.
ثانياً، تُعزز أزمة الاقتصاد الأمريكي، التي يبرزها بلوغ الدين العام مستويات غير مسبوقة تلامس 38 تريليون دولار بحلول نهاية عام 2025. في ظل هذه الضغوط المالية وتحديات الحفاظ على الرفاهية الداخلية، تتحول النظرة للخارج كحل محتمل. هذا يتجلى في البحث عن مصادر جديدة للموارد الرخيصة، أو فتح أسواق جديدة، أو تقليل التبعية الاقتصادية لمنافسين.
وهذا يعكس حاجة ضمنية لـ"مجال حيوي اقتصادي" يضمن استمرارية الازدهار ويقلل نقاط الضعف، حتى لو تطلب نفوذاً سياسياً واقتصادياً على حساب الآخرين.
ثالثاً، تتضمن خطط أمريكا الاستراتيجية، في الدفاع والتجارة والتكنولوجيا، عنصراً قوياً للهيمنة العالمية. السيطرة على سلاسل التوريد الحيوية، تأمين مصادر الطاقة، نشر القواعد العسكرية في مناطق استراتيجية، وفرض المعايير التعريفات الجمركية، كلها أشكال معاصرة لتأمين "المجال الحيوي" الذي يتجاوز الحدود الوطنية. الحفاظ على مركزية الدولار وهيمنة الشركات التكنولوجية الأمريكية جزء من هذا "المجال الحيوي" غير الإقليمي.
رابعاً، يؤثر هذا السعي على شكل المستقبل والنظام العالمي. في عالم يتجه نحو التعددية القطبية، قد تسعى القوى العظمى، ومنها الولايات المتحدة، لتعزيز "مجالها الحيوي" عبر كتل اقتصادية أو تحالفات عسكرية، مما يؤدي إلى تزايد التنافس الجيوسياسي وصراعات بالوكالة.
خامساً، تمثل هذه التحركات التمهيد للاستعمار الجديد. فبدلاً من الاحتلال المباشر، يتجسد في السيطرة الاقتصادية والسياسية غير المتكافئة، والتدخل في شؤون الدول السيادية عبر القوة الناعمة والخشنة. عندما تسعى دولة قوية لتأمين موارد أو ممرات استراتيجية عبر صفقات غير متكافئة، فإنها تعيد صياغة مفهوم "المجال الحيوي" في قالب معاصر يحقق أهداف الهيمنة الأساسية.
في الختام، توفر دراسة مفهوم المجال الحيوي في سياق هاوسهوفر عدسة نقدية لتحليل الدوافع التوسعية غير المباشرة. السعي الدائم لأي قوة عظمى لضمان أمنها وازدهارها عبر السيطرة على الموارد والأسواق والمناطق الاستراتيجية يعكس جوهر هذا المفهوم السياسي، حتى وإن اتخذ أشكالاً أكثر تطوراً وتخفياً في القرن الحادي والعشرين. الواجب النقدي يكمن في كشف هذه الدوافع، وفهم تأثيرها على الاستقرار العالمي ومستقبل العلاقات الدولية.